دعا علماء ومفكرون لبنانيون إلى تحويل "ذكرى استشهاد الإمام الحسين" إلى مناسبة "جامعة للمسلمين"، و"ناصرة للمظلومين"، معتبرين، سنة وشيعة، أن مناصرة أنظمة مستبدة وظالمة "لا تتوافق مع ثقافة الحسين الذي خرج مناصرة للمظلوم لا للظالم".
 
وشدد العلماء على أن جوهر الحركة الإصلاحية، التي قام بها الحسين، "يجب أن تكون نبراسا" لكل المجتمعات الإسلامية من أجل الخروج من أزماتها وحماية ذاتها من المخططات الخارجية التقسيمة. 
 
المدير العام للأوقاف الإسلامية السابق في لبنان، الشيخ هشام خليفة، صرح للأناضول، إن "واقعة كربلاء وذكرى استشهاد الإمام الحسين في العاشر من شهر محرم (61 هجرياً)، هي حادثة جامعة بحد ذاتها، تعني الأمة جميعها".
 
ولفت الى أن "هذه المناسبة الأليمة فيها الكثير من الدروس والعبر والأمل لهذه الأمة"، مشدداُ على أن "من يريد أن يحيي هذه المناسبة يجب أن يتوافق مع هدف الإمام الحسين، وإلا سيكون قد جانب الحق والصواب". 
 
وقال خليفة "نحن أهل السنة نرى أن الإمام الحسين هو حفيد نبي الأمة، وبالتالي هو للأمة كلها".
 
وأضاف "قد نختلف في كيفية تذكر هذه المناسبة، وهذا لا يفسد للود قضية، بشرط عدم وجود ما يستفز المشاعر أو أي اتهامات للطرف الآخر، وخاصة بعد مرور أكثر من 1400 سنة على الحادثة".
 
وشدد أن "أي مناسبة لا هدف منها، فهي لغو، وبالتالي فإن الهدف من تذكر هذه المناسبة يجب أن يكون في معرفة الأمة أن اختلافها فيما بينها يخسرها أغلى الناس"، داعيا إلى أن "يكون الخطاب المتعلق بهذه المناسبة جامعاً لا مفرقاً".
 
وأكد خليفة أن هذه المناسبة "يجب أن تكون دافعا للوحدة والتآلف والتعاضد ونبذ الكره والعصبية"، مضيفا أنه "يجب أن تكون دافعا للوقف مع الحق والعدل، كما كان الإمام الحسين".
 
ورأى أن "الأمة تعاني اليوم من حروب من أجل تفرقتها وتمزيق وحدتها".ودعا الى "استثمار ذكرى كربلاء واستشهاد الإمام الحسين، كما يجب أن تستثمر ذكرى الهجرة النبوية، وكل مناسبة إسلامية، من أجل أن نكرس معاني الوحدة وأن نظهر القواسم المشتركة التي تجمع، وهي أكثر بكثر من قواسم الاختلاف والتنافر". 
 
من ناحيته، دعا الشيخ عباس الجوهري رئيس "المركز العربي للحوار" الى "عدم تحويل واقعة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين الى أمر محصور بفئة من الناس دون الآخرين".
 
وشدد أن "حركة الإمام الحسين كانت حركة نهضوية إصلاحية في المجتمع والأمة".
 
وأعرب الجوهري عن خشيته من تحويل هذه الذكرى الى "مناسبة تبتعد عن معانيها الحقيقية"، مشيراً الى أن "الإصلاح الذي خرج من أجله الإمام الحسين تحتاجه الأمة في كل يوم".
 
ورفض "حشد مناصري الإمام الحسين ومحبيه، وجعلهم في خندق واحد مع أنظمة مستبدة هنا أو هناك"، مشدداً أن "هذا الأمر هو التباين بعينه مع ما خرج من أجله الإمام الحسين، وهو نصرة المستضعفين والمظلومين والمقهورين".
 
وتوجه الجوهري الى العالم الإسلامي بكل طوائفه بالدعوة الى "عدم ترك الإمام الحسين رهينة لطائفة دون أخرى، أو مذهب دون آخر، فالحسين للأمة كلها"، مطالبا الأمة الإسلامية بـ"العودة لهذه المنارة والابتعاد عن العصبية الطائفية".
 
من ناحية أخرى، رأى الكاتب والمفكر مصطفى فحص، نجل المرجع الشيعي اللبناني الراحل هاني فحص، أنه "من الضروري إخراج ذكرى استشهاد الإمام الحسين من الجدل المذهبي، والعودة بها الى مكانها الطبيعي، وهو المبدأ الإصلاحي".
 
وأشار فحص الى أن "أي صراع مذهبي أو طائفي بين أبناء الأمة، هو بالتأكيد خارج سياق الثقافة الإسلامية وخارج سياق ما قام به الإمام الحسين".
 
ودعا الى "عدم تحويل هذه الذكرى الى مجرد مراسم وطقوس، التي تبدو وكأنها عبادات، تتحول هي بدورها وكأنها دين آخر".
 
وشدد على أنه "لا يمكن لمن يحب الإمام الحسين ويحيي ذكراه أن يكون مستبدا أو يناصر أنظمة مستبدة"، مشيراً الى أن "ثقافة الإمام الحسين، هي ثقافة اجتماعية يجب أن تجمعنا في لحظة الفقر ولحظة الانقسام". 
 
ورفض فحص "إدخال ذكرى الإمام الحسين في الصراعات السياسية التي تعيشها الأمة"، معتبراً أنه "عندما نتحول الى جماعات استبدادية، والى أفراد استبدادية فإننا نكون قد ابتعدنا كثيراً عن ثقافة الإمام الحسين". 
 
ورأى أنه إذا "استطاعت المجتمعات الإسلامية أن تتحد على ما خرج من أجله الإمام الحسين، فإنها تكون قد أنجزت الكثير من حاجتها الى الإصلاح"، داعياً الى أن "تكون ذكرى استشهاده مناسبة للوحدة ونبذ العصبيات والطائفية، وأن تكون لجمع المسلمين.. ونحن نملك كل مقومات ذلك". 
 
ويوافق يوم العاشر من شهر محرم، ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، في "كربلاء" (وسط العراق). 
 
ـ الأناضول ـ