"المسرح بلبنان ما بطعمي خبز" قد تكون هذه العبارة المتكررة على لسان أكثر من فنان مسرحي من ذوي الخبرة ومن جيل الشباب، هذا السبب قد يكون سببًا جوهريا لإغلاق العديد من المسارح والحديث عن هجرة الأدمغة المبدعة في هذا المجال، آخرها كان الحديث عن إقفال مسرح بابل.
مسرح بابل يُحتَضَر يلفظ أنفاسًا أخيرة في هذا الزمن السقيم، المسرح الذي إفتتحه المخرج العراقي جواد الأسدي العام 2007 بمسرحيته "نساء الساكسفون"، ليحتضن بعدها العديد من الاعمال مثل "عائد إلى حيفا"، ومهرجان "نساء في مجتمعات مهددة" و"ألاقي زيك فين يا علي"، وإستضاف الدورة الثالثة من مهرجان المسرح العربي، وغيرها العشرات من الأعمال القيّمة التي لم تشفع لخشبات بابل بالإستمرار مع جواد الأسدي وسط الحديث في منطقة الحمرا عن أن المسرح قد يقفل ليتحول الى محل لبيع الألبسة أو " أي شي بطعمي خبز".
فقد ذكرت وسائل اعلام لبنانية، أن مسرح بابل (الحمرا) في بيروت، أسدل الستارة للمرة الأخيرة، وإنضم الى المؤسسات الثقافية والإعلامية البيروتية التي أقفلت بسبب فقدان التمويل اللازم أو سوء الإدارة أو التحولات الإستهلاكية والعمرانية التي تطرأ على بيروت.
وفي ظل هذه المعلومات أجرى موقع لبنان الجديد إتصالًا هاتفيًا مع الفنانة والأستاذة الجامعية ريتا باروتا للوقوف على رأيها بما يتعلق بقرار إقفال مسرح بابل التي قالت أنه لم يبق بلبنان أي مسرح وبإقفاله ينتهي تراث لبنان الفني وأضافت بأنها حاولت مع مجموعة من الفنانين  أن يعيدوا الحياة لمسرح بيروت سابقًا ولكن محاولتهم باءت بالفشل نظرًا للضائقة المادية وأشارت إلى أن اليوم أتى دور مسرح بابل.
وأضافت إن رواد المسارح اليوم أصبح عددهم قليل وهذا الأمر تسبب بعائدات مادية قليلة حتى وإن تم مشاهدة المسرحية الواحدة لأكثر من مرة، وأردفت لكي يكمل العمل في أي مسرح في لبنان فهو بحاجة إلى دعم مادي وعلى الدولة اللبنانية المساعدة في هذا الدعم لأن الدولة سوف تخسر تراثها إذا تم إقفال هذا المسرح، خاصة أنهم أقفلوا ثلاثة قبله بسبب الإستهتار ولفتت باروتي إلى أنها تحمل الدولة اللبنانية كامل المسؤولية بحال تم إقفال مسرح بابل، وقد أوضحت أن عصرنا اليوم أصبح عصر الموسيقى " الطقطوقة " فالمسرح ليس للتسلية إنما لزيادة الثقافة الفنية والتمثيلية، وعلينا إعادة إحياءه من جديد.
إذًا.."بابل" هو المسرح الذي إفتتحه جواد الأسدي قبل سنوات قليلة، بعدما قدم تجاربه المسرحية في بداية التسعينات في"مسرح بيروت" المقفل أيضًا، كان يهدف لأن يكون مركزًا متعدد الثقافات في المنطقة العربية يحتضن المواهب الجديدة والشابة والتجارب الحديثة، وسعى إلى تقديم مجموعة مختارة من الفنون والعروض الدرامية والغنائية والمسرحية والشعرية تناسب المناخ الثقافي العام لكن المسرح الذي افتتح في بلد يعيش أزماته، لم يعمر طويلًا، وإن قدم مجموعة لا بأس بها من الأعمال، فالأزمة المالية بدأت من السنة الماضية وسرعان ما حلت وتأجل الإقفال... ولا ندري إن كان من منقذ جديد الآن.