لافروف وكيري يقسمان الغنائم في سوريا , والحريري يتوسط  عند الاتراك , وبري يحمي العونيين من أنفسهم

 

السفير :

اتفقا على انهما مختلفان، أقله حتى الآن. ليلة جنيف الطويلة لم تحمل أخباراً سورية سعيدة بالكامل بعد يوم تفاوض ماراثوني بين الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف. «تفاصيل فنية» تحتاج إلى متابعة من الخبراء، منعت الوزيرين من إعلان اتفاق جديد يرسخ «تفاهمات بوتين ـ كيري» قبل أسابيع، ربما بانتظار تبلور المشهد الجديد بعد الاقتحام العسكري التركي للميدان السوري، ومراقبة ما إذا كان نموذج داريا، سيخلق أثر «الدومينو» في المحيط الدمشقي الملتهب.
كيري تارة يتنصل من «جبهة النصرة» ويؤكد على «إرهابها» وأنها ليست مشمولة بوقف إطلاق النار، وتارة أخرى يقول إن «عزلها» معقد ويحتاج إلى تعاون إقليمي. كيري المستاء من تسوية داريا، اعتبر ان الحكومة السورية فرضت عليها «الاستسلام»، لكن لافروف رد مساجلا أن تسوية تمت بين طرفي الحكومة والمسلحين، وأنهت الاشتباك المستمر هناك منذ سنوات، وستلحقها مناطق أخرى.
لكن الرجلين كرّرا مراراً أنهما أنجزا الكثير، وما زالت هناك تفاصيل فنية عدة تحتاج الى متابعة من خبراء الدولتين والى تعاون أكبر بين غرف العمليات في حميميم وعمان وجنيف، قبل الإعلان عن اتفاق اميركي - روسي كامل حول سوريا، بما في ذلك ترسيخ هدنة شاملة، والانتقال الى التفاوض السياسي. «نحن قريبون» قال كيري، لكنه شدد على ان واشنطن لن تسارع إلى الإعلان عن الاتفاق قبل حسم التفاصيل وشياطينها.
وعلى الرغم من أن اتفاقاً لم يعلن، إلا أن الديبلوماسييْن حرصا أمام الإعلام على إظهار اتفاقهما. لافروف أعلن مرتاحا ان الأميركيين سلموا الروس، للمرة الأولى، لائحة باسماء فصائل وقعت على انضمامها الى «هدنة آذار». الوزير الروسي أظهر رهاناً ما على عملية الغزو التركية في الشمال السوري، عندما أعلن «أي مقاتلة تحلق في سوريا يجب أن يكون هدفها قصف داعش»، وأن «وجود أي قوة أجنبية في سوريا يجب أن يتم بالتنسيق مع دمشق».
وقال لافروف ردا على سؤال حول الغزو التركي، ان هناك العديد من الدول التي دخلت في العملية العسكرية في سوريا، من دون موافقة الحكومة السورية، ودمشق تبدي موقفاً معتدلاً وبراغماتياً، وهي مستعدة للعمل مع كل من يريد محاربة الإرهاب.
وتابع قائلا «أعتقد أن كل من له قوات داخل سوريا، عليه ان يعِيَ انه يجب تبني الأولويات، وهذا لا يحصل من دون مواجهة «النصرة» و»داعش». يجب ان لا نقع في الحفرة نفسها، كما جرى في العراق وليبيا، ويبدو لي ان البراغماتية والاعتماد على المصالح القومية يجب ان يكونا الحاكمين لمواجهة العدو المشترك».
وحول الاكراد، قال الوزير الروسي «العامل الكردي وعوامل أخرى دفعت للوجود التركي في سوريا، فنحن نرى ضرورة مشاركة الأكراد في العملية السياسية بشكل كامل. ليكونوا جزءاً من الحل وليس عاملاً لتقسيم سوريا».
وقال كيري ان «النصرة» تنظيم إرهابي وهي جزء من «القاعدة» وتغيير اسمها لا يغير من جوهرها، وسنتعامل معها مثل «داعش»، معتبرا ان «النصرة» لم تكن جزءاً من نظام وقف العمليات العسكرية، واستهدافها مشروع.
وبعدما ذكر بموقفه القائل بعدم وجود حل عسكري للنزاع في سوريا، قال كيري ان الهدف من محاثات جنيف وغيرها الوصول الى مفاوضات جدية حول مستقبل سوريا. لكنه اشار الى وجود «تفاصيل فنية كثيرة» تحتاج الى الاتفاق، وانه يمكن القول «اننا توصلنا الى قدر من الوضوح» لجعل الهدنة حقيقية ودعوة الأطراف الى الطاولة لمفاوضات جدية وإنهاء الحرب. وأشار الى ان الخبراء سيستكملون في الايام المقبلة، بعض المسائل الفنية الأخرى والخطوات لتعزيز الثقة واقناع الاطراف».
اما لافروف فقال «تقدمنا خطوات عدة مرتبطة بتفاهمات موسكو (بين كيري وبوتين). واضاف «تحدثنا ليس فقط عن حلب وانما ايضا عما حدث في منبج والحسكة وغيرها..... والوضع في العراق واليمن». وتابع ان الخبراء سيعالجون التفاصيل». واكد انه من دون فك الارتباط بين من يسمون المعتدلين و»النصرة»، فانني لا ارى أي فرصة او امكانية لتأمين وقف اطلاق نار دائم ومستمر»

 

النهار :

النتائج التي اعلنها وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري بعد 12 ساعة من المحادثات أتت دون التوقعات، إذ لم يشر الطرفان في مؤتمرهما الصحافي المشترك الى أي تفاهم عدا وجوب مكافحة الإرهاب والعمل لادخال المساعدات الإنسانية الى كل المناطق السورية بما فيها حلب. وقرر الطرفان استكمال المحادثات على المستوى التقني والفني في جنيف خلال الفترة المقبلة.

