لماذا إختلف المتحاورون وعلى ماذا ؟

 

السفير :

.وفي اليوم التالي على تعليق الحوار، بدا أن كل الأطراف تراجع حساباتها، من دون أن يلوح في الأفق ما يوحي بأن «الجلطة الدماغية» التي أصابت الحوار ستولّد شعورا بالذنب أو الندم لدى أهله. لا أحد يستعجل تقديم التنازلات، برغم تسارع العد التنازلي نحو المجهول.
العماد ميشال عون ينتظر ضمانات وتطمينات من الحلفاء والخصوم على حد سواء حتى يعود الى الانتظام في المؤسسات.
الرئيس نبيه بري الذي استهلك معظم «مخزونه الاحتياطي» من المبادرات ينتظر صحوة ما من الآخرين قبل أن يعيد «أرانبه» الى الخدمة.
الرئيس تمام سلام ينتظر إشارات الى إمكانية تراجع «التيار الحر» عن مقاطعة حكومته حتى يقبل بتأجيل جلسة الغد وإلا فهي قائمة.
والرئيس سعد الحريري ينتظر «مكرمة ملكية» سياسية تسمح له بتوسيع هامش خياراته الرئاسية وتخرجه من أزمته المتعددة الأبعاد..
ولعل أخطر ما في توقف الحوار الوطني هو أنه ينطوي على إعلان صارخ عن فشل جديد لمحاولة لبننة التسوية. صحيح أن هذه المحاولة لم تكن مقنعة أصلا في ظل انخراط القوى المحلية حتى العظم بارتباطات وتحالفات عابرة للحدود، إلا أن الحوار كان يرمز بالحد الأدنى الى قشرة رقيقة من «الماكياج» أو الجهد المحلي، توحي ـ ولو من حيث الشكل فقط ـ بأن رؤساء «الدول» اللبنانية لا يتّكلون فقط على الخارج بل يسعون الى إعادة تنشيط «الصناعة الوطنية» للحلول.
لكن، حتى هذا «الوهم» استكثروه على اللبنانيين، وهو الأمر الذي اختصره الرئيس بري بالقول: لقد أثبتنا مرة أخرى اننا بكّرنا في نيل الاستقلال..

سلام يشاور
والى حين معالجة جذور شجرة الأزمة المتفاقمة، ينشغل الجميع بتقليم أغصانها، حيث كان يوم أمس حافلا بالاتصالات السياسية على كل الخطوط، في محاولة لتطويق ذيول وقف الحوار وحماية الحكومة من تداعياته.
وقد أجرى سلام حتى ساعة متأخرة من ليل أمس جولة واسعة من المشاورات، فيما كان «حزب الله» يتولى التواصل مع «التيار الحر».
ويؤكد المطلعون على موقف سلام أنه لا يريد تأزيم الوضع الحكومي أكثر، بل يأمل تهدئته، ولكن ما يريد أن يعرفه هو ما الذي يمكن أن يتغير إذا أرجأ جلسة مجلس الوزراء المقررة غدا، وعلى أي أساس سيتخذ قرار التأجيل، وهل من ضمانة بأن حلاً ما سيظهر خلال الفترة الفاصلة عن الجلسة المفترضة الأسبوع المقبل؟

عون الهادئ
وغداة تجميد عمل طاولة الحوار، اجتمع تكتل «التغيير والإصلاح» في الرابية، برئاسة العماد ميشال عون. كان الجنرال هادئا، خلافا للضجيج في الخارج، وهو الذي يشعر بأنه استعاد زمام المبادرة وتحوّل من موقع إحصاء عدد الانتهاكات للميثاق الى موقع التصدي لها.
يبدو عون وكأنه بدأ بنقل المعركة شيئا فشيئا الى خارج أرضه: قاطع الحكومة.. علق مشاركته في الحوار.. استنفر جمهوره، واحتفظ لنفسه بمواعيد التصعيد المقبل وأشكاله، سياسيا وشعبيا.
وبرغم الهجوم العنيف الذي شنه النائب سليمان فرنجية على الوزير جبران باسيل خلال جلسة الحوار أمس الاول، إلا أن عون اتخذ قرارا بعدم الرد: «لن تكون هناك مواجهة مع فرنجية على طريقة حرب طروادة، ولن أنزلق الى سجال شخصي أو رئاسي معه، وعلى مسؤولي «التيار» أن يمتنعوا عن الرد عليه..».
كما أن عون تلقف بإيجابية موقف رئيس المجلس على طاولة الحوار: «حسنا فعل الرئيس بري بتعليق الحوار بعد مقاطعتنا له، ما يؤشر الى إدراكه لحيوية دور «التيار الحر» في الشراكة الوطنية، ولكن لماذا لا ينطبق على الحكومة ما يسري على الحوار؟».

بري ينكفئ
أما على خط عين التينة، فإن الرئيس بري قرر أن يطفئ «مولّداته» حتى إشعار آخر، في انتظار أن يمدها مجددا بـ «الفيول السياسي»، مؤكدا أمام زواره امس أن الكرة لم تعد في ملعبه، بعد تعليق طاولة الحوار.
ويشير الى أنه بذل في المرحلة السابقة أقصى الجهود الممكنة من أجل إنجاح الحوار، وطرح المبادرة تلو الأخرى لإيجاد مخارج من المأزق القائم، ولكن من دون جدوى. ويضيف متوجهاً الى من يعنيهم الأمر: حتى الأمس القريب، كنت أنا من يبحث عنهم.. بعد الذي جرى، عليهم هم أن يفتشوا علي..
ويؤكد بري أنه لن يدعو الى معاودة الحوار، إلا إذا حصل تبدل في الشكل والمضمون، مضيفا: لا يكفي أن يكتمل الحضور مجددا على طاولة الحوار.. المطلوب أن تتغير الأفكار والمقاربات حتى نتقدم الى الأمام.
ويتابع: أنا الآن أنتظر وأراقب، ولن أبادر الى أي تحرك.. وعندما يصبح الآخرون جاهزين لحوار يكون مجدياً وجدياً، فأنا حاضر، لأنه ليس المهم أن يستأنف الحوار أعماله، بل يجب أن ينتج ويثمر، خصوصا على مستويي رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب.
ويلفت بري الانتباه الى أنه برغم المآخذ على تواضع نتائج الحوار، إلا أنه يُسجل له مساهمته في إشاعة مناخ من الاطمئنان وسط الشلل المؤسساتي، وتسهيل عمل الحكومة من حين الى آخر، إضافة الى قوة الدفع التي أعطاها لقانون الجنسية مشروع اللامركزية، مع التأكيد أن ذلك كله لا يعوض عن إخفاقه في المهمة الأساسية التي ينتظرها منه اللبنانيون وهي التوافق على رئيس الجمهورية وقانون الانتخاب.
ويؤكد بري تمسكه بموقفه الداعي الى التفاهم مسبقاً على مرحلة ما بعد رئيس الجمهورية، لأن من شأن ذلك أن يسهل انتخابه.
ويعرب عن عدم قلقه على مصير الحكومة، مشيرا الى أن الموضوع هو عند الرئيس تمام سلام، كما أبدى اعتقاده بأن الاستقرار الأمني النسبي لن يتأثر بتعليق الحوار.
وردا على سؤال، يعتبر بري أن خيار لبننة التسوية سقط مع توقف الحوار، وبات علينا للأسف أن ننتظر فقط هبوط الحل بالمظلة من الخارج. ويتابع: أخشى أننا وصلنا الى هذه المرحلة من العجز إلا إذا حصلت معجزة

