تشكل عاشوراء مناسبة للحزن والتعبير عن الأسى في الوعي الشيعي التقليدي فهي الذكرى التي تتجدد فيها المشاعر الغاضبة لتحاكي أوجاع وآلام ما حل بالإمام الحسين وأهل بيته في كربلاء .

عاشوراء في فكر حركة أمل:

إستطاع الإمام موسى الصدر تحويل عاشوراء من مفهوم تقليدي طقسي جامد إلى معنى متحرك ودائم يعكس أفكار وقيم تبعد المناسبة عن الحيز المذهبي الضيق لتنفتح على أبعاد الإنسانية في آفاق لبنان على الأقل.
وجاء الرئيس نبيه بري ذات الخلفية المعتدلة والمنفتحة على الآخر ليترجم معاني عاشوراء الحقيقية حسب المفهوم الصدري.
فعلاقة بري مع مكونات لبنان المتعددة وطوائفه المختلفة أنموذج حي في العمل العاشورائي لتكريس أهداف حركة أمل الحقيقية.
ويبدو غريبا أن تتمسك هذه الحركة بقيم كالوحدة الوطنية والعيش المشترك ونهائية الكيان ومؤسسها رجل حوزوي ديني لكن نفس هذا الرجل إستطاع ربط عاشوراء بالمحنة الوطنية اللبنانية وأكمل هذا الشيء الرئيس بري من خلال الدور الوطني المستمر الذي يقوم به.

محنة السواد في الحركة:

في السنوات القليلة الماضية بدأ يطرأ على الحركة أفكار غريبة متطرفة ساهم في تعزيزها أسباب عديدة منها الدور والثقل الديني لحزب الله في الطائفة الشيعية وغياب نخبة من رجال الدين الحركيين ذات خلفية وطنية وحركية كما أرادها الإمام الصدر ويريدها نبيه بري.
فدخلت الحركة في مزايدة دينية مع حزب الله لدرجة أنها أصبحت تتبنى في بعض الأدبيات العاشورائية أفكار حتى حزب الله لا يقوم بها فالحزب إستطاع الترويج لأفكار عديدة في محرم إستوردها من إيران تارة وقام بإنتاج أخرى تارة أخرى.
والمزايدة بدأت هنا من خلال تبني حركة أمل لهذه الأفكار والترويج لها والدفاع عنها بل الذهاب بعيدا والتطرف فيها.
وهذا الغزو للفكر الدخيل إستغل نقاط ضعف في التتظيم الأخضر سببها غياب رجال دين يتميزون بثقافة موسى الصدر على حساب صعود رجال دين آخرين من تيارات شيعية متطرفة هم أنفسهم حاربوا فكر الصدر في الماضي.
فتحولت عاشوراء في فكر شباب الحركة إلى تنكيس الأعلام السوداء وتحويل المناسبة إلى يافطات وأعلام وشعارات لا تقدم تطورا للفكر الحركي لكي ينمو وأصبحت عاشوراء والحسين حكرا في المحبة وأداة للتكفير ووسيلة  للفتنة والتباعد مع الشريك في الوطن.

إقرأ أيضا : حركة امل: تكفّن الجنوب بالاسود

دور الرئيس بري :

الدوائر المقربة من الرئيس بري تتكلم دائما على أنه يخالف الكثير من الممارسات التي تحصل في عاشوراء بإسم حركة أمل لذلك هو دائما ما يحرص على إعطاء الذكرى طابعا وطنيا.
فهناك إختلاف بين ما يمارسه ويريده الرئيس من هذه المناسبة وبين ما يطبق في الكثير من المجالس والمسيرات الحركية.
مجرد مقارنة بسيطة بين مجلس مصيلح ومجلس عاشورائي آخر سيرى المراقب الفرق.
فالأول غني بالمعاني والأفكار الإنسانية المنطلقة من ثورة الحسين أما الثاني فهي مجالس تهدف إلى تعزيز الهوية المذهبية المتطرفة وإختصار الوطن بمنطقة معينة وترهيب الشريك وتخويفه.
لذلك  دولة الرئيس نبيه بري مطالب بإعطاء كلمته النهائية في هذا الأمر وإنقاذ حركة أمل من هذا الفكر الدخيل وإعادة تعميم حالة  الفهم العاشورائي بالمنظور الصدري الإنساني.
وليس التمسك بفكر موسى الصدر يختزل بشعر أو صورة للإمام توضع في هذا المجلس أو ذاك لإستغلال عواطف الناس وتحريك هواهم بإتجاهات مخالفة ومتطرفة.
ذلك  أن الفهم الخاطىء للفكر الحسيني يترتب عليه نتائج خاطئة وخطيرة فالرئيس بري مطالب بإعادة بوصلة عاشوراء حركة أمل نحو الإتجاه الصحيح والعمل على تكريس قيم تعكس ثقة النفس في الحركة وتبعدها عن المزايدات الدينية التي أدت إلى تسلط فكر ديني متطرف غريب وأسود  عليها  لا يمت بصلة لأسس الفكر العقائدي لحركة اللبناني نحو الأفضل.

عاشوراء هي البياض والأمل:

عاشوراء هي ثورة تتجدد لإحياء الإنسانية وتذكيرها بالتضحيات العظيمة من أجل الأهداف الكبيرة.
وحركة أمل البيضاء ليست بحاجة للسواد الفكري لتثبت حبها للحسين.
فالناس ضاقت وضجرت من الهموم والتقليد الروتيني للمناسبة وهي اليوم بحاجة للبياض الحقيقي التي تعكسه حركة أمل من تجربة وطنية لا مستوردة تعيش الحسين بقيمه كل يوم وليس بملابس ويافطات سوداء ب 10 أيام ومن ثم تنتهي القضية.
والإيمان بالأمل بأن الحركة هي لون التشيع الجميل الذي يعكس البياض الحقيقي لتخليص الناس من آفاتهم وآهاتهم وأوجاعهم ليس من فراغ بل هو ثقة بأن الرئيس بري سيكون في اللحظة الصعبة قادرا على إعطاء الأمر والحسم.