بري يحذّر من ذهاب لبنان إلى الفوضى اذا إستمر العناد والتعنت

 

السفير :

وفي اليوم التالي لاختتام الخلوة الحوارية، بدأ المشاركون بالتناوب على إخراج مكنوناتهم، وأبرز هؤلاء مدير الحوار الرئيس نبيه بري الذي قال، أمس، لـ «السفير» «إذا كنا الآن في نصف عصفورية، فسنصبح في عصفورية كاملة إذا لم ننتخب رئيساً للجمهورية قبل نهاية العام الحالي، لأن مؤسسات الدولة تترهّل وتتحلّل مع كل يوم يمر من دون رئيس، ولذلك فإن الخيار بات محصوراً بين أن ننهي الشغور أو.. ينهينا».
وفيما قال عضو هيئة الحوار الرئيس نجيب ميقاتي لـ«السفير» إن طاولة الحوار الوطني «منذ أن وجدت كانت بمثابة «الرحم» الذي من المفترض أن يولد منه الحل، لكن عملية «التلقيح» الصحيح تنتظر الظروف المؤاتية، وهذه الظروف تحتاج الى انتظام عام في المنطقة ككل ينعكس إيجاباً على لبنان، وهذا غير متوفر حتى الآن، ولا بأس من كسب الوقت الضائع بالتلاقي والحوار»، قال عضو وفد «حزب الله» الى طاولة الحوار النائب علي فياض لـ «السفير» إن ما جرى في ختام الخلوة الحوارية من انقلاب على نتائج المناقشات الجدية والعميقة في اليومين الأولين، «يضع البلد في خضم المجهول بسبب انعدام الخيارات والفرص»، وأبدى خشيته من أن يكون مصير اللجنة التي سيشكلها المشاركون في الحوار في الخامس من أيلول المقبل لدراسة مشروع انشاء مجلس للشيوخ «كمصير لجنة قانون الانتخاب التي أمضت حوالي أربع سنوات من المراوحة بسبب افتقادها لمظلة التوافق السياسي».
واذ أعلن فياض أن «تيار المستقبل» أعلن الحرب على النسبية الكاملة كنظام انتخابي سواء في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب الوطني أو الحالي، قال إن ما جرى في طاولة الحوار يستدعي مراجعة شاملة من «فريق 8 آذار»، وصولاً الى الارتقاء بقضية النظام الانتخابي النسبي بالكامل مع لبنان دائرة انتخابية واحدة «الى مستوى القضية الوطنية التي لا تهاون فيها والتي يجب المضي بها حتى تحقيقها»، كما نقلت عنه محطة «المنار» ليل أمس، وفي ذلك اشارة الى تقدم ملف القانون الانتخابي النيابي (اعادة تكوين السلطة في لبنان) على غيره وتحديداً على ملف رئاسة الجمهورية.
في هذه الأثناء، واصل الجيش اللبناني تحقيقه مع أفراد خلية «داعش» في بلدة عرسال، في مقر مديرية المخابرات في اليرزة، حيث أدلى طارق الفليطي والموقوفان السوريان باعترافات وصفتها مصادر معنية بأنها «خطيرة للغاية». وقد تكتم الجيش على التحقيقات، خصوصا أنه تم في ضوء الاعترافات جمع أسماء وعناوين وتحديد أماكن بعض مخازن السلاح والأهداف التي كانت تنوي المجموعة استهدافها في عرسال وخارجها.
واذ أظهرت المداهمات التي واصلها الجيش اللبناني، أمس، في منطقة عرسال والبقاع الشمالي، أنه يتحرك بإراداة واضحة بعدم مهادنة المجموعات الإرهابية، قالت المصادر المعنية نفسها لـ «السفير» إن أخطر ما أدلى به أفراد خلية «داعش» في عرسال، هو اعتماد منهج اللامركزية في الهجمات الإرهابية، بحيث صار متاحاً لكل مجموعة اذا كانت مؤلفة من عنصر أو عنصرين أو أكثر أن تنفّذ هجوماً بالتوقيت والأسلوب والهدف الذي تراه مناسباً.
وقد استوجبت هذه العملية تعزيز اجراءات الجيش في البقاع الشمالي، كما اجراءات «حزب الله» بالتنسيق مع القوى العسكرية والأمنية في الضاحية الجنوبية وباقي المناطق

النهار :