 

النهار :

اختصر الوزير اكرم شهيب الوضع بقوله "لا بديل من خطة الحكومة. ونتمنى على حزب الكتائب مساعدتنا في حل المشكلة لانهم لا يتحملون استمرارها والبلد كله لا يتحملها".
النفايات جعلت الجميع في مأزق. الحكومة العاجزة عن ايجاد حلول غير الخطة التي أقرتها. وحزب الكتائب الذي لم يجد من يسانده في دعم تحركه عند مدخل مطمر برج حمود. وحزب الطاشناق الذي رد على المزايدة بالتعطيل المقابل. والمواطنون في المتن وكسروان الذين غرقوا في النفايات.
الكل بحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه. و"وسيط الجمهورية" صار اسمه الياس بوصعب إذ ارتضى به النائب سامي الجميل و"التيار الوطني الحر" ولم يمانع الطاشناق في وساطته لاخراج الجميع من عنق الزجاجة بحل يعيد الأمور الى ما كانت في الخطة التي أقرتها الحكومة.
الحل بحصر النفايات في برج حمود سقط، وفي المقابل سقط مشروع ردم البحر لمصالح تجارية قبالة "سيتي مول" في الدورة، وتمكنت شركات النفط من فرض عدم الاقتراب من مقارها عند الشاطئ المتني، وعادت الأمور إلى منطلقها، مع اختلاف وحيد هو تعجيل نظري لاعتماد اللامركزية.
بعد سلسلة من المفاوضات التي وصفها أحد المطلعين بالثرثرة الكلامية، واللعب على عبارات قليلة، كان اجتماع أمس في وزارة الداخلية جمع الى الوزيرين نهاد المشنوق واكرم شهيب، النائب أغوب بقرادونيان، رئيسة اتحاد بلديات المتن الشمالي ميرنا المر أبوشرف، رئيس اتحاد بلديات كسروان - الفتوح جوان حبيش، رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان، رئيس بلدية الجديدة - البوشرية - السد انطوان جبارة، واتفق في نتيجته على التزام خطة الحكومة، في مقابل دفع اللامركزية في معالجة النفايات، وبدء الاتحادات منذ اليوم بالتحضير الذي سيستمر سنتين في حده الأدنى لإنشاء معامل تراعي الشروط الصحية والبيئية إذا توافرت المواقع المخصصة لذلك. وأكد وزير الداخلية في هذا الاطار ان أموال البلديات متوافرة لبدء العمل.
وأبلغت مصادر متابعة "النهار" ان المتعهد أبدى ليل أمس استعداداً للعودة الى العمل بعد ازالة حزب الكتائب العوائق التي تقفل مدخل المطمر اليوم.
وتحدّث الوزير شهيب بعد الاجتماع فقال إن اعتماد اللامركزية يحتاج الى مدة من الزمن لا تقل عن سنتين، لإيجاد عقارات يقبل بها الاهالي، وكذلك البلديات، ثم درس طبيعة هذه الارض، وبعدها من المياه الجوفية، ثم إجراء مناقصات، قبل بدء العمل بالتجهيز. وإذا كان حزب الكتائب يقترح سنة ونصف سنة، فإن هذه المدة تبدو غير كافية، فالموضوع علمي ولا يحتمل المزايدات. وأضاف: "المشروع متكامل بمعنى انه حلقات متكاملة أي موقع تخزين وإزالة جبل النفايات ثم انشاءات بحرية وطمر صحي".

 

مجلس الوزراء
سياسياً، اليوم موعد جديد لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية لن تنعقد كسابقاتها نظراً الى افتقاد النصاب القانوني والاتفاق السياسي، أما غداً فموعد لجلسة مجلس الوزراء الذي بدا رئيس الوزراء تمّام سلام حتى مساء أمس ماضياً به من دون تأجيل ما لم يتبلغ من أفرقاء آخرين، غير "التيار الوطني الحر" مقاطعتهم الجلسة.
لكن مصادر وزارية قالت لـ"النهار" إن الرئيس سلام سيواصل مشاوراته اليوم مع أعضاء الحكومة في التطورات الاخيرة. وأوضحت ان الدعوة الى عقد الجلسة العادية لمجلس الوزراء غداً لا تزال قائمة، وإذا ما إكتمل نصابها سيرأسها سلام وسط إتجاه الى تحويلها جلسة لمناقشة المستجدات التي أدت الى قرار "التيار الوطني الحر" تعليق حضوره الجلسات.
وفي هذا السياق، صرح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ"النهار" بأن الحكومة "لا تستغني عن وزيريّ التيار الوطني الحر ولا عن الكتائب، وكنا نتمنى لو ان القوات اللبنانية مشاركة في الحكومة التي قامت على شعار المصلحة الوطنية". وأضاف: "لا شك في أن الحكومة تتمتع بالمواصفات الدستورية، ولكن يجب الاعتراف بأن هناك أزمة كبيرة والأمور تتجه الى تصعيد وعلينا القيام بما يجب لتهدئة الاجواء ومقاربة الحلول".
من جهة أخرى، يبدو ان الاشتباك المفتوح الذي باشره التيار قابل لمزيد من التصعيد والمواجهة من دون استبعاد ان تبلغ ذروته النزول الى الشوارع في 13 تشرين الاول المقبل. وعلمت "النهار" ان الوزير جبران باسيل ألغى سفره الى القاهرة على رأس الوفد الرسمي الى اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر عقده غداً الخميس.

