ما زال حزب الله متسترا على الهزيمة التي مُني بها في حلب، وما زال  يُمنّي النفس بتحقيق إنجاز يستطيع تقديمه لجمهوره الذي لم يحط علما بعد بهذه الهزيمة، هذا الجمهور الذي ما زال يشرب ماء غروره من على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي ويحدّث نفسه بالإنتصارات الوهمية التي وُعد بها، فيما لم يعلم بعد بوقائع المعركة التي هزم بها حزب الله.
لقد قدمت المعارك الطاحنة في حلب صورة إضافية عن النكبة السورية وحجم الكارثة التي تتعرض لها سوريا كلها نتيجة إجرام النظام الأسدي وداعميه بحق سوريا كلها وبحق شعبتها وعمرانها ومؤسساتها، وبحق حاضرها ومستقبلها .
لقد حلّت حلب كنكبة لأهلها السوريين، وهي اليوم أيضا نكبة لكل من انخرط في هذه الحرب منذ بدايتها إلى اليوم وفي مقدمة هؤلاء حزب الله الذي يتبين يوما بعد يوم أن الخاسر الوحيد في الميدان السوري سياسيا وعسكريا، ويتبين يوما بعد يوم أن وقع في فخ دموي مميت لا حدود له ولا قعر لمداه، وأنه ما زال يستنزف على مدار اليوم والساعة ليتأكد القريب والبعيد والصديق والعدو أنه تورط في معركة أكبر منه بل في معركة أصبحت فيما بعد أكبر من طاقته و قدراته، وهو ما يزال يدفع بشباب لبنان الذين درّبهم وجهّزهم تحت شعار المقاومة والدفاع عن لبنان إلى الموت عبثا دفاعا عن نظام ميت وتصديا لإرادة الشعب السوري بأكمله .
لقد أثبتت التجربة ومنذ بداية الأزمة السورية فشل كل الرهانات التي بنى عليها حزب الله سياساته السورية وها هو اليوم يضيف إلى سجله الهزيمة المدوية في حلب لتضاف إلى نكباته السورية نكبة جديدة تعتبر من أقسى وأقوى  النكبات التي مني بها منذ إعلانه الدخول الى هذه الحرب المجنونة.
والحال هذه تتوضح يوما بعد يوم المأساة التي زجّ حزب الله نفسه بها،وتنجلي الصورة أكثر فأكثر بأن المنطق الصحيح كان ولا يزال هو بالابتعاد عن النيران السورية، ونكتشف اليوم أيضا أن أحدا لم يخطيء ممن دعوا حزب الله سابقاً الى التواضع في حساباته السورية. والى الحذر من الغلوّ والمكابرة، والى العودة من تلك النكبة قبل استفحالها. 
وكذلك لم يخطيء أيضا من يدعو حزب الله اليوم ويطالبه بالكفّ عن جموحه الخارجي خدمة لإيران ودفاعاً عن مستبد ظالم وطاغية أرعن مثل بشار الأسد، وبالكفّ عن دفع شباب لبنان الى المشاركة في قتل السوريين والموت على أيديهم. وبالكفّ قبل ذلك، عن ادعاء قدرة على تنكّب أدوار إقليمية تعجز عنها دول كبرى. 
والأهم من كل ذلك، أن يكفّ عن لعبة الأوهام التي يمعن فيها وتجعله يظن هو ومن يدعمه في إيران وغيرها، انهم قادرون على الانتصار على الشعب السوري، أو إعادة الزمن الى الوراء.
لقد آن الأوان لوقفة متعقّلة وجريئة ومسؤولة لقيادة حزب الله لإعادة وضع الأمور في نصابها وإنقاذ ما تبقى قبل فوات الأوان.