تأتي الذكرى الـ15 لمصالحة الجبل التاريخية التي كان البطريرك الماروني السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير عرابها وراعيها مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في عز مشهد مختنق سياسياً لم تكن آخر جولات الحوار باخفاقاتها الا التعبير الاحدث عن انسداده وتأزمه. وتبعا لذلك من الطبيعي ان تتجه الأنظار اليوم الى المختارة التي ستشهد على الارجح أوسع تجمع سياسي ووطني في احياء هذه الذكرى عبر احتفالية كبيرة سيشكل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والنائب جنبلاط من خلالها ركني اعادة تثبيت المصالحة وتجديد ضخ الدم في عروقها امتداداً الى محاولة التأثير في الأزمة السياسية الجاثمة بقوة على البلاد. ولعل أبرز ما يتوقع ان تشهده هذه المناسبة هو حشد سياسي وديني وديبلوماسي كبير نظراً الى اتساع الدعوات التي وجهها رئيس "اللقاء الديموقراطي" لحضور المناسبة وفي مقدمهم الزعماء الموارنة والمسيحيون وتحديداً الرئيسان أمين الجميل وميشال سليمان ورئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جان قهوجي، الى كبار المسؤولين الرسميين ومئات الشخصيات والمدعوين. وليس مستبعدا ان يشارك عدد من الزعماء في المناسبة التي تكتسب طابعاً وطنياً عاماً.
وقد أستكملت التحضيرات اللوجيستية لحدث تدشين كنيسة المختارة التي تعود ملكيتها الى آلالخازن، بعد انجاز أعمال ترميمها بقرار من النائب جنبلاط والتي بناها عام 1820 الشيخ بشير الخازن في إطار العلاقة التاريخية بين آل جنبلاط وآل الخازن وقرر النائب جنبلاط إحياء هذا الاثر التاريخي مجدداً. ويبدأ التدشين في الحادية عشرة قبل الظهر، فيرأس البطريرك الراعي الذبيحة الإلهية ثم ينتقل ومضيفه الى قصر المختارة المجاور لإستقبال الشخصيات المدعوة والتي يناهز عددها الالف.
وصرّح مفوض الاعلام في الحزب التقدي الاشتراكي رامي الريّس ل"النهار" عشية المناسبة: "نعوّل على ان تكون هذه المناسبة محطة وطنية جامعة تعيد الاعتبار الى خيار المصالحة والعيش المشترك وتؤكد هذا الخيار في لحظة إقليمية ملتهبة تسقط فيها تجربة التعددية والتنوع في عدد من المجتمعات.لذلك أردنا أن يتحول تدشين الكنيسة على أهميته الى لقاء جامع في المختارة". ووصف خطوة النائب جنبلاط في ترميم الكنيسة بإنها "ترمي الى التمسك بالمصالحة بين اللبنانيين وبالسلم الاهلي فتتحول المناسبة الى تأكيد المصالحة التاريخية في الذكرى الـ 15 لإنجازها ". وأضاف: "لاشك في أن الحاضر الاكبر في هذا اليوم هو البطريرك صفير الذي وضع المدماك لمصالحة الجبل وخطّ هذا المسار، ومن هنا جاء الاتصال الذي أجراه النائب جنبلاط بالبطريرك صفير لتأكيد دوره المحوري في المصالحة". وأشار الى ان مداخل منطقة الشوف إزدانت بلافتات الترحيب بالمدعوين الى هذه المناسبة.
وعشية الذكرى الـ15 لمصالحة الجبل أجرى النائب جنبلاط إتصالا بالبطريرك صفير وقال له: "بكرا نهارك. أنت فتحت الطريق سنة 2001 للمصالحة في الجبل ولبنان، وكان الجبل ولبنان بحمايتك، وبكرا راح يكون الجبل ولبنان بحمايتك، وراح تكون حاضر بيننا مثلما كنت حاضر معنا من أول الطريق".
واذ يتوقع ان تتسم الكلمتان اللتان سيلقيهما البطريرك الراعي والنائب جنبلاط باهمية خاصة في هذه المناسبة، تقول مصادر بكركي إن كلمة البطريرك ستتضمن رسائل عدة في مجالات التشديد على الحفاظ على مفهوم المصالحة واتساعها على نطاق لبنان كله وبين جميع مكوناته الدينية والسياسية من منطلق ترسيخ النموذج اللبناني في ظرف اقليمي يتسم بخطورة استثنائية لجهة تصاعد التطرف والارهاب. كما سيشدد على انخراط المسيحيين بكل الوجوه في ترسيخ العودة الى الجبل وانمائه بالتعاون والتآخي مع الدروز والمكونات الوطنية الاخرى، وستكون له أيضاً محطة اضافية في الازمة الرئاسية مكرراً خطورة استمرار البلاد وسط الفراغ الرئاسي.

 

ما بعد المأزق
على الصعيد السياسي، أثارت جولات الحوار الاخيرة خلاصات متشائمة عن آفاق الازمة السياسية والرئاسية في المرحلة المقبلة التي يخشى ان تكون مفتوحة على مزيد من مآزق بعدما بدا واضحاً ان ملف الفراغ الرئاسي يدور في دوامة تحول دون التوصل الى أي حلحلة، كما ان ملف قانون الانتخاب يصطدم بعقبات تنذر بالوصول الى الدورة المقبلة لمجلس النواب في تشرين الاول من دون أي انفراج في هذا الملف. واذا كان نفض الغبار عن بند تشكيل مجلس الشيوخ في جلسات الحوار الاخيرة كمحاولة لاحداث ثغرة من داخل الطائف، فان الشكوك الكبيرة تحاصر هذه المحاولة. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يسلم بهذه الاجواء اذ قال لـ"النهار" إن "لا امرار لقانون الانتخاب خارج القيد الطائفي ولا لمجلس الشيوخ قبل انتخاب رئيس الجمهورية اذ ان انتخاب الرئيس يتقدم باقي البنود. وأضاف انه في حال الاتفاق على قانون الانتخاب نكون ازحنا هذا العبء عن كاهل رئيس الجمهورية. لكنه لفت الى انه في حال عدم انتخاب الرئيس ستؤجل كل هذه الامور "ويتجه الجميع الى (قانون) الستين در ولو من دون رئيس". وخلص الى "أننا اليوم في نصف عصفورية واذا لم ننتخب رئيساً فسنصبح في نهاية السنة في عصفورية كاملة

 

المستقبل :

لم تكن عملية «وادي عطا» سوى محطة نوعية على درب مكافحة الإرهاب الطويل، لها ما قبلها من رصد وتعقب ودقة في التخطيط والتنفيذ، وما بعدها سواءً على خط اليقظة وعمليات الدهم والتفتيش عن المشتبه بهم كما حصل في مشاريع القاع أمس أو على خط النار والتمشيط المدفعي لمواقع المسلحين في الجرود منعاً لتمركزهم وتقدمهم باتجاه العمق اللبناني. غير أن هذه العملية اكتسبت بحد ذاتها أهمية استثنائية وفق التقويم السيادي الوطني ربطاً بما أسفرت عنه من «صيد» ثمين أوقع في شباك المؤسسة العسكرية اثنين من أهم قياديي «داعش» طارق الفليطي وسامح البريدي المسؤولين مباشرةً عن عمليات إرهابية إجرامية بحق عسكريين ومدنيين لا سيما عملية «غزوة عرسال» وما تخللها من خطف عناصر أمنية وعسكرية وما أعقبها من إعدام الرقيب الشهيد علي البزال وما سبقها من قتل الرائد بيار بشعلاني والرقيب ابراهيم زهرمان، وفي ذلك «رسالة مهمة» بحسب ما شدد قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ«المستقبل» مفادها أنّ «كل معتدٍ على الجيش اللبناني أو على المدنيين لن يفلت من العقاب»، علماً أنّ الأجهزة المعنية باشرت أمس تحقيقاتها مع كل من الفليطي والسوريين اللذين أوقفا معه بعدما قضى البريدي متأثراً بإصابته خلال الاشتباك المسلح مع القوة العسكرية الخاصة.

