الصفقات تعطّل الميزانية , والمسؤوليون اللبنانيون وصلوا إلى أعلى مستوى من الوقاحة

 

السفير :

الوضع مزرٍ. كل القطاعات ينخرها الفساد. لكن لقطاع الكهرباء دائماً «رونقه» الخاص. ذهبت كل الخطط التي وضعت للوصول إلى مرحلة الـ24/24 أدراج الرياح، والأسوأ أن لا وعود جديدة تقدم، ولا آمال يعيش عليها اللبنانيون، سوى المساعي المحلية التي تجري في أكثر من منطقة للخروج من شرنقة «كهرباء لبنان»، باتجاه حلول مستقلة شبيهة بتجربة «كهرباء زحلة».
أما المعامل التي كان يفترض أن تركّب أو تجدّد، فما تزال على حالها. «فاطمة غول» وقريبتها «أورهان باي» اعتادتا البحر اللبناني وهو اعتادهما، فيما الشعب اللبناني يدين لهما بربع التغذية الكهربائية (360 ميغاواط من إجمالي 1300 ميغاواط في الساعة كانت معدل الانتاج في الأسبوع الماضي، حسب رئيس اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الطاقة النيابية محمد الحجار).
هل لهذا الوضع أن يتحسن؟
كل المؤشرات تفيد أن التغذية بـ «التيار» لا يمكن أن ترتفع أكثر من ساعتين يومياً في أفضل الحالات. وهو ما يعني أن الأزمة لن تنتهي في القريب العاجل وأن اللبنانيين سيضطرون إلى التعايش مع المزيد من العتمة.
تقدّر حاجة لبنان الكهربائية بين 3000 و3300 ميغاواط/ ساعة، فيما معدل الانتاج حالياً يصل إلى 1600 واط (بعد إصلاح أعطال معمل الذوق التي خفّضت الانتاج نحو 300 ميغاواط). وهذا الرقم مرشح للتحسن بشكل طفيف بعد زيادة قدرة الباخرتين التركيتين وإدخال المولدات العكسية التي أنجزتها شركة BWSC الدانمركية في معملي الذوق والجية، والتي يمكن أن ترفع التغذية ما بين 250 و300 ميغاواط.
وبالرغم من أن الشركة الدانمركية أنهت عملها، الذي سبق أن تأخر ثمانية أشهر بسبب التجاذبات السياسية المحلية، إلا أن خلافاً بينها وبين كهرباء لبنان نشأ مؤخراً على خلفية الفترة التجريبية وعملية وضع الوحدات الجديدة على الشبكة، حيث كان هذا الأمر محل نقاش في فرعية لجنة الطاقة النيابية، التي خصصت جلستها، أمس، لمتابعة ما يجري في معملي الذوق والجية. إلا أن مصادر وزارة الطاقة رفضت ما يحكى عن خلاف، مشيرة إلى أن التأخير تقني ويتعلق بإعداد عقد الصيانة.
كل الجهد ينصب حالياً على زيادة ميغاواط من هنا أو من هناك، لكن الحل النهائي والناجع للأزمة التي صار عمرها من عمر السلم الأهلي، يحتاج إلى الكثير من الأناة، ريثما تحل الخلافات السياسية أولاً. فهذه الخلافات حرمت اللبنانيين من إنجاز معمل دير عمار، الذي كان يفترض أن يكون قد وُصل إلى الشبكة منذ عام. فإذ بالعمل لم يبدأ حتى الآن، نتيجة الخلاف بين وزارتي الطاقة والمال، ومن خلفهما بين «التيار الوطني الحر» و«أمل».
في الذوق، مكانك راوح منذ سنوات. عملية التأهيل ما تزال بعيدة الأمد. شركة «انسالدو مدكا» التي كانت المتقدم الوحيد إلى المناقصة لم تباشر العمل. ثمة مشكلتان أساسيتان تعوقان ذلك، الاولى، مرتبطة بكونها الشركة الوحيدة التي تقدمت إلى المناقصة. الثانية، تتعلق بالعرض المالي الذي قدمته والذي يزيد بـ90 مليون دولار عن تقدير الاستشاري (170 مليون دولار). وبالرغم من أنها عادت وخفّضت المبلغ إلى 220 مليون دولار ربطاً بانخفاض سعر اليورو، إلا أن ذلك لم ينه الأزمة، التي صارت تتطلب موافقة مجلس الوزراء على توقيع عقد بالتراضي معها.
آخر التطورات كانت طلب كهرباء لبنان من الشركة إعادة تخفيض العرض، نتيجة تخفيض قيمة الأشغال (خلال 4 سنوات من التأخير، قامت المؤسسة بإجراء بعض التحسينات، فلم يعد «الذوق» بحاجة إلى الأعمال نفسها).
وتقول مصادر متابعة أنه حتى لو خُفّضت قيمة العرض، فإن ذلك لن يحل المشكلة، إذ أن وجود شركة واحدة يعني أن العقد سيكون اتفاقاً بالتراضي، وفي الظرف السياسي الحالي يُستبعد أن يتخذ مجلس الوزراء قراراً بهذا المبلغ وبالتراضي.
مع ذلك، طلبت اللجنة الفرعية من وزارة الطاقة وكهرباء لبنان أن يعودا إليها خلال شهرين بنتيجة التفاوض، علماً أن متابعين للملف يؤكدون أن مسألة التأهيل لم تحسم نهائياً بعد، بانتظار حسم القيمة النهائية له وتبيان جدواه بالمقارنة مع إنشاء معمل جديد.
الوضع في الجية على مساوئه، يبقى أفضل. فبعد حسم الأمر بعدم جدوى تأهيل المعمل الحالي، ربطاً بالتكلفة والانتاج، بدأت منذ فترة عملية البحث عن ممول. وبالفعل تم أمس الإعلان عن موافقة الصندوق العربي على تمويل معمل بقدرة إنتاج 600 ميغاواط، علماً أن القدرة الإسمية للمعمل تبلغ 250 ميغاواط، فيما انتاجه الحالي لا يزيد عن 80 ميغاواط ويمكن أن يصل إلى 120 ميغاواط، من دون احتساب إنتاج الباخرة التركية. لكن المشكلة أن المعمل ما يزال في مرحلة التحضير، حيث يفترض أن توقع كهرباء لبنان عقداً مع شركة كهرباء فرنسا (EDF) لدرس المخططات التوجيهية العامة والتعديلات المطلوبة على المحطة التي تأخذ في الاعتبار انشاء معامل جديدة في لبنان، فيما وقّع مجلس الإنماء والإعمار عقداً معها بغية إجراء دراسة حول تفكيك المعمل وتحديد قدرته من خلال تقدير قدرة شبكة النقل.
وبحسب المعلومات المتوافرة، يتوقع أن يكون مجلس الإنماء والإعمار قد أنجز ملف تلزيم معمل الجية مع نهاية العام الحالي. وعندها فقط يمكن البدء باحتساب فترة الأمل بتحسن التغذية بالتيار. علماً أنه لو أعلن اليوم عن حل الخلاف حول معمل دير عمار، وانتهى الإشكال المتعلق بمعمل الذوق، فإن على اللبنانيين أن ينتظروا ليس أقل من ثلاث أو أربع سنوات حتى يروا الكهرباء 24 على 24. لكن بحسب التجارب السابقة، ومن دون أخذ العجز الحكومي بالاعتبار، فإن أحداً لا يشك أن ساعة الصفر ستتأخر، وأن مطبات كثيرة ستؤخر الحلم الكهربائي المستحيل. وفي هذا الوقت، يترنح القطاع ويتجه نحو خصخصة متدرجة بدليل أن الجنوب صار بمعظم مدنه وقراه يحصل على كهرباء 24 على 24 من المولدات المحلية التي تديرها البلديات، وها هو الشمال ينتظر بناء المحطة التي أخذها على عاتقه الرئيس نجيب ميقاتي، وثمة من يستعد لاطلاق مشاريع مماثلة في جبل لبنان الشمالي والجنوبي..