 

ولم يشكل هذا الاعلان فرصة للمبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا للدعوة الى جولة جديدة من المحادثات، بل ترك هذه المسألة معلقة بدورها بما سيتم التوصل اليه من حيث ادخال المساعدات الإنسانية والعودة الى وقف الاعمال العدائية، وهذان الامران ينتظران حسمها بما ستقوم به الفرق الفنية الروسية والأميركية في جنيف.
ويبدو أن مسألة فك الارتباط بين المجموعات المسلحة المعتدلة و"جبهة النصرة" كما تطالب موسكو لم تجد طريقاً الى التفاهم، فالوزير الأميركي قال ان تحقيق هذا الامر صعب جداً ومعقد وشائك نظراً الى الأوضاع الميدانية وتوزيع القوى على الأرض واختلاطها بعضها بالبعض، لكنه أكد أن "جبهة النصرة" هي جبهة إرهابية مهما اختلفت تسمياتها "فهي مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي ويجب مواجهتها"، وشدد على ان "جبهة النصرة ليست طرفا في اتفاق وقف الاعمال العدائية.
وأضاف "اننا لن نتسرع في التوصل الى اتفاق لأننا لا نريد أي اتفاق بل نريد اتفاقاً يشكل مدخلاً لحل طويل الأمد يرضي الشعب السوري". ولاحظ ان "وقف الاعمال العدائية لا يزال ساري المفعول نظرياً ويجب تطبيقه عملياً والعودة اليه بشكل مطول والبدء بإدخال المساعدات قبل إعادة الأطراف السوريين الى طاولة الحوار"، مكرراً ان لا مكان الا للحل السلمي في سوريا.
أما الوزير الروسي، فقال إن النقاش توصل الى تفاهم على عدد من النقاط التي نوقشت خلال زيارة كيري لموسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين في حزيران الماضي، موضحا ان هذا التفاهم يتمحور حول إرساء وقف الاعمال العدائية والعودة الى محادثات جنيف.
وبرز خلاف بين الطرفين على فك الارتباط بين "النصرة" والفصائل الأخرى. وقال لافروف إن "مجموعات تدعمها الولايات المتحدة تشارك جبهة النصرة في العمليات العسكرية". وأقر بان فك الارتباط مسألة ليست سهلة لكنه رأى انها ليست مستحيلة، مشددا على "انه من دون فك الارتباط مع النصرة فلن نتمكن من تطبيق وقف جدي للاعمال العدائية".
وظهر خلاف في وجهات النظر في مسألة اطلاق المفاوضات السورية مجدداً، إذ قال لافروف إن بدء المفاوضات سيؤثر على الميدان وسيؤثر على المعارضين لهذه المفاوضات، في حين أصر كيري على ان المفاوضات تأتي نتيجة لوقف الاعمال العدائية وإدخال المساعدات.
وخلال الحوار الثنائي الذي دام نحو 12 ساعة انضم دو ميستورا مرتين الى اللقاء، قبل الظهر ومساء. ولم يصدر أي تعليق عن المبعوث الاممي على مسار النقاش. وكان دو ميستورا ينتظر من اللقاء الثنائي التوصل الى تفاهمات تسمح له بالبدء بالتحضير لجولة جديدة من الحوار، وبالتحديد كان المبعوث الاممي ينتظر التوصل الى تفاهمات على ادخال المساعدات الإنسانية الى كل المناطق المحاصرة والى حلب وإعادة العمل بقرار وقف الاعمال العدائية.
وناقش الطرفان ثلاثة مواضيع رئيسية: الاو - التنسيق بينهما في الحرب على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) وخصوصاً بعد دخول القوات التركية بلدة جرابلس والحديث عن أن هذه القوات، التي سيتضاعف عددها الى أن تصل الى حدود 15 الف رجل ، ستبقى في الأراضي السورية إلى أجل غير محدد، استناداً الى تصريحات المسؤولين الاتراك. والثاني - فك الارتباط بين "جبهة النصرة" و"أخواتها" (توصيف اخواتها استخدمه دو ميستورا خلال اجتماع المجموعة الدولية بعد ظهر الخميس)، والمجموعات المعارضة "المعتدلة". والثالث - الأوضاع الميدانية والإنسانية في مدينة حلب وسبل تطبيق هدنة الساعات الـ48 التي تطالب بها الأمم المتحدة لادخال المساعدات الى شطري المدينة.

 

المستقبل :

أكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن تركيا لن تتراجع عن مكافحة الإرهاب وأن عملياتها في شمال سوريا مستمرة حتى القضاء على الإرهابيين، مشيراً إلى أن المجموعات الإرهابية تحاول تكثيف عملياتها بعد العملية التركية «درع الفرات» التي تمكنت خلال ساعات قليلة من السيطرة على مدينة جرابلس السورية. 

وجاءت تصريحات الرئيس التركي في كلمة ألقاها خلال مراسم افتتاح جسر السلطان ياووز سليم بمدينة اسطنبول، أمام حشد جماهيري تقدّمه مسؤولون سابقون وحاليون وزعماء عرب وأجانب من دولٍ عدة، بينهم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس سعد الحريري ورئيس المجلس الرئاسي في البوسنة والهرسك بكر عزت بيغوفيتش، والرئيس المقدوني جورجي إيفانوف، ورئيس شمال قبرص التركية مصطفى أقنجي، ورئيسا وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف، وولاية بنجاب الباكستانية شهباز شريف، ومساعد رئيس وزراء جورجيا ديميتري كومسيسيهفيل. 

