أشارت وزيرة المهجّرين أليس شبطيني إلى انها خائفة من انجرارنا الى التقسيم أو الى الفيدرالية في أحسن الظروف، وأكّدت ان الحكومة ستبقى مسؤولة عن تأمين الأمور الحياتية غير الخلافية وعن تصريف الأعمال إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، معلنةً أننا أيضاً قادرون على قلب الطاولة من خلال الاستقالة والاكتفاء بتصريف الأعمال، لكنه ليس الخيار الأصح للبلد في هذه الظروف الصعبة.

وشددت شبطيني في حديث لـ”النهار” الكويتية على اننا بحاجة لرئيس يجيد دوزنة الأمور وفرض التوازن، رئيس غير متحيّز لفئة من الشعب اللبناني، واعتبرت ان النسبية ممتازة إذا ما تم إسنادها إلى سلّة إصلاحات قانونية تضمن حقوق جميع الفئات والطوائف، مطالبةً بسلّة توافقية تترافق مع حسن النية لإخراج البلد من أزماته.

تفاصيل الحديث مع الوزيرة شبطيني في الحوار الآتي نصّه:

بدايةً، ما هي قراءتك لما واجهته الحكومة مؤخراً من جدل حول ميثاقية جلساتها نتيجة اعتكاف وزراء التيار الوطني الحر؟

أعتقد أن هذه الإشكالية تتراجع شيئاً فشيئاً ولن تستمر، خصوصاً بعد الاتصالات بين التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري وسائر الفرقاء. والدستور والقانون صريح من هذه الناحية فلا اعتبار لمبدأ الميثاقية في جلسات مجلس الوزراء، الذي قد يكون غير سياسي تماماً أي عبارة عن تكنوقراط. من هنا فإن النصاب القانوني لا يأخذ إلا بمعيار العددية. فكيف عندما يكون الوزراء الحاضرين متنوعين بين مسلمين ومسيحيين. وبالرغم من أن معيار الميثاقية غير وارد في الحسبان، لكن إن بحثنا عنها نجدها موجودة في هذه الحكومة وفي جلساتها الأخيرة.

أي نتيجة لاعتكاف الوزراء إذاً؟

قانوناً، وبالوقت الحالي، لا يمكن الحديث عن أية نتيجة. فليس لدينا من يستلم استقالة الوزراء. وبالتالي لا انسحاب ولا اعتكاف ولا استقالة. كل ما في الأمر أن هذه الحكومة ستبقى مسؤولة عن تأمين الأمور الحياتية غير الخلافية وعن تصريف الأعمال إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية.

نفهم من كلامك أن الحكومة مستمرة مع تأجيل المواضيع الخلافية مهما حصل؟

بالطبع نعم. هذه الحكومة ستبقى مستمرة بحكم الضرورة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية. وبرأيي يجوز تأجيل المواضيع التي تعتبر خلافية لصالح تسيير الشؤون الحياتية للمواطنين.

مشاكل الفراغ

في الشأن الرئاسي، هل صحيح أن انتخاب الرئيس سيتم حكماً قبل بداية العام المقبل مع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات النيابية؟

طبعاً هذا ما يجب أن يحصل. وشخصياً لا يهمّني الاستحقاق بقدر ما تهمني مصلحة البلد ككل. فمعظم المشكلات التي نعاني منها اليوم سببها الفراغ الرئاسي. لولا الفراغ لما ظهرت بدعة الميثاقية. بالفعل نحن بحاجة لرئيس يجيد دوزنة الأمور وفرض التوازن، رئيس غير متحيّز لفئة من الشعب اللبناني. وأصلاً من يحكي بالميثاقية؟ هو مجرد رئيس حزب، ومن قال ان حضوره هو يؤمّن الميثاقية؟ محبّة بهم، أنصحهم بإعادة النظر في طريقة تعاملهم مع الناس، ومع المسيحيين تحديداً. وليس صحيحاً أنهم يمثلون 94 في المئة من المسيحيين. المسيحيون متنوعون، وأكثرية الشعب اللبناني هي أكثرية صامتة خارج الأحزاب.

هل لديك اية معلومات جديدة بالنسبة للأسماء المطروحة للرئاسة؟

حتى الآن لم ألمس لمس اليد أي تقدّم على هذا المستوى. الخارج يؤثر والتوازن الخارجي يسرّع عملية انتخاب الرئيس في لبنان دون شكّ، لكنني ما زلت مصرّة على الإيمان بأنه بالإمكان لبننة هذا الاستحقاق.

في ملف قيادة الجيش. هل تعتقدين ان التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بات محسوماً؟

يقال ان ثمة اتصالات تجري بين الرئيسيْن نبيه بري وتمام سلام لإقناع المقاطعين او المتمنّعين عن حضور جلسات الحكومة بالحضور لإفساح المجال أمام وزير الدفاع لطرح الأسماء المقترحة من قبله لتولي قيادة الجيش، علّه يتم التوافق على أحدها ونتجاوز هذه المشكلة.

ضد التعيين

وهل يجوز تعيين قائد للجيش بغياب رئيس الجمهورية؟

أنا ضد تعيين قائد الجيش بغياب الرئيس، لكن إذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي تعيين قائد جديد للجيش فلا مانع من ذلك، وعندما ننتخب رئيسا للجمهورية لكل حادث حديث.

وما الذي يضمن ان تكون الأسماء المقترحة من قبل وزير الدفاع مقبولة او متوافَق عليها من قبل الجميع في مجلس الوزراء؟

هذا الكلام مرفوض تماماً. ومن قال ان قائد الجيش يجب أن يحظى بدعم هذا الحزب او الفريق السياسي او ذاك؟ كل العمداء في المؤسسة العسكرية كفوؤون وقائد الجيش يجب أن يكون قائداً لكل الجيش اللبناني، للجيش الوطني.

