الحريري عاد ليرشح عون مع الاصرار , وبري يهدد لن أمشي بعون مهما كانت النتائج

 

السفير :

بغداد ودمشق، العاصمتان الأكثر ارتياحاً لبدء معركة الموصل، وبدء العد التنازلي لإسقاط رمز «دولة الخلافة» التكفيرية التي أعلنها ابو بكر البغدادي قبل أكثر من عامين. ما من عاصمة أخرى، إقليميا أو دوليا، تشاركهما الغبطة ذاتها، بل إن مصالح العديد منها ربما تلاقت ـ وما زالت تتلاقى - على الرهان الأمثل: إضعاف كل من بغداد ودمشق.
ومع ذلك، فإن المفارقة هي أن المشهد الدائر حول الموصل، أو «ام الربيعين» كما يسميها بعض أهلها، يوحي بأنها حرب عالمية مصغرة، بالنظر الى أن أكثر من 60 دولة تشارك فيها، ولو شكليا، فيما أن الوقائع تشير بوضوح الى أن الطريق نحو دحر «داعش» دفع ثمنه آلاف المدنيين العراقيين، وآلاف المقاتلين من قوات الجيش العراقي و «الحشد الشعبي» وقوات العشائر، ناهيك عن ضحايا المجازر من إيزيديين وسنة وشيعة وتركمان وكرد وغيرهم.
كما أن المفارقة الثانية التي يجب التوقف عندها طويلا، هي أن غالبية القوى العراقية ترى في تحرير الموصل معركة وطنية جامعة يحتاج إليها العراقيون أملاً الخروج من ظلام ابو بكر البغدادي، فيما البعض من «الأشقاء»، لا يراها إلا من منظور طائفي أو مذهبي، فيما هم أنفسهم، لزموا صمتاً طويلاً منذ اعتلى البغدادي المحراب في مسجد الموصل في ذلك اليوم الأسود من حزيران عام 2014، كأول خليفة لـ «الدولة الإسلامية».
لكنها بالتأكيد ليست الساعات الأخيرة لتنظيم «داعش»، ولا الأيام الأخيرة. الموصل نفسها يتطلب تحريرها الكثير من الدم والوقت. التقديرات الأولية تتحدث عن أسابيع، اللهم إلا إذا استكملت مجموعات «داعش» انكفاءها باكراً نحو الحدود السورية، كما تشير بعض المعطيات الميدانية، في تكرار لما جرى بعد تحرير الفلوجة، والأنباء التي تؤكد أن قيادات كبرى في عصابات البغدادي، انتقلت فعلياً عبر الحدود الممتدة لمئات الكيلومترات، نحو الداخل السوري.
ونهاية المعركة أيضاً ليست وشيكة لأن هناك نواحيَ عراقية عديدة ما زالت في قبضة البغدادي، على الرغم من آلاف الغارات الجوية التي أعلنها «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة، في العراق خلال عامين. كما أن التحدي الأكبر بعد استعادة الموصل، والحويجة مثلاً، سيكون اكتشاف ما إذا كانت الحكومة العراقية قد تعلمت من التجربة المريرة عندما تركت حدودها سائبة قبل أكثر من عامين، ما سمح بتلاقي «دواعش الداخل» مع «دواعش الخارج» الذين أتوا من سوريا، لاجتياح أكثر من ثلث الأراضي العراقية وصولاً إلى مشارف العاصمة بغداد نفسها، ما فاقم من الجروح العراقية، وألقى بالبلاد في قعر الكوارث التي تتالت عليها منذ جنون صدام حسين والغزو الأميركي وعجز طبقة الحكومات المتتالية عن معالجة أزمات العراقيين ومآسيهم ومخاطر تفكك وحدة أحد أكبر البلاد العربية وأكثرها قوة على امتداد التاريخ.
«قادمون يا نينوى»، سمى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عمليات تحرير الموصل ومحيطها، وهي على ما يبدو في يومها الأول سارت بأفضل مما كان مخططاً لها. الصحافي العراقي منتظر العمري قال لـ «السفير» إن المعركة «تجاوزت المتوقع في بعض المحاور من خلال سرعة التحرير وكذلك استخدام القوات الأمنية أساليب جديدة ومفاجئة جعلتها تتقدم بسرعة وتهزم عناصر داعش في مناطق محيط الموصل كما في بعشيقة».
وقال العمري إن «معارك الـ 12 ساعة الأولى حققت الشيء الكبير وخاصة في المحاور التي تتولاها قوات الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والتي تعدّ من أصعب المحاور والتي تحتاج إلى قوة خاصة لتطهيرها على عكس المحاور التي تمسكها قوات البيشمركة وتشهد أخطاء واسعة لطائرات التحالف الدولي»، مضيفاً أن «ثلاث مناطق واسعة وأكثر من 15 قرية وبمساحة إجمالية تجاوزت 84 كلم مربعاً، حُررت حتى الآن».
وأشار العمري الى أن الفترة الزمنية المتوقعة للمعركة هي أسابيع، لكن «التحالف الدولي» يرجح استمرار المعركة، مضيفاً أن القوات الأمنية تبعد حالياً عن مركز المدينة 20 كلم وفي بعض المحاور أقل من ذلك. وأشار الى أنه بعد معركة الموصل توجد مناطق عديدة ما زال يسيطر عليها التنظيم أو توجد له خلايا فيها، مثل جبال حمرين وراوة وعانة والقائم والأهم من ذلك بيجي.
الإعلامي العراقي والمحلل السياسي ليث العذاري يقول لـ «السفير» إن التحدي الأكبر أمام العراق بعد معركة الموصل، هو «لملمة الأوراق الداخلية، من الملف الأمني وعودة النازحين وتحقيق الاستقرار»، مذكراً بأن تجربة الغزو الداعشي في عام 2014، كشفت أن ضعف العراق يتمثل في «ضعف موقفه السياسي وتفرق مكوناته السياسية المختلفة... هناك عبرة ودروس من تجربة العامين المريرين بأنه يتحتم علينا إنشاء نسيج موحد للعراقيين».
الحدود السورية
العذاري، وهو أيضاً عضو «المكتب السياسي للمقاومة الإسلامية - عصائب أهل الحق»، قال أيضاً إن «أولى أولياتنا الآن هي تأمين الحدود مع سوريا التي من خلالها دخلت المجاميع التكفيرية، وسقوط الموصل ثم صلاح الدين والأنبار كان عبر الحدود السورية».