وفي مقابل الانتاجية والفاعلية المسجلة على الساحة الأمنية والعسكرية، لا تزال الساحة السياسية والمؤسساتية في البلد على قلّة فاعليتها وإنتاجيتها تحت وطأة استمرار شد حبال التعطيل وإحكام قبضتها على الجمهورية من دون أن يفلح الحوار الوطني في فكفكة أي من العقد التعطيلية للاستحقاق الرئاسي كما بدا من نتائج «ثلاثية» عين التينة حيث جاهر الفريق المعطل للاستحقاق الرئاسي منذ اليوم الأول للحوار أنه سيبقى على تعطيله ولن يتراجع «حتى نحصل على ما نريد» بحسب تعبير الوزير جبران باسيل بالتكافل والتضامن مع النائب محمد رعد.

وفي حصيلة قراءته لنتائج الخلوات الحوارية الثلاث، لفت رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة إلى أنّ «الفريق الآخر لم يتزحزح قيد أنملة عن موقفه الرئاسي»، مؤكداً لـ«المستقبل» أنّ هذا الفريق أثبت أنه متمترس خلف متراسه ولا يريد التقدم أي خطوة باتجاه حل الأزمة الرئاسية

ورداً على سؤال، أوضح السنيورة أنه ذكّر على طاولة الحوار بمسار الشغور وبالمقترحات التي تقدم بها «تيار المستقبل» لإنهائه بدءاً من مجاراة مطلب أن يكون قرار اختيار الرئيس مسيحياً مروراً بحصر الترشيحات بالأربعة الأقوياء (الذين اجتمعوا في بكركي) وصولاً إلى الاستدراك في معرض تعريف الرئيس القوي على طاولة الحوار بالإشارة إلى كونه الرئيس المؤيد من طائفته والمقبول بالمقدار نفسه من الطوائف الأخرى. وأردف السنيورة: «قلنا لهم رشّحنا بدايةً الدكتور سمير جعجع فرفضتم، ثم بحثنا في قائمة النادي الرئاسي المغلق (المرشحين الأربعة) ودعمنا ترشيح النائب سليمان فرنجية من قوى 8 آذار فرفضتم ما المطلوب منا أكثر؟.. ولنقلها بصراحة مرشحكم الذي تحاولون فرضه علينا «مش ماشيين فيه» إذاً تفضلوا لنتفق كما تقول يا حاج محمد رعد»، لافتاً الانتباه في هذا السياق إلى أن الفريق الآخر يدعو إلى التوافق ولا يتقدم خطوة باتجاه تحقيقه، علماً أنّ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري طالب هذا الفريق بطرح ثلاثة أسماء مرشحة للرئاسة للاختيار بينها إلا أنّ طرحه قوبل بالرفض أيضاً.

وعن الجانب الإصلاحي من مسار مناقشات الحوار، أشار السنيورة إلى أنّ طرح مسألة مجلس الشيوخ أتت في سياق الحديث عن استكمال تطبيق الطائف وإصلاحاته وقال: «بالطبع نحن نؤيد ذلك لأنّ تطبيق الطائف مطلبنا، أما موضوع تمرير اعتماد النسبية في قانون الانتخاب الجديد من ضمن السياق نفسه فهذا لا شأن له بإصلاحات الطائف الذي تحدث عن المحافظة كدائرة انتخابية ولم يأتِ على ذكر النسبية».

الديار :

لم تكن عملية «وادي عطا» سوى محطة نوعية على درب مكافحة الإرهاب الطويل، لها ما قبلها من رصد وتعقب ودقة في التخطيط والتنفيذ، وما بعدها سواءً على خط اليقظة وعمليات الدهم والتفتيش عن المشتبه بهم كما حصل في مشاريع القاع أمس أو على خط النار والتمشيط المدفعي لمواقع المسلحين في الجرود منعاً لتمركزهم وتقدمهم باتجاه العمق اللبناني. غير أن هذه العملية اكتسبت بحد ذاتها أهمية استثنائية وفق التقويم السيادي الوطني ربطاً بما أسفرت عنه من «صيد» ثمين أوقع في شباك المؤسسة العسكرية اثنين من أهم قياديي «داعش» طارق الفليطي وسامح البريدي المسؤولين مباشرةً عن عمليات إرهابية إجرامية بحق عسكريين ومدنيين لا سيما عملية «غزوة عرسال» وما تخللها من خطف عناصر أمنية وعسكرية وما أعقبها من إعدام الرقيب الشهيد علي البزال وما سبقها من قتل الرائد بيار بشعلاني والرقيب ابراهيم زهرمان، وفي ذلك «رسالة مهمة» بحسب ما شدد قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ«المستقبل» مفادها أنّ «كل معتدٍ على الجيش اللبناني أو على المدنيين لن يفلت من العقاب»، علماً أنّ الأجهزة المعنية باشرت أمس تحقيقاتها مع كل من الفليطي والسوريين اللذين أوقفا معه بعدما قضى البريدي متأثراً بإصابته خلال الاشتباك المسلح مع القوة العسكرية الخاصة.

وفي مقابل الانتاجية والفاعلية المسجلة على الساحة الأمنية والعسكرية، لا تزال الساحة السياسية والمؤسساتية في البلد على قلّة فاعليتها وإنتاجيتها تحت وطأة استمرار شد حبال التعطيل وإحكام قبضتها على الجمهورية من دون أن يفلح الحوار الوطني في فكفكة أي من العقد التعطيلية للاستحقاق الرئاسي كما بدا من نتائج «ثلاثية» عين التينة حيث جاهر الفريق المعطل للاستحقاق الرئاسي منذ اليوم الأول للحوار أنه سيبقى على تعطيله ولن يتراجع «حتى نحصل على ما نريد» بحسب تعبير الوزير جبران باسيل بالتكافل والتضامن مع النائب محمد رعد.