النهار :

فيما يواجه لبنان اختباراً دقيقاً جديداً لدى مشاركته في القمة العربية المقرر عقدها في نواكشوط عاصمة موريتانيا الاثنين المقبل من خلال تحفظ دول عربية وخليجية عن بند "التضامن مع لبنان"، شهدت جلسة مجلس الوزراء أمس فصلاً جديداً من فصول التجاذبات والمناكفات حول ملف الخليوي الذي أضيف الى قائمة الملفات الخلافية المتراكمة من دون أي افق من شأنه ان ينهي دوامة ترحيل الملف تلو الآخر.
وفي جلسة "المشاكل واللاحلول"، كما وصفها عدد من الوزراء، بقي الخلاف على حاله في شأن المناقصة ودفتر الشروط لادارة شبكتي الهاتف الخليوي الذي ينتقل من جلسة الى أخرى. وبذلك يستمر وزير الاتصالات بطرس حرب يمدّد شهراً فآخر لشركتي "الفا" و"ام تي سي"، الى أن تجري مناقصة التلزيم، كما يستمر الخلاف على دفتر الشروط معرقلاً المناقصة. وهذا ما أدى الى انفجار سجال بين الوزير حرب من جهة والوزير جبران باسيل مدعوماً من الوزراء حسين الحاج حسن ومحمد فنيش والياس بو صعب من جهة أخرى، فيما تقدم وزير الثقافة روني عريجي بمشروع حلّ وسطي بأن تجرى المناقصة على مرحلتين وأن تعطى علامات على عدد السنين وعدد الخطوط التي تديرها الشركة العارضة. ووصف الوزير حرب اقتراح عريجي بأنه جيّد، مشيراً الى أنه سيأخذ به في تصوّره المقبل.
وأفادت أوساط وزارية ان النقاش دار حول دفتر الشروط المتعلق بمناقشة إدارة وتشغيل الخليوي، واقترح وزير الاتصالات حصر النقاش بالقضايا التي أثيرت والاعتراضات التي كانت قدمت على دفتر الشروط الذي اقره مجلس الوزراء. وطلب ان يحصر البحث في الاعتراضات وليس إعادة النظر في مجمل دفتر الشروط. وأفسح في المجال لعرض الاعتراضات ونوقشت. وجرى نقاش اتسم بالحدة في بعض جوانبه. الفريق المعترض الذي ضم الوزراء باسيل وأبو صعب وفنيش رفض وضع شروط لا تكون فيها شركة "اوراسكوم". فكان المطلوب خفض عدد المشتركين في الشبكات من ١٠ ملايين كل سنة الى مليونين كل سنة لكي تتمكن شركة "اوراسكوم" من دخول المناقصة.
واعتبر وزير الاتصالات أن القطاع يتجه الى جيل متطور وان عدد المشتركين قد يفوق العدد الحالي بكثير الى جانب الدخول في الجيل الرابع والخامس مما يحتم وجود شركات تملك خبرة كافية قادرة على ان تطور الجيل الرابع وان تدخل القطاع في الجيل الخامس وتلبي حاجات اعداد كبيرة من المشتركين يفوق العدد الحالي، وقادرة على إدارة شبكات من ١٠ ملايين مشترك وما فوق. وشدد على انه اذا كان هذا العدد سيخفض فهو شخصياً لن يوافق عليه. واذا كان المطلوب ادخال شركة معينة وتمسك فريق بإدخالها فهو قد أدخل تعديلاً في الكتاب الذي ارسل الى مجلس الوزراء يقضي بقبول اتحاد الشركات Consortium او شركة فرعية Filiale شرط ان تتعاون شركات الـ Consortium التي لا تملك الطاقات الفنية الضرورية مع شركة فنية كبيرة تكون مسؤولية عن ضمان حسن التنفيذ والتطوير. وفي حال الـ Filiale ان تتعهد الشركة الام مع الحكومة حسن التنفيذ والتطوير. وهذا ما يسهل دخول كل الشركات بما فيها شركة "أوراسكوم" التي يتمسك بها الفريق المعارض. مع العلم أن شركة "أوراسكوم" لم تعد تدير أي شبكة في العالم الا في لبنان.
لكن الفريق الاخر تمسك بموقفه واتهم الوزير حرب بأنه يتعمد ابعاد شركة "الفا" لأن موظفيها من التيار العوني. فرد حرب بحدة بأنه يحاول رفع مستوى الخدمات ولو كان يريد تطبيق سياسة حزبية لكان استبعد عددا كبيرا من الموظفين الحزبيين في هيئة المالكين الذين لا يربطهم أي شيء بوزارة الاتصالات. وخاطب الفريق المعترض قائلاً: "إذا كنتم متمسكين الى هذه الدرجة بإعطاء شركة أوراسكوم إدارة شبكة خليوية رغم عدم تمتعها بالشروط الفنية المطلوبة، فليقرر مجلس الوزراء إعطاءها هذه الشبكة دون مناقصة اذا كان هذا ما تطالبون به".
وأرجأ مجلس الوزراء الملف الى جلسة لاحقة على أن يضع حرب تصوره بعد الاخذ بالملاحظات والمقترحات التي عرضها الوزراء، وهو أكد أنه لن يأخذ الا بالجيّد منها، لأن بعض الملاحظات هي للتعطيل والمماحكة ولحماية شركة وفريق مسيطر.
وطرح الوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن كارثة تلوّث نهر الليطاني وانقسمت الآراء حيال أسبابها. وفيما رأى وزير الزراعة أكرم شهيّب ان الحلّ هو بإقفال المرامل عند المصبّ، عارض وزير الداخلية نهاد المشنوق وجهة النظر هذه وقال إن المشكلة لا تقتصر على اقفال المرامل، بل تبدأ من النبع وصولاً الى المصبّ، وأشار الى أنه طلب وضع دراسة عن تأثير المرامل. وتقرّر أن يعقد مجلس الوزراء جلسة خاصة بمشكلة الليطاني لحلّها، وشكّل لجنة وزارية لدرس الملف.
ويشار في هذا السياق الى ان وزير الصحة وائل ابو فاعور شدد في حديث الى برنامج "كلام الناس" مساء امس على ان التعديات على نهر الليطاني تستوجب تحرك النيابة العامة لتغريم المعتدين وحماية مجرى النهر. وتناول الاتفاق في ملف النفط بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل معتبراً ان اي اتفاق يجب ان يتم في الوزارات المعنية. وكشف انه " تنامى اليه انه تم بيع الداتا النفطية بـ137 مليون دولار وان الدولة استفادت فقط بـ30 مليونا منها".

