حسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأمر. قال بالفم الملآن: في الجلسة المقبلة سنشارك وننتخب الجنرال ميشال عون رئيساً. لم يخلُ كلام نصرالله من الرسائل التي وجهها إلى الحلفاء قبل الخصوم. أبدى حرصه على التحالف الاستراتيجي مع حركة أمل والرئيس نبيه بري، وعلى العلاقة مع كل من النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية. في معرض موقفه اعتبر نصرالله أنه منذ اليوم الأول أراد انتخاب عون رئيساً وهو عطّل النصاب إلى أن تتوافر الظروف الملائمة لذلك. وبالتالي، فإن مؤشر مشاركة كتلة الوفاء للمقاومة في الجلسة هو انتخاب الرئيس، ولكنه لن يضغط على حلفائه بل سيتحاور معهم لأجل إنجاز الإتفاق.

وتفيد مصادر متابعة لـ"المدن" أن نصر الله أعطى أقوى إشارتين في الملف اللبناني، أولهما أن الحزب سيبقى في سوريا إلى ما بعد النصر، وهذه رداً على كل تحركات الرئيس سعد الحريري التي سبقت تبنيهّ ترشيح عون. وتعتبر المصادر أنه حين كان الحريري يحاول إقناع السعودية بخطوته، فهو بناها على أن الحزب منشغل في سوريا، ولا يريد انتخاب الرئيس. وبالتالي، هدفه الفراغ، وفي حال تم انتخاب الرئيس فإن هذا الأمر سيزعج الحزب. وهنا، أكد نصرالله أن الحزب كان يريد إنجاز الاستحقاق منذ اليوم الأول.

أما الإشارة الثانية، فهي عن حقيقة موقفه من عون، والتزامه به حتى النهاية. وإذ جزم بأن الحزب سيشارك في جلسة الانتخاب ومستعد لإظهار أوراق أعضاء الكتلة لتأكيد أن الحزب صادق في موقفه، رداً بشكل مبطن على التيار الوطني الحر الذي كان يشكك في ذلك. وتفسّر المصادر ذلك بأنه رد على نجاح من أراد العمل على هز الثقة بين الحزب والتيار. ومن خلال ذلك وجه نصرالله رسالة إلى عون. فهو بعدما استئذن عون والوزير جبران باسيل، توجه إلى جمهور التيار مطالباً إياه بعدم الإنجرار وراء الشائعات، بأن الحزب لا يريد انتخاب عون. وهو بذلك أراد الردّ على عون وباسيل بشكل مباشر اللذين اهتزت لديهما هذه الثقة. وكذلك وجه رسالة إلى فرنجية حول موضوع "كثرة الأخلاق"، إذ اعتبر أن هذه تبني البلد ولا تخربه.

وتكشف المصادر أن تواصلاً مباشراً بين نصرالله والرئيس نبيه بري قد جرى في اليومين الماضيين، وقد جرى البحث في الملف الرئاسي. وتشير المصادر إلى أن انتخاب عون سيحصل في 31 تشرين الأول، إلا إذا حصل اتفاق بين الحريري وعون على التأجيل حتى التفاهم مع برّي.

وفيما سيكثف الحزب الاتصالات من أجل تذليل العقبات بين بري وعون، يُرجّح أن يشارك الجميع في الجلسة. وتؤكد المصادر أنه حتى لو بقي برّي على موقفه وصوّت ضد عون، فإن الحزب سيعمل على إصلاح العلاقة بين حليفيه بعد عملية الانتخاب، عبر مشاورة بري بكل تفاصيل المرحلة المقبلة على صعيد تشكيل الحكومة، ولاسيما أن الإتفاقات بين عون والحريري هي إتفاقات عامة.

ووفق المصادر، فإن المشكلة بين برّي والحريري كبيرة جداً، وهي تتخطى الإشكالية بين برّي وعون، خصوصاً أن الحريري كان قد تعهد بأن يعود إلى رئيس المجلس فور حصول أي جديد، لكنه لم يفعل ذلك. ما اعتبره بري طعنة في الظهر.

وتنظر الرابية بارتياح إلى موقف نصرالله والتطورات الحاصلة، حتى أن عون يجزم بأنه سيُنتخب في 31 تشرين الأول. ولدى سؤاله من أحد المقربين منه عن الأرقام يجيب رئيس تكتل التغيير والإصلاح بأن: "لا داعي للقلق، والقصة خالصة".

في المقابل، ثمة من يعتبر أن النائب سليمان فرنجية قد ينسحب لاعتبارات عديدة، أولها الحفاظ على عمق العلاقة مع حزب الله، والحفاظ على حظوظه الرئاسية مستقبلاً، ولاسيما إذا ما استشعر بأن عون قد يحصل على أكثر من 75 صوتاً ونسبة الأوراق البيضاء. وكي لا يحصل على نحو عشرين صوتاً، إذ سيفقده ذلك بعضاً من صورته مرشّحاً ثابتاً للرئاسة.

أما على ضفة تيار المستقبل، فمازال النواب منقسمين بين مؤيد للتسوية التي بادر إليها الحريري ومعارض لها. ويسعى الفريق الثاني بقيادة الرئيس فؤاد السنيورة لتشكيل أكبر كتلة ممكنة من المستقبليين والمستقلين لأجل تعطيل وصول عون إلى بعبدا. وفي هذا السياق، تشير شخصية مستقبلية مؤيدة للتسوية إلى أن الرئيس سينتخب في الجلسة المقبلة، ولا داعي للتشكيك، ولم يكن الحريري ليقدم على هذه الخطوة لو لم يحصل على موافقة إقليمية ودولية. وتلفت الشخصية المستقبلية إلى أن ما حصل ناتج من شبه توافق أو غض طرف إيراني سعودي روسي أميركي. أما المعارضون لعون فيعتبرون أن الوقت المتاح هو للم الشمل والسعي إلى إفقاد عون الأكثرية التي يريدها لنجاحه. ويركز هؤلاء على عدم ضغط حزب الله على حلفاء عون لانتخابه. وهذا تراه المصادر المعارضة بأنه قد يفسح المجال أمام قطع الطريق على عون، أو على الأقل تأجيل ترئيسه.