 

 

المستقبل :

بعدما نجحت سياسة «قلب الطاولات» التي ينتهجها «التيار الوطني الحر» في حشر البلد وخنق مؤسساته الدستورية الواحدة تلو الأخرى برعاية «حزب الله» وأجندته التعطيلية، باتت الأنظار متجهة لاستكشاف ما هو التالي على صفحات هذه الأجندة بعد تفريغ الرئاسة وشل مجلسي النواب والوزراء وصولاً إلى تطيير الحوار الوطني وتعليق جلساته حتى إشعار آخر. وفي الأثناء أضحى «الحوار في غرفة الانتظار» كما عبّر راعيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«المستقبل» مبدياً جهوزيته الدائمة لإعادة دعوة المتحاورين إلى الطاولة متى سنحت الظروف وقال: «إذا تبدلت مواقف بعض الأفرقاء أدعو إلى جلسة.. وإلا «لشو» إذا بقي الوضع على ما هو عليه». 

وعن المعلومات التي توافرت لـ«المستقبل» وتشير إلى اتجاه التيار العوني إلى رفع مستوى التصعيد والنزول إلى الشارع بعد عطلة عيد الأضحى، شدد بري على كون «هذا الأسلوب ليس بديلاً عن الحوارات»، مؤكداً أنّ «الحوار إما يكون بمشاركة الجميع أو لا يكون» بدليل مسارعته إلى تعليق أعمال طاولة الحوار «بمجرد أن طلب أحد الأطراف استئخار انعقادها».

وإذ آثر عدم الخوض في الملف الحكومي وما إذا كان مجلس الوزراء بصدد الانعقاد هذا الأسبوع باعتبارها مسألة يعود تحديدها لرئيس الحكومة تمام سلام، اكتفى بري بالإشارة إلى أنه «طالما أنّ الرئيس سلام دعا المجلس إلى الانعقاد فهذا يعني أنه سينعقد»، مؤكداً في ما يتعلق بكتلة «التنمية والتحرير» أنها «لا تقاطع لا في الحكومة ولا في المجلس النيابي»، وختم بالإعراب عن أسفه لما آل إليه الوضع الوطني العام قائلاً: «الناس بالناس والقطة بالنفاس».. ليت البعض يرى ما يحصل من حولنا في المنطقة فنتقي الله في بلدنا.

وأمس علمت «المستقبل» أنّ سلسلة دعوات من قوى مسيحية وازنة، أبرزها الرئيس أمين الجميل والرئيس ميشال سليمان، ناشدت بري استئناف الدعوة إلى انعقاد جلسات الحوار لما يمثله من حصانة ضامنة للاستقرار تحول دون انزلاق البلد نحو منزلقات خطيرة تهدد بانفراط عقد التواصل بين المكونات الوطنية.

وكما في عين التينة كذلك في السرايا الحكومية، تلقى رئيس مجلس الوزراء سلسلة تمنيات مسيحية أبرزها من الرئيس سليمان والوزير بطرس حرب وغيره من الوزراء المسيحيين المستقلين، تدعوه إلى الصبر وعدم التخلي عن المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر فيها الوطن تحت وطأة ما يتعرض له من ضغوط طائفية من جانب «التيار الوطني» بهدف تأمين مكاسب سياسية وفئوية تحت عناوين تحاكي في ظاهرها تحصيل حقوق المسيحيين.

في المقابل كان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد يغرد وحيداً خارج السرب الداعي إلى انعقاد الحكومة، متمنياً خلال زيارته سلام إلى إرجاء جلسة مجلس الوزراء المقرر انعقادها غداً إفساحاً في المجال أمام «لملمة الوضع» مع التيار العوني، غير أنّ مصادر حكومية نقلت لـ«المستقبل» أن «رئيس الحكومة متمسك بصلاحياته الدستورية ولن يتنازل عنها»، مؤكدةً عزمه على عقد جلسة الغد من دون أن يحسم بعد ما إذا كان ينوي الخوض في بحث جدول أعمالها أم أنه سيحوّلها إلى جلسة نقاش سياسي حول ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.

وتزامناً، جزم وزير التنمية الإدارية نبيل دي فريج إثر زيارته السرايا الحكومية أمس أنّ جلسة الحكومة قائمة غداً، مبدياً لـ«المستقبل» رفضه لكل أشكال المقاطعة السائدة حالياً في العمل السياسي والمؤسساتي. وفي حين استغرب كيف أنّ «رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل يدعو إلى تطبيق مبادئ لا يطبقها على مستوى تياره خصوصاً ما يتصل منها بمواضيع الحرية والديموقراطية والتمثيل الصحيح»، لفت دي فريج إلى كون «باسيل الذي يُطالب بالتمثيل المسيحي الصحيح هو نفسه سبق أن ترشح مرتين في الانتخابات النيابية عن قضاء البترون ولم يحالفه الحظ، كما أن هناك في كتلة تياره نواباً فازوا بأصوات غير مسيحية ومع ذلك لا أحد يعتبرهم لا يمثلون مسيحياً بينما هو لا ينفك يتهم غيره من المسيحيين بأنهم لا يمثلون بيئتهم».

