عون رئيسا بعد عقبات السلة , وإستعجال في تشكيل الحكومة

 

السفير :

لم تكد تنتهي الساعتان الأطول في تاريخ الجمهورية الثانية، حتى تنفّس الجميع الصعداء: ميشال عون رئيساً للجمهورية بأكثرية 83 صوتاً.
كل التقديرات التي كانت تشي بأن «الجنرال» سينال أكثر من 86 صوتاً، أي أكثرية الثلثين من الدورة الأولى، فيُتوّج رئيساً خلال أقل من نصف ساعة، أطاحتها مجريات جلسة انتخابية لا مثيل لها منذ الاستقلال حتى الآن. احتاج الأمر إلى أربع دورات انتخابية: أولى نال فيها ميشال عون 84 صوتاً وثانية وثالثة ألغيت نتائجهما قبل أن تفرز، بسبب تجاوز عدد المغلفات عدد الحضور(128 مغلفاً بدلاً من 127)، فكان لا بد من دورة رابعة، مع إجراءات تكفل الأمان الانتخابي تولتها هيئة مكتب المجلس، على مرأى من رأي عام كان يتابع وقائع الجلسة على الهواء مباشرة في لبنان وشتى أنحاء العالم، وأيضاً في حضور سفراء الدول الكبرى والصغرى على حد ســواء.
كان السؤال الذي لم يفارق «الجنرال» وبعض المحيط القريب جداً منه: هل ثمة «قطبة مخفية» قد تطيح التفاهم السياسي المبرم لمصلحة مرشح آخر أو استمرار الفراغ وماذا إذا تم تهريب النصاب أو تم افتعال إشكال في مجلس النواب أو خارجه؟
كانت الأنفاس محبوسة والشكوك كثيرة، إلى أن ورد الرقم 65 في الدورة الرابعة. عندها تبدلت ملامح ميشال عون المتجهمة، لتقفز الضحكة من عينيه بينما كان التصفيق والفرح يمتدان من المجلس إلى كل مكان. فاز لا برئاسة، بل بحلم لم يبارحه منذ ثلاثة عقود من الزمن وربما أكثر، وتحديداً منذ جلسات دير سيدة البير، يوم جلس الضابط «المدفعجي» في الجيش يقارع أركان «الجبهة اللبنانية» في نهاية سبعينيات القرن الماضي، بعناوين الشراكة مع كل المكونات اللبنانية وبالنظرة إلى القضية الفلسطينية والعلاقة مع سوريا.
هو الرئيس الثالث عشر للجمهورية، لكنه الرئيس الأول الذي يكسر التقاليد (تجربة بشير الجميل لم تكتمل)، فيسبق الترحيب الشعبي، كل ترحيب رسمي وسياسي، من الداخل والخارج. هتف باسم ميشال عون عشرات آلاف اللبنانيين. بدا «التيار الوطني الحر» على صورته الأولى، وليس على طريقة بعض الخطاب الشوفيني العنصري بل الطائفي الذي صار يغرقه به بعض قيادييه في السنوات الأخيرة بعكس نشأته المدنية العلمانية. تيار فيه من كل الملل اللبنانية، برغم أرجحية الكتلة المسيحية. هذه الفرحة، لم يكن بمقدور أحد أن يتجاوزها، وبالتالي لا بد أن يحترمها وهي تضع رئيس الجمهورية أمام مسؤولية مضاعفة، لجهة تزخيم انطلاقة العهد الجديد وأن يلامس قضايا الناس الاجتماعية والمعيشية ومطالبهم المتواضعة جداً.
هذا الترحيب الشعبي لا يحجب حقيقة ثانية، هي أنّ شريحة كبيرة من اللبنانيين، وأيضاً من كل الطوائف والمناطق، بدت متهيبة أو خائفة أو لا مبالية، إزاء سيد العهد الجديد. شريحة تعتريها مشاعر متناقضة. لا تريد أن ترى الحاضر والمستقبل إلا بعين الماضي. هذه الاستعادة تجعلها تخشى من تكرار «حروب» خيضت سابقاً بالمدافع، وربما تخاض غداً بالسياسة والمفردات وبممارسات كيدية يمقتها اللبنانيون. هنا تقع المسؤولية أيضاً على الرئيس الجديد أن يطمئن هذه الشريحة، وأن يقدم نفسه رئيساً لكل اللبنانيين لا لفئة دون أخرى.
ولعل ميشال عون قد نجح في عدم تكبير حجر خطاب القسم الدستوري. أصلاً كان واضحاً أنه كان يرغب بأن يكتفي بالقسم فقط، لكنه أضاف إليه لزوم تثبيت تفاهمه مع سعد الحريري، وخصوصاً في قضايا سياسية، سيتكرر مضمونها إلى حد كبير في البيان الوزاري لحكومة العهد الأولى. لذلك، تعمّد طمأنة «الخائفين» على اتفاق «الطائف»، في لبنان والخارج، بتأكيد حرصه على «ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني»، بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية»، واستخدم تعبيراً قاله سعد الحريري في خطاب تبني ترشيحه بفتحه الباب أمام تطوير الطائف من خلال توافق وإجماع وطني.
هكذا، بدا أول المتمردين على الطائف.. وأول ضحاياه، في طليعة حماته اليوم، فور وصوله إلى الموقع الرسمي الأول في الجمهورية الثانية، لكأن «فخامة الرئيس» يريد أن يعترف بأن النظام في لبنان، مهما تم تجميله أو تعديله، يبقَ بمضمونه الطائفي التحاصصي، أقوى من كل قوى التغيير والإصلاح، وهذه هي حصيلة الكثير من التجارب منذ الاستقلال حتى يومنا هذا.
وعلى أهمية تشديده على «اعتماد قانون انتخابي يؤمن صحّة التمثيل»، كانت لافتة للانتباه دعوة عون «للابتعاد عن الصراعات الخارجية، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي»، مقابل تأكيده أنه «أما في الصراع مع إسرائيل، فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومةً، في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلّة، وحماية وطننا من عدوٍّ لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية».
وإذا كان الرئيس نبيه بري، قد نجح، أمس، في إدارة جلسة الانتخاب، برغم ما اعتراها من «فاولات ديموقراطية»، فإن نجاحه الأكبر، تمثل في قدرته وحليفه سليمان فرنجية على توسيع هامش الأوراق البيضاء، حيث أظهرت نتائج الجلسة الرئاسية، وبالملموس، قدرة المعترضين على صبّ أصواتهم في اتجاه واحد، بل تمكنهم من تحقيق اختراق في «كتلة المستقبل» والنواب المستقلين، فارتفعت أرقام الأوراق البيضاء الى 36، وأظهرت عدم قدرة سعد الحريري على «المونة» على أكثر من عشرة نواب من كتلته الثلاثينية.
وبرغم ما شهدته مواقع التواصل الاجتماعي من انتقادات للنواب ولكل مجريات الجلسة الانتخابية، يمكن القول إن انتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية، كرس صورة حضارية للديموقراطية اللبنانية، برغم ما يعتريها من «تشوهات عضوية»، إذ إن بعض البلدان العربية التي شهدت «فصولاً ربيعية»، ها هي تجنح نحو الديكتاتورية، فيما تمكن نواب لبنان من انتخاب رئيس بأكثرية متحركة، في مواجهة معترضين، قرروا أن ينسجموا مع أنفسهم لا مع «تعليمة» درجت العادة أن تأتي اليهم كما تأتي لمن تصبّ أصواتهم لمصلحة الرئيس.. وهذه حال كل الانتخابات الرئاسية منذ الاستقلال حتى الآن.
ويسجل للرئيس بري أنه تمكن من «الثأر» لكرامته ولكرامة المجلس النيابي عندما رحّب بـ «فخامة الرئيس تحت قبة البرلمان الذي أنت أحد أركان شرعيته الدستورية»، في إشارة مبطنة إلى أن «الجنرال» انتخب رئيساً بأصوات مجلس نيابي كان يردد دائماً أنه «غير دستوري».
وعلى صورة الترحيب السياسي الجامع بانتخاب الرئيس، وسط مزاحمة «قواتية» واضحة لمصادرة «الفرحة» في الشارع المسيحي بعنوان «الشراكة» و «أم الصبي»، كان لافتاً للانتباه أن أول اتصال تلقاه عون بعد وصوله إلى القصر الجمهوري، كان من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي هنأه بانتخابه رئيساً للجمهورية، متمنياً له التوفيق. ورد عون شاكراً للسيد نصرالله تهنئته، معتبراً أن الفرحة مشتركة.
ومن الخارج، تلقى الرئيس ميشال عون اتصالات تهنئة، أبرزها من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني والرئيس بشار الأسد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر، كما صدرت مواقف غربية وعربية مرحّبة ..