وقال العذاري إنه «فيما تحدث الأميركيون عن 30 سنة لإلحاق الهزيمة بـ «داعش» في العراق، فإننا نقوم بذلك خلال أقل من ثلاثة أعوام، ومن واجبنا الحفاظ على كل التضحيات التي بذلت والانتصارات التي تحققت، وألا نترك الحدود سائبة مرة أخرى».
ومن جهته، يشير العمري إلى أن «أرتالاً عديدة من داخل الموصل خرجت نحو سوريا».
وأشار الى وجود التنظيم على الشريط الحدودي والمناطق الحدودية من الصحراء بين العراق وسوريا، محذراً من مخطط يتيح تأخير الحسم الى أشهر عديدة باستخدام «داعش» عنصر المفاجأة الذي يجعل القوات العراقية تغير خططها أو تؤخر الحسم في بعض المحاور أو تؤجل إعلان انتهاء المعركة. وبعدما ذكر العمري أن «داعش» منذ معركة الفلوجة التي تحررت قبل أشهر صار ينتقل الى مناطق دير الزور والرقة وينقل بعض عناصره الأجانب وما بقي من قادة الصف الأول، أشار الى أن هذا الانتقال ليس اعتباطياً.
ورأى العمري أن «داعش» يسعى الى تحويل عناصره الى خلايا يقظة وأخرى نائمة في مناطق عراقية أخرى رخوة، وخاصة في محيط بغداد أو ما يسمى حزام بغداد ومناطق جنوبية أخرى.
ورأى العمري أن «التنظيم يسعى الى العمل على إمساك مناطق في الشريط الحدودي معتمداً في ذلك على معرفته بأن القوات العراقية لن تطارده الى العمق السوري، وهو ما يحقق بقاء التنظيم ويعزز قوته في الأراضي السورية من خلال نقل العدة والعديد وكذلك يتحول إلى حاجز بوجه المخطط الذي تتحدث عنه قوى كبرى حول إيران» وهو تأمين تواصل جغرافي بين الأراضي العراقية والأراضي السورية وصولاً الى البحر المتوسط.
وأكد العمري بحسب معطيات الميدان العراقي الحالي أن الممر الذي جرى الحديث عنه كممر آمن لـ «داعش» من الموصل نحو الأراضي السورية مفتوح بعلم من قوات التحالف الدولي»، مشيراً الى أن «التحالف» يركز ضرباته فقط على الشريط الفاصل بين المناطق الكردية والموصل، في محاولة لحماية الأراضي التي يتمركز فيها الكرد والمحاذية لمناطق وجود التنظيم في الموصل.
وذكّر العمري بالأرتال التي خرجت منذ شهور قليلة من الفلوجة الى القائم وبعد ذلك الى الأراضي السورية، التي لم يقصفها «التحالف الدولي» رغم علمه بها بسبب ما يملكه من إمكانات رصد وتتبع بل قصفتها الطائرات العراقية.
تركيا
زار وفد من وزارة الخارجية التركية بغداد لمناقشة التطورات الأخيرة في العراق مع المسؤولين العراقيين، في ظل التصعيد الكلامي في تصريحات المسؤولين الاتراك بحق العراق وحكومته ومكوناته. وترأس الوفد مستشار وزارة الخارجية أوميت يالتشين. وتحدثت مصادر عراقية عن ان الوفد التركي لم يقدم جديدا لتسوية قضية الاحتلال التركي لمنطقة بعشيقة وإصرار أنقرة على التدخل في معركة الموصل، والتهويل من تداعيات تحريرها عراقيا.
وفي هذا السياق، قال رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان «ماذا يقولون؟ إن على تركيا ألا تدخل الموصل، لديّ حدود (مع العراق) طولها 350 كيلومتراً، وإنني مهدد من خلال هذه الحدود»، مضيفاً أن «أشقاءنا هناك وأقرباءنا هناك، ومن غير الوارد أن نكون خارج العملية»، مشدداً على أن تركيا لا تتحمل مسؤولية النتائج الناجمة عن أي عملية ليست مشاركة فيها.
وتابع أردوغان «لا ينبغي لأحد أن ينتظر منا الخروج من بعشيقة، نحن في بعشيقة وقمنا حتى اليوم بجميع أنواع العمليات ضد داعش هناك وسنستمر في القيام بذلك».
لكن العذاري قال في تصريحاته لـ «السفير» إن انقرة التي كانت تهدد وتتوعد، أرسلت الان وفدا الى العراق للتباحث. وأضاف أن الأتراك بعد استبعادهم من عملية تحرير الموصل، يحاولون الالتفاف على ذلك، مؤكدا أن انتشار القوات العراقية وانزال قوات عراقية خاصة، جعلا القوات التركية في بعشيقة متقوقعة في أماكنها.
ورأى العذاري أن الاهداف التركية من التصعيد حول الموصل يمكن تلخيصها كالتالي:
1- أكل جزء من كعكة الانتصار الحالي.
2- ضرب المعارضة التركية المتمركزة في العراق.
3- حماية المصالح الاقتصادية من بضائع ونفط كانت تهرب من شمال العراق الى تركيا.
وخلص العذاري الى القول ردا على سؤال عما اذا كان بإمكان تركيا التشويش على الإنجازات العسكرية العراقية الحالية، إن مثل هذه المحاولات جرت من قبل من جانب تركيا ودول إقليمية اخرى، مثلما جرى أيام معارك تحرير الفلوجة وصلاح الدين، بإثارة حرب نفسية ضد القوات العراقية، لكن العراقيين ظهروا اكبر من محاولات التهويل هذه.
وأوضح ان كل معركة كان العراق يستعد لخوضها كانوا يتحدثون عن حساسيتها المذهبية، مثلما فعل اردوغان ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير مرارا في الأيام الماضية. وأضاف ان الموصل بمكوناتها المذهبية والعرقية المتنوعة تختلف عن الفلوجة وتكريت على سبيل المثال. وأشار الى انه على الرغم من المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين وقوات الامن كما في معسكر سبايكر، فإن تحرير الجيش العراقي للمنطقة لاحقا، لم ترافقه عمليات تهجير ولا تنكيل بأهل تلك المناطق، مثلما كانوا يروجون. وخلص الى القول إن المشكلة هي في «دواعش السياسة» الذين يستغلون نزعات التوتر هذه تحت ذرائع إنسانية الطابع، لتحقيق مكاسب سياسية وشعبية داخلية على حساب العراقيين ودمائهم.