الديار :

«اليوم الميثاقية وغداً الفديرالية»، لا بل ان زوار أحد المراجع ينقلون ان الميثاقية انما هي الفديرالية، واليوم يتولى الوزير جبران باسيل تعريتها قطعة قطعة.
القرار هو مواجهة التيار، واذا كان العماد ميشال عون قد قرر الانتحار، فلن ندعه يذهب بلبنان الى الانتحار، ومقولة شمشون «علي وعلى اعدائي (واصدقائي) يا رب»، غير مسموح الوصول اليها على الساحة اللبنانية.
هذا الكلام يتردد في أكثر من محفل سياسي، مع التساؤل ما اذا كان الجنرال الذي يطرح نفسه رئيساً لكل لبنان يحاول ان يطرح نفسه الآن كـ«قائد لتحرير المسيحيين من الفتح الاسلامي»، وهو الذي يعلم اي نوع من المصائب يتخبط فيها المسلمون سنّة وشيعة.
في الغرف المقفلة ان الذي حدث حتى الآن نصف انتحار، ورئيس التيار الوطني الحر يدفع في اتجاه النصف الاخر من الانتحار، وثمة دعوة الى انقاذ الجنرال من ايدي (أو براثن) صهره.
لا بل ان هناك من يسأل أين هو الصهر الاخر العميد شامل روكز وما اذا كان يراهن على سقوط عون وباسيل معاً ليتسلم قيادة التيار الذي يبدو انه يدور من مكان آخر، ودائما باتجاه الانغماس في اللعبة الخطيرة، وليس من الرابية.
قطب في 8 آذار قال لــ«الديار» «بعد الذي سمعته من باسيل، افضل انتخاب سمير جعجع على انتخاب ميشال عون»، ليضيف «على الأقل جعجع قال انه ضد الانزلاق الى الشارع وما وراء الشارع، وقال انه ضد الفراغ في قيادة الجيش، وضد اسقاط الحكومة باعتبارها خط الدفاع الأخير عن الدولة».
اوساط سياسية مختلفة الاتجاهات وتسأل أين البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في كل ما يجري، وهو يهدد الاستقرار الامني والسياسي، ويدفع البلاد نحو الهاوية، ودون ان يكون هذا الوقت هو الوقت الملائم لاثارة مطالب او مسائل على هذا المستوى من الحساسية الطائفية، فيما السنّة والشيعة يقفون وراء المتاريس.
حديث لأحد المطارنة بأن الامور تبحث في العمق. هناك اتجاهان، احدهما يقول بوضع النقاط على كل الحروف وتحميل الصراع الاسلامي - الاسلامي مسؤولية الفراغ الرئاسي، وربما الاعداد لاحداث تغيير في هيكلية السلطة.
اما الاتجاه الآخر فيقول انه لا يمكن لبكركي الا ان تكون مع «المطالب المسيحية المحقة»، لكن ما يجري حالياً لا يتعلق بمطالب المسيحيين وانما بمطالب فئة مسيحية محددة.
هذا لا ينفي التساؤل الذي من قبيل «هل من المنطقي ان يكون اسم رئيس الجمهورية عالقاً بين شفتي الرئيس سعد الحريري الذي اذا قال كن فيكون، دون اغفال الفريق الآخر ومشاركته في تعطيل العملية الدستورية».
هذا لا يمنع من التساؤل عن الخلفيات التي تحمل القوى السياسية على اقصاء  عون او الغائه، حدث في الانتخابات النيابية عام 2005 فكان التسونامي الذي تنبأ به النائب وليد جنبلاط، وفي مؤتمر الدوحة في أيار 2008 كان باستطاعة الجنرال ان يصل بخطوة واحدة الى قصر بعبدا لكنه آثر التضحية.
والمتسائلون حتى بين خصوم رئيس تكتل التغيير والاصلاح يعتبرون انه عندما يستبعد القائد المسيحي القوي عن رئاسة الجمهورية، يبدو ان المطلوب هو الاتيان برئيس للجمهورية «يشبه الكرسي الذي يجلس عليه»، أي الرئيس الفخري الذي تلعب به الرياح، ويلعب به المستشارون، وتلعب به حقائب المال الوافدة من الخارج، ليمارس سياسة الفتات داخل السلطة.
وهناك جهات مسيحية، بما فيها جهات روحية، ترى ان المادة 49 من الدستور انما تضع رئيس الجمهورية داخل الزنزانة، لا موازاة بين الصلاحيات والمسؤوليات، لا بل ان الرئيس يبدو وكأنه رهينة في يد مجلس الوزراء.
هذه الجهات تضيف انهم يخافون من ان يحطم الجنرال قضبان الزنزانة، لتشير الى أن احد أسباب الأزمة تهميش المسيحيين الذين لو كان لهم دور فاعل في الجلسة السياسية لكان باستطاعتهم ان يضطلعوا بدور هام في الحيلولة دون السنة والشيعة صدام، حتى على المستوى السياسي...
وفي نظرها، فان عون يرفع الآن الشعارات الطائفية لأنه يشعر كما لو أن هناك خلفية فلسفية وراء كل ما يجري، اي الغاء اي شخصية مسيحية قوية. ميشال عون دفع الى المنفى (15عاماً)، وسمير جعجع بقي في الزنزانة 11 عاماً، وامين الجميل جاء من المنفى بصفقة محددة، اما بشيرالجميل فقد سقط تحت الانقاض، حتى ان ريمون اده لم يجد بداً من تمضية سنوات طويلة في احدى الغرف في فندق باريسي.
وتشير الجهات اياها الى ان المشكلة هي في طريقة تسويق الشعارات العونية، لتضيف ان باسيل ليس بالشخصية التي تستسيغها قوى سياسية مختلفة، كما انه يتكلم بلغة المطرقة دون ان يمتلك لا شخصية زاباتا ولا شخصية غيفارا.
وفي التيار الوطني الحر قناعة بأن عون شخصية غير قابلة للتواطؤ او للتعايش مع الفساد، حتى وان اضطر الى التعايش مع بعض الحاشية، خطيئته الكبرى انه ضد الفساد حتى انه يقيم في منزل ليس ملكه فيما ساسة آخرون  استنسخوا في قراهم القصور التاريخية، وهناك وزير سابق فكر في قصر على غرار قصر التويليري او فرساي في فرنسا. اكثر من ذلك، شخصية سياسية حاولت استنساخ الكرملين على مساحة واسعة من الارض في احدى المناطق الجبلية.
وزير في تيار المستقبل قال لـ«اليار» «اننا نعوّل كثيراً على دور يضطلع به «حزب الله» لاقناع عون بأن يأخذ بالاعتبار الظروف التي يمر بها لبنان كما تمربها المنطقة».
اضاف «ان كل ما يحصل الآن لا يوصل الى قصر بعبدا، بل على العكس من ذلك يمكن ان يفضي الى ازمة خطيرة ليس من السهل التكهن بما يمكن ان تفعله بالبلد ومصير البلد»، مشيراً الى «أن موقف الحاج محمد رعد في جلسة الحوار كان هاماً جداً ويبنى عليه من اجل اعادة الامور الى مجراها الطبيعي».
وقال الوزير «حتى الرئىس بري صدم من كلام باسيل الذي بدا كما لو أنه يهدد بالانفصال عن لبنان، من خلال فك الشراكة مع المسلمين، وهذا امر خطير جداً، وأرجو ان تقرأوا بدقة في ما صدر عن رئيس المجلس وكيفية رؤيته للامور في ضوء مواقف التيار الحر».