 

النهار :

على صعوبة تجاوز المجريات المفاجئة التي شهدتها جلسة 31 تشرين الاول والتي شكلت سابقة لم تعرفها أي دورة انتخابية رئاسية في تاريخ لبنان، فان استواء العماد ميشال عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية على كرسي الرئاسة الشاغر منذ سنتين وخمسة اشهر وخمسة ايام منذ ما بعد ظهر أمس شكل الحدث اللبناني الاستثنائي داخليا وخارجيا. لم تتأخر مفاعيل ملء لبنان فراغ رئاسته وانتخاب العماد عون رئيساً، اذ توالت بسرعة لافتة الاتصالات الدولية بالرئيس المنتخب مرحبة بهذا التطور، الامر الذي بدا بمثابة استعادة لبنان للثقة والاهتمام الدوليين به. أما في الداخل وعلى رغم ما واكب العملية الانتخابية من اطلاق رسائل مبطنة تحت عنوان "عبث مجهول" في أصول الاقتراع عقب مفاجأة أولى تمثلت في عدم نيل الرئيس المنتخب أكثرية الثلثين في الدورة الاولى، فان الاهتمام الواسع بمضمون خطاب القسم للرئيس عون اعادت الاعتبار بسرعة الى آفاق الحدث الرئاسي داخليا وخارجيا.
وفي جلسة انتخابية عدت الأطول في تاريخ الانتخابات الرئاسية نال الرئيس المنتخب 83 صوتاً، فيما صوت 36 نائباً بأوراق بيضاء واعتبرت سبع اوراق لاغية بينها خمس اوراق لنواب الكتائب الذين كتبوا عبارة "ثورة الارز في خدمة لبنان"، كما حملت ورقة اسم النائبة ستريدا طوق. اما التطور اللافت الغريب الذي تسبب باجراء اربع جولات اقتراعية، فتمثل في زيادة مغلف على عدد النواب الـ127 الحاضرين الامر الذي تكرر مرتين بعد الدورة الاولى الى ان انتظم الوضع واعلنت النتيجة الرسمية النهائية.
والحال ان الرئيس المنتخب بدا مدركاً تماماً الأثر الذي سيتركه خطابه على المستويين الداخلي والخارجي نظراً الى الالتباسات والشكوك الكثيفة التي طبعت ترشحه أساساً وخصوصاً بعد الاتجاه الى انتخابه في الفصل الختامي من أزمة الفراغ. وبدا واضحاً من ردود الفعل على الخطاب ومسارعة عواصم غربية وعربية واقليمية الى الترحيب بانتخابه انه اطلق دينامية طمأنة للمتخوفين من انتخابه اقله على مستوى التوجهات العريضة التي تعهدها في الخطاب. أول هذه التوجهات ابرزها الرئيس عون في حديثه عن "احترام الميثاق والدستور والقوانين من خلال الشراكة الوطنية التي هي جوهر نظامنا"، كما تشديده على "ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية وتطويرها وفق الحاجة من خلال توافق وطني"، كما دعا الى اقرار قانون انتخاب " يؤمن عدالة التمثيل". أما على المستوى الخارجي، فان أبرز ما طبع الخطاب تشديد الرئيس المنتخب على "منع انتقال شرارة النيران المشتعلة في المنطقة الى لبنان وضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية والتزام ميثاق جامعة الدول العربية واحترام القانون الدولي". وفي موضوع الصراع مع اسرائيل قال: "لن نألو جهدا ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من اراض لبنانية محتلة". كما شدد في موضوع اللاجئين السوريين على "تأمين عودتهم السريعة" من منطلق انه "لا يمكن ان يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين". وبالاضافة الى العناوين الداخلية الاخرى للخطاب فان الخلفيات السياسية التي واكبت العملية الانتخابية برزت خصوصا في الكلمة التي القاها رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل خطاب القسم الرئاسي اذ حرص على الترحيب بالرئيس المنتخب باشارة اكتسبت دلالة لاذعة بقوله " يسرني يا فخامة الرئيس ان ارحب بكم تحت قبة البرلمان الذي انت احد اركان شرعيته" رداً على مواقف سابقة للرئيس المنتخب باعتبار المجلس غير شرعي. كما شدد على ان "انتخابكم يجب ان يكون بداية وليس نهاية وهذا المجلس على استعداد لمد اليد لاعلاء لبنان".
في أي حال، استعاد قصر بعبدا حيويته اثرالمراسم التي أجريت للرئيس عون عقب وصوله الى القصر، اذ سارع الى تحديد يومي الاربعاء والخميس المقبلين لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة وتسمية رئيس الوزراء المكلف. واسترعى الانتباه في جدول مواعيد الاستشارات تحديد الموعد الاخير منها لرئيس مجلس النواب وكتلة التنمية والتحرير، علماً ان الاستشارات تبدأ بروتوكوليا برئيس المجلس الامر الذي عكس مناخ "الصفيح الساخن " الذي يستبقها.
ويشار في هذا السياق ان انتخاب عون واكبه يوم طويل من الاحتفالات الشعبية لانصاره في مختلف المناطق وأقيم احتفال مركزي حاشد في ساحة الشهداء ليلا.

