لقد كان احتفال حركة أمل في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر هذا العام محطة بارزة في تاريخ حركة أمل من حيث المواقف التي أطلقها الرئيس نبيه بري من جهة ومن حيث الحشود البشرية التي شاركت من جهة ثانية .
أشرنا في مقال سابق إلى كلمة الرئيس بري والمواقف المسؤولة التي أطلقها من مجمل الملفات المحلية والإقليمية وبالأخص الملف السوري الذي كان العلامة الفارقة الأبرز في خطاب الرئيس لجهة الموقف المسؤول والمعتدل الذي أطلقه حول الأزمة السورية والذي دعى من خلاله الى الحل السياسي معتبرا ان ما يحصل في سوريا لا يخدم سوى العدو الاسرائيلي .
لقد تميز الرئيس بري بحياديته طوال الازمة السورية وانحيازه إلى خيار الشعب السوري الذي بدا واضحا خلال كلمته الأخيرة.
ولأن الرئيس بري كان واضحا منذ بداية الأزمة السورية وبصمته الإيجابي في ضرورة تحييد لبنان عن النار السورية وبالتالي تحييد الطائفة الشيعية في لبنان بعدما زُجّ بها في أتون هذه الحرب، كان احتفال حركة أمل هذا العام كاستفتاء شعبي شيعي على وجه التحديد على صوابية خيارات الرئيس نبيه بري وعلى رجحان رأيه فيما خص موضوع الطائفة الشيعية في لبنان، وذلك نظرا لما يمثله الرئيس بري من زعامة لهذه الطائفة على مدى عقود .
لقد كانت الحشود الشعبية المشاركة في الإحتفال والتي قدّرها إعلاميون بما يفوق عن الـ 250 الفا مؤشرا كبيرا على تحول ما في المزاج الشيعي الذي أبدى انسجاما أكبر مع خيارات الرئيس بري ومواقفه التي تخص الطائفة الشيعية، وجاءت هذه الحشود من ناحية ثانية لتؤكد رفضها لكل خيارات القتل والموت التي أُخذت إليها الطائفة الشيعية في لبنان تحديدا .
وفي قراءة سريعة لهذه الحشود المشاركة وهذه المشاركة الواسعة من أبناء الطائفة الشيعية هذا العام فإن ثمة تقدير يوحي بتأييد واسع لمواقف الرئيس بري من الأزمة السورية فيما خص الطائفة الشيعية وبالتالي فإن ذلك يعبر بطريقة أو بأخرى عن رفض الغالبية العظمى من أبناء الطائفة لسياسة حزب الله بالموضوع السوري، تلك السياسية التي جعلت من الطائفة الشيعية وقودا لحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
ومن هنا ينبغي دراسة هذه الظاهرة من قبل المعنيين في حركة أمل والبناء عليها كأساس جديد، والتعامل معها بمسؤولية عالية، واغتنام هذه الفرصة لإعادة العمل على حفظ الطائفة من الإنزلاق وراء المجهول، كما أن على حزب الله أيضا أن ينظر إلى ذلك كمؤشر على أن خياراته السورية لم تكن في يوم من الأيام محل رضى وتقدير في المزاج الشيعي العام وبالتالي ضرورة العمل على معالجة هذا الخطأ في أسرع وقت ممكن وحفظ ما تبقى من هذه الطائفة الكريمة .