 

المستقبل :

بعد أكثر من سنتين من إطباق تنظيم «داعش« على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال العراق)، بات التنظيم المتشدد على أعتاب هزيمة قريبة في أهم معاقله إثر انطلاق هجوم عسكري واسع النطاق طال انتظاره، لطرد المتشددين من المدينة بمشاركة نحو 60 ألف جندي عراقي مدعومين بمقاتلات ومدفعية التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وبعيد إعلان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي انطلاق المعركة فجر أمس، احتدمت المعارك على محاور عدة في محيط مدينة الموصل، تمكنت خلالها القوات العراقية والبيشمركة الكردية من تحقيق مكاسب مهمة على الأرض في المرحلة الأولى من الهجوم على الموصل، في ظل طلعات جوية كثيفة للطيران الأميركي والفرنسي والعراقي، أسفرت عن تدمير نحو 60 في المئة من منصات الصواريخ والمضادات الأرضية التابعة لـ»داعش« فضلاً عن عدد من حقول الألغام المحيطة بالمدينة وسط ارتباك واضح للتنظيم المتطرف.

وتحتل معركة الموصل أهمية بالغة على المستوى الدولي لكونها لحظة مفصلية في مستقبل التنظيم لما يملكه من إمكانات عسكرية ضخمة أتاحت له السيطرة على أجزاء واسعة من العراق وسوريا.

ومع تأكيد رئيس الحكومة تحقيق تقدم جدي على الأرض في المعركة، ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية في قيادة عمليات تحرير نينوى، فإن «الساعات الأولى من الهجوم أسفرت عن تقدم واضح للقوات المهاجمة من مختلف المحاور وسط مقاومة ضعيفة لمقاتلي «داعش« أبرزها في مناطق المحور الجنوبي والشمالي«. 

وأشار رئيس أركان قوات البيشمركة الكردية الفريق جمال محمد إلى أن «العدد التقريبي لمسلحي «داعش« في الموصل بين 10 و15 ألف مسلح»، موضحاً أن «المعركة لا تزال في بداياتها، ومن المبكر الحديث عن توقيت أو موعد اقتحام المدينة«، إلا أن مصدراً مطلعاً أبلغ صحيفة «المستقبل« أن «التقديرات العسكرية العراقية تشير الى أن معركة إحكام السيطرة على معظم مناطق محافظة نينوى ومنها مدينة الموصل، ستستغرق نحو 3 أشهر، قابلة للتعديل بحسب مستجدات الأوضاع الميدانية«.

وأعلن قادة ميدانيون أن خطوط الصد الأولى للتنظيم، بدأت بالانهيار مبكراً مع شدة القصف الجوي والمدفعي وتقدم القوات العراقية باتجاه المدينة من محاور عدة، على حد تعبير قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري.

ولفت قائد الشرطة الاتحادية العراقية الفريق رائد شاكر جودت الى تقدم قطعات الرد السريع 6 كيلومترات باتجاه جنوب الموصل. 

وأفادت مصادر عسكرية أن «خطوط الصد الأولى لـ»داعش« في محور بعشيقة، انهارت، وأن راجمات الشرطة الاتحادية تكثف قصفها على المحور الشرقي من الموصل وتقطع تحركات داعش«.

وأشار مصدر أمني في محافظة نينوى الى أن «قوات البيشمركة بدأت العمليات العسكرية في محور الخازر (45 كيلومتراً شمال الموصل) من ثلاثة محاور هي أربيل ــ الموصل، وجبل عين الصفرة وردك، حيث دارت اشتباكات عنيفة، لافتاً الى أن «قوات البيشمركة تمكنت من تحرير سبع قرى في المحور، في ظل غارات جوية مكثفة للتحالف الدولي على مواقع داعش في محور الخازر«.

وأشار المصدر إلى أن «قوات البيشمركة تصدت لهجومين انتحاريين لـ»داعش« بسيارة وصهريج مفخخين عند محور الخازر، وذلك قبيل وصولهما إلى أهدافهما في قرية شاقولي«، لافتاً إلى أن «الجيش العراقي بدأ بالتحرك من الجهة الشرقية لسهل نينوى نحو الأهداف المرسومة له». 

وكشف عضو في مجلس محافظة نينوى حسام العبار أن «داعش حشد سيارات مفخخة وانتحاريين عند محور الخازر (بعشيقة ــ الحمدانية) (شرق الموصل) لمنع تقدم القوات العسكرية نحو مفرق الحمدانية لكن القوات تتقدم بشكل مستمر«.

وحول وضع «داعش« داخل الموصل، أكد العبار أن «الجانب الأيسر من المدينة يكاد يكون خالياً من عناصر التنظيم« لافتاً إلى أن «حالات هروب كبيرة يشهدها التنظيم في الجانب الأيمن للموصل«، مؤكداً أن «قوات مكافحة الإرهاب نفذت إنزالاً جوياً تمكنت خلاله من السيطرة على حقل المشراق للكبريت، شمال الموصل، الذي كنا نخشى أن يحرقه التنظيم«.

ورجح القائد العسكري الجديد للتحالف الدولي ضد داعش، الجنرال ستيفن تاونسند أن تستغرق عمليات استعادة الموصل «أسابيع أو أكثر وستكون طويلة وصعبة«، مشيراً في تصريح الى أن «العراق يتلقى الدعم من قبل مجموعة واسعة من قوات التحالف بما في ذلك الدعم الجوي والمدفعية والاستخباراتي والمستشارين والمراقبين الجويين«.

وأضاف تاونسند أن «المعركة تبدو طويلة وصعبة، لكن العراقيين استعدوا ونحن نقف إلى جانبهم»، لافتاً الى أن «التحالف قام بتأهيل وتجهيز أكثر من 54 ألف رجل من أفراد القوات العراقية«.

