لم تعد مهمة إعلان الرئيس سعد الحريري تأييد انتخاب العماد ميشال عون مهمة سهلة.تضاعفت صعوبة المهمة بعد مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المنتقدة للسعودية، وتضاعفت أكثر بعد زيارة الحريري للسعودية التي بات مؤكداً أنها لم تشهد أي لقاءات مؤثرة.

في أجواء المحيطين بالحريري وبكتلة «المستقبل» خوف من إقدامه على هذه الخطوة. ليس الرافضون لانتخاب عون وحدهم الخائفين، انما ايضاً الذين وعدوا الحريري على غير قناعة، بأن يكونوا الى جانبه اذا ما اتخذ القرار، وفي الانتظار اجتمعت الكتلة أمس الأول برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، وأصدرت بياناً وضعت فيه الاصبع على جرح التعطيل محمِّلة المسؤولية إلى «حزب الله».

لم يعد الحريري امام الكثير من الخيارات. امامه ترشيح عون مع كلّ ما يحتمل من مخاطرات سياسية، أولها عدم قدرة عون على النزول الى المجلس إذا ما استمرّ النائب سليمان فرنجية بترشيحه، مدعوماً برفض الرئيس نبيه بري انتخاب عون، وبتسهيل غير مباشر من «حزب الله»، الذي وضع انتخاب عون في معبر التفاهم الإجباري مع بري وفرنجية، وثانيها عدم قدرة عون على الالتزام بما اتفق عليه مع الحريري، باعتبار أنّ مجرد قبوله الدخول في مفاوضات مع بري وفرنجية، سيعني أنّ كلّ ما التزم به مع الحريري سيذهب في أدراج رياح المفاوضات، وسترسم عندها صورة جديدة للتوازنات، تُدخل ترشيح عون في نفق طويل، لا تولد خاتمته السعيدة في الجلسة النيابية المقبلة.

الواضح أنّ «حزب الله» أدخل عون في متاهة التفاهم مع بري وفرنجية، لكي يمنعه من تركيب ثنائية مع الحريري، وهذا ما سيؤثر في قرار الأخير، وفي قدرته على تحمّل الأكلاف وهي ليست قليلة.

أمام الحريري قرار بترشيح عون في مواجهة الداعم الاقليمي، وفي مواجهة شارعه، وجزء من كتلته، وتياره، ووراءه، عودة الى مربع مجهول، بعد أن خرج ضمناً من ترشيح فرنجية، كما أنّ وراءه، اتهاماً جاهزاً اذا لم يرشح عون بأنه كان ينفّذ مناورة سياسية، وهذا سيعيد الامور الى النقطة الصفر، والى اتهامه بتعطيل انتخاب الرئيس.

أمام هذا المشهد ماذا ستكون عليه خيارات الحريري؟

الارجح أنّ القرار بتأييد عون نضج بانتظار أن يعلن. لكن هل يلجأ الحريري الى طلب ضمانات واضحة بحصول جلسة الانتخاب، وبمشاركة عون وكتلته فيها، وهل سيعطي الحريري موافقة مشروطة على انتخاب عون، بأن يحصل في جلسة الحادي والثلاثين، على أن يسحب التأييد في حال عطّل «حزب الله» الجلسة أو تقاعس الجنرال عن المشاركة فيها، خوفاً من نتائج استمرار ترشيح فرنجية؟

لا تستبعد معلومات أن يلجأ الحريري الى التأييد المشروط، والى اقتصار هذا التأييد على جلسة واحدة كاختبار لـ«حزب الله»، على أن يعود الى الخيارات المفتوحة اذا ما عطل الحزب انتخاب عون، وهو ما سيحصل على الارجح، باعتبار أنّ الحزب لو أراد تسهيل انتخاب عون، لاعتمد استراتيجية مختلفة، في ملاقاة ايجابيات الحريري، لكنه عوض أن يفعل، وضع كلّ ما يملك من عصي في دواليب عون، وترك لحلفائه مهمة تعطيل انتخابه، مستعملاً ذرائع لم يضعها على الطاولة، في مرحلة ما قبل ايجابيات الحريري.

تبدو الايام المقبلة مفتوحة على كلّ أنواع المناورات، التي ستبدأ فور إعلان الحريري ترشيح عون. هذا الإعلان سيضع «حزب الله» امام لحظة حقيقة من نوع مختلف، وسيبدأ فرز المواقف لتبيان ما إذا كان الاعتراض على انتخاب عون، مجرّدَ استدراج عروض لرفع الثمن، أم ستاراً لتعطيل انتخاب الرئيس، والإبقاء على الوضع القائم.