منذ عقدين التقينا في جانب من الأرض وشاء القدر الإلهي أن أقع تحت انتقادكم العاقل الرشيد حيث كنت محمولا بروح مذهبية متطرفة وعقلية طائفية متحجرة إن انتقادكم أيقظ بي من وقتها روح السؤال والتساؤل ودفعني من جديد إلى قراءة أفكار الآخرين والحوار معهم والتأمل في افكارهم بعقلي لا بعاطفتي ،  بدماغي لا بموروثي وتلك مهمة صعبة مستصعبة للغاية ولم يتهيأ لي ذلك إلا بعدما بلغت سن الأربعين ... قال الله تعالى 
{ حتى إذا بلغ أشده وبلغ  أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه }
هذه العقود الأربعة التي أمضيتها كنت معتقدا بها بعاطفتي لا بعقلي بكل ما أورثتني إياه بيئتي الدينية والمذهبية الطائفية التي تحسب وهما بأن الحقائق كل الحقائق والحق كل الحق في ديانتها ومذهبها وأنها وحدها هي الطائفة الناجية يوم الحساب وأن سائر خلق الله كافة جهنم وساءت مصيرا ????!!!!
وطائفتي تتوهم كما تتوهم سائر الطوائف هم مثلها وهي مثلهم 
أكتب إليك هذه الرسالة لكي أعبر لك عن شكري البالغ لكم بعدما شاء القدر الإلهي أن تكون كلماتك سببا من الأسباب الرئيسية التي أخرجتني من ظلمات التطرف الديني المذهبي الطائفي إلى نور الإعتدال والوسطية والتسامح في قراءة الأديان والمذاهب وذلك بعد التعمق والتامل والتدبر بآيات الله في قرآنه التي تحث على محبة الإنسان ومودته وتدعو إلى العفو والرحمة والعدل والقسط مع كل انسان مسالم وموادع مهما كان دينه ومذهبه .
قال الله تعالى 
{  لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين }
وقال سبحانه 
{  وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب  }  أي والمحصنات الطاهرات العفيفات من اليهوديات والمسيحيات حل لكم الزواج منهن .
وقال سبحانه 
{  ومن أهل الكتاب من إن تأمنه  بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك  }
 أوليس المسلمون كاليهود والمسيحيين وسائر البشر من حيث الأمانة والصدق والعدل ?
أكتب إليك هذه الرسالة لكي أعبر لكم عن بالغ احترامي لعقلكم المشرق بنور الإسلام المتسامح المعتدل الوسطي المحب لأخيه الإنسان مهما كان دينه ومذهبه ما يحبه لنفسه ويكره له ما يكرهه لنفسه طالما أنه لا يحمل إرادة العدوان على أخيه الإنسان وطوبى لمجتمع يعيش فيه مسلم مثلك معتدل متسامح متضرعا إلى الله أن يساعد أهل الأديان كافة والمسلمين بالتحديد على تجاوز نزاعاتهم التاريخية التي كلما ذكرت لا تفيد إلا نكأ الجراح وإحياء ثقافة الحقد والعداوة والبغضاء في الوقت الذي لا يخلو القرآن الكريم من آيات كثيرة تدعوننا لإحياء ثقافة السلام والموادعة والمسالمة والعفو والصفح والتسامح بين عباد الله كافة .
قال الإمام جعفر الصادق ع
{   إياكم والخصومة في الدين فإنها ممرضة للقلب
ألم تقرؤا قوله تعالى لحبيبه محمد ص 
{  إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء  }
ذروا الناس أي اتركوا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس } بحار الأنوار ج2 ص 128
وقال عليه السلام
إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عز وجل وتورث النفاق وتكسب الضغائن وتستجير الكذب .