وفي حصيلة قراءته لنتائج الخلوات الحوارية الثلاث، لفت رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة إلى أنّ «الفريق الآخر لم يتزحزح قيد أنملة عن موقفه الرئاسي»، مؤكداً لـ«المستقبل» أنّ هذا الفريق أثبت أنه متمترس خلف متراسه ولا يريد التقدم أي خطوة باتجاه حل الأزمة الرئاسية

ورداً على سؤال، أوضح السنيورة أنه ذكّر على طاولة الحوار بمسار الشغور وبالمقترحات التي تقدم بها «تيار المستقبل» لإنهائه بدءاً من مجاراة مطلب أن يكون قرار اختيار الرئيس مسيحياً مروراً بحصر الترشيحات بالأربعة الأقوياء (الذين اجتمعوا في بكركي) وصولاً إلى الاستدراك في معرض تعريف الرئيس القوي على طاولة الحوار بالإشارة إلى كونه الرئيس المؤيد من طائفته والمقبول بالمقدار نفسه من الطوائف الأخرى. وأردف السنيورة: «قلنا لهم رشّحنا بدايةً الدكتور سمير جعجع فرفضتم، ثم بحثنا في قائمة النادي الرئاسي المغلق (المرشحين الأربعة) ودعمنا ترشيح النائب سليمان فرنجية من قوى 8 آذار فرفضتم ما المطلوب منا أكثر؟.. ولنقلها بصراحة مرشحكم الذي تحاولون فرضه علينا «مش ماشيين فيه» إذاً تفضلوا لنتفق كما تقول يا حاج محمد رعد»، لافتاً الانتباه في هذا السياق إلى أن الفريق الآخر يدعو إلى التوافق ولا يتقدم خطوة باتجاه تحقيقه، علماً أنّ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري طالب هذا الفريق بطرح ثلاثة أسماء مرشحة للرئاسة للاختيار بينها إلا أنّ طرحه قوبل بالرفض أيضاً.

وعن الجانب الإصلاحي من مسار مناقشات الحوار، أشار السنيورة إلى أنّ طرح مسألة مجلس الشيوخ أتت في سياق الحديث عن استكمال تطبيق الطائف وإصلاحاته وقال: «بالطبع نحن نؤيد ذلك لأنّ تطبيق الطائف مطلبنا، أما موضوع تمرير اعتماد النسبية في قانون الانتخاب الجديد من ضمن السياق نفسه فهذا لا شأن له بإصلاحات الطائف الذي تحدث عن المحافظة كدائرة انتخابية ولم يأتِ على ذكر النسبية».

الديار :

ابعد بكثير من ان تكون عملية اختراق تكتيكية للصفوف الخلفية لتنظيم الدولة الاسلامية، ما جرى عصر اول امس «ضربة على الرأس» للتنظيم الذي خسر ذراعه الحديدية من جرود القلمون، وحتى أحياء عرسال، بل والى كل المناطق اللبنانية التي اصابها ما اصابها من تفجيرات «داعش».
في عرسال يصفون سامح البريدي بـ«الظاهرة» او بـ«الشبح» الذي كان يستطيع العبور من «ثقب الابرة». وكانت اتصالاته، مع رفيقه طارق الفليطي الذي يقال ان له «قلب الصخرة»، تتخطى ابا خالد العراقي في الرقة...
الاثنان كانا يستقطبان حولهما كل الخلايا النائمة او الناشطة، ودون ان يكون هناك البديل الذي يستطيع، ومن ثقب الابرة، ان يعبر الى الجرود ثم يعود منها، وهما اللذان كانا يلمحان الى اتصالهما المباشر، وربما الى اللقاء المباشر، مع ابي بكر البغدادي...
في عرسال، يتردد ان سامح السلطان، وهذا هو لقبه، بمثابة الصندوق الاسود الذي لديه كل الاسرار السوداء، وقيل انه لو لم يقتل لكان فجر نفسه، لان هذه هي التعليمات، دون ان يقلل ذلك من اهمية الدور الذي اضطلع به الفليطي  الذي وان كان لا يتمتع بـ«موهبة» التخطيط مثل صاحبه الذي سقط برصاص مخابرات الجيش، فانه يعرف الكثير عن «داعش» في الاحياء والجرود.
وما يمكن تأكيده ان العملية تمت من دون مؤازرة استخباراتية خارجية. مديرية المخابرات في الجيش هي التي رصدت ونفذت. معلومات عن ان اجهزة اميركية واوروبية كانت تعلم اهمية البريدي والفليطي في التنظيم فوجئت بالعملية التي نفذتها القوة الضاربة.
هذا مما تفعله الموسسة العسكرية. ماذا عن المؤسسة السياسية التي تتأرجح بين لعبة المافيات ولعبة القبائل. قيد التداول الآن المعلومات الخطيرة حول فضيحة التخابر غير الشرعي وحول شبكات الانترنت غير الشرعية. ووثائق تثبت ان مئات ملايين الدولارات لم تذهب الى خزينة الدولة التي لا تجد الفئران فيها ما يسد رمقها، بل الى اصحاب القصور والمقامات العالية والمتوسطة.
الفضيحة الأكبر هي مقاربة مجلس الوزراء. كثيرون اما ضالعون او خائفون ليس فقط ان تحترق اصابعهم بل وان تحترق رؤوسهم ايضاً.
احد الوزراء قال لـ«الديار» «هذه تركيبة النظام ماذا نفعل؟». لا شيء سوى التعايش مع الفضائح، بما فيها الفضائح ذات الاجراس، وعلى شاكلة الافاعي ذات الاجراس...».
بانسيابية قاتلة يتم التأجيل تلو التأجيل الى ان تهبط فضيحة اخرى من المدخنة وتلفلف الفضيحة السابقة. هل حقاً ما يقال في الكواليس من انه لو كشفت الاسماء او كم قبض ذلك اللفيف، من المسؤولين لتزعزعت الطبقة السياسية وربما تفجرت...
ولا بأس أن يقول احد المشاركين في ثلاثية الحوار «لقد قدمنا استعراضاً بائساً»، ليضيف «الرئيس نبيه بري لطالما شدد على الدوحة اللبنانية، وهذا المستحيل لان الدوحة القطرية كلفت مائة مليون دولار، والبعض يؤكد ان المبلغ ناهز المائتي مليون دولار لكي تنتظم الأمور كما انتظمت في أيار 2008. هنا تدوير الرؤوس وليس تدوير الزوايا فقط.
المال هو العصب السياسي والعصب الاستراتيجي.
اذاً، ما يحتاجه التوافق اللبناني - اللبناني حول رئاسة الجمهورية، وحول قانون الانتخاب، هو المال. المشكلة ان المال (الخارجي بطبيعة الحال) مفقود في الوقت الحاضر، حتى ليسمع داخل تيار المستقبل من يتحدث عن اغتيال الرئيس سعد الحريري مالياً، وهو اكثر خطورة بكثير من الاغتيال السياسي.
الكلام بات في العلن حول «مأساة سعودي اوجيه». الحكومة السعودية، كما السفارات المعنية، توزع الحصص الغذائية على الآلاف الذين فقدوا اعمالهم، واستنفدوا كل مدخراتهم وباعوا حتى أثاث منازلهم».

