خرجت الأمور عن السيطرة في آخر جولة من جولات الحوار الوطني بين سليمان فرنجية وجبران باسيل وحتى الرئيس بري بحنكته المعروفة إعترف في نهاية الجلسة بأن ما سمعه هو الأخطر منذ الحرب الأهلية اللبنانية.

كره قديم بين الطرفين:

يغيب عن بال الكثيرين أن الصراع بين التيار العوني والمردة هو أقدم من خطوة الحريري بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية.
فقبل هذه الخطوة مرت الكثير من الإستحقاقات التي سجلت إختلافا جذريا بين الحليفين كإستحقاق التمديد للمجلس النيابي والتعيينات الأمنية وبالأخص التمديد لقائد الجيش الحالي جان قهوجي والذي لاقى إعتراضا من التيار العوني وقبول من قبل فرنجية.
ولكن يسجل لهذا التحالف بأنه قديم جدا ويعود لمرحلة عودة عون من المنفى وتحالفه مع فرنجية في الإنتخابات.
هذا التحالف أراده عون ممرا لتياره إلى مناطق زغرتا وهذا ما عجز عنه وقوبل بمحاولات من فرنجية للتوسع خارج قضاء زغرتا الزاوية كإفتتاحه مكتب لتيار المردة في جونية،  ومع هذا لم يستطع فرنجية خلق حالة شعبية له قوية خارج القضاء بإستثناء بعد الإمتدادات نحو طرابلس.
وتحول فجأة هذا التنافس إلى كره شديد بعد تبني الحريري  ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية فكسرت الجرة بين الطرفين وظهرت أولى تداعيات هذا الإنكسار في الإنتخابات البلدية والإختيارية الأخيرة عندما تشكل شبه تحالف بين المردة والكتائب وبطرس حرب في وجه القوات والتيار الوطني الحر وإستطاع هذا التحالف إظهار هشاشة الشعار الذي رفعته الثنائية المسيحية بأنهم يمثلون أكثر من 80% من المسيحيين.

ترأس باسيل للتيار عقد المشهد:

لا يختلف إثنان بأن شخصية جبران باسيل تثير الإستغراب والإستفزاز في آن، فهو على الساحة السياسية اللبنانية غير مرغوب فيه لعدة أسباب أبرزها أداؤه الحكومي ولغته العنصرية والمذهبية  إتجاه اللبنانيين وغيرهم.
أول إشكال بين فرنجية وباسيل سجل في الإنتخابات البلدية عندما صرح بأنه لا يرى تيار المردة في الجبل ليرد عليه فرنجية بقسوة قبل أن يعود باسيل ويوضح.
فباسيل يميل لمدرسة إلغائية في السياسة لا تتقبل الآخر وتهدف للسيطرة وتستغل العواطف والغرائز الطائفية والمذهبية للوصول لأهدافها.
وعندما تصطدم هكذا شخصية بجدار المنطق تحاول أن تغطي على فشلها بالتخويف والتهديد بالخطر الوجودي والميثاقية.
في طاولة الحوار اللبناني يحاول باسيل إظهار تياره بأنه ممثل المسيحيين والناطق الرسمي بإسمهم مستغلا الغياب القواتي لكنه في كل مرة يواجه بمسيحيين يظهروه ضعيفا بالموقف أمام باقي الأطراف.

فرنجية أحرج باسيل :

ما فعله سليمان فرنجية برده العنيف والصريح على كلام باسيل الأقرب إلى الإستهزاء بباقي القوى المسيحية هو أن أحرجه وعراه أمام باقي القوى اللبنانية فظهر ضعيفا وهو الذي يعاني من عدم رضى عليه من داخل تياره بالأصل.
فلا يمكن تجاهل فرنجية ولا يمكن تجاوز باقي القوى المسيحية المستقلة التي تعبر عن شريحة هامة وكبيرة من المسيحيين وهذا ما أظهرته أرقام الإنتخابات البلدية بالفعل عندما خسر التيار العوني في العديد من المناطق المسيحية.

باسيل يخدم فرنجية من حيث لا يدري:

قدم باسيل نفسه في طاولة الحوار  على أنه شخصية مذهبية وعنصرية تقدم لغة خطيرة تذكر بالحرب الأهلية.
هذه اللغة بعيدة عن أدبيات إتفاق الطائف وتعني عودة للتيار العوني إلى وضع ما قبل الطائف ما يخيف الشريك المسلم الذي قال باسيل بخصوصه أنه يفتقد القناعة للتعايش معه.
وهو أيضا يبشر الأطراف اللبنانية بمستقبل الجمهورية لو وصل عمه الجنرال ميشال عون للرئاسة ما يزيد قناعات الآخرين برفضهم لميشال عون وتمسكهم بخيار سليمان فرنجية.
ففرنجية يستغل هذه الأخطاء والعثرات الباسيلية ليقدم نفسه رئيسا وطنيا لكل اللبنانيين لا لطائفة أو فئة وهو قولا وعملا يتمسك بالطائف ويتبنى أدبياته وعاش في جوه ونما مشروعه السياسي في أكنافه.
أضف أن فرنجية شخصية واقعية ومتقبلة لإتفاق الطائف وإبن النظام اللبناني وشريك في لعبة المحاصصة.

باسيل يغرق:

مع قادم الإستحقاقات والمحطات سيظهر حجم المستنقع الذي يغرق فيه كل يوم جبران باسيل.
ووسط هذه المشهدية، هناك جنرالا في كسروان يراقب الوضع ويبتسم.
شامل روكز يعد العدة فالضربة الأخيرة لباسيل قد تكون من داخل التيار.