وجاء كلام اردوغان خلال افتتاحه جسر السلطان سليم الأول، وهو الجسر المعلق الثالث على ضفتي البوسفور، بمثابة رد على العملية الإرهابية التي نفذها «حزب العمال الكردستاني» أمس وأسفرت عن مقتل 11 شرطياً تركياً، وبعد التدخل العسكري التركي المباشر دعماً للجيش السوري الحر في شمال سوريا حيث قام بتحرير مدينة جرابلس وعدد من القرى المحيطة بها من التنظيم الإرهابي.

وأكّد اردوغان «أنّنا سنواصل عملياتنا في شمال سوريا حتى نقضي على كافة التنظيمات الإرهابية هناك. من تنظيم «بي كا كا» (الكردي) و»داعش» وجماعة (فتح الله) غولن الإرهابية»، وأضاف «أقول لهم إن هذه الهجمات التي يقوم بها الإرهابيون، اعدلوا عن ذلك، فإنكم لن تنالوا من تركيا».

وتابع الرئيس التركي أن «وحدة الشعب التركي ووقوفه صفاً واحداً في وجه الانقلابيين ليلة 15 تموز الماضي، حالا دون نجاح محاولتهم»، داعياً في هذا الخصوص كافة أطياف الشعب إلى «نبذ الخلافات والاستمرار في إظهار هذا النوع من التضامن والتكاتف الذي تجلى خلال محاولة الانقلاب الفاشلة«.

وعن محاولات زرع الفتنة بين أطياف الشعب التركي قال اردوغان، «في كل مرحلة يحاولون نثر بذور الفتنة لشق الصف بيننا، تارةً من خلال إشعال فتيل الفتن المذهبية بين السنة والعلويين، وتارة أخرى من خلال إثارة العرقية والقومية بين الأتراك والأكراد، واليمينيين واليساريين».

وأضاف «وبرغم اختلاف المسميات وتعددها فإنّ الهدف كان دائماً واحداً ولم يتغير، ألا وهو إضعاف تركيا«.

وأوضح اردوغان «من خططوا للمحاولة الانقلابية اعتقدوا أنّ القوات المسلحة التركية سيصيبها الضعف حال نجح الانقلاب أو فشله، وعندما اصطدموا بالشعب وباءت محاولتهم بالفشل، استعانوا بمنظمات إرهابية مثل بي كا كا، وداعش، وأظهروا نياتهم الحقيقية تجاه تركيا (في إشارة لهجمات إرهابية عدة شهدتها البلاد أخيراً)».

واستطرد «ولمّا أيقنوا أن تركيا لم تتراجع قيد أنملة عن إصرارها على مكافحة الإرهاب، ولا سيما عندما انطلقت عملية «درع الفرات« في جرابلس السورية، بدأوا البحث عن ألاعيب جديدة، كان آخرها الاعتداء الإرهابي على موكب كمال قلجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري « أول من أمس.

وفيما كانت تركيا تحتفل بافتتاح جسر السلطان سليم، فجر «حزب العمال الكردستاني» شاحنة محملة بـ10 أطنان من المتفجرات في مدينة جيزي على مقربة من الحدود مع سوريا، أسفرت عن مقتل 11 شرطياً وإصابة العشرات بجروح. 

وكان اردوغان تطرق إلى الهجوم الإرهابي هذا وأكد أنه لن يؤدي إلا الى زيادة عزم بلاده على قتال المتشددين. وقال في بيان إن تركيا تقاتل المتشددين «في الداخل والخارج».

وقالت وكالة أنباء الأناضول الرسمية، إن مسلحي «منظمة بي كا كا الإرهابية» (حزب العمال الكردستاني)، استخدموا 10 أطنان من المتفجرات، في تفجير الشاحنة المفخخة الذي وقع في قضاء جيزرة بولاية شرناق، شمال شرقي تركيا.

وأفاد مراسل الأناضول، أن الانفجار خلف دماراً واسعاً في المنازل والمحال التجارية القريبة من مكان الحادث.

ووقع التفجير عند نقطة للشرطة تبعد 50 متراً عن مبنى قوات مكافحة الشغب على الطريق بين شرناق وجيزرة، ما أسفر عن استشهاد 11 شرطياً وإصابة 78 بينهم 3 مدنيين. 

وتبنى حزب العمال الكردستاني الاعتداء الانتحاري في بيان قال فيه إنه يأتي رداً على «العزلة المتواصلة المفروضة» على زعميه المسجون عبدالله اوجلان «والنقص في المعلومات» حول وضعه خصوصاً بعد أن منعت عنه الزيارات.

وتوعد رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم بالرد على منفذي الاعتداء. وقال «التفجير الانتحاري الذي استهدف مركزاً للشرطة في جيزرة هو أحد الهجمات الغادرة لمنظمة «بي كا كا« الإرهابية الانفصالية الدنئية من دون أدنى شك«.

وقال يلدريم في مؤتمر صحافي في اسطنبول «منذ البداية كنا ندافع عن وحدة أراضي تركيا.. نحن أيضاً ندافع عن وحدة أراضي سوريا. إن هدف هذه التنظيمات الإرهابية هو تأسيس دولة لهم في هذه الدول.. لن ينجحوا في ذلك أبداً.» واضاف «سنستمر في عملياتنا (في سوريا) حتى نضمن بالكامل أمن وحياة وممتلكات مواطنينا وأمن حدودنا. سنستمر حتى اقتلاع داعش وغيرها من العناصر الإرهابية من هناك«.

وعبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني في بيان عن «تضامنها وتعاطفها مع الحكومة والشعب التركيين»، مضيفة «سنواصل تعزيز تعاوننا لمواجهة الإرهاب». وأضاف البيان أنها ستزور أنقرة في التاسع من أيلول المقبل «لمناقشة كل المسائل ذات المصلحة المشتركة مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزير الشؤون الأوروبية عمر تشيليك».

ويأتي هذا الاعتداء متزامناً مع اليوم الثالث لدخول القوات التركية الأراضي السورية الذي يستهدف رسمياً تنظيم «داعش» والوحدات المقاتلة الكردية.

وأرسلت تركيا أمس أربع دبابات إضافية الى مدينة جرابلس السورية التي كانت دخلتها فصائل الجيش الحر الأربعاء مدعومة من القوات التركية وطردت مقاتلي «داعش» منها.

ونفى يلديريم مزاعم مفادها أن أنقرة تركز في عمليتها العسكرية المستمرة على الأكراد، معتبراً أنها «أكاذيب». وقال يلديريم رداً على سؤال حول مقال نُشر في أسبوعية «در شبيغل« الألمانية تحت عنوان «العملية التركية في سوريا: تنظيم داعش ذريعة، الأكراد هم الهدف»، قال «إما أنهم لا يعلمون شيئاً عن العالم وإما أن عملهم يقضي بنقل أكاذيب».

الديار :

سؤال برسم المشهد السياسي: سعد الحريري السعودي ام سعد الحريري التركي؟
امس شارك الشيخ سعد في افتتاح جسر السلطان سليم الاول في اسطنبول. لا ندري اذا كان يعلم انه جرى توقيت موعد الافتتاح ليتزامن مع مرور 500 عام على غزو السلطان لسوريا ومنها الى ارجاء المنطقة العربية.
وحين كان الحريري يبتهج بالمناسبة كانت الدبابات التركية تتوغل اكثر فأكثر في الاراضي السورية التي ليست ملكا لنظام بشار الاسد، ولا لأي نظام اخر.
لا بأس، الآن الفوضى تضرب كل شيء. كل ما هو عربي ان في الهاوية او على حافة الهاوية...
ما دام سعد الحريري نجل رفيق الحريري فلا بد انه كان سيرفض طلب رجب طيب اردوغان تعيينه واليا عثمانيا على بيروت الأن خلع الرئيس التركي ملابس السلطان مشكلاته اكثر من ان تحصى.
رئيس تيار المستقبل اعلن وقوفه الى جانب اردوغان ضد الانقلابيين ويقال انه عرض تحريك «اللوبي الحريري» في الكونغرس وخارج الكونغرس من اجل حث السلطات الاميركية على تسليم فتح الله غولن الى انقرة.
هل المهم ان يقف الحريري الى جانب اردوغان ام المهم ان يقف اردوغان الى جانب الحريري من اجل الوصول الى ذلك المبنى العثماني الذي رممه ابوه في وسط بيروت؟
ما يتردد الآن ان الحريري الذي يعاني من الانشغال السعودي في ملفات اخرى والذي يعرف مدى العلاقة التي ربطت والده الرئيس رفيق الحريري بالرئيس التركي عندما كان هذا الاخير قبلة انظار العرب يريد من اردوغان وقنواته مفتوحة على مصراعيها مع طهران ان يقوم بمسعى لدى المسؤولين الايرانيين لحمل «حزب الله»، على اعادة النظر في خياره الرئاسي، وبالتالي فك التزامه بالعماد ميشال عون.
والمعطيات المتداولة تشير الى ان الحريري عرض امام مضيفه التركي المشكلات التي يواجهها داخل تيار المستقبل اذ ان موافقته على ترشيح عون رئىسا للجمهورية يعني ان عليه ان يعتزل السياسة ويقيم على ضفاف البوسفور.
في كل الاحوال ما يتردد في اوساط المستقبل يشير الى ان قيادة التيار تعي حجم المخاطر التي تهدد لبنان كما تعي مدى ارتباط الوضع الداخلي بالخارج ودون ان يكون لدى الحريري شيء ليقوله. الفرنسيون نفضوا ايديهم من الملف حتى ان وزير الخارجية المصري سامح شكري عندما اتصل امس هاتفيا بنظيره الفرنسي جان - مارك ايرولت باحثه في جملة من القضايا الشرق اوسطية...
وهذا يعني ان لبنان فرنسيا ومصريا، ليس على اجندة البلدين اللذين يفتقدان على كل حال اي دور فاعل ومؤثر في المنطقة، الازمة اللبنانية المتعددة الابعاد والتي تهدد فعلا، باضمحلال الدولة تعالج هاتفيا وهامشيا بين القاهرة وباريس...
العاصمتان مقتنعتان وكما يقول مصدر مصري مطلع في القاهرة لـ« الديار» الا مجال لأي حلحلة في الازمة اللبنانية ليس لأن القوى السياسية موزعة على كل الجبهات في المنطقة وانما لغياب الديناميكية الديبلوماسية الدولية والاقليمية.
السعوديون في مكان اخر ولا كلمة عن لبنان، حتى ان السفير السعودي علي عواض عسيري بعيد عن الابصار، فيما يزدهر سوق الاشاعات حول العلاقات الحرجة بين بيت الوسط والرياض، الى حد ان رجل اعمال لبناني ينقل عن مسؤول سعودي على علاقة وثيقة بالبلاط تساؤله ما اذا كان الحريري هو الرجل المناسب في السرايا الحكومية.
الان الساحة متروكة لكل التكهنات ولكل الاستنتاجات اردوغان منهمك في مشكلاته الداخلية ومع ذلك يمكن ان يقوم بمسعى ما مع طهران وان توقف المراقبون امام بيان كتلة الوفاء للمقاومة في اجتماعها الاخير فهي ذكّرت بكلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله حول الانفتاح على الحريري فيما يتعلق برئاسة الحكومة.