ـ هل زالت امبراطورية الحريري؟ ـ

كيف حدث هذا الانفجار ولماذا؟ المأسوي اكثر ان بعض اشقاء وشقيقات لـ«الشيخ سعد» يتهمونه شخصياً بالتسبب في ما جرى. هل زالت امبراطورية الحريري؟
والسؤال المستمر، والأكثر الحاحاً، هو لماذا لم تمد المملكة يد العون الى «طفلها المدلل» في لبنان؟ هنا اللغز، وان قيل ان السعودية تواجه وضعاً مالياً دقيقاً للتقاطع الزمني بين تدهور اسعار النفط وارتفاع كلفة الحروب.
ولكن هناك من يلفت الى ان العلاقة بين رئىس تيار المستقبل واركان المملكة الآن ليست على ما يرام. الدليل ان الحريري لم يظهر حتى الآن في اي صورة تجمعه مع ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان او مع ولي العهد الامير محمد بن نايف...
المال والسلطة صنوان في لبنان، وزير سابق ومخضرم (وعيتق في السياسة) قال لـ«الديار» «مثل الاب والابن والروح القدس هناك ثالوث اقدس في السياسة اللبنانية المال، السلطة، الخارج».
الحريري بأمس الحاجة الآن للعودة الى السرايا، صحيح ان احداً لا يتقدمه في زعامة الطائفة السنية. لكن هذا لا يدوم ما دامت ثقافة المصالح في لبنان قد تقدمت على اي مصلحة أخرى.

ـ عشاء للجنرال ـ

ومن داخل تيار المستقبل «لو كانت المسألة في يده، لدعا العماد ميشال عون الى عشاء آخر لاعلان ترشيحه». المسرح الاقليمي بات اكثر تعقيداً. الحريري ينتظر كما ينتظر الآخرون. وخلال جلسة الحوار يوم الثلثاء لوحظ كيف تم تهريب ملف رئاسة الجمهورية الى خارج القاعة.
الذين اعترضوا انما اعترضوا بصوت خافت لادراكهم جميعاً ان رئاسة لبنان، وربما لبنان بأكمله، خارج جدول الاعمال الآن. لبنان يوضع على طاولة التسوية حين توضع سوريا على طاولة التسوية. ولا قانون انتخاب لانه لا يقل اهمية، على المستوى التكتيكي كما على المستوى الاستراتيجي، عن رئاسة الجمهورية، الرئيس نجيب ميقاتي اعلن ان موسم القطاف لم يحن بعد.
أكثر من جهة سياسية لاحظت ان موضوع سلاح «حزب الله» لم يكن وارداً لا في السلة ولا خارج السلة. هذه مسألة مرتبطة بالوضع العام في المنطقة. فجأة كما لو ان يداً واحدة تحرق الجميع. نزل الوحي على فريق معين من المشاركين. اوركسترالياً بدأت الشروط تتوالى «لا شيء قبل انهاء وجود السلاح غير الشرعي».
أحدهم تذكّر ان هناك سلاحاً في المخيمات. لكنه لم يُطلب، على سبيل المثال، نزع سلاح تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» على الارض اللبنانية.
مقاتلون من كل الاجناس، بحسب شخصية مرموقة في عرسال، هناك مقاتلون ينتمون الى 9 جنسيات بعدما كان الحديث عن 13 جنسية.
من يعنيهم الأمر فهموا ان اثارة موضوع سلاح «حزب الله» على ذلك النحو المفاجىء، وبعدما كانت تقتصر على موضوع النظام النسبي في الانتخابات، لتشمل سائر المواضيع الاخرى وراءها الاصابع التي تحرك الكثير من الخيوط في لبنان...
وثمة من سأل «لماذا لا يشترط نزع سلاح «حزب الله» قبل انتخاب رئيس للجمهورية؟ كل ما في المسألة انه لا بد من حجة، ولو كانت الحجة التعجيزية، وغير القابلة للتحقيق من اجل ان يبقى لبنان في ردحة الانتظار...