 

الاصداء الخارجية
أما الاصداء الخارجية لانتخاب العماد عون، فبدأت بسلسلة اتصالات تلقاها من عدد من الرؤساء العرب والاجانب من ابرزهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الايراني حسن روحاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كما تلقى اتصالا من الرئيس السوري بشار الاسد.
واذ سارعت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الى الترحيب بانتخاب الرئيس عون، أصدرت وزارة الخارجية الاميركية بيانا هنأت فيه "الشعب اللبناني على انتخاب عون " واعتبرت ان هذه الانتخابات "تشكل فرصة لخروج لبنان من سنوات الجمود السياسي وبناء مستقبل اكثر ازدهاراً واستقراراً للبنانيين" ودعت جميع الاطراف الى "التمسك بالتزامات لبنان الدولية". ورأى مستشار مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية علي أكبر ولايتي ان انتخاب عون "يظهر دعما جديدا للمقاومة الاسلامية وهذا بالتأكيد انتصار للسيد حسن نصرالله والمقاومة الاسلامية".

 

الامم المتحدة
وأفاد مراسل "النهار" في نيويورك علي بردى ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون هنأ العماد عون بانتخابه آملاً في أن يواصل الأطراف اللبنانيون "العمل الآن بروح من الوحدة والمصلحة الوطنية"، مستعجلاً تأليف حكومة "تتعامل مع التحديات الخطيرة" التي تواجه البلاد.
وعلمت "النهار" أن موضوع انتهاء الشغور الرئاسي بانتخاب عون سيكون موضوعاً أساسياً في المشاورات المغلقة التي يجريها مجلس الأمن غداً الأربعاء، حين يستمع الى إحاطة من وكيل الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان عن التقدم في تطبيق القرار 1559.
وفي بيان تلاه الناطق بإسمه ستيفان دوجاريك، رحب الأمين العام بإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، متمنياً "التوفيق والنجاح" للرئيس عون. وأمل أن "يواصل الأطراف اللبنانيون العمل الآن بروح من الوحدة والمصلحة الوطنية"، قائلاً إن "الشعب اللبناني يستحق أن يكون لديه مؤسسات دولة فاعلة، طبقاً لحقوقه الدستورية والديموقراطية"، مضيفاً أنه "يشجع على تأليف حكومة بلا إبطاء يمكن أن تلبي بفاعلية حاجات جميع المواطنين اللبنانيين وتتعامل مع التحديات الخطيرة التي تواجه البلاد". وأكد أيضاً "الحاجة الى ضمان إجراء الانتخابات النيابية في موعدها". وأشار الى أن الأمم المتحدة "تتطلع الى العمل مع الرئيس عون والسلطات اللبنانية، بدعم من الشركاء الدوليين". وشكر لرئيس الوزراء تمام سلام "قيادته خلال هذه الفترة العصيبة".
ورداً على سؤال لـ"النهار"، قال دوجاريك: "نحن نعترف بالكرم المدهش من لبنان حيال اللاجئين، على رغم أن نسبتهم بالنسبة الى السكان أعلى بكثير من أي نسبة أخرى للاجئين في العالم"

 

 

المستقبل :

بين 13 تشرين و31 تشرين.. تاريخان متباعدان متعاكسان في الأرقام والأزمان والمعادلات، الأول سجّل خروج ميشال عون من قصر بعبدا قائداً عسكرياً منفياً من الجمهورية تحت هدير «سوخوي» الأسد الأب، ليسجّل الثاني عودته بعد 27 عاماً إلى القصر رئيساً منتخباً للجمهورية بينما «سوخوي» الأسد الابن تهدر قصفاً وقتلاً وتهجيراً فوق رؤوس السوريين دفاعاً عن «قصر المهاجرين». أمس وبعد عامين ونصف العام من الشغور بات للبنانيين رئيس للجمهورية، وبات العماد عون ليلته الأولى في القصر الجمهوري رئيساً مفتتحاً عهده بقسم وطني واعد بمضامينه الدستورية والسيادية والحيادية، مكرّساً في «عناوينه الكبرى» وثيقة الطائف وعروبة لبنان والنأي بالنفس عن النيران المشتعلة في المحيط، فضلاً عن تأكيد مسؤولية الدولة في حماية مواطنيها ووجوب تعزيز قدرات الجيش لتمكينه من الحفاظ على السيادة الوطنية و»ردع كل أنواع الاعتداءات» عليها. 

إذاً، وفي الجلسة السادسة والأربعين، أتمّ مجلس النواب واجبه الدستوري أمس بانتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية منجزاً الاستحقاق الرئاسي في جلسة مارتونية انتهت بعد دورتين و4 جولات اقتراع إلى انتخاب عون رئيساً بأغلبية 83 صوتاً مقابل 36 ورقة بيضاء وصوت للنائب ستريدا طوق و7 أوراق ملغاة (5 حملت عبارة «ثورة الأرز في خدمة لبنان» وواحدة حملت اسم «زوربا اليوناني» وواحدة حملت عبارة «مجلس شرعي أم غير شرعي»). 