 

لبنان والقمة
في غضون ذلك، بدا أمس من خلال اجتماع تمهيدي لكبار الموظفين في جامعة الدول العربية في نواكشوط، ان لبنان يتحسب لموقف متحفظ لدى الدول الخليجية عن البند الخاص بالتضامن معه المدرج في جدول أعمال القمة العربية التي سيرأس وفد لبنان اليها رئيس الوزراء تمام سلام ويضم عدداً من الوزراء. ومثل المندوب المناوب لدى الجامعة المستشار انطوان عزام لبنان في هذا الاجتماع الذي يسبق اجتماع وزراء الخارجية العرب غداً وألقى كلمة نبه فيها الى تداعيات التغيير الذي طرأ على التركيبة الاجتماعية في لبنان والناجمة عن لجوء مليون ونصف مليون سوري الى لبنان، داعياً الى التضامن معه لمساعدته على تحمل اعباء "الفاتورة الكبيرة التي احدثها اللجوء السوري". وقال: "لكم الحق بالنأي عن التضامن مع لبنان ولكن ألا ترمونه بهذه الخطوة في عين العاصفة وتعزلونه عن محيطه العربي؟ ان وفد لبنان يأمل ان يعيد الأخوة في مجلس التعاون الخليجي النظر في نأيهم عن التضامن مع لبنان وان يبقوا الى جانبه".

 

المستقبل :

رغم كثافة الاستحقاقات المعلّقة والمؤجّلة وأهمّيتها، عادت المماحكات الى مجلس الوزراء، لكن هذه المرة من باب سجال «خارج الخدمة» حول دفتر شروط مناقصة الخلوي دام أكثر من ثلاث ساعات، أي أكثر من ثلاثة أرباع الجلسة، لينتهي بتكليف وزير الاتصالات بطرس حرب تقديم مقترحات في ضوء ملاحظات أبداها وزير الثقافة ريمون عريجي، بعد نقاش حاد بين الوزير المعني وبين الوزراء جبران باسيل والياس بو صعب ومحمد فنيش.

السجال الذي دار حول دفتر الشروط المتعلق بإدارة وتشغيل الخلوي انطلق حسب مصادر وزارية شاركت في الجلسة مع اقتراح الوزير حرب حصر النقاش بالقضايا التي أثيرت والاعتراضات التي كانت قدّمت على دفتر الشروط الذي أقرّته الحكومة، وعدم إعادة النظر بمجمل بنود هذا الدفتر. لكن الوزراء باسيل وبو صعب وفنيش رفضوا وضع شروط تستبعد شركة «أوراسكوم»، أي عملياً الدعوة الى تخفيض عدد المشتركين بالشبكات من عشرة ملايين كل سنة الى مليونين لكي تتمكن هذه الشركة من دخول المناقصة.

أما وزير الاتصالات فاعتبر أن القطاع يتّجه الى جيل متطور وأن عدد المشتركين قد يفوق العدد الحالي بكثير الى جانب الدخول في الجيل الرابع والخامس وتقنيةMachine to Machine ما يحتّم وجود شركات تملك خبرة كافية وتلبّي حاجات أعداد كبيرة من المشتركين تفوق العدد الحالي. ورفض الموافقة على تخفيض هذا العدد، موضحاً أنه إذا كان هناك فريق يتمسّك بإدخال شركة معيّنة فهو قد أدخل تعديلاً في كتاب أرسله الى مجلس الوزراء يقضي بقبول اتحاد الشركات أو شركة فرعية بشرط أن تتعاون الشركات التي لا تملك الطاقات الفنية الضرورية مع شركة فنية كبيرة تضمن على مسؤوليتها حُسن التنفيذ والتطوير.

لكن باسيل وبو صعب، كما تضيف المصادر اتّهما حرب بأنه يتعمّد إبعاد شركة «ألفا» لأن موظفيها من التيّار «الوطني الحر»، فردّ حرب بحدّة أنه لو كان يريد تطبيق سياسة حزبية لكان استبعد عدداً كبيراً من الموظفين الحزبيين في هيئة المالكين. وقال: «إذا كنتم متمسّكين بإعطاء شركة «أوراسكوم» إدارة شبكة خلوية رغم عدم تمتّعها بالشروط الفنية المطلوبة فليقرّر مجلس الوزراء إعطاءها هذه الشبكة من دون مناقصة».