ـ الطائف والابواب الكثيرة ـ

في الكواليس الكثير من الكلام حول خوف جماعة معينة من ان يؤدي فتح الباب امام تنفيذ «النصوص التي لا تزال مقفلة» في اتفاق الطائف قد يؤدي الى فتح ابواب كثيرة تفضي الى محاكاة المؤتمر التأسيسي.
في هذه الحال لا مجلس شيوخ حتى لا يندلع الصراع بين الارثوذكس والدروز حول رئاسته، ولا قانون انتخاب خارج القيد الطائفي لقطع الطريق على حلم بري، الحلم الاستراتيجي، بتطبيق المادة 95 من الدستور التي تنص على تشكيل هيئة لالغاء الطائفية.
مع التوقف هنا عند الطرح الضرائبي للبعض من ان يكون التمثيل في مجلس الشيوخ نسبياً اي أن يؤخذ العدد بالاعتبار، ما يلغي، حكماً، الغاية الفلسفية والسياسية من انشاء هذا المجلس.
والنتيجة انه برج بابل وان من يقرر عن قوى سياسية معينة هو الخارج الذي ينظر الى لبنان من خلال المشهد البانورامي للمنطقة برمتها...
البعض تحدث عن «الانتظار المخيف» انتظار ماذا؟ ومن هي الجهة التي تقرر مصير لبنان عندما تدق ساعة التسويات؟ اللبنانيون خارج اللعبة او نصفهم تقريبا.

ـ اللواء ابراهيم ـ

في هذا السياق بالذات توقفت المراجع السياسية امام قول المدير العام للأمن العام «اننا خضنا اصعب المواجهات مع الارهاب ولا يزال ينتظرنا الكثير والاقسى، لافتا الى «ان الامراض السياسية تزداد انتشارا في الجسد اللبناني وتعطيله في ظل مخططات دولية تجعل استقرارنا حرجا».
ورأى «ان الاخطر من كل ذلك ان هناك نوعا من التكيف مع الازمات والفراغ الرئاسي والشلل الحكومي» لافتا الى «ان المطلوب الكف عن المراهنات الخارجية واستجداء الحلول المستوردة».
وفي عبارة ذات معنى وربما تعكس تخوفا من اتجاهات اقليمية او دولية في شأن «ورقة النازحين»، قال ابراهيم «ان توطين النازحين السوريين يعني مباشرة الحرب».
حين قرأ قطب بارز ما قاله المدير العام للامن العام رأى ان هذا الكلام كان يجب ان يلصق على باب قاعة الحوار او يوزع على من في القاعة لعلهم يقرأون ولعلهم يعقلون

الجمهورية :

الحدث في الجبل اليوم، إحياء للذكرى الخامسة عشرة للمصالحة، وتدشين كنيسة السيدة في المختارة برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي والنائب وليد جنبلاط. وقيمة هذا الحدث تتجلى في كونه مناسبة تخرق الانسداد السياسي القائم، ويعوّل عليها أن تؤسس لما بعدها بوصفها فرصة ثمينة للتلاقي وتقريب المسافات بين المكوّنات اللبنانية. وفيما دخل حوار عين التينة في استراحة لشهر، لعلها تجمع الإرادات الوطنية لترجمة ايجابية لخريطة الطريق التي رسمتها «الثلاثية» نحو إنشاء مجلس الشيوخ، يدخل الفراغ الرئاسي شهره السابع والعشرين، مع فقدان الامل في إمكان إجراء الانتخابات الرئاسية في المدى المنظور.

سياسياً، إنزاح دخان حوار عين التينة من الاجواء الداخلية، وعاد الملف الرئاسي بنداً رئيسياً في جدول المتابعات الداخلية، من دون ان تبرز اية مؤشرات تدفع به الى خانة الايجابية.

وفي هذه الاجواء بات محسوماً انّ جلسة مجلس النواب المقررة الاثنين المقبل في الثامن من آب الجاري، ستنضمّ الى سابقاتها في الفشل بانتخاب رئيس. في هذا السياق قال مرجع كبير لـ«الجمهورية»: «خلافاً لكلّ ما يقال عن تفاؤل او ما شابَه... لا رئيس جمهورية في جلسة الاثنين، وانا على يقين أنّ الملف الرئاسي لم يتقدم ولو خطوة واحدة الى الامام، بل ما زال عند نقطة الصفر».

بري لـ «الجمهورية»

في هذه الاثناء اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية» انه «بدأ الشغل في الموضوع الرئاسي، ولن أتوقف عن ذلك».

واكد بري انه «أبلغ اطراف طاولة الحوار، وعن قناعة، بإمكان انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية السنة». وقال: لا استطيع الّا ان اتفاءل، والمسؤولية تقع على كل الفرقاء.

ودقّ بري ناقوس الخطر وقال: اقول للجميع، نكون مجانين ان لم نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية او الوصول الى حلول قبل نهاية السنة، اكاد اقسم انّ البلد مقبل على الخراب ان لم نتدارك ذلك قبل فوات الاوان، ليس فقط على المستوى الرئاسي بل هناك امور اخرى اقتصادية ومالية بلغت قمّة الخطر.

ورداً على سؤال عن مكامن الخطر، قال بري: انا ادرك ما اقول، البلد لم يعد يحتمل، وماذا افعل لكي يقتنع الجميع بأننا في خطر ونقترب من الهاوية؟!

ورداً على سؤال آخر قال بري: على رغم الانقسامات بين القوى السياسية، فكل الاطراف أجمعوا على الحوار وضرورته، وانا اؤكد انّ هذا الحوار ما زال يشكل صمّام الامان للبلد. ولنفرض انّ الحوار غير موجود، فكيف سيكون وضع البلد؟ من هنا كل الاطراف مطالبون بمقاربات ايجابية لعلنا نتفق ونخرج ممّا نحن فيه.

وكان الموضوع الرئاسي محلّ بحث بين الكاردينال الراعي والسفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد التي زارت بكركي أمس. وعلمت «الجمهورية» أنّ «اللقاء غلبت عليه الإيجابية، وقدّم الراعي شرحاً مفصّلاً عن الوضع العام وخصوصاً ازمة رئاسة الجمهورية، وأبدت ريتشارد تفهّمها لمطالب بكركي ووعدت بالعمل على حلها، وأكدت على استمرار الدعم الأميركي للدولة اللبنانية».