ـ الخروج من وكر الدبابير ـ

في 8 آذار يقولون ان ثمة جهة خارجية هي التي تتولى وبالخيوط، ادارة الاتجاهات كما ادارة المواقف في تيار المستقبل. حتى الان لا موقف من الحريري لا بل انه ترك لبعض نواب وقياديي المستقبل ان يخرجوا من وكر الدبابير بعد انتظار نحو 24 ساعة على كلام السيد نصرالله ويدلوا بتصريحات تظهر بوضوح انها مبرمجة ومنسقة وتريد القول باستحالة اي صفقة او تسوية حول رئاسة الجمهورية او رئاسة الحكومة في الوقت الحاضر.
في هذه الحال على العماد ميشال عون ان يأخذ علما بأن الحصان الابيض لا يزال بعيدا من الباب.
السؤال الان هل يستطيع الجنرال ان يفتح ثغرة في جدار الازمة ام ان الضربات على الحائط تنعكس سلبا على التيار الحر كما على اللبنانيين بوجه عام؟
اوساط سياسية وتقول ان الكلام الذي صدر عن الوزير جبران باسيل ووزراء ونواب اخرين جعل عون ينتقل من الهالة الوطنية كمرشح وفاقي وعلى  مسافة واحدة من الجميع الى الهالة المسيحية.

ـ ما بين القصر والصومعة ـ

ومن مرجعية اسلامية هذا الكلام لـ «الديار» على الجنرال ان يعلم ان ثقافة القصر هي غير ثقافة الصومعة ومن يريد ان يكون رئىسا للبنان عليه ان يتخلى كليا عن ثقافة الطائفة او عن ثقافة الصومعة.
والمرجعية تسأل ما اذا كان عون يستطيع ان يصل الى قصر بعبدا من خلال الشعارات التي رفعها والتي لا شك انها عززت مواقف الرافضين لترشيحه، وجعلت فعاليات سنية تعود الى شكوكها القديمة، حتى ان احد مشايخ طرابلس لم يتردد في القول للمصلين «اننا نريد رئيساً للجمهورية لا بطريركاً للجمهورية».
وهنا يقول وزير مسيحي غير حزبي لـ«الديار» ان الكلمة الأخيرة ستكون للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي بعدما ظهر تباين في المواقف بين النائب البطريركي العام المطران بولس صياح ورئيس اساقفة بيروت المطران بولس مطر حول المسار الذي تأخذه تحركات التيار الوطني الحر.
صياح أيد المقاطعة، وشكك في ميثاقية اي جلسة لمجلس الوزراء تعقد دون تواجد القوى المسيحية الاساسية، ومطر قال انه ضد التعطيل وبالدرجة الاولى دون لغة الشارع.
الراعي يعود الاثنين. وموقفه سيكون حاسماً، وان كانت علاقة عون ببكركي ليست على ما يرام، وثمة من يؤكد بأن الصرح البطريركي الخائف على رئاسة الجمهورية خائف اكثر على الجمهورية، وعلى هذا الاساس لا مجال لأن يماشي القائلين بالسيناريو المتدحرج الذي ينتهي بسقوط الحكومة بقوة الشارع لا بقوة النص.
وكانت معلومات قد ترددت عن رغبة لدى الفاتيكان بأن يحاول الراعي الجمع بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. غير ان البطريرك يعلم جيداً ان «المعركة الحقيقية» ليست بين القطبين المارونيين بل في مكان آخر.

ـ ازالة شبح الجنرال ـ

مصدر وزاري قال لـ«الديار» ان ما يعني عون في الوقت الحاضر هو ازالة شبح الجنرال الاخر من طريقه، ليضيف ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح يشعر بالندم الشديد، ويعتبر ذلك «غلطة العمر» حين قبل بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في 25 آيار 2008، ويفترض بهذه «الغلطة» الا تتكرر في عام 2016، وقد تجاوز عون الثمانين، وبات يعد الأيام بالثواني.
وفي نظر المصدر الوزاري، ما في شخصية مارونية «استماتت» في السباق الى رئاسة الجمهورية الا وسقطت في منتصف الطريق. وهو يقول ان معظم الرؤساء إما انهم وصلوا الى قصر بعبدا تسللاً او انسيابياً او بصفقة او تسوية خارجية.
بالتالي، لا يمكن لعون ان يصل عبر الشارع، ولا عبر الشعارات ذات البعد الطائفي، وهو الذي طرح نفسه منذ عام على انه مرشح التوافق، فاذا به يصف الشريك بالاستئثار والهيمنة مع علمه بأن المؤسسات الدستورية شبه معطلة، وسلبيات المرحلة ترتد على الجميع.
حتى ان هناك جهات متعاطفة مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح تعتبر ان ما يفعله الان هو «انه يضرب رأسه بالحائط»، اذ ان الوقت الحالي ليس وقت انتخاب رئيس للجمهورية، لا بل ان الجمهورية كلها في الثلاجة ريثما يتبلور الوضع في سوريا، وريثما تستقر لعبة الخرائط عند افق أو عند تصور محدد.