هنا تدخّل الوزير عريجي الذي اقترح الإجازة لوزير الاتصالات إتمام المناقصة على أساس الشركات التي تملك 10 ملايين خط في فترة السنوات الثلاث الماضية، وإذا لم تنجح يتم إفساح المجال لتخفيض هذا العدد. كما اقترح وضع نقاط للشركات وتصنيفها حسب عدد الخطوط التي تملك، ما يعطي الأفضلية للشركات الكبرى. فاقترح رئيس الحكومة تمام سلام أخذ هذا الاقتراح في الاعتبار علّه يقود الى صيغة يمكن إقرارها في الجلسة المقبلة.

المشنوق

وشهدت الجلسة سجالاً آخر بين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والرئيس سلام، حيث طالب الأول بإعفائه من الإشراف على اللجنة المكلّفة متابعة آلية تنفيذ مناقصات النفايات عبر مجلس الإنماء والإعمار، إلا أن رئيس الحكومة تمنّى عليه بوصفه الوزير المشرف تقديم أي ملاحظة الى مجلس الوزراء.

وإذ غاب عن الجلسة أي نقاش حول الوضع المالي أو موازنة 2017 كشفت مصادر وزارية لـ»المستقبل» أن عشرة وزراء في الحكومة شكّلوا «لوبي» وزارياً واجتمعوا أكثر من مرة وقرّروا تعليق مشاركتهم في جلسات مجلس الوزراء في حال عدم إدراج الموازنة على جدول الأعمال في وقت قريب

الديار :

هذا رأي وزير قال لـ«الديار» «هذا وقت الجد»، ليضيف ان قائد الجيش العماد جان قهوجي «على ما اعتقد وعلى ما أجزم» لن يقبل في حال من الاحوال أن تدخل مسألة التمديد له حلبة التجاذب (او الصراع) السياسي. هذا هو رأي كبار الضباط الذين يأخذون على بعض أركان الطبقة السياسية أنهم يسيّسون كل شيء.
وقال «الجيش خط احمر وقيادة الجيش خط احمر». هذا ليس رأيي بل هو رأي مراجع مسؤولة ايضاً تعتبر ان على السياسيين النظر الى المؤسسة العسكرية نظرة من يعي حجم الأهوال التي واجهتها، وحساسية (وخطورة) المهمة التي اضطلعت وتضطلع بها للحيلولة دون انتقال الحرائق السورية الى الساحة اللبنانية...
ولاحظ الوزير ان قيادة الجيش تعمل، بأقصى طاقتها، وعلى مدار الساعة، وعلى امتداد الحدود اللبنانية بكل تعقيداتها وتضاريسها واحتمالاتها، بل وهذا ما يفعله الجيش بأسر. ومن هذه الزاوية بالذات تفترض مقاربة ملف القائد وملف المؤسسة لا من زاوية المصالح والأنانيات واللعبة الداخلية التي وضعت البلاد سياسيا واقتصاديا على حافة الهاوية...
ولا يستبعد الوزير أن يكون لقهوجي موقف حاسم اذا ما حاولت اي جهة استعادة اللغة (الكلاسيكية) اياها في التعاطي مع التمديد او عدمه، اذ ليس مسموحاً تسييس الملف فيما البلاد، وفيما المنطقة، عند مفترقات خطرة تجعل الجيش اللبناني في حالة استنفار قصوى.
وتأكيد منه على ان قائد الجيش لم يبدر عنه اي تصرف أو أي اشارة باتجاه الموقع الرئاسي، «هو يخضع للسلطة السياسية ويقوم بواجباته كاملة في حماية البلاد، ودون ان تؤثر بمهمته المواقف التي تصدر هنا وهناك، وبخلفيات مختلفة».
الوزير تمنى على السياسيين ان يأخذوا بالاعتبار هذا الكلام، وأن يقرروا ما يشاؤون حيال منصب القائد، ولكن دون الزج باسم قهوجي في المعارك السياسية، وما يدور وراء هذه المعارك. بعبارة أخرى وأخيرة «اتركوا الجيش يعمل، ولا تحاولوا دفعه الى الحلبة السياسية بكل آفاتها وبكل مشاكلها».
الى ذلك، واشارة الى ما ذكرته «الديار» غداة مغادرة وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت بيروت من ان باريس ستنقل الملف الرئاسي الى نيويورك، صدر عن  رئاسة مجلس الامن الدولي، وبطلب فرنسي، بيان دعا الزعماء السياسيين في لبنان الى «التصرف بمسؤولية وتقديم استقرار لبنان والمصالح الوطنية على السياسة الحزبية».
وحذر من «ان الشغور والشلل السياسي الناجم عنه يضعفان بشكل خطر قدرة لبنان على مواجهة التحديات الامنية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية المتنامية التي تواجه الدولة»، معتبرا «ان انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل وحدة وطنية، وانتخاب مجلس النواب قبل ايار 2017 امور حاسمة لاستقرار لبنان ومرونته الكافية لتحمّل التحديات الاقليمية».
وابدى البيان بـ«اشد العبارات الممكنة قلقه الاعمق حيال الشغور منذ سنتين في رئاسة لبنان»، داعياً الى «الدخول في مفاوضات للتوصل الى تسوية بهدف انهاء الأزمة السياسية والمؤسساتية في لبنان».
كما شدد على «تمكين الحكومة من اداء مهماتها بفاعلية، وشجع الاطراف على اظهار الوحدة وتجديد التصميم على مقاومة الانزلاق الى العنف والفراغ»، لافتا الى «اهمية الرسائل المعززة للاعتدال من زعماء لبنان، بما في ذلك اجراء الحوارات المكثفة والدعوة الى نزع فتيل التوترات الطائفية».
بطبيعة الحال، هناك من كان يراهن على قرار لمجلس الامن يضع لبنان تحت الوصاية الدولية وبتدرج القرارات من 1559 الى 1701 و1757، ودون ان يبقى سراً ان قطباً سياسياً سأل ما اذا كان بالامكان استصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة باعتبار ان الجهة المعطِّلة (وحددها) للانتخابات الرئاسية انما تنتهك السيادة اللبنانية وتعرّض مؤسساتها للخطر...
اوساط سياسية تعتبر ان الصيغة التي وضع فيها البيان تؤكد ان الدول الكبرى تتعامل مع الأزمة (او الازمات) اللبنانية عن بعد، ودون ان تكون هناك مساع جدية منسقة لمساعدة لبنان على الخروج من عنق الزجاجة.
واذ كانت فرنسا من طرحت الموضوع، فهذا اقرار منها بأن كل الجهود والاتصالات التي بذلتها ذهبت هباء، ليكون البيان الرئاسي كتبرئة ذمة لباريس التي لا يزال بعض اركانها يتعامل مع لبنان على انه مولود فرنسي.
 