وعبّرت مصادر بكركي عن ارتياحها للقاء، وأكدت لـ«الجمهورية» انّ «السياسة الأميركية لن تتغير تجاه المواضيع الحسّاسة المطروحة، وأن اللقاءات ستُتابَع».

مصالحة الجبل

المختارة تحتضن الحدث، هي ذكرى تاريخية يحييها اللبنانيون اليوم، تشكّل محطة مفصلية في العلاقات بين المكونات اللبنانية التي شرذَمتها الحرب. في مثل هذا اليوم، انطوَت صفحة كانت مليئة بالحروب، وفتح البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير صفحة جديدة في كتاب التاريخ اللبناني عموماً، والماروني - الدرزي خصوصاً، وبالتأكيد ما كانت خطوة صفير لتنجح آنذاك لولا وجود إرادة مشتركة مع المكوّن الدرزي وعلى رأسه النائب وليد جنبلاط في إعادة اللحمة الى جبل لبنان.

وممّا لا شك فيه انّ هذا الجبل، وكما يقول مواكبون لهذا الحدث، لطالما كان الشاهد على نضالات أبنائه التاريخية بمواجهة الحقبة العثمانية. رجالات كبار مرّوا على الجبل مثل الامير فخر الدين والأمير بشير، وفي الماضي القريب الرئيس كميل شمعون وكمال جنبلاط، خصوصاً، اللذان فرضا معادلة «كميل وكمال» التي حكمت الجبل لفترة طويلة.

وتأتي أهمية هذه الذكرى، كما يقول معنيون بها، بكونها تتزامن مع واقع شديد الحساسية، خلاصته:

أولاً، يجمع الموارنة والدروز، الخوف على المصير لا بل الخوف الوجودي، وسط تفشيّ الإرهاب في العالم.

ثانياً، فقدان المسيحيين لحضورهم في سوريا والعراق، ومنطقة الشرق الأوسط عموماً بعد موجات التهجير.

ثالثاً، خوف دروز سوريا من ان تتمدد اليهم نار الازمة السورية.

رابعاً، سَعي المسيحيين، والموارنة بشكل خاص وكذلك الدروز لإعادة رسم أدوارهم الفاعلة ضمن التركيبة السياسية اللبنانية.

ولمناسبة ذكرى المصالحة اتصل جنبلاط بالبطريرك صفير قائلاً له: «بُكرا نهارك. أنت فتحت الطريق عام 2001 للمصالحة في الجبل ولبنان، وكان الجبل ولبنان بحمايتك، وبكرا رح يكون الجبل ولبنان بحمايتك، وستكون حاضراً بيننا مثلما كنت حاضراً معنا من أوّل الطريق».

في أجواء هذا المشهد، يصل الكاردينال الراعي اليوم الى الجبل لإحياء الذكرى الـ15 للمصالحة وتدشين كنيسة السيدة في المختارة.

وأبلغت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» قولها: «إنّ الراعي سيركّز على أهمية التعايش المسيحي - الدرزي، وإرساء مصالحة الجبل، وان لا عودة الى زمن التقاتل الماروني - الدرزي واستمرار العمل على تثبيت أسس المصالحة».

ولم تستبعد المصادر التطرّق الى الأزمة الرئاسية، خصوصاً أنّ «بكركي تراهن على دور جنبلاط المحوري في حلّ الازمات الداخلية والفراغ الرئاسي، علماً أنّ الرئاسة تدخل كعامل اطمئنان لجميع اللبنانيين وليس للموارنة فقط».

وتزامناً مع الحدث الشوفي الذي سيجمع حشداً من القيادات الروحية والسياسية والحزبية والوطنية من بينهم رؤساء جمهورية سابقون ورؤساء أحزاب ووزراء ونواب، لوحظت ترتيبات تمهيدية أعدّها الحزب التقدمي الاشتراكي، كما انجزت القوى الأمنية والعسكرية ترتيبات أخرى أمنية إستثنائية في المنطقة، فانتشرت وحدات من الجيش والقوى الأمنية الأخرى لمواكبة الحدث وحمايته.

الجميّل

وعشيّة الإحتفال اعرب الرئيس الأسبق امين الجميّل لـ»الجمهورية» عن ارتياحه للحدث مهنئاً القائمين به ومؤكداً على أهمية مشاركة الجميع فيه بالنظر الى اهميته في الشكل والمضمون والأهداف التي حكمت تلك الزيارة وإحياء الذكرى حفاظاً على الروحية التي عبّرت عنها يومها والتي شكّلت مساراً لمرحلة جديدة.

ورداً على سؤال عن شعوره بأهمية ما حصل قبل 15 عاماً، وهو من وقّع الوثيقة السياسية المشتركة مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط قبلها بعام، وتحديداً في 26 آب العام 2000؟ قال الرئيس الجميّل: كانت مرحلة مليئة بالرهانات الوطنية الكبرى التي تحققت في وقت لاحق والتي تَوّجها البطريرك صفير بالمصالحة الكبرى، والتي شكلت تأريخاً فاصلاً بين مرحلة وأخرى.

وشدد الرئيس الجميّل على أهمية اتخاذ كل الخطوات التي تترجم هذه المصالحة وتعميمها على مستوى الوطن، معبّراً عن أسفه لبعض الأحداث التي تلتها، والتي فَرمَلت تعميمها على مساحة لبنان بعدما تلاحقت الأحداث السياسية التي أرجعتنا الى الوراء، فتوالدت بعدها الأزمات الحكومية التي واكبَت تشكيل كل حكومة، والتي استهلكت سنوات عدة من عهدين رئاسيين قبل ان يقع الفراغ الرئاسي منذ اكثر من 27 شهراً، والذي انعكس شللاً نيابياً وحكومياً وإدارياً حيث انتشر الفساد في كل مكان.