ومع انطلاق عملية تحرير الموصل من «داعش«، تتمسك الحكومة العراقية برفضها القاطع لمشاركة أي قوة أجنبية برية بالعملية وخصوصاً القوات التركية الموجودة في بعشيقة والتي اعتبرتها «قوات معادية» على الرغم من محاولات أنقرة فتح قنوات ديبلوماسية لإقناع بغداد بتوفير دور تركي عسكري في العراق.

وفي أول تعليق رسمي بعد الإعلان عن وصول وفد حكومي تركي عالي المستوى إلى بغداد أمس، بناء لطلب الجانب التركي للتباحث بشأن وجود القوات التركية في العراق، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي إن «الوفد التركي الذي وصل إلى بغداد اليوم (أمس) يريد عقد اجتماعات مع المسؤولين العراقيين بشأن معركة استعادة الموصل«.

وأضاف الحديثي أن «الحكومة العراقية رفضت مشاركة القوات التركية في معركة الموصل»، مشيراً إلى أن هناك «محاولات دولية لحل المشاكل بين أنقرة وبغداد بشأن المعركة التي بدأت منذ فجر اليوم (أمس)».

وأشار الحديثي إلى «عدم وجود تفاهمات جديدة بين أنقرة وبغداد بخصوص معركة استعادة الموصل»، موضحاً أن «جميع القوات المشاركة في معركة استعادة الموصل قوات عراقية، ولا توجد قوات أجنبية«.

وقالت مصادر في الجيش التركي أمس إن «نحو نصف المقاتلين العراقيين الذين دربتهم تركيا في معسكر بعشيقة (في شمال العراق) وعددهم 3000 مقاتل، يشاركون في عملية طرد «داعش« من مدينة الموصل«.

وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حذّر أمس من «نتائج وخيمة» في حال عدم السماح بمشاركة القوات التركية في عملية استعادة الموصل من «داعش«.

يُذكر أن العبادي أطلق في خطاب متلفز فجر أمس عمليات تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم «داعش»، ودعا أهالي الموصل إلى التعاون مع القوات المحررة و»التعايش السلمي مع المكونات كافة بعد التحرير»، مؤكداً أن العملية هي بقيادة الجيش والشرطة الاتحادية.

وقال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي، إن المعارك حققت نتائج جيدة، معلناً عن تطهير 200 كلم مربع في المرحلة الأولى، وقال «من الصعب تحديد وقت لمعركة الموصل«.

وأضاف أن المعارك تجري وفق المخطط لها وتوجيه ضربات لداعش، مؤكداً على وجود تنسيق عالٍ بين الجيش العراقي والبيشمركة.

وقال إن هناك اتفاقاً مع حكومة بغداد حول الأراضي التي سيتم استعادتها، متمنياً أن تكون هناك خطط سياسية كما الخطط العسكرية. وأضاف «نعمل على أن لا تكون هناك أي مشاكل سياسية وأمنية مع حكومة بغداد»، مبيناً أنه لا تغييرات حول التنسيق بين بغداد وأربيل.

وشدد بارزاني في حديثه على أهمية التفاهم بين بغداد وأنقرة. وطمأن أهالي الموصل بالحفاظ على أمنهم وممتلكاتهم.

ويشارك في معركة الموصل عشرات الآلاف من عناصر الجيش العراقي والبيشمركة الكردية ومقاتلين من عشائر سنية، في حين تراوح تقديرات عدد مقاتلي تنظيم «داعش« بنحو ألفي عنصر في المدينة.

 

الديار :

