من بوابة قطر، وبالتنسيق المستمر مع تركيا المتصالحة مع موسكو، ينتظر الملف السوري أبرز تحركاته منذ شهور، فيما تبدو انتصارات المعارضة السورية في حلب، شمالي البلاد، قد فتحت بنيرانها صرامة الموقف الروسي المتعنت.


إعلان مفاجئ صدر على لسان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، الاثنين 15 آب، بأنه سيلتقي وفداً من المعارضة السورية، الثلاثاء، في العاصمة القطرية الدوحة، دون أن يفصح عن طبيعة اللقاء وأهدافه.

مراقبون رجّحوا أن يكون اللقاء لتخفيف التوتر في حلب بعد قرابة 4 أسابيع من فرض قوات النظام حصاراً على الأحياء الشرقية، والقصف العشوائي بمساندة الطيران الروسي، قبل أن تتمكن فصائل الثورة السورية، في الـ6 من آب، من فك الحصار، وفتح طريق جديد يمر من منطقة الراموسة في جنوب حلب.

كما يبدو موقف روسيا أكثر رغبة بالتفاوض بعد مقتل 5 من جنودها في عملية إسقاط طائرة عسكرية من طراز "مي-8" تابعة لها، بمضادات أرضية، في ريف إدلب الشرقي شمالي سوريا، مطلع الشهر الحالي، وتعرض الفصائل السورية على موسكو صفقة لتبادل جثث القتلى.

صداقة قطر وتركيا تفتح أبواب الدوحة لموسكو

فتحت إعادة العلاقات الروسية التركية مؤخراً أبواب تعاون جديد في الملف السوري، فالزيارة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لموسكو، في 9 آب، كانت أزمة سوريا حاضرة بقوة في طاولة مناقشات الزعيمين، واتفقا على إيجاد تسوية للأزمة السورية "بطرق ديمقراطية"، رغم اختلاف وجهات نظر الطرفين حولها.

وشكّلت روسيا وتركيا لجنة لبحث تسوية للأزمة السورية، تضم عسكريين ودبلوماسيين ورجال استخبارات، كما أقامت هيئتا الأركان العامة بالبلدين خطاً مباشراً لبحث سبل تجنب حوادث جوية، ووعدت بعقد لقاءات ناجعة قريبة.

كما جاء تقارب تركيا -العضو في الناتو- مع روسيا في وقت عزز حلف شمال الأطلسي (الناتو) وجوده في شرق أوروبا، ونشرت وحدات عسكرية تتمتع بالاكتفاء الذاتي في شبه جزيرة القرم، بعد تحركات للحلف هناك.

وسبق التقارب التركي الروسي -بعد الانقلاب الفاشل الذي حصل في تركيا منتصف تموز الماضي- سلسلة لقاءات قطرية–تركية، فسرها محللون بتفاهمات جديدة تخص المنطقة، خصوصاً بعد إشارات تعكر صفو العلاقات الأمريكية التركية على خلفية الانقلاب، مقابل تحسنها مع روسيا حليفة الأسد، وهو ما ستستغله أنقرة وحلفاؤها في مفاوضات سورية روسية.

فقد كان الشيخ حمد، أمير قطر السابق، أول شخصية بارزة تزور تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، علماً أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، زار أنقرة أيضاً في 30 تموز الماضي؛ تعزيزاً لإعلان قطر رفضها محاولة الانقلاب، وناقش الطرفان قضايا المنطقة.

من جانب آخر تكثفت في الفترة الأخيرة لقاءات قطرية مع دبلوماسيين أتراك في السفارة التركية في الدوحة، جرى فيها مناقشة قضايا "ذات اهتمام مشترك".

مفاوضات متوقفة وتحركات جديدة

وتأتي اللقاءات المرتقبة تزامناً مع تصريحات روسية صدرت عن وزير الدفاع، سيرغي شويغو، الذي قال إن روسيا والولايات المتحدة على وشك البدء بعمل عسكري مشترك ضد من وصفهم بـ "المتشددين" في مدينة حلب السورية.

من جهة أخرى وزعت البعثة الروسية على أعضاء مجلس الأمن في 11 آب، مشروع بيان يدعو إلى "اتخاذ إجراءات فورية شاملة لمنع المقاتلين الإرهابيين الأجانب من عبور الحدود، ووقف التدفق غير المشروع للأسلحة إلى سوريا"، فيما اتفقت موسكو مع تركيا على إغلاق الحدود، بحسب ما تؤكد سبوتنيك الروسية.

وينتظر أن يكون اجتماع الدوحة مهيئاً لتوافقات ما بشأن سوريا، ففي 22 تموز الماضي، قال مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، ستافان ديمستورا: إن "الأسابيع الثلاثة المقبلة" ستكون "بالغة الأهمية حتى تعطينا فرصة للمفاوضات بين السوريين، وتتيح أيضاً إمكانية خفض العنف في سوريا".

ومنذ 27 شباط الماضي، حين أقر مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار الأميركي الروسي المشترك حول وقف الأعمال العدائية في سوريا، لم يجرِ التوصل لمفاوضات ناجحة للاتفاق بين الأطراف.

حيث عقدت دورتان لمحادثات السلام بين الأطراف السورية في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة منذ بداية السنة، لكنهما لم تحرزا تقدماً، لكن لقاء الدوحة قد يفتح هذه المرة الباب لمزيد من الدعم لموقف المعارضة السورية، واستخدام الدبلوماسية القطرية في الضغط على التعنت الروسي باستخدام الصداقة التركية.

(الخليج أونلاين)