 

الجمهورية :

دفعَت سخونة التطوّرات في المنطقة إلى خلط الأوراق، وفرَضت مزيداً من تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب ومعالجة الأزمة السورية، بين موسكو وأنقرة من جهة، وواشنطن وموسكو من جهة أخرى. ولهذه الغاية، اتصَل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، واتفقا على لقاء ثنائي خلال قمّة العشرين المقرّرة في 4 و5 أيلول المقبل في الصين، في وقتٍ دفعَت تركيا بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى مناطقها الحدودية مع سوريا، لدعم عملية «درع الفرات»، مؤكّدةً التصميم على مواصلة عملياتها العسكرية على الجانب السوري من الشريط الحدودي إلى حين تطهير المنطقة من تنظيم «داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى. وفي المقلب الآخر، شهدت جنيف لقاءً بين وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وانضمّ إليهما لاحقاً الموفد الأممي ستيفان دوميستورا، وتناوَل البحث الوضعَ في سوريا والتنسيقَ الأمني بين البلدين لمحاربة «داعش» فيها، ومحاولة استئناف محادثات السلام. وجاء هذا اللقاء بعد انطلاق المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق داريا في غوطة دمشق الغربية، والقاضي بخروج المسلّحين والمدنيين من المدينة، في ما يُخشى أن يكون ضمن عمليات ممنهَجة لتغيير ديموغرافي قسري في سوريا.

قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ «تداعيات الحدث التركي التي تمثّلت بالانقلاب الفاشل وما تلاه، أعادت خَلط الأوراق في المنطقة عموماً، وفي اتّجاهات يتوقع أن تؤدي مفاعيلها عاجلاً أم آجلاً، إلى فرض حلول وتسويات للأزمات الإقليمية.

إلّا أنّ ذلك لن يبدأ إلّا بعد الإجهاز على «داعش» وأخواتها في سوريا والعراق، فضلاً عن بلوَرة حلّ للأزمة اليمنية يبدو أنّه تمّ إطلاق يد الولايات المتحدة الأميركية فيه، بدليل ما قاله وزير الخارجية الاميركي جون كيري إثر محادثاته مع المسؤولين السعوديين في جدة، من أنّ حرب اليمن يجب أن تنتهي في أسرع وقت. وقد جاء هذا الموقف الأميركي عقب سحبِ واشنطن مستشاريها العسكريين من السعودية، والذين كان لهم صلة بشكل أو بآخر بإدارة الحرب في اليمن.

وتعتقد هذه المصادر الديبلوماسية «أنّ هذه التطوّرات أدخلت أزمة لبنان في حالٍ مِن الجمود إلى أجلٍ غير مسمّى، مِن دون أن تلغي عنصرَ المفاجأة الذي يمكن أن يبرز في أيّ لحظة، خصوصاً أنّ لبنان مدرَج في لائحة دول المفاجآت، وفيه مِن السوابق ما يشير إلى ذلك».

مراوحة محلّية

وسط هذا المشهد الإقليمي ـ الدولي، تحَكّمت المراوحة والجمود بالمشهد السياسي الداخلي، مع ترحيل كلّ الاستحقاقات والمواعيد إلى أيلول المقبل، الذي تُسجّل روزنامته في الخامس منه جلسةً جديدة للحوار الوطني، لتَليها في السابع منه جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وفي الثامن جلسة لمجلس الوزراء، قبل أن تنعقد جولة جديدة من الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» مساء العشرين من أيلول، تسبقها نهاراً جلسة للجنة الإعلام والاتصالات النيابية لاستكمال مناقشة ملفّ الإنترنت غير الشرعي.

خريطة طريق لبرّي

وتسبق كلَّ هذه المواعيد، محطة سياسية بارزة تتمثّل بالخطاب الذي سيلقيه رئيس مجلس النواب نبيه بري في 31 آب الجاري في مدينة صور، في الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ حسن يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، أثناء زيارتهم لليبيا عام 1978.

وذكرَت مصادر في حركة «أمل» لـ«الجمهورية» أنّ برّي «يعكف منذ ثلاثة أسابيع على كتابة الكلمة التي سيلقيها، وهو يُعدّل فيها بما يتلاءم مع المتغيّرات على مستوى لبنان والمنطقة». وكشفَت أنّ برّي «سيطرح خريطة طريق لإنقاذ لبنان، ومبادرات للحلّ وأفكاراً وطنية تلامس الهموم والمشكلات».

ووصَفت هذه المصادر كلمة برّي بأنّها «مهمّة وستلامس المشكلات التي يواجهها لبنان على صعيد الشغور الرئاسي وتعطيل المجلس النيابي، حيث سيؤكّد على الحوار سبيلاً وحيداً لحلّها، بما فيها الوصول إلى قانون انتخابي، وسيشدّد على أهمّية عدم تعطيل مجلس الوزراء آخِر مؤسسة دستورية، لأنّه إذا وقع السقف فسيقع على الجميع بلا استثناء»، مشيرةً إلى أنّ برّي «سيتطرّق إلى الوضع العربي والإقليمي والدولي، وسيتّخذ مواقفَ شجاعة على صعيد قضيّة الإمام الصدر، إذ لا علاقات ديبلوماسية مع ليبيا إلّا بجلائها».

إجازة حكومية

في هذا الوقت، وبعدما دخلت الحكومة في إجازة قسرية مع غياب جلسات مجلس الوزراء لفترة أسبوعين، بفِعل سَفر رئيسها تمّام سلام إلى الخارج، يُنتظر أن تشكّل هذه الفترة فرصةً لاستمرار الاتصالات السياسية بغية احتواء التوتّر وترميم التصدّع الحكومي بعد تعليق وزراء «التيار الوطني الحر» مشاركتَهم في جلسات مجلس الوزراء.

