منظر جديد شهده العالم لطفل سوري في الرابعة من عمره  بثيابه الممزقة.  عليه غبرة الموت وهو يمسح بيده البريئة الدم المجبول بغبار الدمار عن وجهه.  وعلى عينيه مسحة من الخوف والألم والحزن جراء الصواريخ التي أرسلها فلاديمير بوتين هدية إلى الشعب السوري كبديل عن الغذاء والدواء وحليب الأطفال فدمرت منزل والديه. 
وهذا المشهد المأساوي الذي أبكى كل من رآه ويملك حدا أدنى من الضمير الإنساني. يشبه إلى حد كبير صورة الطفل الكردي ايلان الذي شهد العالم جثته ممدة على أحد شواطىء تركيا بعد أن حملته أمواج مياه البحر المتوسط بعد غرق المركب الذي كان يقله مع أهله والعشرات من مواطنيه هربا من جحيم تنظيم الدولة الإسلامية داعش باتجاه اي ملجأ للاحتماء من الموت. 
أنه طفل يحمل اسم عمران دقنيش نجا بأعجوبة من موت محتم قضى على أهله وإخوته بعد استهداف منزل والديه وبدقة متناهية بالقذيفة التي اسقطتها طائرة السوخوي الروسية المنطلقة من قاعدة همدان الجوية الإيرانية. 
هذه الصور المؤلمة هي نماذج لمأساة المواطن السوري ومعاناته اليومية وهو يتلقى بالصدر العاري البراميل المتفجرة والصواريخ والقذائف التي تلقيها طائرات النظام وحلفائه على المدنيين مخلفة الخراب والدمار والقتل والتهجير. 
وكما انتشرت صورة الطفل عمران وقبله صورة الطفل ايلان كذلك انتشرت قبلهما ومنذ ثلاث سنوات صور أجساد لأطفال ونساء ورجال وشيوخ ممدين إلى جوار بعضهم البعض بعد أن غادرتهم الأرواح قهرا في مشهد لا يكاد العقل قادرا على استيعابه او إدراكه قضوا جميعا ضحية الهجوم الذي شنته طائرات نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالصواريخ المحملة بغاز الأعصاب /السارين /الخانق والقاتل مستهدفا مناطق سكنية مكتظة بالمدنيين في غوطة دمشق. 
وقد وثقت لجنة التحقيق الأممية ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية عشرات التقارير حول استخدام الأسلحة الكيماوية في مناطق مدنية وكلها أدلة غير قابلة للدحض تؤكد مسؤولية نظام بشار الأسد عنها. ومع ذلك فإن المجتمع الدولي بقي عاجزا عن حماية المدنيين مع فتح المزيد من الأبواب أمام الأسد للأفلات من العقاب. 
وفي سياق متصل فإن من اللافت أنه للمرة الأولى ومنذ نجاح الثورة الإيرانية وإعلان الجمهورية الإسلامية تنطلق مقاتلات غير ايرانية من قاعدة عسكرية ايرانية. وهو أمر لم يحصل حتى في أوج الحرب العراقية الايرانية التي وصل خلالها النظام الإيراني في بعض مراحل تلك الحرب إلى حافة السقوط. 
وقد اعترفت وكالة فارس التابعة للحرس الثوري الإيراني بأنها المرة الاولى التي تقلع فيها طائرات روسية من قاعدة ايرانية لتنفيذ عملية عسكرية في بلد أجنبي. 
وقد رد رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني على انتقادات عدد من النواب لفتح القاعدة للروس بالقول أن إيران لا تنوي منحهم قاعدة عسكرية. غير أن عجز نظام بشار الأسد عن حماية نفسه سيجعل الحاجة ضرورية إلى إقامة روسية دائمة في قاعدة همدان مثلما هي الحال في قاعدة حميميم في سوريا لشن غارات على مواقع المعارضة السورية. 
وهذا يعني أن إيران ومعها حزب الله وكل الميليشيات التي استقدمتها إلى سوريا لحماية الأسد ونظامه لم تعد قادرة للقيام بهذه المهمة مما استدعى التدخل الروسي في خريف العام الماضي وتقديم التسهيلات لطائراته الإستراتيجية باستخدام قاعدة همدان التي يمكن منها تحميل المقاتلات الروسية بكميات أكبر من القذائف مما يوفر على الخزينة الروسية نفقات الرحلة الطويلة ويقوم بما هو مطلوب بمضاعفة عدد الضحايا للقضاء عليهم وزيادة حجم الدمار. 
فمع العديد الهائل للأطراف المشاركة في الحرب السورية مباشرة او بالواسطة فالمستهدف هو الشعب السوري الذي لم يعد أمامه سوى أحد خيارين أما سلوك طريق ايلان او طريق عمران والنتيجة في كلا الحالتين الموت وان بأساليب متعددة وتستخدم فيها تكنولوجيا العالم الصاروخية وحضارته الكيماوية.