لافتاً كان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إقالة السياسي المخضرم ووزير الدفاع الأسبق سيرغي إيفانوف من منصب رئيس الديوان الرئاسي، وتعيين مكانه نائبه والخبير في اللغة اليابانية أنطون فاينو. إلاّ أنّ ما لفت الأنظار أكثر كانت الأنباء التي تحدّثت عن نية طلب إيفانوف، الرجل الذي أكّد بوتين أنّه أحد مستشاريه الموثوقين، أن يُعفى من مهامه، قبل شهر من الانتخابات النيابية وفي ظل التوترات المتجددة مع أوكرانيا.


في تقرير لها عن هذا التطور الأخير، غير الجديد، تطرقت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية عن هذه الخطوة، مشيرةً إلى أنّ محللين كثراً وضعوها في إطار اتجاه أوسع يعتزم بوتين تطبيقه على دائرته الصغرى، ولا سيّما أنّه استبدل عدداً من المسؤولين قديمي العهد (تصل أعمار بعضهم إلى 60 عاماً) بآخرين من الجيل الجديد (تتراةح أعمارهم بين 30 و40 عاماً) في الفترة الأخيرة، لإعادة ترتيب النخبة السياسية بما يخدم مصالحه، على رغم أنّ أسباب هذا التعديل الذي طال مسؤولاً رفيع المستوى في الكرملين ليست واضحة.

بدورهم، يرى محللون أنّ النموذج لذي كان بموجبه بوتين أوّل النظراء وحاكماً بالتوافق في دائرته الصغرى، تغيّر فأصبح هو مركزه، بعدما عاد رئيساً في العام 2012، علماً أنّ وتيرة هذه المركزية تسارعت بعد ضم القرم إلى روسيا في مطلع العام 2014 وبعد فرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا وانهيار أسعار النفط، وهي عوامل كلّها انعكست سلباً على الاقتصاد الروسي.

من جهته، قارب المتحدّث السابق بإسم الكرملين وأحد منتقدي الرئيس الروسي ستانيسلاف بلكوفكسي إقالة إيفانوف من وجهة النظر النفسية، معتبراً أنّه يسهل على بوتين التعامل في الوقت الراهن مع أفراد يرونه قائداً عظيماً ولا يذكرون الأيام التي لم يكن فيها كذلك.

في السياق نفسه، ذكرت المجلة أنّ إقالات السنة الفائتة طاولت عدداً من المسؤولين الكبار المقرّبين من بوتين، وتحديداً إبان توليه منصب رئاسة لجنة الاتصالات الخارجية في بلدية سانت بطرسبورغ، بمن فيهم، رئيس شركة سكك الحديد الوطنية فلاديمير ياكونين، ورئيس هيئة مكافحة المخدرات فيكتور إيفانوف ومدير مدير الهيئة الفيدرالية للحراسة (FSO) المختصة بحراسة الكرملين والمؤسسات الرسمية الكبرى يفغيني موروف؛ إشارة إلى أنّ خبراء في الشأن الروسي يتوقعون أن يلحق رئيس شركة "روس نفط" التابعة للحكومة إيغور سيشين بالقافلة.

وتابعت المجلة بالقول إنّ التغيرات التي طالت رؤوس المناصب العليا في الحكومة الروسية تواصلت خلال حزيران، إذ استبدل بوتين 4 مسؤولين إقليميين بالإضافة إلى رئيس مصلحة الجمارك الوطنية والسفير الروسي لدى أوكرانيا.

يُشار إلى أنّ بوتين عيّن إيفانوف مبعوثاً خاصاً لرئيس الدولة يتولى مسؤولية ملف المحافظة على البيئة وقطاع النقل.

من هو إيفانوف؟


سيرغي إيفانوف، من مواليد 1953، تخرج من كلية اللغات في جامعة لينينغراد في عام 1975 كمترجم من اللغة الروسية إلى اللغة الانكليزية وبالعكس، ومن الدورات العليا للجنة أمن الدولة للاتحاد السوفيتي "كي جي بي" في مينسك (عام 1976) ومن جهاز المختبرات الروسية، معهد "كي جي بي" (عام 1981).

وبدأ إيفانوف عمله في "كي جي بي" في عام 1975، وفي الفترة 1976-1977 عمل القسم نفسه الذي كان بوتين موظفا فيه آنذاك.

وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي، واصل إيفانوف العمل في هيئة الاستخبارات الخارجية، ومن ثم في هيئة الأمن الفدرالي في روسيا. وفي عام 1999 تولى منصب أمين عام مجلس الأمن الروسي. وفي آذار عام 2001، بعد تولي ف بوتين الرئاسة، عُيّن إيفانوف في منصب وزير الدفاع. وفي عام 2007 تولى منصب نائب رئيس الوزراء الروسي وبقي فيه حتى تعيينه في منصب رئيس الديوان الرئاسي في كانون الأول عام 2011.

من هو فاينو؟


ولد أنطون فاينو، الرئيس الجديد للديوان الرئاسي الروسي، سنة 1972 في مدينة تالين عاصمة إستونيا التي كانت في تلك الفترة جزءا من الاتحاد السوفيتي. وهو حفيد كارل فاينو، السكرتير الأول السابق للحزب الشيوعي في إستونيا، ويترأس والده إدوارد فاينو مجلس الأعمال الروسي-الكوبي، كما أنه يشغل منصب نائب رئيس شركة "أفتوفاز".

تخرج فاينو العام 1996 في معهد موسكو للعلاقات الدولية التابع للخارجية الروسية، وهو يتقن اللغتين الإنكليزية واليابانية.

وبدأ فاينو مسيرته المهنية في السفارة الروسية في اليابان في العام 1996، وواصل عمله في طوكيو حتى العام 2001، وبعدها انتقل إلى قسم دول آسيا في وزارة الخارجية الروسية.

وفي العام 2002، بدأ فاينو العمل في قسم المراسم التابع للديوان الرئاسي، وواصل العمل في مجال تنظيم المراسم بالرئاسة والحكومة الروسية حتى توليه منصب نائب رئيس الديوان الرئاسي في أيار 2012

وفي 12 آب 2016، عينه بوتين رئيساً جديداً للديوان الرئاسي، خلفا لسيرغي إيفانوف.

( لبنان 24 - Foreign Policy - روسيا اليوم)