أما في وقائع الجلسة التي حضرها رؤساء وممثلو البعثات الديبلوماسية والأسلاك العسكرية، فقد انطلقت بنصاب مكتمل من 127 نائباً بعد استقالة النائب روبير فاضل، لتبدأ عملية الاقتراع في دورة أولى لم ينل خلالها عون أصوات ثلثي أعضاء المجلس النيابي بفارق صوتين مع حيازته على 84 صوتاً مقابل 36 ورقة بيضاء وصوت للنائب جيلبرت زوين و6 أوراق ملغاة (5 حملت عبارة «ثورة الأرز في خدمة لبنان» وواحدة حملت اسم ميريام كلينك)، الأمر الذي اضطر المجلس إلى الخوض في دورة ثانية لم تخلُ من «هرج ومرج» على مدى مرحلتين انتخابيتين جرى إلغاؤهما بسبب «الظرف الـ128» الطارئ على صندوقة الاقتراع، إلى أن كانت المرحلة «الثالثة ثابتة» بعد تدبير استثنائي اتخذه رئيس المجلس نبيه بري وقضى بوضع الصندوقة أمام منصة الوزراء طالباً من أميني سر المجلس النائبين مروان حمادة وانطوان زهرا مراقبة عملية الاقتراع والتأكد من إسقاط كل نائب ظرف واحد فيها. وهكذا كان، فانتهت الجلسة إلى إعلان بري انتخاب عون رئيساً للجمهورية بأكثرية 83 صوتاً، ليعود فيفتتح، بعد تلاوة محضر الجلسة الانتخابية، جلسة القسم مستهلاً إياها بكلمة غمز فيها من قناة التأكيد لعون على شرعية المجلس النيابي الحالي الذي انتخبه، قائلاً له: «يسرني يا فخامة الرئيس أن أرحب بكم تحت قبة البرلمان الذي أنت أحد أركان شرعيته اليوم»، قبل أن يختم كلمته بإبداء استعداد المجلس «لمد اليد» إلى العهد الرئاسي الجديد «إعلاءً للبنان». 

خطاب القسم

ثم صعد عون إلى منصة رئاسة المجلس النيابي حيث أقسم اليمين الدستورية رئيساً للبلاد وألقى بعدها خطاب القسم لافتاً فيه إلى أنه يأتي رئيساً «في زمن عسير ويُؤمل منه الكثير». وشدد في أبرز عناوين خطابه على أنّ «أول خطوة نحو الاستقرار المنشود هي في الاستقرار السياسي»، مؤكداً استحالة تأمين ذلك «إلا باحترام الميثاق والدستور والقوانين من خلال الشراكة الوطنية التي هي جوهر نظامنا وفرادة كياننا، وضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية وتطويرها وفقاً للحاجة من خلال توافق وطني». أما في الشق المتعلق بتموضع لبنان الرسمي في مقابل الأزمات والمحاور الخارجية، فوضع عون في طليعة أولويات عهده «منع انتقال أي شرارة» إلى لبنان من «النيران المشتعلة حوله»، مؤكداً ضرورة إبعاده «عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي». 

وإذ أكد في ما يتعلق بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي على حق لبنان في تحرير ما تبقى من أراضيه محتلاً ووجوب حمايته من أطماع العدو، تعهد عون في الوقت عينه التعامل مع الإرهاب «استباقياً وردعياً وتصدياً حتى القضاء عليه»، مشيراً إلى ضرورة معالجة مسألة النزوح السوري من خلال إيجاد حل للأزمة السورية يضمن عودتهم إلى وطنهم.

اقتصادياً، دعا عون إلى وضع «خطة اقتصادية شاملة مبنية على خطط قطاعية»، معرباً عن قناعته بأنّ «الدولة من دون مجتمع مدني لا يمكن بناؤها»، وبأنّ «استثمار الموارد الطبيعية في مشاريع منتجة يؤسس لتكبير حجم اقتصاد حر قائم على المبادرة الفردية وعلى إشراك القطاع الخاص مع القطاع العام من ضمن رؤية مالية هادفة ومتطورة».

ترحيب عربي ودولي

وما أن انتقل من ساحة النجمة إلى القصر الجمهوري حيث استعرض الحرس الجمهوري وتم التقاط الصور التذكارية له وتقليده أوسمة الرئاسة الأولى متسلماً بذلك سلطاته الدستورية، بدأ عون بتلقي اتصالات ورسائل عربية ودولية مرحبة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي ومهنئة بانتخابه، وسط تأكيد متقاطع يعبّر عن التطلع إلى دعم استقرار لبنان ووحدة أبنائه. في حين سارع الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى احتواء الموقف الرسمي لبلاده إثر محاولة مستشار المرشد علي أكبر ولايتي تصوير انتخاب عون «انتصاراً» لحزب الله على سائر اللبنانيين، فشدد روحاني في اتصال هاتفي مع عون على أنّ «إيران على قناعة بأن هذا الانتخاب هو ليس انتصاراً لتيار خاص بل دليل على التعايش السلمي بين جميع الطوائف اللبنانية ونجاح باهر للشعب اللبناني».

استشارات التكليف

وبُعيد طلبه من حكومة الرئيس تمام سلام الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تُشكّل حكومة جديدة، حدد عون يومي الغد وبعد الغد موعداً لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة، على أن تبدأ هذه الاستشارات عند الساعة العاشرة والربع من صباح الأربعاء وتختتم عند الحادية عشرة والنصف من صباح الخميس.

 

الديار :