ـ التمديد لقهوجي ورئاسة الجمهوريةـ

وأكد «أن المسألة تتعلق فقط بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ونحن نؤكد ان قضية التمديد لا علاقة لها البتة برئاسة الجمهورية التي لا بد ان تكون، بالدرجة الاولى، نتاج توافق داخلية، ولا مشكلة في ان يكون هناك دفع خارجي باتجاه هذا التوافق».
وسأل «لمصلحة من ان تستقيل الحكومة عند هذا المفترق الذي نعيشه جميعاً في المنطقة أو هل من المنطقي ان تضع بلادنا في مهب الريح او بالأحرى في اطار البازارات الناشطة هذه الأيام، لا سيما على الصعيد الدولي»؟
في هذه الحال ما هو موقف الرئيس تمام سلام الذي يرصد حركة الاتصالات والذي تلقى اكثرمن اتصال خارجي بعدم كسر الستاتيكو لأن الساحة السورية قد تكون مقبلة على تطورات حساسة للغاية، ويمكن ان تكون لهذه التطورات تردداتها على الساحة اللبنانية.
سلام بدا وكأنه يعيش ازمة وجدانية او أزمة تاريخية. احد المقربين منه قال لـ«الديار» انه يستحضر تجربة والده الرئيس الراحل صائب سلام ليستشف منها كيف كان يمكن له ان يتصرف لو وجد نفسه في موقف مماثل. صائب بيك الذي لم تكن تعنيه الكرسي عند أي اختبار لم يواجه ما يواجهه نجله..
لبنان يمشي على خط رفيع. المنطقة تمشي على خط النار. اتصالات من كل حدب وصوب امس للحيلولة دون اللحظة الوجدانية والتحول الى مأزق وطني. الاستقالة في الوقت الحاضر شراكة في الانتحار.
هذه ليست المشكلة الوحيدة. سلام يريد الثقل المسيحي داخل حكومته. المسألة ليست عددية، وهو يذكر انه عندما شكلت اول حكومة بعد احداث 1958 وضحت بين المسيحيين شخصية فذة مثل يوسف السودا، اعتبرت الحكومة غير ميثاقية (لكن ليس بلغة هذه الأيام) لتتشكل الحكومة الرباعية التي تمثل فيها المسيحيون بالرئىس كميل شمعون وبالشيخ بيار الجميل.
الآن، المسيحيون ممثلون بوزيرين مسيحيين هما سمير مقبل وأليس شبطيني، والواقع انهما يمثلان الرئىس ميشال سليمان الذي يعترف ان حيثيته الشعبية محدودة للغاية، وبالوزير بطرس حرب الذي اذ هزم الاحزاب في المعركة البلدية في تنورين، فان مداه الجيوبوليتيكي هو بين الجرد والساحل في البترون.
الوزيران رمزي جريج وسجعان قزي لا يدّعيان انهما يلامسان شعبية من اتى بهما، اي النائب سامي الجميل، والوزير ميشال فرعون الذي ينتمي الى عائلة تاريخية في الاشرفية لا يستطيع، وبالرغم من كل خدماته، الا الاعتماد على الحلفاء في الاحتفاظ بمقعده النيابي، وكذلك الوضع بالنسبة الى  الوزير (المركيز) نبيل دو فريج.

ـ كاريزما سليمان بيك ـ

ويبقى الوزير روني عريجي، تيارالمردة موجود في العديد من المناطق اللبنانية، لكنه لم يستطع ان يحصل على مقاعد نيابية سوى في زغرتا، دون الكورة والبترون وحيث يمتد نفوذ العائلة، وان كان احد لا ينكر الكاريزما والروح الشعبية التي يتمتع بها «سليمان بيك».
وهنا يقول وزير صديق لسلام ان هذا الاخير يدرك تماما ما هي العوائق التي تحول دون انتخاب عون رئيساً للجمهورية. المسألة ليست في يده، ولا في يد الرئيس سعد الحريري، حتى ان هناك من يشترط (لاحظوا بساطة الشرط) على الجنرال ان يقنع «حزب الله» بالخروج من سوريا. حينذاك تقدم له رئاسة الجمهورية على طبق من الذهب، وليس فقط على طبق من الفضة...
حين يقال هذا، على من يقفون الى جانب عون في السباق الى رئاسة الجمهورية ان يدركوا ان انتقاله الى قصر بعبدا يقتضي حدثاً او تحولاً اقليمياً كبيراً وكبيراً جداً، ألا يكفي التحول في الموقف التركي، وان بدا ان رجب طيب اردوغان يتكلم بلغة، وأن رئيس وزرائه بن علي يلدريم يتكلم بلغة أخرى عن سوريا؟