معركة تحرير الموصل بدأت، وقدرت وكالة «سي. ان. ان» عدد المشاركين بـ90 الف مقاتل من الجيش العراقي والبيشمركة بينهم 14 الف مقاتل من الاقليات المسيحية واليزيدية والتركمانية، اما الحشد الشعبي لن يشارك في المعركة وسيتم تسليمه المناطق المحاذية للموصل.
واعلنت الوكالة «ان الجيش العراقي والشرطة العراقية هما مَن سيدخلان الى قلب المدينة فقط لمنع وقوع أعمال طائفية، حتى ان مشاركة البيشمركة ستقتصر على القرى الشرقية المحاذية للموصل، بعد الفيتو التركي على دخولها الى قلب المدينة ومنعهم من التوسع لان الجيش التركي لن يسمح لها ان تتوسع فيما قوات البيشمركة اشترطت ان تضم المناطق التي تسيطر عليها الى اقليم كردستان كي يوسع حدوده، وهذا ما رفضته حكومة العبادي.
الجيش التركي سيشارك بقوة ضارية ولكن الجيش العراقي لن يسمح له بالاقتراب من المناطق التي سيطر عليها نتيجة الحساسية بينهما.
مشاركة القوات التركية ستأتي كضمانة للمدنيين السنة في الموصل من اي هجمات طائفية من قبل مجموعات شيعية كما حصل في صلاح الدين ونينوى.
واعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن تنظيم الدولة الإسلامية سيخسر معركة الموصل، مبديا خشيته من دخول مقاتلين شيعة للمدينة، كما أيدت مصر والأردن المعركة، في وقت أعرب وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر عن مساندة بلاده للعراق في المعركة. وردا على سؤال صحفي بشأن معركة الموصل التي بدأت بشمال العراق، قال الجبير إن تنظيم الدولة سيخسر الحرب، مضيفا أنه يخشى دخول مقاتلين شيعة إلى الموصل وتورطهم في «حمامات دم».
القوات الاميركية ستشارك بـ500 جندي من اصل الـ5 الاف المتواجدين في العراق، وستقتصر مهامهم على الاعمال اللوجستية بالاضافة الى القصف الجوي والمدفعي، كما ستتولى القوات الفرنسية القصف المدفعي في محاور الصد.
القوات المهاجمة ستتقدم من 6 محاور تحت غطاء قوات «التحالف الدولي» وسيترك المحور السابع ممراً مفتوحاً لانسحاب مسلحي «داعش» مع كامل عدتهم العسكرية الى الرقة ودير الزور والحسكة.
«داعش» سيطر على الموصل عام 2014، خلال هجوم بدأ من الرقة السورية، وقد انسحبت قوات الجيش العراقي بدون اي «طلقة رصاص» بقرار من رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، مع اتهامات «بالخيانة» و«التقاعس» علماً ان المدينة هي من اكبرالمدن العراقية ويقطنها مليون ونصف مليون سني، وفرض «داعش» انظمته على «دولة الخلافة» كما اعلنها.
العملية العسكرية بدأت براً وجواً على مواقع «داعش» في ظل خشية من ان تتحول هذه العملية الى أعمال طائفية وبالتالي لن يسمح الا للجيش العراقي بالدخول الى المدينة، كما ان الامم المتحدة ابدت تخوفها من حدوث اكبر ازمة انسانية في القرن الواحد والعشرين في الموصل وتوقعت نزوح عشرات الالاف الى مناطق امنية والبعض الى تركيا.
ويبدو ان الرئيس الاميركي اوباما قرر في نهاية عهده خوض المعركة الأخيرة وأعطى الضوء الأخضر لبدء المعركة الكبرى بمشاركة قوات التحالف الدولي، كما ان اوباما ربما يعتقد ان هزيمة «داعش» في الموصل قد يستغلها الديموقراطيون لصالحهم في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
معركة الموصل اهم حدث في العراق منذ العام 2003 وبدء الهجوم الدولي وما نتج عنه من تقسيم للعراق، وحروب طائفية و«مجازر» وسيأتي تحرير الموصل من «داعش» وعودته الى العراق مع الفلوجة وتكريت ومحافظة صلاح الدين ليشكل بداية عودة الهدوء الى هذا البلد ونهاية تنظيم «داعش».
ولا شك ان معركة الموصل ستنعكس على سوريا خصوصاً مع انسحاب المسلحين الى الرقة ودير الزور والحسكة، وسيتجمع 60 الف مقاتل من «داعش» اضافة الى مسلحين آخرين في هذه المحافظات الثلاث، وستدور معارك عنيفة وقاسية وستنتهي بتصفية «داعش».
لكن السؤال الاساسي، مَن سيسيطر على دير الزور بعد طرد «داعش»؟ هل يكون الجيش العربي السوري؟ هل تكون القوات الدولية؟ هل تسيطر قوات البيشمركة على منطقة الحسكة ذات الاغلبية الكردية والتي مارست تطهيراً عرقياً بحق العشائر العربية فيها؟ وكيف ستنعكس الاوضاع على الرقة اكبر معاقل «داعش» بعد تحرير الموصل؟ لكن «داعش» اخذ القرار بتصفيتها قريباً وهذا ما سينعكس هدوءاً في سوريا اسبوعاً بعد اسبوع.
ويبدو ان المنطقة دخلت مرحلة بعض الحلول، وليس الحلول الكاملة والجدية، لكن القرارات الجدية الدولية تظهر للمرة الاولى عبر تحرير الموصل والمحافظات العراقية، وبالتالي فان نهاية «داعش» في سوريا. بعني ان 55% الى 70% من عديد المسلحين المعادين للنظام ستنتهي وهذا ما يشكل اكبر ضربة لهم. لكن اللافت ان «جبهة النصرة» غائبة عن المشهد.
مَن يراقب الاوضاع، يرَ ان المنطقة تتجه الى الحلول من العراق الى اليمن الى سوريا،، وفي اليمن اعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير موافقة بلاده على وقف اطلاق النار اذا وافق الحوثيون. وجاء القرار السعودي بعد قرار اميركي - بريطاني والامم المتحدة بضرورة وقف فوري للنار، ومعنى ذلك ان الهدوء سيبدأ في اليمن على أبعد تقدير، ومعنى ذلك هدوء على جبهة حلب مع اعلان هدنة انسانية وفتح ممرات، ومعنى ذلك تحرير الموصل والانتقال بعدها الى محافظات الحسكة ودير الزور والرقة للقضاء على «داعش»، ومعنى ذلك انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وتحريك المؤسسات.
 هل نحن امام بداية مرحلة جديدة في المنطقة؟

ـ الهجوم على الموصل ـ

الهجوم على الموصل الواقعة في شمال العراق هو أكبر عملية تشنها القوات العراقية منذ أن انسحبت القوات الأميركية من البلاد في عام 2011 وتوقعت الولايات المتحدة أن ينهزم التنظيم. من جانبها اكدت قوات الحشد الشعبي ان التحرك البري لقواتها لم يبدأ لغاية الآن، واكتفت بالقصف المدفعي والصاروخي.
والموصل أكبر مدينة يسيطر عليها «التنظيم» وهي آخر معقل رئيسي له في العراق، ويبلغ عدد سكانها 1.5 -2 مليون نسمة.
بالمقابل، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده لن تقبل حربا مذهبية جديدة في المنطقة، وأن من المستحيل إقصاء تركيا عن معركة الموصل. وفي غضون ذلك، توجه وفد من وزارة الخارجية التركية إلى بغداد لمناقشة التطورات الأخيرة.
وقال أردوغان في تصريحاته امس الاثنين لدى افتتاح مؤتمر إسطنبول الدولي للقانون إن «المحاولات الحثيثة لإبقاء بلدنا خارج عملية الموصل جاءت لأنهم يدركون أن ذلك من شأنه إغلاق الباب أمام صراع مذهبي يراد افتعاله».
وقد توجه وفد من وزارة الخارجية التركية إلى العاصمة العراقية بغداد اليوم الاثنين لمناقشة التطورات الأخيرة.
ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن مصادر دبلوماسية تركية أن الوفد الذي يرأسه مستشار وزارة الخارجية التركية أوميت يالتشين سيبحث مع المسؤولين العراقيين العملية العسكرية التي بدأت فجر امس الاثنين لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية.
كما يبحث الجانبان وضع القوات التركية الموجودة في معسكر بعشيقة القريب من الموصل.
ومع بدء معركة الموصل قالت وسائل إعلام تركية إن الجيش التركي يعزز مواقعه على الحدود العراقية بالدبابات. وقد أشار الرئيس التركي امس إلى أن بلاده مهددة من جهة حدودها مع العراق التي تمتد لمسافة 350 كيلومترا.
وبتحرير مدينة الموصل يخسر تنظيم «داعش» آخر مواقعه الاساسية في العراق الذي يصبح خاليا من المسلحين باستثناء  جيوب غير قادرة على التحرك واحداث موازين جديدة على الارض، وبعد انسحاب «داعش» من الموصل.