كان يوم أمس يوماً تاريخياً في تاريخ لبنان، وبعد فراغ رئاسي لمدة سنتين و5 أشهر، ودون وجود اي أمل بانتخاب رئيس للجمهورية وكان الرأي العام يربط اجراء الانتخابات وحصولها تارة بعد تقسيم العراق وطوراً بعد انتهاء الازمة السورية وكان الناس ضائعين اذا كان سيتم انتخاب رئيس جديد والبعض وصل الى حد القول بأن ميشال سليمان هو آخر رئيس للبنان، حصل انتخاب رئيس للجمهورية.
وهنا مضطرون لنقول ملاحظة وهي، كيف ان الرئيس السابق اميل لحود يمضي يومه بالرياضة والسباحة وصيد السمك وحكم 18 سنة بواسطة السوريين، لا يحضر انتخاب رئيس الجمهورية مع ان العماد الرئيس ميشال عون أسبق منه بالرتبة وبقيادة الجيش وبرئاسة الحكومة ولديه أكبر كتلة نيابية وله تاريخ عسكري قتالي أين منه تاريخ إميل لحود في هذا المجال، وقاطع لحود الاحتفالات وسابقاً كان يقول انا أقدم بالرتبة من الرئيس ميشال سليمان، لذلك لن أشارك باحتفال تسلّم مهامه الرئاسية وكان يقول أيضاً أنا أقدم بالرتبة من العماد جان قهوجي لذلك لا اشترك باحتفالات الاستقلال وتخريج الضباط لانني اقدم منه بالرتبة وبالخدمة العسكرية. ونحن نتحدث عن مرحلة ما بعد رئاسة إميل لحود للجمهورية، اما اليوم فكيف يفسر إميل لحود عدم مشاركته بالجلسة الرئاسية والعماد الرئيس ميشال عون أعلى منه رتبة وأقدم منه في الجيش اللبناني وكان رئيس حكومة موقتة وأقدم منه بالقتال والتاريخ العسكري وأعلى منه بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، وبالتالي لماذا «التشاوف والتكبر» من قبل العماد لحود بهذه العقلية الأنانية الاقطاعية على علم لبنان ورئيس لبنان وعلى الدولة كلها ولماذا هذا الاحتقار للشعب اللبناني حيث ان لحود اثناء حكمه كان يحتقر الشعب اللبناني لانه كان يستعمل العصا السورية لضرب اللبنانيين فما باله اليوم بعد ذهاب السوريين يحتقر الشعب اللبناني ولا يشارك بالمناسبات الوطنية حيث موسيقى التعظيم ورفع العلم اللبناني عالياً وإنارة قصر بعبدا وعودة رئيس الجمهورية الى الحكم عبر مسيحي قوي لكن هذا هو اميل لحود من دون مشاعر واحاسيس بل احتقار للشعب اللبناني.
انتهينا من الملاحظة حول العماد اميل لحود، وهو ان الناس كانوا خائفين وبسحر ساحر وضوء أخضر حصلت المعجزة وتم انتخاب رئيس جديد هو العماد ميشال عون لمدة 6 سنوات وحضر الجلسة كافة النواب على أساس 127 نائباً بدلاً من 128 لان الرئيس بري وحسب نظام المجلس اعتبر روبير فاضل مستقيلاً ونال العماد عون عدد اصوات هامة وهي 83 صوتاً رغم ان الرئيس بري وكتلته وكثيرين لم يصوتوا له ومع ذلك حصل على 83 صوتاً تقريباً هي السن الذي وصل اليه العماد عون بالعمر، اما الوزير سليمان فرنجية فلم يحصل بل نال اوراقا بيضاء عددها 36 تشكل له قاعدة ترشح في المرة القادمة لرئاسة الجمهورية، ولكن يبقى الدكتور سمير جعجع أقوى منه لأنه نال من دون اوراق بيضاء 48 صوتاً عندما ترشح في جلسة نيسان 2014 ومن دون استعمال اوراق بيضاء كما قلنا بالامس معركة رئاسة الجمهورية القادمة هي بين سليمان فرنجيه وسمير جعجع.
انتقل الرئيس العماد عون الى القصر الجمهوري ليدخله رئيساً قويا محققا اعجوبة ومعجزة اذ تركه تحت نيران الطائرات والدبابات في 13 تشرين الاول 1990 ليعود اليه في 31/10/2016 رئيسا للجمهورية من الباب الشرعي الدستوري بعد نضال طويل طال حتى مضى اكثر العمر تقريباً و«أطال الله بعمر العماد ميشال عون».

ـ انتقائية الطائف ـ

واثناء خطاب العماد ميشال عون في المجلس النيابي قال الرئيس المنتخب في حديث غير مباشر ان الدستور لا يجب تطبيقه انتقائيا وهو بذلك يقول ان اتفاق الطائف تم تطبيق اجزاء منه ولم تطبق اجزاء أخرى متجنبا القول عن رغبته بتعديل بعض بنود الطائف. مقابل ذلك فانه في احتفال لوزير خارجية مصر في بيروت سأل وزير الخارجية المصري العماد عون عن وضعية مجلس النواب فأجاب عون «انه قانوني وغير شرعي» فرد بري اليوم غامزا في خطابه وعبر كلام موجه للعماد عون قائلا «لقد انتخبكم هذا المجلس الشرعي الذي انتم شككتم بشرعيته» وكأنه بذلك يرد على كلام عون «ان المجلس غير شرعي» وبالتالي فان بري يعتبر بأن المجلس الشرعي انتخب العماد عون.
خطاب الرئيس نبيه بري في مجلس النواب كان خطاب مد اليد للعماد ميشال عون واشار الى انه سيقوم بالحوار السياسي معه بشأن الحكومة وقانون الانتخابات وغيرها بتفويض من حزب الله وسيقود المفاوضات السياسية عن أمل وحزب الله مع رئيس الجمهورية والحكومة. اما خطاب العماد عون فكان خطابا موضوعيا وعاديا ولم يقدم فيه العماد ميشال عون وعوداً بل ما زال الرئيس عون يعتمد عبارة لا تأخذوا بالكلام اليوم كثيرا بل احكموا على انجازاتنا.

ـ عون والفوز بالدورة الثانية ـ

نجح الرئيس نبيه بري في اسقاط العماد ميشال عون بالدورة الاولى ولعب لعبة الاوراق البيضاء والخربطة بعدد الأوراق لمرتين ربما بقصد اثارة العماد ميشال عون وقد اثار هذا الامر جدلاً في المجلس عاد الرئيس بري وضبطه بإجراء عملية اقتراع رابعة نجح فيها العماد عون بالحصول على 83 صوتاً مقابل 36 ورقة بيضاء و8 اوراق ملغاة. ولعبة الاوراق البيضاء هي لعبة الرئيس نبيه بري الذي قالها لفرنجيه كي يعلنها.

