إن أهمية الدين هو أنه مربوط بقوة غيبية قادرة عليمة حكيمة عادلة , هذه التي تجعل أغلب الناس تسلم له وتنقاد له بدون نقاش أو تروّي , لثقة الناس بهذه القوة الحكيمة العادلة التي هي الله سبحانه وتعالى , وكانت وظيفة الانبياء والرسل ربط الناس بهذا الغيب بطريقة واضحة وبلا واسطة , وتبليغ الناس كل تفاصيل هذا الغيب الذي حمّل للأنبياء لإلقاء الحجة عليهم , كي يكون الانسان على يقين مما يختار , ولا يجوز للأنبياء أن يخفوا شيئا عن الناس , لأن الله لا يحاسب أحدا على شيء لا يعرفه , فقال الله تعالى واصفا دور النبي (ص) في تبليغ كل شيء أمر به : وما هو على الغيب بظنين ( ضنين )  سورة التكوير , وقال ايضا آمراً نبيّه (ص ) : يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين . سورة المائدة

ولا يجوز للنبي (ص) أن يخفي شيئا من الاوامر الالهية مهما كان , ولا يجوز له أن يتقوّل الاقوال من عنده وحسب الاهواء , فقد قال الله سبحانه عن ذلك : ( ولو تقول علينا بعض الاقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ) سورة الحاقة .

هل يقوم علماء الدين بدور الانبياء بالتبليغ الصريح والصادق للدين ؟

ليس الكلام على نحو التعميم , كي لا نقع في الظلم والافتراء على أحد بعينه , إلا أنه مما لا شك فيه أن ثمة مجموعة ممن حملوا هذا الدين المتين وأوغلوا به بطريقة سطحية ساذجة , ولم يعضوا بعدُ على العلم بضرس بالغ , فوقعوا وأوقعوا الناس في أغاليط , شوهت الدين نفسه وشوهت إنسانية الانسان الذي سمع منهم وأطاع , فقد قال رسول الله (ص) : إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق .... أي أن هذا الدين صلب شديد , فسيروا فيه برفق وهدوء , ولا تحملوا على أنفسكم ما لا تطيقونه , فتعجزوا ومن ثم تتركوا العمل , لأن هذا الدين جاء من أجل رفاهية الانسان وراحته لكي يسير به نحو الكمال الانساني , وليس نحو التوحش .

هل شوّه الاسلام بفعل حامليه ؟

لقد خلط الانسان بين الدين وبين أنانيته وغرائزه حتى شوّه الدين , وحرفه من أجل أن يخدم أنانيته وطموحاته الشخصية , حتى لو كان ذلك على حساب الثوابت الدينية التي لا يريدها الله تعالى , بضرب بعرض الحائط كل القيم وحولها إلى مطية يستعملها ساعة يشاء ويخفيها ساعة ما شاء , وهذا الذي أراده الامام الحسين عليه السلام من قوله : حيث قال مخاطبا أهل الكوفة في كربلاء : الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم , يحوطونه ما در عليهم معايشهم , واذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون .

فلذلك أطاع الانسان حاملي الدين من العلماء المنافقين , لانهم عملوا على إشباع رغباته  وتلبية أنانيته , أما عندما يكون العالم صادقا في تبليغ الدين الصحيح ومتمسكا بالحق والقيم الدينية والانسانية تنفض الناس من حوله , كما حصل مع الامام علي عليه السلام , حتى قال قولته الشهيره : ما ترك لي الحق من صديق .