وحذّر الرئيس الجميّل من استعادة البعض اللهجة الطائفية المتزمتة والمزايدات المذهبية في الأيام الأخيرة من هنا وهنالك، والتي تتناقض واجواء المصالحة التي تكرست في الجبل على اساس انها طَوت صفحة أليمة وفتحت أخرى تطمئن اللبنانيين الى المستقبل، فعادت حليمة الى عادتها القديمة وعاد البعض الى القوقعة كلّ في صومعته.

عدوان

وفيما وصف النائب جنبلاط حدث اليوم في المختارة بالتاريخي، قال نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان لـ«الجمهورية»: «المصالحة في الجبل راسخة ومستمرة وأساساتها ثابتة، وكل يوم نزيد مدماكاً عليها لأننا متمسّكون بالعيش المشترك مع إخواننا الدورز»، متمنياً «تعميم نموذج الجبل على كل لبنان».

وشدد عدوان على «الفصل بين الخلاف السياسي والمصالحة التاريخية»، موضحاً أنه «في العام 2009 كان هناك اختلاف سياسي مع جنبلاط واستمرت العلاقة، واليوم هناك تواصل دائم ولا شيء يهزّ المصالحة».

ولفت الى أنّ «مصالحة «القوات» و«التيار الوطني الحرّ» تساهم في تثبيت مصالحة الجبل وتأتي ضمن سياسة مدّ الجسور بين الجميع»، مؤكّداً «التنسيق الدائم مع جنبلاط حيث أننا متفقون معه على قانون انتخاب يطمئن الجميع خصوصاً أننا و»التيار» لا نريد إلغاء أحد أو أن نستقوي على أيّ مكوّن داخلي، بل نطمح الى الحوار والتفاهم مع الجميع».

 

اللواء :

حققت فصائل المعارضة السورية أمس تقدما ملحوظا في حلب في اطار سعيها لفك الحصار عن الاحياء الشرقية الامر الذي قد يغير موازين القوى في حال تواصل تقدم المعارضة شرقا باتجاه الراموسة لفتح طريق جديد للاحياء الشرقية على الرغم من صعوبة المعركة التي يعتبرها النظام السوري وحليفه الروسي «مسألة حياة أو موت» حيث يشن أعنف الغارات الوحشية على المدنيين اضافة الى هجومات مضادة يرافقه قصف عنيف على مقاتلي المعارضة لمنعهم من التقدم.  وتزامنت هذه التطورات مع تسجيل صوتي لزعيم جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) ابو محمد الجولاني اكد فيه ان نتائج معركة حلب «ستقلب موازين الصراع» في سوريا
على الخط الدبلوماسي أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس الاول أنه لم يعد يثق بنظيره الروسي بشأن الحل السياسي في سوريا مشيرا الى انه يتوجب «علينا اعادة تقييم الوضع لوقف الاعمال العدائية» في اشارة الى التصعيد الروسي غير المسبوق في حلب والحصار المفروض على المدنيين.  
في هذا السياق سيطرت المعارضة السورية مساء امس على مواقع عسكرية إستراتيجية في كلية المدفعية جنوب حلب، كما شنت هجمات في تلة المحروقات ومنطقة الشيخ سعيد؛في وقت دخلت معركة كسر حصار حلب مرحلتها الرابعة، حسبما أعلنت فصائل المعارضة التي أشارت إلى سيطرتها على منطقة الجمعيات الواقعة في أطراف مدينة حلب الجنوبية، وقرية العامرية.
وأفادت مصادر ميدانية في حلب بأن جيش الفتح التابع للمعارضة المسلحة تمكن من السيطرة على كلية التسليح ومبنى الضباط ومستودع للذخيرة في كلية المدفعية بمنطقة الراموسة جنوب حلب، وذلك بعد معارك عنيفة مع قوات النظام والمليشيات الداعمة له.
وتركزت المعارك حول كلية المدفعية وفي محيط تلة المحروقات، وذلك بمشاركة آلاف المقاتلين من فصائل المعارضة، حيث أعلن جيش الفتح أنه بدأ المرحلة الثالثة من الهجوم مع سيطرته نارياً على طريق إمداد قوات النظام في الراموسة.
وأحصت كتائب المعارضة مئات الغارات الجوية التي شنتها قوات النظام والطيران الروسي ضد مواقعها في محيط حلب وريفها.
ودارت اعنف الاشتباكات جنوب حلب اثر هجوم جديد شنته الفصائل الاسلامية والمقاتلة في مسعى لكسر حصار قوات النظام على احياء المدينة الشرقية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن: «شنت الفصائل المقاتلة الجمعة هجوما عنيفا في محور الكليات العسكرية جنوب غرب حلب، وتمكنت من السيطرة على اجزاء فقط من كليتي التسليح والمدفعية» المحاذيتين لمنطقة الراموسة
واوضح عبد الرحمن انه «في حال تمكن الفصائل من السيطرة على الكليتين تكون بذلك قطعت طريق الامداد الوحيد الى الاحياء الغربية»، ويفترض بها بعد ذلك ان «تواصل تقدمها شرقا باتجاه الراموسة لفتح طريق جديد للاحياء الشرقية وبالتالي كسر حصار قوات النظام عنها». 
 لكن العملية ليست بهذه السهولة، يؤكد عبد الرحمن، اذ انه «من الصعب جدا ان يسمح النظام وحليفته روسيا بمحاصرة الاحياء الغربية او كسر حصار الاحياء الشرقية». 
واضاف: «انها مسألة حياة او موت بالنسبة للنظام وروسيا»، مشيرا الى ان الجيش السوري شن هجوما مضادا يرافقه قصف جوي عنيف في محاولة لطرد المقاتلين من المواقع التي تقدموا فيها
 وفي تسجيل صوتي، اكد زعيم جبهة فتح الشام الجهادية ابو محمد الجولاني ان نتائج هذه المعركة «تتعدى.. فتح الطريق عن المحاصرين فحسب، بل انها ستقلب موازين الصراع في الساحة الشامية وتقلب طاولة المؤامرات الدولية على اهل الشام وترسم ملامح مرحلة جديدة لسير المع