ـ عون والحريري لا يملكان خطة ـ

لكن المشكلة الكبرى ان الرئيس العماد ميشال عون والرئيس الحريري لا يملكان خطة للحكم وبناء اسس الدولة فالحريري همه من شواطئ بيروت في الرملة البيضاء الى السوليدير ومن المنطقة الممتدة من عقاراته قرب المطار حتى الصيفي. اما العماد عون فلا يملك خطة للتنمية المتوازنة في المناطق التي تم اهمالها منذ 26 سنة وأصبحت المناطق اللبنانية سيئة للغاية وتحديداً على صعيد الطرقات والمدارس والمشاريع التحتية بالاضافة الى التلوث الذي يصيب نهر الليطاني والمناطق اضافة الى الوضع الصعب الذي يعيشه اهالي عكار بالاضافة الى الاهمال الذي نال منطقة جبل لبنان ولم يتم صرف الاموال الا في حدود الاراضي التي يملكها الحريري من الرملة البيضاء الى السوليدير حتى أن طريق جونيه - فاريا لم يتم فيها اصلاح اي حفرة رغم انها منطقة سياحية من الدرجة الاولى ومنطقة تزلج وجبال وغيرها كما ان منطقة الشوف وقضاء عاليه لم ينالا حقهما كذلك كسروان وفتوح كسروان وجزء من بلاد منطقة جبيل باستثناء الاوتوستراد التي تم انشاؤه من بلدة البترون حتى تنورين ليس هناك مشروع حصري حصل في كل مناطق جبل لبنان حتى اطراف الشمال في البترون، فلذلك الحريري لا يملك خطة للانماء المتوازن ودعم قطاع الصناعة والزراعة وكذلك الرئيس عون لا يملك هذا الموضوع ونحن لا نظلمهما لأننا نقرأ خطابات الحريري طوال 11 سنة وخطابات العماد عون 30 سنة ولم نقرأ فيهما عن اي خطة حكم وبرنامج عمل في كيفية بناء الدولة وبناء المشاريع والعنصر البشري ودعم القطاعات المنتجة وتعزيز الاقتصاد الوطني للمواطنين وتحريك حركة التجارة والترانزيت وتفعيل مرفأ بيروت الذي تسيطر عليه مافيا ولا ندري اذا كان الرئيس العماد عون سيفعل شيئا تجاه مافيا المرفأ في بيروت والمطار أم سيترك الأمر سائباً كما هو حاله الآن.

ـ المهنئون ـ

ومن جهة اخرى حصل ظاهرة هامة تمثلت بتهنئة دول العالم بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ونذكرهم ليس بمرتبتهم وقيمتهم بل وفق الاسماء من قبل الوكالات والذين اتصلوا هم: الرئيس الايراني حسن روحاني، الرئيس بشار الاسد، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كما ان باريس اصدرت قراراً رحبت فيه بانتخاب العماد عون، اميركا اصدرت بيانا بشأن تهنئة العماد عون ودعته الى أن يكون الجيش اللبناني القوة الوحيدة على الساحة اللبنانية كما اتصل مهنئاً سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، كما اتصل مساعد وزير الخارجية الروسي بوغدانوف عبر برقية ارسلها عبر النائب أمل ابو زيد ليوجهها الى العماد عون بالاضافة الى عدد كبير من الوزراء الدوليين والرؤساء في الاتحاد الاوروبي وآسيا وبريطانيا ومئات الاف البرقيات من المغتربين كما اشتعلت ساحات لبنان كلها باطلاق الاسهم والالعاب النارية بشكل كان عيدا كبيرا بانتخاب عون رئيساً للجمهورية.

ـ الدين العام وخطة مصرف لبنان ـ

هل يستطيع العماد عون تحقيق انجازات وحل مشاكل والخروج من الأزمة؟
الجواب هو انه سينجح بنسبة 50% بينما ستبقى 50% خارج عن القدرة عن السيطرة عليها فالعماد عون يستطيع بناء جيش قوي جداً وحديث ومتطور بالاسلحة مع جنود مدربين بمستوى الجنود الاميركيين والفرنسيين ويستطيع العماد عون ضرب قطاع المخدرات والتهريب والسرقات من خلال الحفاظ على الأمن لكن ستبقى مناطق خارج سيطرته خاصة في مناطق اقطاعية وحزبية وهنالك مشكلة الدين التي وصلت الى 72 مليار دولار ولن يستطيع العماد ميشال عون ايقاف الدين العام واذا استلمه 72 مليار دولار سيسلم الدين لسلفه الرئيس القادم 115 مليار دولار، ولكن هنالك خطوة جبارة ستحصل وهي ان الودائع سترتفع من 190 مليار دولار الى 350 مليار دولار مما يعني ان لبنان سيصبح في المرتبة الاولى عربيا حيث يحتل بنك ابو ظبي المرتبة الاولى مع مصارفها وستصبح الامارات ثانية ولبنان في المرتبة الاولى اذا وافقت الحكومة على خطة حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامه في حل مشكلة الكهرباء والمياه وتحرير البورصة والتنمية المتوازنة في كل المناطق ودعم الصناعة والزراعة والتكنولوجيا وبالتالي فان الدين العام سيقف عند حدود 80 مليار دولار، وعندها يبدأ مصرف لبنان بدعم الدولة لتصل الى موازنة مالية متوازنة تستطيع عبرها البلاد برد الديون بشرط وهذا الشرط اساسه ان تسمع الحكومة من حاكم مصرف لبنان ومن سياسته الهندسية التقنية بتلزيم استخراج الغاز والنفط من بحر لبنان ومن البر وعندها يصبح عندنا مخزون سنوي اضافي بقيمة 3 مليارات دولار شرط الا يكون تلزيم الغاز والنفط ضمن صفقات سياسية وعندها لا مجال لايفاء الديون ولا لتحقيق 3 مليارات دولار في السنة وتخفيض العجز.

 

الجمهورية :

في تشرين الأوّل 1990 خرج العماد ميشال عون من القصر الجمهوري مُكرَهاً، وفي تشرين الأوّل 2016 عاد إلى القصر رئيساً للجمهورية. بين التشرينين ستة وعشرون عاماً، تخللتها محطات ومطبّات وافتراقات وتقلّبات وتحالفات وتفاهمات في كلّ الاتجاهات، كلّها عبّدت الطريق إلى بعبدا، وطوَت صفحة الفراغ الذي احتلّ الموقع الأوّل في الدولة لسنتين ونصف، وصار للبنان رئيسٌ للجمهورية. رئيس يأمل أن يحقّق الكثير، ولقد توجَّه برسالة معبِّرة عبر تلفزيون الـ»أو تي في» قائلاً: «فليَطمئنّ اللبنانيون، فوعدي لهم أنّه ستكون لهم دولة، وأنّها ستُبنى على صخر وحدتِنا، وما يُبنى على صخر لا تهزّه ريح ولا يَخشى عاصفة».

الحدث كان في ساحة النجمة، بولادة طبيعية تحت قبّة البرلمان للرئيس الثالث عشر للبنان، وفي جلسة انتخابية هي الأطول في التاريخ اللبناني، حملت فيها أصواتُ 83 نائباً زميلَهم «النائب» ميشال عون الى سدة الرئاسة. في مقابل 44 نائباً، وهي نسبة تزيد عن ثلث العدد الإجمالي للنواب (43 نائباً)، صوّتوا بغالبيتهم (36 صوتاً) اعتراضاً بالورقة البيضاء، فيما صوّت الباقون لشعارات «ثورة الأرز».