ـ العملية العسكرية  ـ

وبعد عامين من سيطرة المتشددين على المدينة التي يقطنها 1.5 مليون نسمة وإعلانهم دولة خلافة إسلامية جديدة على أراض من سوريا والعراق بدأت قوة من حوالى 30 ألف جندي من الجيش العراقي والبشمركة الكردية ومقاتلين من عشائر سنية الهجوم لإخراجهم منها.
وأطلقت طائرات هليكوبتر الطلقات الكاشفة وترددت أصداء الانفجارات على الجبهة الشرقية للمدينة حيث شاهد مراسل رويترز مقاتلين أكراد يتقدمون للسيطرة على القرى القريبة.
وساعدت حملة جوية تقودها الولايات المتحدة في إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من أغلب الأراضي التي سيطر عليها لكن من المعتقد أن ما بين أربعة آلاف وثمانية آلاف من مقاتلي التنظيم ما زالوا في الموصل. ونفى سكان تم الاتصال بهم هاتفيا تقارير على قنوات تلفزيون عربية تفيد بأن المقاتلين قد غادروا.
وقال أبو ماهر مشيرا إلى تنظيم «داعش» انهم يستخدمون الدراجات النارية في تنقلاتهم وذلك لتجنب تعقبهم من الجو وهناك راكب خلفي على الدراجة يستخدم منظاراً لمراقبة البنايات والشوارع عن بعد».
وتوقعت الولايات المتحدة أن يتكبد تنظيم الدولة الإسلامية «هزيمة ساحقة» مع بدء القوات العراقية أكبر عملية لها منذ انسحاب القوات الأميركية من البلاد في عام 2011 وإحدى أكبر العمليات التي يشهدها العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بحكم صدام حسين.
لكن الهجوم الذي أولاه الرئيس الأميركي باراك أوباما اهتماما كبيرا في ختام فترة ولايته محفوف بالمخاطر. ومنها اندلاع صراع طائفي بين سكان المدينة التي تقطنها أغلبية سنية والقوات الشيعية التي تتقدم لتحريرها فضلا عن احتمال سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بين سكان الموصل.
وبثت قنوات تلفزيونية لقطات لما وصفته بأنه قصف للموصل بدأ بعد كلمة ألقاها رئيس الوزراء حيدر العبادي ظهر فيه إطلاق صواريخ وزخات من الطلقات الكاشفة في سماء الليل ودوي إطلاق نار.
وقال العبادي في كلمة عبر التلفزيون «أعلن  ابتداء هذه العمليات البطلة لتحريركم من بطش وإرهاب داعش».
وأضاف العبادي وحوله كبار قادة القوات المسلحة «يا أبناء شعبنا العزيز يا أبناء محافظة نينوى الأحبة لقد دقت ساعة الانتصار وبدأت عمليات تحرير الموصل.
«وإن شاء الله قريبا نلتقي في أرض الموصل لنحتفل جميعا بتحريرها وبخلاصكم».

ـ مقاتلون أكراد ـ

وقال اللفتنانت جنرال الأميركي ستيفن تاونسند قائد قوات التحالف المناهض للدولة الإسلامية في بيان «هذه العملية التي تستهدف استعادة السيطرة على ثاني أكبر مدينة عراقية ستستمر أسابيع على الأرجح وربما أكثر».
وإذا سقطت الموصل ستكون مدينة الرقة السورية أكبر مدينة مازال التنظيم المتشدد يسيطر عليها.
وقال آشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي في بيان إن «هذه لحظة حاسمة في الحملة لإلحاق هزيمة دائمة بتنظيم الدولة الإسلامية».
وتابع «إننا واثقون أن شركاءنا العراقيين سينتصرون في مواجهة عدونا المشترك وتحرير الموصل وباقي العراق من كراهية ووحشية تنظيم الدولة الإسلامية».
بدأ تنظيم الدولة الإسلامية في التراجع منذ نهاية العام الماضي في العراق حيث يواجه الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة وقوات كردية بالإضافة إلى فصائل شيعية مدعومة من إيران.
وقالت القيادة العسكرية لأكراد العراق إن 4000 من قوات البشمركة سيشاركون في العملية لتحرير عدة قرى من قبضة التنظيم على الجبهة الشرقية في هجوم منسق مع تقدم وحدات من الجيش العراقي من الجبهة الجنوبية.
وفي أول بيان عن عمليات الموصل قالت خلية الإعلام الحربي التابعة للجيش العراقي «قواتنا تدمر الخطوط الدفاعية لعصابات «داعش» الإرهابية وتتقدم بكل ثبات باتجاه أهدافها المرسومة». وأضاف البيان «طيران الجيش العراقي وطيران التحالف الدولي يواصلان ضرباتهما الدقيقة على كافة مقرات داعش ومعسكراته».
وقال مراسل لرويترز إن عمودا من الدخان الأسود كان يتصاعد من أحد مواقع المتشددين على الجبهة الشرقية للمدينة ويبدو أنه ناتج عن احتراق وقود يستخدم لقطع الطريق أمام تقدم الأكراد وحجب الرؤية عن الطائرات.
وقال إن نحو 450 من المقاتلين الأكراد السوريين يشاركون في القتال شرقي الموصل بهدف استعادة تسع قرى خلال يوم الاثنين.
وقال عبد الرحمن الوكاع عضو المجلس المحلي لمحافظة نينوى المنفي لرويترز إن القوات تتقدم لكنها لم تدخل المدينة بعد موضحا أن الأنشطة مازالت خارج الموصل والعملية لم تصل لقوتها الكاملة بعد. وقد تمكنت قوات البشمركة من السيطرة على عدة بلدات شمالي شرق الموصل...