ـ بري : لا حوار الا اذا حصل تغيير ـ

ومن عين التينة نقل الزميل محمد بلوط عن الرئيس نبيه بري قوله امام زواره انه «لن يدعو الى جلسة للحوار الا اذا حصل تغيير في الشكل والمضمون والافكار عند الاخرين، ولن ابادر الى شيء حتى الآن الا عندما يصبح الآخرون حاضرين لحوار جدي وتتبدل الافكار وانا حاضر عندئذ، لاننا نريد ان نعود الى حوار ناجح ومنتج. واضاف: «كنت دائماً أفتش عليهم ولكن اليوم هم يفتشون عليّ».
وتابع: لقد شكل الحوار عنصر اطمئنان في البلد وانتج اموراً كثيرة خلافاً لما يقوله البعض، أكان في موضوع قانون الجنسية او اللامركزية الادارية او تسهيل عمل الحكومة.
وكنا ننتظر من الحوار انتخاب رئيس الجمهورية وقانون الانتخابات وهذا لم يحصل، وجدد بري تأكيده ان السلة التي طرحها وما قلته في مهرجان الامام الصدر في صور هو المخرج من الازمة.
واعرب عن اطمئنانه للوضع الامني. وقال، ان هذا «الموضوع لم يمس» واعرب عن اعتقاده انه بعد توقف الحوار اصبح الحل ليس عندنا بل في الخارج. واذا عدنا له واذا وصلنا الى شيء سيكون هذا معجزة. يعني ان لا لبننة للحل فيغياب الحوار، وقال «انه ليس قلقا على الحكومة» لكنه اضاف «ان هذا الموضوع عند سلام وهو يعرف كيف يتصرف».
بري استهول كلام باسيل واعتبره كلام في الحرب الأهلية، والرئيس امين الجميّل حطّ في عين التينة ليقول ان المنطقة تعيش لعبة الخرائط ونحن غارقون في القشور.
وقال «يا أرباب السياسة، ان لبنان ينتحر، ونحن ننتحر اذا ما استمررنا في هذا المنحى»، مشدداً على ان «لا خيار لنا الا العودة للقاء بعضنا البعض وان نتنازل عن بعض القبح السياسي والطموحات التي تتناقض مع الواقع اللبناني والمصلحة الوطنية».
النائب وليد جنبلاط غرد قائلا: «بعد الافق المسدود بالامس بالرغم من جهود الرئيس بري للوصول الى تسوية لم يعد هناك اي منطق للتفسيروالاقناع»، مضيفا بـاننا بتنا امام «الاضرار الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الفادحة والآتي اعظم».
اتصالات الامس تمحورت حول سبل الخروج من الهاوية، غير ان باسيل اعتبر، عقب الاجتماع الاسبوعي  لتكتل التغيير والاصلاح ان المظلومية ستجعل كل شيء مباحاً»، ملاحظاً ان كل الاشكاليات في لبنان سببها المظلوميات، ونعرف «ان بعض المسلمين استعانوا بالفلسطينيين لازالة المظلومية عنهم، كما ان بعض المسيحيين استعانوا بالاسرائيليين لازالة المظلومية».
اضاف «لعدم تكرار هذه التجارب قررنا التوجه بمشاكلنا الى اللبنانيين، وعدم الاستعانة بالخارج لان الميثاق هو نقطة اللقاء الاساسية»، لافتاً الى «ان الميثاقية ليست مطلباً فئوياً للمسيحيين بل هي حاجة للجميع لانها الضمانة والحماية».
وكان المجلس السياسي للتيار الوطني الحر قد اعلن، في اجتماعه الشهري امس، و«وضع خطة سياسية  واعلامية وشعبية بغية تنفيذها بالتدرج كتعبير عن الرفض القاطع لكل ما وصلت اليه الاحوال في النفايات والشؤون الحياتية، وما انطوت عليها الممارسة السياسية من مس بالكرامة الوطنية الجماعية».

الجمهورية :

الصورة قاتمة ما بعد تعليق الحوار، والضباب السياسي يتراكم على كل المستويات وليس ما يؤشّر الى إمكان انقشاع الرؤية في المدى المنظور، خصوصاً مع النيات التصعيدية المتدحرجة من الرابية على كل المشهد السياسي، وغياب الأفق لأيّ اتفاق قريب بين المرشحين الرئاسيَّين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية بعد موجة التوتر الاخيرة في الحوار. وفي ظلّ الحديث عن وساطات بين الطرفين، يتابع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إتصالاته الداخلية والخارجية من اجل تحقيق أي خرق رئاسي محتمل، في وقت علمت «الجمهورية» أنّ اجتماع مجلس المطارنة الموارنة الذي يعقد كل اربعاء من اوّل شهر قد تأجّل نظراً الى وجود عدد من المطارنة في الخارج .

دخلت النيّات التصعيدية في الساعات الماضية في سباق مع الوساطات التي بدأت على اكثر من خط لنزع فتائل التوتير، خصوصاً انّ الجلسة الحوارية أشعلت التوتر السياسي ما بين «التيار الوطني الحر» من جهة وبين تيار «المردة»، وفتحت الباب على اشتباك مفتوح وبلا سقف زمني.

صار محسوماً انّ الحوار الوطني بات الضحية الاولى لهذا التوتر، والعين في الوقت على الحكومة التي تتزايد الخشية لدى مستويات سياسية من ان تهبّ عليها رياح الاشتباك.

واذا كان حال الحوار المعلّق و«اللامطلق حتى الآن»، فإنه على رغم التعليق الذي يستبطن نظرياً فسحة لإعادة إطلاقه ولو بعد حين، قد دخل فعلاً الى مدار الوقف النهائي له، الّا اذا حدثت «معجزة»، تحمل راعي الحوار الرئيس نبيه بري الى اعلان ولادة الحوار من جديد وإطلاقه.

وعلمت «الجمهورية» انّ هاتف عين التينة لم يتوقف عن الرنين في الساعات الماضية، وتلقّى رئيس مجلس النواب تمنيات من قيادات سياسية ورؤساء سابقين بأن يبقى حبل الحوار موصولاً باعتباره الفسحة المتبقية أمام القوى السياسية للقاء المباشر والحوار.

الّا انّ هؤلاء لمسوا انّ العودة الى الحوار ليست بالشكل السهل وهكذا من دون ايّ تبديل او تعديل. فبرّي بَدا انه ليس مستعجلاً، بل قرّر ان ينتظر، ولن يبادر الى أي شيء، الّا اذا ضمن النجاح المسبق لأيّ حوار قد يدعو اليه، وهذا يفترض تغييراً في الشكل والمضمون، اذ لا يكفي ان نعود الى الحضور على طاولة الحوار ونعود الى تكرار النغمة ذاتها.

وفي هذا السياق، قال بري امام زوّاره: الكرة ليست في ملعبي بل هي في ملعب الآخرين. الحوار ضروري، وما هو ضروري اكثر هو الحوار الناجح والمنتج، وعندما يصبحون جاهزين لحوار جدي ومُجد فأنا حاضر لأعلن استئناف الحوار، كنت في السابق أبادر واطرح افكاراً، وابحث عنهم، واعتقد انه من الآن وصاعداً هم سيبحثون عنّي لمعاودة الحوار.

ولم يُبد بري تخوّفاً على الحكومة، وقال: المهم حالياً هو الحفاظ على المسألة الامنية ولديّ اطمئنان بأنّ هذه المسالة لن تمس، ولكن ما يجب ان يعلمه الجميع انه مع توقّف الحوار كسرنا لبننة الحل، وبالتالي دفعونا الى انتظار الخارج لكي يأتي ويجد لنا الحل. انا أخشى من اننا قد وصلنا الى هذه المرحلة الّا اذا حصلت «المعجزة اللبنانية» وعادوا الى صوابهم».