لقد أراد الرئيس عون فوزاً واضحاً ومعنوياً، لكنّ نسبة الأصوات التي نالها وكذلك النسبة العالية لأصوات الأوراق البيضاء، جاءت مفاجئةً، ومخالفة لكلّ الاستطلاعات التي سبَقت الجلسة وتحدّثت عن فوز في الدورة الأولى بما يزيد عن تسعين صوتاً.

كان التعويل واضحاً على فوز عون من الدورة الأولى، إلّا أنّ خريطة الأصوات النيابية، فرَضت عَقد دورتين، والنسبة العالية من المعترضين، زرَعت في بعض الزوايا السياسية شيئاً من الإرباك والتوتر والقلق من «كمينٍ ما» يشتّت الأصوات ويلقيها خارج السياق الذي انتهت إليه جلسة الانتخاب.

وثمّة أسئلة كثيرة وجّهت في هذا الاتّجاه وذاك، ليس حول الكتل النيابية المعارضة أصلاً، بل عن موجبات «التبدّل» في مواقف نوّاب بعض الكتل والمكوّنات النيابية التي يفترض أنّها تنتمي الى ضفّة المؤيدين، وأسباب لجوء هؤلاء الى الورقة البيضاء.

على أنّ كمّية الأوراق البيض التي ظهرت في مقابل النتيجة التي حاز عليها عون، أكّدت صحة ما كان قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنّ النصاب في جيبه، مع الإشارة الى انّ كتلاً نيابية وازنة قد تمنّت عليه، مباشرةً أو مداورةً، بأن يلعب لعبة النصاب وتطييره. وثمّة اتصالات عدة ورَدت من رؤساء هذه الكتل تتمنّى عليه ان يلعب ورقة النصاب لتطيير جلسة الانتخاب، إلّا أنّه رفضَ ذلك رفضاً قاطعاً لأنه لن يسجّل عليه هذه المسألة، مؤكّداً التزامه الدستور، ولتجرِ الانتخابات ومن يفُز يفز.

مصادر مجلسية

مصادر مجلسية أكّدت لـ«الجمهورية» أنّ عدم فوز عون من الدورة الأولى كان معلوماً لدى المراجع المجلسية، خلافاً لكلّ الاستطلاعات والأرقام التي كانت تُضَخّ من هنا وهناك والتي تحدّثت عن فوز كبير يصل إلى 95 صوتاً في الدورة الاولى، حتى إنّ أحد المسؤولين دخلَ في رهان مع بعض هؤلاء وقال لهم: «إنتظِروا جلسة الغد».

تصريف واستشارات

في النتيجة، صار عون رئيساً للجمهورية. وبعودته الى بعبدا، ارتفعَ العَلم اللبناني مجدداً فوق القصر الجمهوري، وعادت الحياة لتدبّ مجدداً في شرايين الرئاسة الأولى بعد طول انتظار في كوما الفراغ، استهلالية العهد الجديد كانت قبولَ استقالة حكومة تمّام سلام والطلب إليها الاستمرار في تصريف الاعمال ريثما يتمّ تشكيل حكومة جديدة، ومن ثمّ دعوة وجّهها رئيس الجمهورية الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلّف تشكيلَ الحكومة العتيدة يومي الغد وبعده.

ومع طيّ صفحة الفراغ الرئاسي، وانتهاء التخمينات والافتراضات وبعد تحوّل الحكومة حكومة تصريف أعمال، يُطرح السؤال

هل بدأت رحلة الألف ميل للرئيس المكلف سعد الحريري في التكليف والتأليف، في ضوء ما شهدته جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وحجم الأوراق البيض فيها؟

وبعد عدمِ تسجيل لقاءات مباشرة وودّية بين الحريري وبري، فيما انتهت عملية انتخاب رئيس الجمهورية بخلوةٍ بين برّي وعون كانت ودّية، خصوصاً أنّ الطرفين كانا في هذه الجلسة منسجمين وتعاطيَا مع الحدث الانتخابي من موقعهما كرَجلي دولة وكما يستحقّ هذا الحدث الدستوري.

دلالات ورسائل

على أنّ ما حصَل في الجلسة الانتخابية صاغ مجموعة رسائل سياسية وحملَ مفاجآت عدة، أبرزها:

ـ حضور جميع النوّاب.

ـ عدم تمكّنِ عون من الحصول على ثلثَي الأصوات على رغم الانسحاب «التكتيكي» للنائب سليمان فرنجية، وكذلك عدم التمكّن من الفوز في دورة الاقتراع الأولى، علماً أنّ الإحصاءات القريبة والبعيدة، بقيَت حتى لحظة انعقاد الجلسة تتحدّث عن فوز يفوق التسعين صوتاً.

ـ العدد الكبير وغير المتوقع من الأوراق البيض. وهناك من ردَّ هذا الأمر إلى حصول ما يمكن وصفه بـ»تمرّد» داخل تيار»المستقبل» و»اللقاء الديموقراطي» على التسوية السياسية أكثر ممّا كان متوقّعاً، الأمر الذي أزعجَ الحريري.

وإذا كان هذا الأمر مقصوداً من بعض القوى السياسية ليوصلَ رسالة سلبية وغير مريحة لعون، مفادُها «أنّك لستَ رئيساً بالثلثين»، فهو في الوقت نفسه رسالة سلبية الى الحريري تؤشّر له بأنّ تكليفه تشكيلَ الحكومة لن يكون بالنسبة التي يريدها عالية، وبأنّ مرحلة التأليف لن يكون طريقها سهلاً، ما يعني حكماً أنّ مشوار التأليف سيكون صعباً، لا بل شاقّاً.

ـ تعمّد بعض النواب تسخيف العملية الانتخابية، عبر تصرّفات كاريكاتورية لم تخلُ من التهريج السياسي المرئي والمسموع أمام الناس، وكذلك امام عيون اعضاء السلك الديبلوماسي العربي والدولي الذي حضَر في هذا الحدث، تارةً بالتصويت للنائب جيلبيرت زوين، وتارةً ثانية بالتصويت للنائب ستريدا طوق، وتارةً ثالثة لميريام كلينك، وتارةً رابعة لشخصية إغريقية، وتارةً خامسة بمحاولة «خربطة» الأرقام والتعمّد، لمرتين متتاليتين، رميَ مغلفات وأوراق انتخابية تزيد عن عدد النواب الحضور المقترعين.