جرعة دعم

وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ الحراك الديبلوماسي في الأيام القليلة الماضية وفّرَ جرعة دعم للحكومة، بغية ضمان بقائها بالحدّ الأدنى من التضامن الذي يَكفل اجتماعاتها بنصاب قانوني، لتمارس مهمّاتها وكالةً عن رئيس الجمهورية وتعالج القضايا الطارئة بالحد الأدنى من تضامنها.

وأكّدت المصادر «أنّ بعض السفراء المعتمدين في لبنان الذين تحرّكوا أخيراً، سجّلوا ملاحظاتهم على بعض المواقف وتمنّوا وقفَ التصعيد في وجه الحكومة، وهو ما أدّى إلى تشبثِ سلام بموقفه المتشدّد من الاجتماع الحكومي أياً كانت الأثمان.

فهو يدرك حجم وأهمّية الغطاء المتوافر له ديبلوماسياً بعدما تبلّغَ دعمَهم. وإنّ ما كان ينقصه هو الغطاء الداخلي الذي وفّرَه دعمُ رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وإنّ تدخُّلَ «حزب الله» ودعوتَه إلى تأجيل الجلسة الماضية كان واجباً سياسياً تجاه حليفه العماد عون، ولكن من دون أن يشاركه المقاطعة أو تجميد مشاركته الحكومية».

 

 

اللواء :

 

هدأت عاصفة مجلس الوزراء، وبقي دخان النقاشات والمواقف يزكم الأنوف.
غادر الرئيس تمام سلام في إجازة خاصة، وانبرى الرئيس نبيه برّي يقلب مقاطع الكلمة المكتوبة التي سيعيد فيها بعضاً من ألق «حركة أمل» في ساحة القسم الرملية في صور، في المهرجان الذي أراده ان يكون استعادة لحجم مؤسس الحركة الإمام السيّد موسى الصدر، عبر التذكير بالشعارات الوطنية التي أطلقها في نهايات سبعينات القرن الماضي.
قبل ان يغيَّب عن وطنه لبنان سنة 1978.
في المشهد هذا، يترقّب اللبنانيون وسط أسئلة مقلقة للمحطات الملتهبة مع بدايات الشهر المقبل، وفي الفترة الفاصلة عن عيد الأضحى المبارك وبعده،  من خلال إثارة مشكلات حياتية واجتماعية وبيئية.
فالنفايات عادت تحوم فوق الشوارع والمربعات في العاصمة بيروت وتقاطع الطرقات وربما امام مجاري المياه والبرك والانهار.
وأصحاب المطالب من سائقي قطاع النقل العام ومياومي مؤسسة كهرباء لبنان، يتوعدون الحكومة المترنحة بالشارع، فيما وزير المال علي حسن خليل، يقدم على خطوة تبدو طبيعية في توقيتها، ولكنها إحراجية في مفاعيلها، إذ أحال أمس، إلى مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة، والموازنات الملحقة للعام 2017، معرباً عن أمله في كتاب الإحالة ان تقر الموازنة في مجلس الوزراء وتحال وفقاً للأصول للمجلس النيابي.
وإذ كان الوزراء يتابعون أعمال وزراتهم مطمئني البال إلى بقائهم حيث هم، في ظل حملة عونية، غيظية على وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني، بعد كلامها عن التمثيل العوني للمسيحيين، فإن ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن ان الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، وأن الوزارة تبني على إنجاز الانتخابات البلدية والاختيارية في أيّار الماضي، لإتمام العملية الانتخابية النيابية بشروط جيدة، وبما يؤدي إلى احترام خيارات الناخبين ويدعم الديمقراطية.
وقال الوزير المشنوق انه أعطى تعليماته إلى المعنيين في الوزارة للتواصل مع هيئات المجتمع المدني والجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، في إطار الاستعدادات لاجرائها في ربيع العام 2017.
ووفقاً لمصدر نيابي مطلع، فإن تأكيد على اجراء الانتخابات من شأنه ان يضرب موعداً للتفاؤل بأن التصعيد الحاصل على جبهة الحكومة لن يدفع البلاد إلى الطريق المسدود.
وأشار هذا المصدر، إلى ان الإعلان عن اجراء الانتخابات يحتاج إلى إجراءات عملية كتوفير الاعتمادات المالية، بصرف النظر عن إنجاز قانون انتخاب.
على ان المصدر نفسه استدرك ان اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين، ما لم يتم التوصّل إلى إقرار قانون جديد من شأنه ان يواجه بمعارضة عونية: من انه لا انتخابات على أساس قانون الستين ولا تمديد للمجلس النيابي.
إحباط في الرابية
في هذا الوقت، خيم الصمت على الرابية، التي تواجه ما وصفه أحد المتابعين بالخيارات غير المحسوبة من النائب ميشال عون وتكتله ما يمكن وصفه «بالفوبيا»، ففي الوقت الذي يتمسك التيار العوني بوزاراتهم ولا يقدمون على أي خطوة للخروج فيها في ظل تصعيد كلامي بات بحكم المؤكد، من الصعب ترجمته في الشارع، في ضوء نمو حجم المعارضة لقيادة التيار العوني إذ كشفت عن ان ما يقرب من 17 ضابطاً متقاعداً من مؤيدي العماد ميشال عون والمنضوين في «التيار الوطني الحر»، قرروا الانضمام إلى المعارضة الآخذة بالاتساع في ضوء ما يشبه العزلة المسيحية للتيار إذ تحدثت معلومات من ان قائد القوات اللبنانية سمير جعجع أبلغ رئيس لجنة المال والموازنة أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان انه لا يحبذ الشارع ولن يُشارك في تحرك التيار على الأرض وهو وإن كان لا يؤيد التمديد بالمبدأ الا انه ليس من السهل القبول بمبدأ تعيين قائد جديد للجيش، في ظل الشغور الرئاسي أو إبقاء الجيش بلا قيادة.
ونقل عن عضو في خلية الأزمة الذي يجتمع في كل سبت مع النائب ميشال عون في الرابية انطباعه بأن رئيس التكتل المؤسس يمر بحالة من الاحباط بسبب ما يبدو عجزاً عن تحقيق ما يصبو إليه التيار سواء أكان في قانون الانتخاب أم الرئاسة الأولى أم التمديد للقيادات العسكرية.
وقال مصدر وزاري معني لـ«اللواء« انه في نهاية المطاف فان التمديد لقائد الجيش جان قهوجي سيحصل وذلك قبل نهاية أيلول المقبل.