حراك «الحزب»

وعلى خط مواز، بدأ «حزب الله» حراكاً للملمة الوضع الذي استجدّ واحتواء التوتر المستجدّ بين حليفيه «التيار الوطني الحر» و»المردة»، وكذلك محاولة إعادة ترميم البيت الداخلي وعلاج التحالفات، خصوصاً انّ التوتر المتفاقم بين حليفيه هَدّد هذه التحالفات بمزيد من الاهتراء والاهتزاز والتملّع.
وفي هذا السياق، بادرَ الحزب في الساعات الماضية الى التواصل مع عين التينة، وكذلك مع الرابية حيث اوفد اليها مسؤول وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا، وقبل اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير»، حيث التقى رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل.

الّا انّ الاجواء التي احاطت هذا اللقاء لم تفض الى ايجابيات، بدليل الموقف التصعيدي والتلويح بالشارع، الذي أعلنه باسيل بعد اجتماع «التكتل» حيث قال انّ «هذا التعاطي لا يمكن ان يستمر على ما هو عليه و«التيار» لا يمكن ان يكمل بالحوار في ظل هذه الظروف». وأضاف: «نحن لسنا فئة ثانية... سنصحّح هذا الأمر المعوج بكل الوسائل السياسية والشعبية».

وكان المجلس السياسي في «التيار» وضع خطة سياسية وإعلامية وشعبية، بغية تنفيذها بالتدرّج، ودرس الخطوات العملية التنفيذية التي يتوجّب الاستعداد لها «على أن تكون أهدافها تطبيق الميثاق، ولا تكون لها حدود سوى الكرامة والحرية».

 

اللواء :