ـ مخاوف من أزمة إنسانية ـ

وسعى العبادي الذي كان يتحدث في الساعات الأولى من صباح امس إلى تهدئة المخاوف من أن تتحول هذه العملية إلى أعمال عنف طائفية قائلا إنه لن يُسمح إلا لقوات الجيش والشرطة العراقية بدخول تلك المدينة التي تقطنها أغلبية سنية.
وقال العبادي «إن القوة التي تقود عملية التحرير هي قوات جيش العراق الباسلة مع قوات الشرطة الوطنية وهم الذين سيدخلون مدينة الموصل لتحريرها وليس غيرهم».
وكان ساسة محليون من السنة ودول تقطنها أغلبية سنية في المنطقة مثل تركيا والسعودية قد حذروا من أن السماح بمشاركة فصائل شيعية في الهجوم قد يؤدي إلى أعمال عنف طائفية. ولتجنب ذلك تم نشر مقاتلين شيعة غير نظاميين للمساعدة في الإغارة على مدينة أصغر في شمال العراق مما أثار مخاوف من ردود انتقامية هناك.
وكان الجيش العراقي قد ألقى عشرات الآلاف من المنشورات على مدينة الموصل قبل فجر الأحد لتنبيه السكان بأن الاستعدادات لعملية انتزاع السيطرة على المدينة من تنظيم الدولة الإسلامية دخلت مراحلها الأخيرة.
وحملت المنشورات عدة رسائل من بينها طمأنة السكان أن وحدات الجيش والغارات الجوية «لن تستهدف المدنيين» فيما نصحهم منشور آخر بتجنب مواقع مقاتلي التنظيم المعروفة.

ـ البارزاني: ننسق بشكل كامل مع بغداد  ـ

أعلن رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البازاني أن حكومته تنسق بشكل كامل مع الحكومة المركزية في بغداد بخصوص معركة الموصل، وأن القوات المشتركة تحقق نجاحا كبيرا.
وقال البارزاني في مؤتمر صحفي عقده في منطقة الخارزر، قرب الموصل: «انطلقت  المرحلة الأولى من العملية المشتركة لتحرير المدينة»، معربا عن أمله في أن تقضي هذه العملية على تنظيم «داعش».
وأكد أن القوات الحكومية العراقية والبيشمركة ألحقت خسائر فادحة بالتنظيم، موضحا أنها حررت 200 كم مربع في المرحلة الأولى من المعركة، وأشار إلى أهمية أن تترافق العملية العسكرية مع خطة سياسية.
وتابع البارزاني أن «الخطة الموضوعة للعملية حددت مهام كل طرف في المعركة»، مبينا أن هذه المرة الأولى التي يدخل فيها الجيش العراقي بعملية مشتركة مع البيشمركة.
وخاطب البارزاني أهالي الموصل قائلا: «سنعمل على الحفاظ على أمنهم وممتلكاتهم خلال العملية»، مشددا على أنه لن يقبل بأن تتحول الموصل إلى حلب جديدة.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتعرض لانتقادات بسبب مستويات قتل المدنيين خلال عمليات قوات الحكومة التي تدعمها روسيا في سوريا إنه يأمل أن تبذل الولايات المتحدة وحلفاؤها قصارى جهدهم لتفادي وقوع ضحايا من المدنيين خلال الهجوم على الموصل.
وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إنها تستعد لجهود إنسانية هي الأكبر والأكثر تعقيدا في العالم بسبب معركة انتزاع السيطرة على الموصل مما قد يتسبب في تشريد ما يصل إلى مليون شخص واستخدام المدنيين كدروع بشرية أو حتى قصفهم بالغاز.
ويوجد بالفعل أكثر من ثلاثة ملايين نازح في العراق نتيجة للصراعات مع تنظيم الدولة الإسلامية. وهناك نقص في الأدوية في المدينة كما أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل حاد.

 

الجمهورية :

عاد الرئيس سعد الحريري الى بيروت، وكل الأجواء المحيطة بحركته الرئاسية توحي بأنه بات على وشك إعلان تأييده ترشيح رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وإن صحّت هذه الاجواء، يبقى السؤال متى سيتم هذا الإعلان؟

وحده الحريري يملك الجواب، وقد يشكّل انعقاد جلسة انتخاب اعضاء اللجان النيابية، في مستهلّ العقد العادي الثاني لمجلس النواب اليوم - إن صح ما قيل إنه سيحضرها شخصياً - محطة له لإجراء بعض المشاورات، وقد يجدها مناسبة لإجراء لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تشاوَر سياسياً ورئاسياً أمس مع رئيس الحكومة تمام سلام الذي زاره في عين التينة.

وقد يشكّل الاجتماع الذي ستعقده كتلة المستقبل، ربما اليوم، محطة التظهير الجدي للإعلان المنتظر من الحريري، هذا في وقت تغرق الاجواء بسيل من التسريبات تارة بأنّ الحريري سيعلن قراره اليوم، وتارة ثانية بأنه اتخذ قراره بالاعلان الّا انه ليس مستعجلاً، وثالثة بأنّ الحريري لن يعلن قراره النهائي الّا بعد جولة مشاورات جديدة يجريها مع القوى السياسية وفي مقدمها الرئيس بري، ورابعة بأنّ الرابية تلقّت في الساعات القليلة الماضية تأكيداً متجدداً من قبل الحريري بأنه ماض في ما تمّ الاتفاق عليه بينه وبين عون.

وتبعاً لذلك تبدو اكثر ارتياحاً من ذي قبل، وأولويتها في هذه الفترة هي جعل الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول الحالي، هي الجلسة الحاسمة التي تفضي الى انتخاب عون رئيساً للجمهورية، في ظل الأكثرية الحالية التي تؤيّد وصوله الى الموقع الاول في الدولة.

ومع تأكيد الاوساط الحريرية والعونية الاعلان الوشيك، لا تبدو آلية الإعلان واضحة، وحتى الآن ليس معلوماً ما اذا كان سيتم ذلك عبر بيان صادر عن الحريري، او بإطلالة تلفزيونية او عبر بيان لكتلة المستقبل.

واذا كان إعلان الحريري دعمه ترشيح عون مطلباً اساساً وملحّاً من قبل الرابية، الّا أنها، وبحسب مصادر عاملة على الخط الرئاسي، تأمل أن يأتي هذا الاعلان محصّناً بدعم كامل الفريق النيابي للرئيس الحريري، ويفضّل في هذه الحالة، ان يتم الاعلان عبر بيان باسم كتلة المستقبل بما يعطي هذا الاعلان بُعداً معنوياً اكبر، وفعالية إلزامية لكامل اعضاء الكتلة.

