يوم امس اعتقد مؤيدو النظام السوري في لبنان والخارج لوهلة أن تغيرا مفصليًا وجوهريًا حصل في سوريا وبدون أي مقدّمات فبمجرد إعلان جيش النظام أنه أسقط طائرتين اسرائيليتين إحداهما حربية جنوب غرب القنيطرة والأخرى بدون طيار في سعسع أصيب جمهور الممانعة بحالة من "الثمالة" وكأنهم تناولوا جرعة زائدة من المورفين إلّا أن السعادة الناتجة عن الخمر لا بد ان تمحى عن محياهم بمجرّد العودة إلى الواقع والتي ربما أعادهم إلبها الجيش الاسرائيلي الذي نفى هذا البيان معترفا بالعملية التي تم القيام بها.
لسنا هنا في صدد تصديق العدو الإسرائيلي أو جيش النظام خاصة أنهما وجهان لعملة واحدة ، فمن يقتل أطفال فلسطين دهسًا نفسه من يقتل أطفال سوريا بالبراميل المتفجرة تحت نفس الذريعة "حماية النفس".
فيوم أمس استهان واستخفّ الرئيس السوري بعقول شعبه بعد هذا البيان المنافي للمنطق كليا والتأكيد أنه منافي يأتي من الصورة العامة للوضع الصعب والراهن لسوريا ، فبشار الذي لا زال يقاتل منذ سنوات مضت مع نخبة من الميليشيات لم يستطع أن ينتصر في أي معركة ما عدا تلك التي تتم المساومة فيها فكيف إذًا سيستطيع اسقاط طائرتين يدخلان في إطار أن سوريا مستعدة للدخول بحرب مع اسرائيل الآن؟
ربّما أراد بشّار بذلك أن يثبت أنه حقًّا الأسد وهذا ما نحن متأكدين منه ولا حاجة منه إلى إثباته فالأسد ينهش بلحم الجميع دون أي رحمة ورأفة إلا ان المضحك في الأمر أن جمهوره صدّقه واعتدوا على مقاطع تصويرية قديمة جدا لإثبات صحة الإدعاءات المزيفة وكأنهم كانوا يبحثون عن إبرة في كومة قش.
إفلاس معنوي يبدو أنه بدأ يصيب الجيش السوري فكان هذا الإعلان بمثابة جرعة قوة لم تدم وفشل شعبي في تصديق الأوهام .
فلو كان الخبر صحيحا ألم نكن لنجد صورا حقيقية توثق هذا الإنجاز التاريخي؟ لكن لماذا نستغرب فكما إيران الشقيقة تهدد وتتوعد "عالفاضي" كذلك سيكون الأسد فالمثل يقول "يللي متلنا تعو لعنا" وما يجمع بين هاتين الدولتين الجبن وحب السلطة.