أبو كرم الجمّال, قرويّ من قرى جبل عامل,كأهله الطيبين الكادحين,الذين آخى الكدح بينهم وبين شتلة التبغ,حتى ألفوا مرارتها,ألفوا "الميبر والدنك وخيط المصيص 
والسقالة والغلالة والسيبة وود الماي".ألفوا البقرات والدجاجات والحمير والجمال والفدان,وكان كنزهم القناعة ,بصحن مجدّرة مع البندورة من "الحاكورة". 
اشتهر أبو كرم الجمّال , بالكرم والجود والعطاء,مع أنه لا يملك غير جمل وحمار,وهذا دليل على أن الملك لا يصنع قيما أخلاقية,بل قد يكون أحيانا مصدر قلق للقيم. 
فاكتسب من سيرته كنيّة ولقبا,واقتنع بما قسمه الله له,بصحبة حيوان صبور بل هو رمز الصبر,لا يكل ولا يمل,من حمل الاثقال الى بلد لم نكن بالغيه الا بشق الانفس 
حرث به فكان محراثه حتى احترثه,واعتلاه ركوبا مثقلا الامتعة ,ذهابا وجيئة,سنين عددا وهو على هذا الحال,يوفر شيئا فشيئا مؤونة حج بيت الله الحرام,الى ان 
اكتملت الاستطاعة بثمن الزاد والراحلة,فأصبح أبو كرم مصداقا للنّداء الالهي,"وعلى الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا". 
حزم أمره تلبية للنّداء الاحسم,حيث أُذّن بالحج,فسار سيرا سهلا بين سِمَاح القرية,طلبا للصفح عنه,لعل مظلمة قد آذت أحدا من قبل,كعادة أهل جبل عامل حيث يتسامحون 
من بعضهم قبل الذهاب لأداء فريضة الحج,,فجاد عليه أهل القرية سماحا وسماحة,الا أنه لطيبته وبساطته أصرّ أن يستسمح جمله الذي لطالما عذّبه وأثقل عليه حملا 
فتوجّه نحوه قائلا :يا صاحبا غير نافر عني,كنتُ قساً لك فقسوتك,هّلا عذرتني فغفرت لي,فأنطق الله الجمل,كما أنطق كل شيء"يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم 
بما كانوا يعملون". 
فهدّر الجمل وهدهد,ناطقا قائلا:لقد حملت منك ما تنوء منه الجبال ولم أزل,وهو علي كالهينم,وسمعت منك كلاما هالني,لكنه علي كالهينمة,وصنتك أنّى كنت,حيث انك 
لم تصن كرامتي,وعزّ علي جرك لي بحمار.وشرّ من ذلك أنه يحمل أسفارا, افهكذا تفعلون يا بني البشر بمن صبر معكم وعليكم,ووفّى لكم حق الوفاء,أليس من نكد 
الدهر أن ترَ حمارا يجر جملا.؟