- تعمّد قوى نيابية واضحة أنّها من فريق 14 أذار، التصويت سياسياً لـ»ثورة الأرز»، كتعبير عن المرارة من المنحى الذي سَلكه الحريري بخياره الانتخابي الجديد.

خطاب القسم

وكان الرئيس عون قد أدّى اليمين الدستورية وقال في خطاب القسم : «من يخاطبكم اليوم هو رئيس الجمهورية الذي أوليتموه ثقتكم لتحمّلِ مسؤولية الموقع الأوّل في الدولة». وأضاف «أوّل خطوة نحو الاستقرار المنشود هي في الاستقرار السياسي، وفي هذا السياق تأتي ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بكاملها، وتطويرها وفقاً للحاجة».

وشدّد عون على ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا. وتعهّد التزام ميثاق جامعة الدول العربية وأعلنَ أنّنا سنتعامل مع الإرهاب استباقياً وردعياً وتصدّياً حتى القضاء عليه.

وفي الصراع مع إسرائيل أكّد «أنّنا لن نألوَ جُهداً ولن نوفّرَ مقاومةً في سبيلِ تحريرِ ما تبقّى مِن أرضٍ لبنانيةٍ محتلّة. وتحدّث عن إقرار قانون انتخابي يوفّرُ عدالةَ التمثيلِ قبلَ موعدِ الانتخاباتِ المقبلة، وعن تحريرِ الأمن والقضاء من التبعية السياسية، والسعيِ نحو اللامركزية الإدارية ومكافحةِ الفساد وتعزيزِ أجهزة الرقابة، وإطلاقِ نهضةٍ اقتصادية.

ووصَف مراقبون «خطاب القسَم» بالخطاب المدروس والواقعي، غير فضفاض، لم يرسم العناوين الكبرى والصعبة ولا الوعود الضخمة الصعبة المنال، بل لامسَ جوهرَ المشاكل ورسَم خريطة الطريق الى كيفية مقاربة الاولويات، وحدَّد مسار المعالجة، وكان جريئاً في إطلاق التعهّد بإنجاز قانون جديد للانتخابات قبل نهاية ولاية المجلس الحالي، كما اختارَ عون في هذا الخطاب التعابيرَ التي تمدّ اليَد ولا تستفزّ أحداً.

وفي السياق ذاته، وصَفت مصادر سياسية خطابَ القسَم بـ»الخطاب السيادي»، أعاد إلى الأذهان صورةَ عون ما قبلَ اصطفافه السياسي، وقالت: «كان رئيس الجمهورية جنرالاً بكلّ ما للكلمة من معنى» .

وأكّدت المصادر لـ«الجمهورية» إنّ عون ومنذ اللحظة الأولى لانتخابه تخطّى الاصطفافات السياسية (8 و14 آذار)، والانقسامات الطائفية، وارتفع إلى مستوى الدستور والسيادة اللبنانية. وقد تضمّن خطابه نقاطاً أساسية وإن لم يكن طويلاً، ورسَم صورة عن العهد الجديد.

ولاحظت المصادر أنّ عون شاء توجيه رسائل أيضاً إلى المجتمعَين العربي والدولي، ولم يقارب مسألة حياد لبنان، فضلاً عن أنه لم يخصّ المقاومة بفقرة في خطابه، بل مرَّ عليها بشكل عام في سياق توصيفه لكيفية مواجهة العدوّ الإسرائيلي، كذلك تحاشى الحديث عن اتّفاق الطائف الذي ورَد في خطابات رؤساء الجمهورية من العام 89 حتى 2014 (الياس الهراوي إميل لحود وميشال سليمان)

خطاب برّي

وقبَيل خطاب القسَم، كان خطاب التهنئة الذي قدّمه بري بعد إعلانه فوز عون، وقد توجّه في مستهله، بغمزةٍ نحو عون الذي طالما اعتبَر المجلس الحالي غيرَ شرعي ربطاً بالتمديد لولايته، حيث بادرَ بري عون قائلاً: «يسرّني يا فخامة الرئيس أن أرحّب بكم تحت قبّة البرلمان الذي أنت أحد أركان شرعيته اليوم.. وهذا المجلس يعهد إليكم قيادة سفينة البلاد الى برّ الأمان».

وأكّد بري أنّ «التهديد الرئيس لبلدنا ينبع من «إسرائيل»، وهي تواصل عرقلة تنفيذ القرار 1701 وتحتلّ أجزاء عزيزة من أرضنا»، مضيفاً: «ما تقدّم يفترض دعمَ الجيش بالعتاد والعديد وتعزيزَ المؤسسات الأمنية للقيام بواجبات الدفاع الى جانب المقاومة والشعب» وأشار الى أنّ «الأولويات الآن تنطلق من التفاهم على قانون عصري للانتخابات، وهذا لا يحقَّق إلّا باعتماد النسبية».

ووصَفت مصادر متابعة خطابَ بري بأنّه خطاب بروتوكولي ركّز على الأولويات وتضمّنَ في مضمونه رسالة مدّ اليد للتعاون مع الرئيس الجديد، وحدّد الأولوية للعهد المقبل، وهي تتمثّل بقانون الانتخاب.

وحرصَت أوساط نيابية بارزة على القول إنّ العلاقة بين عون وبري ليست سيئة كما يجري تصويرها، ولم تكن كذلك يوماً، وذكّرَت بأنّ بري كان الى جانب عون ومع وصوله الى رئاسة الجمهورية في فترةِ ترشيح الحريري لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث عُقِدت يومها جلسة الانتخاب وتمّ التصويت ونالَ جعجع نسبة من الأصوات في مقابل أوراق بيض تمّ التصويت بها من قوى سياسية ضدّه، ومِن ضمنها أوراق بيض قدّمها بري وكتلته، وكان هذا تصويتاً غير مباشر لمصلحة عون.

برّي مرتاح

وأعربَ برّي عن ارتياحه إلى ما جرى في مجلس النواب وإلى مضمون خطاب القسَم. وقال أمام زوّاره: لقد حصَل ما كنتُ أتمنّاه ويتمنّاه كلّ اللبنانيين، الآن أصبح لدينا رئيس جمهورية، وهذا يعني أنّ مرحلة العمل يجب أن تبدأ، وكما قلت هي مرحلة الجهاد الأكبر.

وعمّا إذا كان خطابه خطابَ مد<