مما لا شك فيه ان الثورات التي سميّت بالربيع العربي ينبغي عليها ان تسعى لتكرس التغيير الجذري والحقيقي في حياة المواطن العربي سياسيا وفكريا وثقاقيا كي تكون ثورات ناجحة وتكون ربيعا مزهرا في الواقع  . وهناك مسؤولية كبرى على الاعلام العربي المواكب لهذا الحراك الشعبي الكبير , حيث ينبغي عليه وهو المرآة التي تعكس ما يحصل على ارض الواقع , ان ينقل الحقيقة لانها تساعد على بلورة المسار السياسي والثقافي والفكري العربي الجديد , اذ ان وسائل الاعلام تلعب دورا اساسيا في بلورة فكر ومفهوم الربيع العربي .

في الحقيقة والواقع الكل يعرف ان الاعلام العربي في يوم من الايام كان صنيعة هذه الانظمة العربية الاستبدادية وكان يعكس صورتها كما تريد هي , وهذا لا يخفى على أحد من المتابعين , فما نراه من تشويش في الواقع العربي الان , وغياب الحقيقة الواضحة في مسار معظم البلدان العربية ما هو الا بسبب البنية الاعلامية المتحكمة بالجسم الاعلامي التي كانت موجودة في زمن الانظمة البائدة ,وما زالت كما هي , والتي ندعو الى تغييرها جذريا , حيث اننا نرى الخوف من الحقيقة والواقع ما زال مسيطرا على بعض الاعلاميين , لانهم لم يتعودوا على نقل الواقع كما هو ولا على قول الحقيقة , خشية من الواقع والحقيقة .

كيف لنا ان نعرف حجم التغيير الحقيقي , والى اين يتجه التغيير ولمصلحة مَن , وكيف لنا ان نعتقد بان حرية المواطن العربي اصبحت مصانة في العالم العربي , ماذا يحصل في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن وفي سوريا .....؟؟؟ كيف لنا ان نعرف الحقيقة اذا كان الجسم الاعلامي كما هو في معظم البلدان العربية لم يتغير منذ تشكل على ايدي الانظمة .

بات من الضروري ان يتحرر الجسم الاعلامي من اللاموضوعية ويتحلى بقدر من الموضوعية بنقل الواقع والحقيقة , لما له من اهمية بالغة في نقل الحقيقة , ولما له من سلطة على ثقافة المواطن وتأثير نفسي على المشاهدين , لذا لم يطلق عليه السلطة الرابعة عبثا بل لما له من التأثير المذكور , ويثبت للمتابع انه على قدر المسؤولية وانه لا ينحاز الا الى الحقيقة مهما كانت , وهذا ما نصبو اليه ايضا في لبنان, اي اننا نتمنى ان يتحلى الجسم الاعلامي اللبناني بالموضوعية والنزاهة , لان الجسم الاعلامي اللبناني يلعب دورا خطيرا في توتير الاجواء السياسية والامنية , ويلعب دورا سيئا في التحريض المذهبي بدل ان يكون مساعدا على نشر ثقافة الوحدة الوطنية التي هي الخلاص الوحيد للبنان وأزماته , وهذا تحدي كبير امام الجسم الاعلامي اللبناني كما هو تحدي ايضا امام الجسم الاعلامي العربي , التحدي بان يأخذ الاعلام دوره في رفض العنف والعنف المضاد سواء كان باسم الدين او باسم القومية او باسم الوطنية , على أمل ان يصل صوتنا الذي هو صوت الاغلبية في لبنان والعالم العربي .