ـ رأس الرئيس عند داعش ـ


المبعوثون الفرنسيون قصدوا الرياض وطهران عدة مرات ليتبين لبعض المعلقين ان «رأس الرئيس عند داعش». كيف؟ كل الاهتمام الدولي او معظمه يتركز على كيفية معالجة ملف الارهاب، وهذا ما يحجب الكثير  من الملفات الاخرى التي تتسم بحساسية خاصة، حتى اذا ما عاد التنظيم الى الكهوف أمكن وضع كل الملفات العالقة على الطاولة.
الاوساط اياها ترى ان البيان أشبه ما يكون الى «رفع العتب»، ولا ينتج ديناميكية سياسية أو  حتى سيكولوجية تحمل افرقاء الداخل على تجاوز العوائق، بما في ذلك خطوط التماس، واطلاق الدخان الابيض...
النص انطوى على سلسلة من العبارات «القوية». لكن مطرقة رئيس مجلس الأمن لا تعطي رئيساً بحسب مصادر مرجع سياسي كبير اعتبر ان البيان بدا وكأنه يمدد الازمة حتى أيار المقبل، اي الى ما بعد الادارة الجديدة في الولايات المتحدة وتبلور المشهد الدولي.
هكذا لن يصل رئيس الجمهورية على حصان ابيض كما في قصص السحرة، بل قد يصل على ظهر سلحفاة، اذ أن البيان الرئاسي أخذ بالاعتبار تشابك الاوضاع الاقليمية وتداعياتها على لبنان، حتى ان بعض الديبلوماسيين الاوروبيين في بيروت يعتبرون ان بقاء الساحة اللبنانية تحت السيطرة، اذا ما أخذت بالاعتبار قوة الزلزال السوري الذي تجاوز حتماً مقياس ريختر، ينطوي على معجزة حقيقية.
المشكلة ان ما حصل هو نصف المعجزة، النصف الاخر هو الانتظام السياسي الذي يتكامل مع الانتظام الامني.
فرنسا احاطت اللبنانيين علماً بأن هذا اقصى ما تستطيع ان تفعله، وحتى بمؤازرة «لوجيستية» من الفاتيكان الذي يساوره القلق الشديد على الحضور السياسي للمسيحيين في لبنان.
والديبلوماسية الفرنسية تقول ان على الساسة اللبنانيين ان يفعلوا الحد الأقصى لتحقيق التسوية. ما لاحظه ايرولت خلال لقاءاته في بيروت، ان القوى المحلية تدور حول نفسها، لا أحد جاهز للتقدم خطوة واحدة الى الأمام ما دامت الجدران الاقليمية على حالها...
غير ان المشهد الشرق اوسطي تغير على نحو دراماتيكي منذ ان عاد وزير الخارجية الفرنسي الى باريس. الاحداث التركية هزت كل المعادلات، وحديث عن ارتباك في اكثر من عاصمة في المنطقة مع تأكيد لقاء فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان في اوائل شهر آب المقبل.
سلسلة طويلة من علامات الاستفهام حول ابعاد اللقاء بعدما كانت العلاقات بين أنقرة وموسكو قد وصلت منذ أشهر قليلة، الى حدود الانفجار، ما يعني ان الازمات عالقة والتسويات عالقة. هل يستطيع لبنان ايجاد ممر بين الازمات والتسويات يوصل الى قصر بعبدا؟
مصادر عين التينة قالت لـ«الديار» ان الرئيس نبيه بري، وقبل ان يتوجه الى اوروبا، بعث برسائل «خطيرة» الى أكثر من جهة لبنانية، والى حد القول ان القوى المستعدة للقبول بحلول معينة خلال ثلاثية آب (اللهاب) لن تقبل الا ما هو اكثر بكثير اذا لم يؤخذ بالسلة التي تركها على الطاولة.
وتلاحظ تلك المصادر ان الذين دأبوا على مهاجمة السلة بصورة شبه يومية، يبدون الآن حائرين حول ما يمكن ان يطرحوه في جلسة الحوار كبديل من السلة، لتشير الى ان المرحلة المقبلة ستكشف من هي الجهات التي تعطل التسوية وتراهن على تطورات اقليمية قد تذهب في الاتجاه المعاكس بعد حصول ما حصل في تركيا وتزعزع المعادلات الاقليمية بأسرها.
 

ـ لو قال جنبلاط ـ


جنبلاط يدرك حساسية المرحلة وحساسية ما بعد المرحلة. لو كان باستطاعته لقال الكثير في تداعيات الحدث التركي، حتى وان قالت باريس ان نحو 100 ارهابي تابعين لـ«داعش» يدخلون يومياً من تركيا الى سوريا...
وهناك اكثر من جهة ديبلوماسية تقول ان الفرنسيين بدأوا يتكلمون بلغة مختلفة عن دمشق، وان كان قصف القاذفات الفرنسية لقرية قرب منبج، وسقوط اكثر من 100 مدني قد أحرج باريس كثيراً، وأظهر ان سياساتها، وحتى العسكرية منها، تنطلق من «اللحظة العصبية» لا من «اللحظة الديكارتية».
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ينظر بعين الحذر، بل والارتياب، الى ما يمكن ان يستجره الحدث التركي على سائر بلدان المنطقة، يريد لسيناريو التسوية ان يكون متكاملا، لا متقطعاً، لاعتقاده ان «الخط الدرامي» للأزمة واحد.
وبمعنى آخر، التوافق على رئاسة الجمهورية يستدعي، حكماً، التوافق على رئاسة الحكومة. واذ يبدو ان الاتيان برئيس غير العماد ميشال عون دونه «الجبال»، فان الرئيس سعد الحريري جاهز للعودة، بكامل أناقته الى السرايا الحكومية.