 

الاخبار :

لا يدرك الرئيس نبيه برّي ما جناه (وسيجنيه) التيار الوطني الحرّ من مقاطعة جلسة مجلس الوزراء أول من أمس. في الأصل، لم يكن التيار يريد المقاطعة، فلو نجحت وساطة وزير التربية الياس بوصعب خلال زيارته الأخيرة لبري، وتأجلت جلسة الحكومة كما طرح الوزير الموفد من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، لربّما لم يقاطع التيار الجلسة.

بالنسبة لبرّي، طَرْحُ العونيين تأجيل الجلسة لأيام، لا يلغي أصل المشكلة. «سألت بوصعب، لو أجّلنا شهراً وعدتم إلى حضور الجلسات، فما الذي سيتغيّر؟ لا شيء، ستظهرون أمام جمهوركم كأنكم لم تحصّلوا شيئاً»، يقول برّي لـ«الأخبار».
فمسألة التمديد لقائد الجيش جان قهوجي، تبدو خياراً وحيداً لجميع الكتل السياسية، بما فيها حزب الله، حليف برّي وعون، ولو كان التعيين وارداً، لما تأخر حزب الله عن مؤازرة حليفه عون في تعيين البديل من قهوجي، لكن طالما أن تعيين البديل غير متاح، فـ«لن يفتح حزب الله مشكلاً في البلد ببلاش».
بالنسبة لرئيس المجلس النيابي، «فعلنا ما بوسعنا لمراعاة العونيين». فأمام إصرار رئيس الحكومة تمام سلام على عقد جلسة، وعدم القبول بطلب عون تأجيل الجلسة أياماً أو أسبوعاً، لم تطرح في الجلسة الحكومية أي مواضيع أو بنود خلافية، نزولاً عند رغبة برّي، الذي تفاهم مع سلام على ذلك، علماً بأن لرئيس المجلس مصلحة مباشرة بعقد الجلسة واتخاذ قرارات فيها تهمّه شخصيّاً ومن موقعه كرئيس لحركة أمل، بدءاً من رئاسة الجامعة اللبنانية وتعيين مدير عام «شيعي» لوزارة الشؤون الاجتماعية، التي لم يعيّن مدير عام لها منذ أكثر من عشر سنوات، في ظلّ أزمة خانقة مع وجود أكثر من مليون ونصف مليون من المهجّرين السوريين إلى لبنان. 


بالنسبة للعونيين، عند كلّ محطّة وفي كلّ ملفّ يهمّهم، يجدون برّي وتيار المستقبل وآخرين، يعرقلون عملهم. لم يصل عون إلى رئاسة الجمهورية، ولم يصل العميد المتقاعد شامل روكز إلى قيادة الجيش، وليس باستطاعة عون تعيين قائد جديد أو على الأقل المساهمة في اختيار مرشّح لأبرز موظّف درجة أولى «ماروني»، وعندما حاول الوزير جبران باسيل أن يفعل شيئاً في ملفّ الكهرباء، وجد الوزير علي حسن خليل بالمرصاد. اتهامات العونيين لا تُقنع برّي. «يريدون أن يسيروا عكس القانون وعكس وزارة المال وديوان المحاسبة، ويريدوننا أن نسير معهم، هذه باختصار قصّة الكهرباء، ولن أدخل في التفاصيل»، يقول رئيس المجلس. وماذا عن «خسارة العونيين كل شيء»؟ يقول برّي إنه «في السياسة لا شيء اسمه خسارة كاملة أو ربح كامل، يعني إمّا أن نربح كل شيء أو نخسر كل شيء؟ هذا ليس سياسة».
ماذا عن الملفّ الرئاسي؟ وهل فعلاً هرب الرئيس سعد الحريري من مبادرة السيد حسن نصرالله لانتخاب عون رئيساً، مقابل الحريري رئيساً للحكومة؟ يردّ برّي: «من قال إن هذه هي المبادرة؟ السيد حسن قال إنه منفتح، لكنّ الحقّ على من كان يترجم كوزير الداخلية نهاد المشنوق، بأن الحريري جاهز لانتخاب عون. القرار الرئاسي ليس محلياً، وموضوع الجنرال عون عند السعوديين، وهذا معروف».
هل يؤثر «الاشتباك» الأخير مع عون على الملفّ النفطي؟ «الملفّ النفطي ماشي، والتفاهمات النفطية مع الجنرال ومع الجميع ماشية»، يجزم برّي.
هل يستقيل العونيون من الحكومة؟ لا يرى برّي أن الحكمة فُقدت إلى هذه الدرجة، «أعتقد أنه لا يزال هناك وعي لدى التيار لخطورة المرحلة وضرورة الحفاظ على الحكومة، ثمّ أنني عندما أمنع سقوط الحكومة وأدعم بقاءها أحمي العونيين من أنفسهم، وأحمي لبنان في ظلّ هذه الظروف الإقليمية الصعبة».