الاستقالة في جيب الرئيس تمام سلام، لكن «المحافظة على ما تبقى من الدولة»، هو الذي يحول دون تقديمها، والاستمرار في تحمل المسؤولية الوطنية، في الظروف السياسية، المعقدة والصعبة، في ظل تمادي الشغور الرئاسي، ودخوله العام الثالث من دون أفق لا في أيلول ولا في العقد النيابي العادي أو حتى بعده.
هذه الانطباعات أباح بها أحد الوزراء البارزين، والذي التقى الرئيس سلام على هامش حركة المشاورات التي أجراها، بعد تعليق الحوار، والانتقال، إلى التصعيد من قبل «التيار الوطني الحر».
وسط صدمة تعليق الحوار وارتداداته على حياة النّاس، ومصالح الدولة ومؤسساتها والاحتياجات المالية للجيش والقوى الأمنية، لتسيير الخدمات من كهرباء ورواتب وسوى ذلك، مضى التيار العوني بربط نزاعاته الداخلية، ليس مع طاولة الحوار أو الحكومة أو سائر مؤسسات الدولة، بل أيضاً مع «الشركاء» من باب «الميثاق» و«الميثاقية»، والعقد والعقود إلى آخر التسميات والبطولات والمتاهات.. والمحاولات والكيانات، وحفلة الانتساب إلى التيار الوطني الحر الاثنين المقبل في بلدة غزير.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة على موقف الرابية، ان الخطوة المقبلة من التصعيد العوني المتدرج خلال شهر أيلول، والذي يبلغ ذروته في 13 تشرين الأوّل، ستتحدد وفقاً لانعقاد جلسة مجلس الوزراء غداً، أم تأجيلها.
مجلس الوزراء
حتى ساعة متقدمة من مساء أمس، كانت المشاورات التي أجراها الرئيس سلام في السراي الكبير، تلتقي عند التأكيد ان جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس لا تزال في موعدها.
وكان الرئيس سلام التقى تباعاً الوزراء سمير مقبل، نهاد المشنوق، بطرس حرب، وائل أبو فاعور ونبيل دو فريج، حيث تركزت التداولات مع الوزراء على تقييم الموقف في ضوء السجالات والنتائج السلبية التي انتهت إليها جلسة الحوار الوطني التي انعقدت في عين التينة الاثنين المقبل.
وفيما رفض الوزير حرب تأجيل الجلسة، رفض مصدر وزاري مسيحي في اتصال مع «اللواء» بصورة قاطعة تأجيل جلسة مجلس الوزراء، واصفاً الكلام عن فقدان الميثاقية بالأمر المرفوض، مؤكداً أنه من المعيب اخذه «كقميص عثمان»، وقال المصدر: «الجلسة يجب ان تنعقد في موعدها وعلى الرئيس سلام عدم الخضوع للإبتزاز العوني الذي لم يعد يعرف حجمه الطبيعي».
وفي السياق، رفضت مصادر أخرى، ان يتحكم «التيار الوطني الحر» بالبلد، واستبعدت ان يأخذ مجلس شورى الدولة بالطعون التي تقدّم بها بعض الوزراء العونيين، والتي تؤدي إلى شل السلطة التنفيذية، وتعطيل مصالح النّاس.
وحسب معلومات هذه المصادر أن وزيري «حزب الله» محمّد فنيش وحسين الحاج حسن، لن يقاطعا جلسة مجلس الوزراء التي يندرج على جدول أعمالها 111 بنداً والتي ستعالج البنود انطلاقاً من روحية الجلسة الماضية مستبعدة ان تتم أية تعيينات خلال الجلسة لا سيما تعيين رئيس جديد للجامعة اللبنانية.
وكشفت مصادر سياسية ان «حزب الله» الذي يعتبر همزة الوصل بين «التيار الوطني الحر» الذي يرتبط معه بتحالف، وسائر المكونات السياسية والحكومية، بدأ بإجراء اتصالات عاجلة لاحتواء الوضع انطلاقاً من النقاط التالية:
1- أن الحزب ليس في وارد مجاراة عون لا في الميثاقية ولا في مقاطعة الحوار، ولا في مقاطعة جلسات الحكومة.
2- أن الحزب ينظر بعدم الارتياح إلى تحول الأزمة السياسية إلى مشكلة مستعصية على الحل وهو يطالب بوقف المماحكات والنزالات الدستورية والسياسية والميثاقية.
3- أن الحزب يطالب بالوقوف على خاطر «التيار العوني» من زاوية ان الوحدة الوطنية هي المطلوبة في هذه المرحلة، وهي أساس الاستقرار الميداني والسياسي، داعياً لما وصفه «بشراكة وطنية وبحكم لبنان بالتوازن»، بتعبير رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد.
وفي السياق أكّد الوزير فنيش ان «حزب الله» حتى الآن سيشارك في جلسة الحكومة المقررة بعد غد الخميس.
في هذا الوقت، ينقل عن الرئيس سلام انه ليس في وارد التصعيد، وأن وجوده على رأس حكومة المصلحة الوطنية يحكمه الدستور، وتمسك الرأي العام ببقاء الحكومة، وهو غير معني بأي شأن آخر.
اما زوّار عين التينة، فنقلوا عن رئيس المجلس انه قدم قسطه للعلى وهو على استعداد لتعيين موعد جديد لطاولة الحوار إذا ما بلغته ضمانات اكيدة بأن القوى السياسية تريد العودة إلى الطاولة لا لتقطيع الوقت، وإنما لإنجاز جدول أعمال يتعلق بقانون الانتخاب، ومجلس الشيوخ وسائر الأمور الأخرى.
أما «تيار المستقبل» فعبّرت عن موقفه أمس، «كتلة المستقبلس حيث عبّرت عن أسفها لتعليق طاولة الحوار، متهمة «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» بتضييع فرصة الحوار على لبنان من أجل حل المشكلات عن طريق الحوار الوطني.
ورأت الكتلة أن تطبيق الميثاقية فعلاً لا قولاً يكون عبر المشاركة في أعمال الحكومة وليس بالإمتناع عن الالتزام بالقواعد الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية.
وأكدت أن الالتزام بالدستور هو الذي يحافظ على الميثاقية، سواءً فيما خصّ بالمناصفة تحت سقف الشراكة بين المسيحيين والمسلمين، أو تحديد نصاب الجلسات في مجلس الوزراء في اتخاذ القرارات، أو اعتماد سياسة الإنماء المتوازن.
وتخوّف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط من تداعيات الأفق المسدود الذي وصلت إليه هيئة الحوار، متحدثاً عن أضرار إقتصادية ومعيشية فادحة وأن الآتي أعظم، متسائلاً كيف ينجح العقلاء بحماية الحوار وإخراج لبنان من المجهول في ظل عدم توصل الأطراف الخارجية في لبنان على صيغة معيّنة للخروج من الوضع اللبناني المتأزم.
في هذا الوقت، لم تستبعد مصادر مقربة من الرابية عدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن هذه الجلسة إذا عقدت أو لم تعقد فإن سفر الرئيس سلام إلى نيويورك وفنزويلا من شأنه أن يسهم في تبريد الأجواء.
وأشارت مصادر تكتل التغيير والاصلاح لـ«اللواء» أن أي قرار متوقف على ما يمكن أن يصدر عن الرئيس سلام، لافتة إلى أن أي خيار نهائي حول ماهية التحرّك لم يتخذ بعد، مع العلم أن كل شيء وارد في ما خصّ التحرّك في الشارع أم لا.
وتحدثت عن الذهاب في اتجاه التصعيد على أن تكون قمّة هذا التصعيد في ذكرى 13 تشرين الأوّل وما يسبقها في 12 منه لمناسبة إعطاء بطاقات جديدة للمحازبين، مؤكدة أن المواقف السياسية التصعيدية لن تتوقف رفضاً للاستخفاف.
ولم تؤكد المصادر المعلومات عن اتصالات بين التيار الوطني الحر وحزب الله لتنسيق الموقف، نافية أن يطلب التيار من الحزب أي شيء، وقالت «نحن شركاء في الوطن ولن بدّ من الأخذ برأينا كما يجب».
وكشفت معلومات لـ«اللواء» عن دراسة موضوعية يجريها التيار الوطني الحر لخطوات مرتقبة تأتي في إطار المظهر الديمقراطي دون أن تكون غير محسوبة أو في غير وقتها نظراً للظروف الصعبة التي تشهدها البلاد.
إجتماع الداخلية
بيئياً، إنتهى الاجتماع الذي دعا إليه وترأسه الوزير المشنوق للفريق الفني المركزي لمؤازرة وزارة الداخلية والبلديات والإشراف على حُسن تطبيق خطة معالجة النفايات المنزلية الصلبة، بحضور الوزير المكلف بخطة النفايات وزير الزراعة أكرم شهيّب، ورئيس حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان، ورئيسة بلديات المتن الشمالي ميرنا المرّ، ورئيس بلدية الجديدة - البوشرية - السد أنطون جبارة، وممثلين عن الوزارات المعنية ومجلس الإنماء والاعمار، إلى إعادة الكرة إلى ملعب «حزب الكتائب».
وقال الوزير شهيّب الذي تحدث عن نتائج الاجتماع أنه إذا أزال «حزب الكتائب» خيمة الاعتصام أمام مطمر برج حمود فإن عملية رفع النفايات تبدأ اليوم.
مصادر المجتمعين كشفت لـ«اللواء» عن ليونة أبداها النائب بقرادونيان الذي قال بعد الاجتماع أنه «قبلنا بخطة الحكومة لمعالجة النفايات، وكي ننقذ البلد من أزمة سياسية».
وأشارت هذه المصادر إلى أن الأولوية هي رفع النفايات من الشوارع وإزالة جبل لنفايات في برج حمود، وهو المطلب الذي وافق عليه المجتمعون على أن تتخذ جملة إجراءات أبرزها:
1- تخفيض المرحلة الانتقالية من 4 سنوات إلى سنتين.
2- إنشاء بحرية بيئية تتولى متابعة المطمر في البحر، بما يمنع التلوث.
3- إطلاق يد البلديات في معالجة النفايات الخاصة بها.
4- الموافقة على أن ترسل البلديات المهندسين والخبراء لمتابعة تنفيذ الخطة الحكومية سواءً في ما يتعلق في عملية التخرين أو رفع النفايات من الشوارع، أو استحداث المحارق والمطامر الصحية، بما لا يؤدي إلى إلحاق الأذى بالمياه الجوفية.
وتبلّع رؤساء اتحاد البلديات التي شاركت في الاجتماع أن العائدات المالية للبلديات محفوظة وستدفع مع انطلاق خطة رفع النفاي