ليس مستبعداً ان يكون الدافع خلف هذه الرغبة العونية هو ما يتردد عن نقاش ما زال دائراً في بعض زوايا المستقبل، بين مؤيّدين لترشيح عون وبين متحفّظين وبين معارضين لهذا الترشيح.

يتقاطع ذلك مع تساؤلات أحاطت بالحركة الاخيرة للحريري، وبحثت عن أجوبة حول أسباب تأخّر الحريري في اعلان دعمه ترشيح عون وعَزَته الى جملة عوامل أبرزها:

اولاً، تردد حقيقي بَدا أنّ الحريري يعيشه في هذه الفترة.

ثانيا، إستمرار النقاش الساخن داخل كتلة تيار «المستقبل»، ولم يصل الى إجماع حول عون. وهناك عدد من النواب اكدوا صراحة انهم لم يمشوا بخيار عون.

ثالثا، إرتفاع بعض الاصوات السنية اعتراضاً على ما قد يقوم عليه بدعم عون.

رابعا، عدم «ضمان» الحريري لمرحلة ما بعد إعلانه ترشيح عون، ولا سيما حصوله على الضمانات الاكيدة له شخصياً، والتي تجعل من وصوله الى رئاسة الحكومة وصولاً سلساً بلا تعقيدات وكذلك تشكيل حكومته التي يريدها بعيداً عن الابتزاز والشروط التعجيزية. وهذه الضمانات مطلوبة تحديداً من «حزب الله» الذي تؤكّد مصادره لـ«الجمهورية» انّ الحزب غير معنيّ بإعطاء اي ضمانات لأيّ كان.

وتِبعاً لما تقدّم يبقى السؤال ماذا بعد الإعلان؟

المسألة بسيطة، بحسب أجواء المؤيّدين لترشيح عون، إذ ما يجب ان يعقب هذا الاعلان هو النزول تلقائياً الى مجلس النواب وانتخاب الرئيس، وبعد هذا الانتخاب تنطلق عجلة الدولة المعطلة منذ 25 أيار 2014. وأولى خطوات المرحلة الثانية هي الشروع في إجراء الاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة ومن ثم تأليف الحكومة.

لكنّ الرأي مختلف في المقابل، إذ انّ ما هو سائد في أوساط المعترضين يَشي بأنّ إعلان الحريري ترشيح عون ليس نهاية المطاف، بل انه سيفتح البلد على نوع آخر من النقاش والحراك السياسي، ولمدى زمني غير محدود. وبحسب مرجع سياسي فإنه سيفتح البلد على شتى الاحتمالات.

وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» انّ افكاراً ومداولات وتحضيرات تجري على الخط الرافض لخيار عون، بين قوى سياسية متعددة تردّد انّ من بينها بري، والرئيس نجيب ميقاتي والنائب سليمان فرنجية والحزب القومي وحزب البعث، ويرجّح ان تعقد لقاءات متتالية في ما بينهم في الايام المقبلة لبلورة موقف واحد وكامل ومتكامل من الاستحقاق الرئاسي بشكل عام، ولتحديد الخطوات التالية او التي يجب ان تتخذ، سواء أعلن الحريري تَبنّيه ترشيح عون أم لم يعلن.

«التيار الوطني الحر»

الى ذلك، قالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية»: نستشعر ضخاً كبيراً ومتعمّداً لمعلومات بقصد التشويش والتضليل. وهي بمثابة رسائل تصلنا ممّن يقف خلف هذا الضخ. فكل متضرّر من وصول العماد عون الى الرئاسة يكشف حقيقة موقفه من خلال هذه التسريبات، وهُم كُثر، البعض متضرر لأنه سيخرج من اللعبة والبعض يُعلّي سعره والبعض يرفض بالمطلق «ولو السماء زرقاء»، لكلّ غايته وقد أخذنا علماً بِنيّة هذا الشخص او ذاك، لكننا لن نتوقّف عند الذي يحصل او نتأثر بما يُضخّ.

فـ«الشغل بَعدو ماشي» وقنوات الاتصال من اجل إنجاح مبادرة الرئيس الحريري لا تزال قائمة، والفرصة لا تزال موجودة، واليد لا تزال ممدودة.

أضافت المصادر: «نحن نعمل جدياً ونتعامل بإيجابية مع هذه المبادرة من اجل إنقاذ لبنان وحتى الآن المسار «ماشي» وفق ما هو مرسوم وكثر يدركون انه مرسوم هكذا، ولكنّ المتضررين يدخلون على الخط لحَرف الأنظار عن هذا المسار».

واوضحت المصادر انّ الهدوء الذي طبع كلمة عون في ذكرى 13 تشرين يأتي في سياق المسار الذي اعتمده منذ فترة حين بدأت الامور تنضج للحل. فكل مرحلة لها أسلوبها، واليوم المرحلة هي مرحلة تفاوض لإنقاذ الجمهورية لكنّ ذلك لا يعني انه تنازل او هرولة وراء كرسي الرئاسة فلو أرادَها لَقبل بها منذ زمن عندما وصلت اليه على طبق من الفضة.

«المستقبل»

مصادر «المستقبل» أكّدت لـ«الجمهورية» انّ الرئيس الحريري مستمر في مبادرته، وهو لم يبلّغ كتلته النيابية حتى اللحظة ايّ نتيجة لحركته ولصورة مشاوراته التي يواصلها في الخارج والداخل.

ونَفت المصادر ان يكون للحريري في الاساس أي إطلالة متلفزة، مشيرة الى انّ قراراً من هذا النوع لا يعلن في مقابلة متلفزة.

ولدى سؤالها هل انّ الحريري أخذ ضوءاً اقليمياً وتحديداً سعودياً؟ أجابت المصادر: «الموقف السعودي واضح بأنّ الرئاسة شأن لبناني وهي لا تتدخّل فيه».

وعن العقبات التي لا تزال تواجه الحريري في تحرّكه حتى الآن، اجابت المصادر: انّ الرئيس الحريري بحواره مع عون غير معنيّ بهذه العقبات، بل إنّ حلفاء عون هم المعنيون <