في ملف الانتخابات النيابية، كل المعطيات تشير الى أن الانتخابات سوف تتم وفق قانون الستين. فما رأيك؟

صحيح أن هذ القانون لا يؤمن التمثيل الصحيح للبنانيين، لكنّه يظهر ميل الشعب اللبناني في كل منطقة، ويغير بعض الوجوه الموجودة في الندوة البرلمانية اليوم.

وهل تعتقدين أن التغيير الأبرز سوف يتجلى في التمثيل المسيحي كنتيحة لتحالف معراب؟

أكرر قولي بأن الأحزاب المسيحية مجتمعةً لا تمثّل أكثر من 25 في المئة من القاعدة الشعبية المسيحية. علينا ان نسمع صوت الغالبية المكوَّنة من الـ 75 في المئة من المسيحيين غير المنتسبين لأي حزب سياسي.

نسبية الطائف

أي قانون انتخابي يؤمن التمثيل الصحيح لهذه الغالبية برأيك؟

أنا مع النسبية التي نادى بها اتفاق الطائف. اما إذا كانت النسبية لا تشكّل كفالة او ضمانة لشريحة معيّنة من اللبنانيين، فعندها لا بد ولا غنى عن السلّة المتكاملة التي تحدّث عنها الرئيس نبيه بري. النسبية ممتازة إذا ما تم إسنادها إلى سلّة إصلاحات قانونية تضمن حقوق جميع الفئات والطوائف. علينا بسلّة توافقية تترافق مع حسن النية لإخراج البلد من أزماته.

حسناً لكن طاولة الحوار فشلت في إقناع الفرقاء بـ سلّة الحل هذه. فإلى أين؟

أنا أشكر الله أنه مازال لدينا طرف خيط يربط اللبنانيين بعضهم البعض. أقصد الحوارات الدائرة بين المسيحيين والحوار بوجهيه السني – الشيعي والوطني العام، وكل شكل من أشكال الحوار الذي يجب ان لا نتخلى عنه وإن تطلب الإتفاق وقتاً طويلا.

لاحظنا في تصريحاتك الأخيرة نوعاً من النقمة على الوضع اللبناني برمّته، على الواقع والطبقة السياسية برمّتها؟

ليست نقمتي بمعنى النقمة على أشخاص معيّنين أبداً. بل أنا أعبر عن الخوف على الوطن. بالفعل أنا خائفة على لبنان الوطن من التقسيم. خائفة من انجرارنا الى التقسيم أو الى الفيدرالية في أحسن الظروف. اما نقمة فلا. حتّى الاستفزاز الذي تعرّضت له من قبل بعض الأشخاص في التيار الوطني الحر (وضع علم التيار أمام منزلها) وصفته بالاعمال الصبيانية. لا أملك أي نقمة تجاه أحد. وأنا أشكر كلّ شخص من التيار الوطني الحر عبّر عن إعجابه بتصريحي الأخير على صفحة التيار نفسها. وبالفعل لا مشكلة لدي معهم ولا مع أي أحد سواهم. بل لدي خوف وقلق على مستقبل لبنان وشعبه. لبنان لجميع أبنائه وهكذا يجب أن يبقى.

لكن ثمة فئة من المسيحيين تعتبر نفسها مغبونة اليوم؟

للأسف ان المارونية السياسية التي أخطأت خلال سنوات قبل الحرب هي التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه اليوم. ظنوا أن البلد لهم وحدهم، وهذا لا يجوز أبداً. علينا بالتوازن والمشاركة الصحيحة.

لاحظنا في كلامك الأخير خوفاً من النزول الى الشارع.. لماذا؟

طبعاً أخاف من خيار الشارع لأننا اعتدنا رؤية المندسين وسط كل تظاهرة في الشارع كيف يعطّلون مطالب المتظاهرين ويمارسون أعمال شغب مختلفة، فضلاً عن ازعاج الناس وتعريض البلد لمخاطر أمنية هو بغنى عنها.

قلب الطاولة

ماذا قصدت عندما قلت نحن من سنقلب الطاولة في حال استمر التعطيل؟

قصدت أننا أيضاً قادرون على قلب الطاولة من خلال الاستقالة والاكتفاء بتصريف الأعمال. ليسوا وحدهم من لديهم القدرة على التعطيل ساعة يشاؤون. وعلى كل حال ليس هو الخيار الأصح للبلد في هذه الظروف الصعبة. أنا وفريق العمل الذي أنتمي إليه سياستنا تأمين الحد الاقصى الممكن من حقوق الشعب اللبناني ومستلزماته.

أخيراً، هل تعتقدين ان لبنان يمر بشبه مخاض او شبه انقلاب صامت للوصول الى مرحلة تأسيسية جديدة؟

إذا ثبت هذا الكلام وثبت وجود نوايا لدى البعض لتغيير نظام الحكم في لبنان، عندها لكل حادث حديث. لكن حتى الآن ما زال امامنا الدستور واتفاق الطائف وكل الفرقاء يصرّون على ممارسة دورهم السياسي تحت هذا السقف، وحتى الآن كل الفرقاء يؤكدون تمسّكهم بالمناصفة المنصوص عليها في اتفاق الطائف، وبالتالي لا يمكن البناء على تكهّنات. ومن هنا شددت القول في سياق حديثي على ضرورة الوصول الى سلّة حل متكاملة مقرونة بحسن النوايا بين الفرقاء.

غنوة غازي- النهار الكويتية