قال غربي فرنسي لشاب شرقي مسلم  إن بلادكم محرومة من الحرية الفكرية والحرية السياسية والحرية هي اوكسجين الحياة السليمة حيث ليس بوسعكم

أن تنتقدوا حكامكم وكأنهم أنبياء لا يخطؤن ?! فقال الشرقي المسلم للفرنسي  ما كلامك إلا افتراء وكذب

قال الغربي الفرنسي إنني اقف في ساحة باريس العامة وأشتم الرئيس الفرنسي جاك شيراك بصوت عال من دون ان يصيبني مكروه من أجهزة الأمن ولا من الجمهور العاشق  للرئيس جاك شيراك فهل تستطيع ان تفعل ذلك أنت في بلاد المسلمين والعرب ?

قال الشرقي المسلم نعم بمقدورنا ان نقف في أية ساحة من الساحات العامة في بلاد العرب والمسلمين ونشتم الرئيس الفرنسي جاك شيراك من دون يصيبنا مكروه من أجهزة الامن ولا من الجمهور العاشق  للرئيس جاك شيراك  ?!

الغربة عن الوطن موجعة ولكن الحياة فيه أوجع حينما تكون محكومة بالفقر والمذلة تحت سلطة حكام وأحزاب وثوار ورجال الدين مجاهدين بيانهم سحراً  ونثرهم تِبْراً أي ذهباً وكلامهم طُراً   وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم وإنْ يقولوا تنجذب لخطابهم  ولو أمعن العاقل ببصيرته قليلا وأدرك طبيعة نفوسهم وحقيقة أفعالهم وماهية أعمالهم لَوَلَّى منهم فِراراً ومُلِئ منهم رعباً وليس بعيداً عنهم قوله تعالى مطلقاً

{  يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً  }

 

وقوله تعالى {  يا ايها الذين امنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون }

 

وقوله تعالى {  أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ?! }

الغربة عن الوطن  مؤلمة إلا أنها تغدو أقل ألماً من العيش فيه تحت حكام متسلطين وأحزاب موالية لهم تصنف كل مخالف لهم عميلا

وكل معترض جاسوساً وكل منتقد متآمراً وكل منافس لها في السياسة عاشق سلطة ومنصب ودنيا ????!!!!!!! علماً أنه لا أحد يمسك بأيدي هؤلاء الحكام والأحزاب ويمنعهم من الزهد في الحياة أو السفر إلى الجنة من أقصر طرقها المتوافرة بكثرة ?!

الغربة عن الوطن موحشة إلا أن البقاء فيه أوحش حينما تُقْمَع فيه التظاهرات  وتُقْهَرُ به الإعتصامات وتُفَكُ به الإضرابات بإطلاق الرصاص الحي على صدور المعتصمين ورؤوس المضربين وقلوب المتظاهرين وكأن دماءهم كتشب بطاطا ?!

الغربة عن الوطن قاسية إلا ان الحياة فيه أقسى تحت حكام وأحزاب لم يكن مفهوم الوطن في قاموسهم السياسي إلا دولارات سخية من دولة عربية او عجمية  شيدوا بها شركات تجارية تحت كل حجر من مؤسساتها دماء بريئة سُفِكَت بشعارات رنانة وخطابات ثورية طنانة حسبها الجاهل (  مثلي  )  ماءً ستروي عطشنا وإذ بها سراب بسراب وراء سراب أورثتنا البؤس فوق البؤس حتى أمسينا خارج الزمان وأصبحنا خارج المكان مقارنة بسائر شعوب أهل الأرض نهذي ونحسب أنفسنا نبلبل بالحكمة ?! نغامر ونجازف ونحسب أنفسنا أننا نناضل ونجاهد ?! وأليس هذا واقع مجتمعات الشرق كله ?هذا الشرق الذي يتمنى وليد جنبلاط الخروج منه لكي يكون زبالا في نيويورك ولا يكون زعيما في لبنان ?!

 

و هذا الوطن  الذي قال فيه السيد حسن نصر الله إن الفساد بلغ في لبنان مبلغا بات يشكل خطرا علينا أكثر من الإحتلال الإسرائيلي ?!

لست شيوعيا مطلقا ولكن ألا يصح القول عن الشرق  بأن الدين تم استخدامه فيه لتخدير الناس حتى ينشغلوا بالعدو الخارجي لينصرف الناس عن سالبي حقوقهم  وأرباب الفساد بينهم  وحولهم  وفيهم الذين دمروا حاضرنا ومستقبلنا وجعلونا من أبئس الشعوب وأكثرها تخلفا ورجعية ?!