 

الجمهورية :

في غياب أيّ خطوات عملية تبعث على التفاؤل بإمكان اختراق الملفّات الخلافية بمعالجات ناجعة، بدأ الاهتمام بالوضع الأمني يتصاعد بعد وصول السفيرة الأميركية الجديدة إليزابيت ريتشارد التي «بشّرَت» بدعم أميركي جديد للجيش والقوى الأمنية لمكافحة الإرهاب الذي بدأ يتحرّك في مخيّم عين الحلوة وربّما في مناطق أخرى. وبدا للمراقبين من كلام ريتشارد أنّ الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية عموماً كانت ولا تزال تَعتبر الحفاظ على الاستقرار في لبنان الأولوية المطلقة، قبل الانتقال إلى معالجة الاستحقاقات، ومنها الاستحقاق الرئاسي الذي يُمنّي بعضُ القيادات السياسية النفسَ بإمكان إنجازه الشهرَ المقبل، لمناسبة انعقاد مجلس النواب في جلسة انتخابية جديدة.

تكاثرَ الكلام في الأيام المنصرمة على الوضع الأمني في مخيّم عين الحلوة، وتزايدت المخاوف من تأثير تنامي الحركات الأصولية المتطرّفة فيه سلباً على أمن المخيّم، وامتداداً إلى الجنوب كونه يجاور بوّابته صيدا.

إبراهيم لـ«الجمهورية»

وقد سألت «الجمهورية» المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عن وضع المخيّم كونه يتابعه عن كثب بالتواصل مع الفصائل والأحزاب الفلسطينية والأجهزة المعنية، فقال: «إنّ الأوضاع في عين الحلوة ليست وليدة الساعة، بل عمرُها عشرات السنوات، وما يحصل يندرج في الأطر التقليدية التي اعتاد عليها المخيّم من مرحلة «جند الشام» إلى «فتح الإسلام»، وصولاً إلى «داعش» و«جبهة النصرة».

أمّا القنابل الدخانية التي تطلَق منذ أيام عدة فلا تأتي بجديد... الأوضاع قابلة للسيطرة والعلاج، ولا شيء خارج السيطرة، لكن المطلوب إبعاد المخيّم عن التداول الإعلامي، ومعالجة مشاكله في الظلّ، لأنّ تسليط الضوء عليه إعلامياً يؤثّر على معالجة المواضيع القائمة. فالأجهزة متيقّظة وعينُها على المخيّم، وليطمئنّ الجميع إلى أنّ الأمور لن تذهب لا إلى حرب أو إلى مواجهات».

وأضاف ابراهيم: «إعتدنا على مرّ السنوات أن يشهد هذا المخيم نشوءَ حركات أصولية تحت مسمّيات مختلفة هي نتاج انعكاس لتطوّرات المنطقة عموماً، لأنّ الظروف المعيشية في المخيّم، من فقرٍ وجَهل وانعدام فرَص العمل وحرمان، تَجعل منه بؤرةً صالحة وأرضاً خصبة لنموّ حركات أصولية متشدّدة، تماماً كما حصل في نهر البارد، ونحن نأخذ في الاعتبار هذه الظروف في سعينا المستمرّ مع الفصائل للمعالجة...المخيّم ليس متروكاً لا لسيطرة «داعش» ولا لغيرها من التنظيمات الإرهابية، والأفضل أن يدعوا المعنيين بالمخيّم يَعملون بصمتٍ من دون تشويش».

وزير الداخلية

وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق قال أمس ردّاً على سؤال حول تضارب المعلومات بما يخصّ الوضع في مخيّم عين الحلوة: «نعم هناك مشكلة اسمُها عين الحلوة، والوضع الامني في المخيم ليس جديداً، وقد تحدّثتُ عنه منذ سنتين، والتضخيم ناجم من أنّنا في مواجهة مفتوحة، وليس الموضوع يبدأ وينتهي في عين الحلوة، وبالتالي نحن نتّخذ احتياطات في كلّ الأمكنة والمناطق، وهناك تعاطٍ جدّي لكلّ الاجهزة الامنية، ولا أعتقد أنّ الحديث في الإعلام عن هذا الموضوع مفيد».

الجيش يَضبط باخرتين

وفي مجال أمني آخر، أكّدت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» أنّ وحدات الجيش اللبناني ضبَطت باخرتَي شحن في البحر بينما كانتا مبحرتين من تركيا إلى طرابلس، وذلك للاشتباه بنقلهما موادَّ خطيرة.

وأوضَحت المصادر أنّ «إخباريات تنطوي على جدّية وصدقية عالية» قد بلغَت مخابرات الجيش اللبناني، حول تحضيرات لإرسال شحنات من السلاح والذخائر والمواد التي تشكّل خطراً كبيراً جداً على الأمن اللبناني.

وقد أحيطت تلك الإخباريات بجدّية، ووضِعت فرضية أن يكون طرف إرهابيّ ما قد استغلّ الوضع التركي الأخير لمحاولة تهريب شحنات سلاح إلى مجموعات إرهابية في لبنان، الأمر الذي فرض إعداد خطة مواجهة، تولّت تنفيذَها مخابرات الجيش التي نصَبت مكمناً للباخرتَين، وأطبقَت عليهما ودهمتهما لحظة دخولِهما إلى رصيف مرفأ طرابلس.

وأشارت المصادر إلى أنّ تفتيش الباخرتين بدأ فوراً، وتبيّنَ أنّهما تنقلان شاحنات، وموادَّ أخرى، فبوشِر تفريغهما والتحضير لنقلِ الشحنات وسائر المواد إلى بيروت لمزيد من الفحص والتفتيش نظراً لوجود جهاز «السكانر» فيها.

وفيما رفضَت المصادر الإفصاح عن المواد الخطرة، إلّا أنّ بعض المصادر تحدّث عن العثور على كمّيات من الأسلحة، وأنّ الباخرتين انطلقَتا من أحد المرافئ التركية وتَنقلان كمّيات كبيرة من السلاح والذخائر، وأنّهما مرسلتان من جهات خارجية إرهابية تابعة لـ»داعش»، إلى مجموعات تمتُّ لها بصِلة في لبنان وتحديداً في منطقة الشمال.

إلّا أنّ المصادر العسكرية رفضَت تأكيد ذلك، مشيرةً إلى أنّ الجيش اتّخذ إجراءات مشدّدة تكفَل حماية الأمن الوطني، لافتةً الانتباه الى أنّ في يد الجيش معطيات حول تحضيرات خطيرة من قبَل المجموعات الأرهابية، وأنّ الجيش يتّخذ في مقابل ذلك إجراءات احترازية ووقائية بالغة الشدّة والدقة.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: «حتى ساعات متأخرة من الليل لم يتمّ العثور على أسلحة، لكن كلّ الأمور رهن التحقيق حالياً، هناك موقوفون (طاقم الباخرة) وسيتمّ الإعلان عن كلّ التفاصيل فور الانتهاء من التحقيق والتفتيش».

مجلس الوزراء والخلوي

حكومياً، ظلّ ملف الخلوي خارج التغطية، وأخفقَ مجلس الوزراء مجدداً في اتّخاذ قرار في شأن التجديد للشركتين المشغّلتين للشبكتين الخلويتين، وذلك بعد نقاش دام ثلاث ساعات في جلسته العادية التي عقِدت أمس، تخلّلها سجالات حادة بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزير الخارجية جبران باسيل.

وفي هذا الإطار، علمت «الجمهورية» أنّ البحث ترَكّزعلى النقطة نفسِها المتعلقة بدفتر شروط التأهيل للمناقصة العامة، وخصوصاً البند المتعلق بوضع شرط على الشركات المتقدّمة بأن تكون قد شغّلت عشرةَ ملايين خط خلال الأعوام الخمسة الماضية، حيث يصرّ حرب على أن تكون الشركة قد شغّلت كمّية الخطوط هذه كلّ عام من السنوات الخمسة، بينما يطلب الوزير محمد فنيش، المساند لباسيل في هذا الملف، أن تُحتسب الخطوط لسنة واحدة من أصل السنوات الخمس.

وعلى هذا الأساس، فتِح النقاش على جبهتين: جبهة حرب من جهة، وجبهة باسيل ـ الوزير الياس بوصعب ـ فنيش من جهة ثانية. وبدأ النقاش تقنياً ثمّ تحوّلَ سياسياً بنبرة عالية.

 

اللواء :

تضمنت المقررات الرسمية لمجلس الوزراء الطلب من وزير الاتصالات بطرس حرب تقديم مقترحاته بخصوص عقدي إدارة شبكتي الهاتف الخليوي في ضوء المناقشات والملاحظات التي ابداها الوزراء حول الموضوع ومتابعة بحثه في الجلسة المقبلة.
فماذا يعني هذا القرار الرسمي في ما خص الخليوي؟
يعني أولاً ان لا إتفاق خرج به مجلس الوزراء ويعني ثانيا ان هذا العجز عن التوصّل إلى اتفاق مستمر منذ أكثر من سنة، مما جعل التمديد للشركتين يجري شهراً فشهراً حتى لا يتعطل الهاتف الخليوي وتصيبه الفوضى.
ويعني ثالثاً ان وراء أكمة عدم الاتفاق على هذا الملف تكمن خلافات حادّة، ومصالح متباعدة، وهذا ما ظهر بعض منه في جلسة مجلس الوزراء أمس، حيث كان ملف الخليوي بنداً أوّل على جدول أعمالها.
وكشفت النقاشات ان العقدة الأساسية هي في ما وصفته أوساط وزارية مطلعة لـ«اللواء» بـ«تصفية الحسابات» بين الوزير حرب ووزيري «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل ووزير التربية الياس بو صعب.
وذهبت الأوساط إلى أبعد من ذلك، إذ وصفت الجلسة بأنها كانت «جلسة نكايات مزعجة».
ولم تخرج الجلسة بأية قرارات، واقتصرت على «اللت والعجن»، على حدّ تعبير أحد الوزراء الذي كاد يغادر الجلسة بسبب ما لحق به من قرف.
وبدا من سجالات الوزيرين حرب وباسيل ان العقدة في شركة «الفا» التي يسعى الوزير حرب بعدم التجديد لها، في حين يتمسك بها وزيرا «التيار العوني».
وقال الوزير حرب ان عقد التشغيل المعمول به هو الذي وضعه الوزير باسيل خلال ترؤسه لوزارة الاتصالات على مدى سنوات وينتقده اليوم، فرد باسيل بنداً بنداً على مدى ساعتين، متهماً حرب بالوقوف ضد «الفا» على سبيل النكاية لا غير، فرد عليه حرب بحدة قائلاً: «شو دخل «الفا» أو «ام تي سي» (تاتش) منشيلون سوا، انا ما عندي مشكلة».
واستنتج أحد الوزراء ان باسيل لا يريد لحرب ان يجري مناقصة، وهو يغطي هذا الرفض بذرائع تقنية وقانونية، وينطلق في موقفه المعارض في ان حرب أخذ ضوءاً أخضر من مجلس الوزراء لوضع دفتر شروط متفق عليه، غير انه وضع عليه تعديلات يعتبرها باسيل ترمي لازاحة «الفا» من المناقصة.
وكشف هذا الوزير لـ«اللواء» ان النقاش بين حرب وباسيل استغرق ثلاث ساعات، وخصصت الساعة الرابعة لإقرار أكثرية بنود جدول الأعمال.
ولاحظ وزير آخر ان النقاش حافظ على وتيرة استفزازية وشخصية على مدى وقت الجلسة.
وكشف هذا الوزير ان حرب تمسك بتكليف إدارة المناقصة اجراء المناقصات في ضوء دفتر الشروط الأمر الذي فسّره باسيل وأبو صعب بأنه يهدف إلى إخراج «الفا» من المناقصة، باعتبار ان وزير الاتصالات اقترح ان تعقد شركة صغيرة اتفاقاً مع شركة كبيرة للدخول في المناقصة، وتبادل الوزراء الاتهامات في موضوع المناقصات.
وشدد حرب على ان ما يريده هو الوصول الى نتائج تقنية وفنية جيدة توفي بحاجات لبنان في مجال الاتصالات لافتا الى انه يسعى لان تدخل في المناقصات شركات كبيرة لديها خبرات عالمية لا سيما في موضوع الانترنت من أجل مواكبة التطور السريع لا سيما في مجال الانترنت، لإدارة الملف بجدية وإحتراف لتطوير القطاع، وهو يسعى لجذب مثل هذه الشركات التي لديها خبرتها في الاسواق العالمية وهي مستمرة في عملها ولن توقف عملها لفترة ثم تعود.
ولكن بعد السجال الحاد والمستفيض تدخل وزير الثقافة روني عريجي وقدم ثلاثة اقتراحات من بينها وضع نقاط تفضيلية للشركات. وهنا عاد باسيل ليتحدث ويطالب بالغاء العقدين فرد سلام قائلا «كيف يمكن الغاء عقد مستوفي الشروط»، فكان الاتفاق على اعادة النظر بدفتر الشروط وبالاقتراحات التي قدمت من الوزراء لا سيما من قبل الوزير عريجي.
وكشفت أوساط شاركت في الجلسة ان الفريق المعترض الذي انضم إليه الوزير محمّد فنيش رفض وضع شروط لا تكون فيها شركة «اوراسكوم»، فكان المطلوب تخفيض عدد المشتركين في الشبكات من عشرة ملايين مشترك كل سنة إلى مليونين لكي تتمكن «اوراسكوم» من دخول المناقصة.


سجال سلام - المشنوق
أما السجال الثاني الذي كشف عنه مصدر وزاري، فهو حصل بين الرئيس سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق الذي طلب أن يعترف مجلس الإنماء والاعمار بمرجعية وزارة الداخلية في ما خص ملف النفايات كون أن مجلس الوزراء عندما أقر خطة النفايات كلف وزير الداخلية بالإشراف على الخطة، غير أن الوزير المشنوق شكا من أنه يبلغ بالمواضيع بعد حصولها، وتمنى أن يُصار إلى إعادة النظر بهذا الأمر، فأجابه الرئيس سلام قائلاً: «إستعمل صلاحياتك، وعليهم احترام قرار مجلس الوزراء»، فطلب الوزير المشنوق التريث بإجراء مناقصة الفرز والمعالجة، فرفض رئيس الحكومة ذلك وقال: «لا نستطيع التأخير، لأن ذلك ينعكس على عمل مطمري الكوستابرافا وبرج حمود».
لكن مصادر وزارية أخرى وصفت النقاش بين الرئيس سلام والمشنوق بأنه كان عادياً، وأنه تمّ التأكيد بأن الخطة الحكومية لن تتأثر.
تلوّث الليطاني
أما بالنسبة إلى موضوع تلوّث الليطاني فقد أثار وزيرا حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن الموضوع معتبرين أنه ملف حسّاس واستراتيجي.
فرد الرئيس سلام قائلاً: «نحن أرسلنا الملف لكل الوزراء لإبداء آرائهم وسيتم طرح الموضوع على جلسة مجلس الوزراء العادية الأسبوع المقبل».
ولكن مصدراً وزارياً كشف لـ«اللواء» أن الملف وصل إلى الوزراء أمس الأول ولم يتسن للوزراء بوضع ملاحظاتهم.
وفي المعلومات أن وزير الزراعة أكرم شهيّب اقترح تنظيف مجرى الليطاني لكن وزراء آخرين قالوا أن هذه العملية لا بدّ من أن تسبقها إجراءات لوقف الضرر، وهي مسؤولية مشتركة لوزارة الداخلية والمحافظين مع ما يتطلبه من وقف عمل الكسارات والمعامل ورمي النفايات.
وأكدت مصادر وزارية أن الوزراء سألوا ماذا لو استمر الضرر بعد التنظيف، مؤكدة أن هناك ملايين رصدت لمعالجة الموضوع ويتعيّن على الوزراء أصحاب الاختصاص التشارك في المسؤولية.
وانتهى النقاش إلى تشكيل لجنة وزارية من الوزراء المعنيين لمتابعة معالجة مشكلة تلوّث النهر، بعد أن أوضح وزير الداخلية أن المشكلة تتعلق من النبع إلى مصب النهر، وأن التلوّث ليس سببه رمال المرامل، باعتبار أن عدد المرامل المرخصة محدود جداً، وهو جزء بسيط من المعالجة.
مفاجآت أبو فاعور
ويمكن وصف يوم أمس، بأنه يوم المفاجآت بالنسبة لوزير الصحة وائل أبو فاعور، وكانت المفاجأة الأولى رفضه أن يبحث ملف قانون سلامة الغذاء والمراسيم التطبيقية له قبل إدراجه على جدول الأعمال، فكان أن أُرجئ إلى جلسة مقبلة.
والمفاجأة الثانية كانت كشفه أنه تمّ بيع «الداتا النفطية» بـ137 مليون دولار، وأن الدولة استفادت فقط بـ30 مليون منها، متسائلاً: «هل النفط سيكون للمنفعة العامة أم الخاصة في لبنان؟».
أما المفاجأة الثالثة فتمثّلت بالكشف عن مخاوفه من أن يؤدي التمديد لقائد الجيش مرّة ثالثة في أيلول إلى تعليق وزراء «التيار الوطني الحر» مشاركتهم في الحكومة، كاشفاً كذلك عن أن أي تقدّم لم يحصل في ما خص الاستحقاق الرئاسي.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أن لبنان محكوم بجغرافيا سياسية، وأن المحور السوري - الإيراني هو الأقوى في هذه الجغرافيا، واليوم نتيجة الخلاف السعودي - الإيراني، والخلاف السعودي - السوري تبقى الكلمة الأساس لسوريا النظام ومعها إيران.
وعن خياره الرئاسي الحالي، قال جنبلاط لموقع «إيلاف»: «بما أن القوتين المسيحيتين إتفقتا على العماد ميشال عون فلا مانع، ولكن لا أدري ما هو موقف (الرئيس) سعد الحريري».
الخلاف المكبوت
على أن مفاجأة أبو فاعور في ما يتعلق ببيع «الداتا النفطية»، كشفت جانباً مستوراً من الخلافات حول ملف النفط، وبداية حملة من أوساط رئيس المجلس على الرئيس سلام على خلفية هذا الملف، تمثّلت بالترويج لخبر عدم مرافقة وزير المال علي حسن خليل للرئيس سلام إلى القمة الع