الزواج في الاسلام ليس مجرد عقد بين رجل وإمرأة فحسب , بل انه فضلا عن كونه عقدا يُعتبر أيضا أمرا اعتباريا حيث يعتبر الرجل المرأة زوجة له , وتعتبر المرأة الرجل زوجا لها , مع كل ما يترتب على هذا الاعتبار من مترتبات ومتفرعات حقوقية , لان الاسلام يتدخل في أحكامه وآثاره من حقوق وواجبات (وهذا مذكور في محله فليراجع).

علماء الدين "اي الفقهاء " يبحثون الموضوع من جهتين , الاولى من جهة إنشاء العقد بين الطرفين أي بين الرجل والمرأة , والثانية من جهة آثار عقد الزواج ومتعلقاته .

اما من جهة انشاء عقد الزواج فالدين الاسلامي لا يشترط ان يقع العقد في مكان ما او في زمان ما ولا يشترط ان يعقد رجل الدين عقد الزواج , فبامكان الرجل والمرأة وحدهما ان يعقدا زواجهما . الا ان وجود رجل الدين أصبح عادة اعتادها الناس لتجنب بعض الاخطاء , فلذلك باستطاعة أي شخص ان يجري عقد الزواج بشرط ان يكون عاقلا وغير قاصر .

اما ما يتعلق بصيغة عقد الزواج فقد اختلفت آراء الفقهاء فمنهم من اشترط صيغة مخصوصة لصحة العقد ومنهم من قال بصحة عقد الزواج باي صيغة يفهم منها المقصود وتدل على قصد الزواج كما ورد في صيغة العقد المدني اذ انهم يعتمدون صيغة ( أعلنتكما زوجين )بعد الاتفاق على الزواج  , ونحن نرى ان هذه الصيغة مقبولة ولا تبطل العقد كما صرح بذلك بعض الفقهاء .

الى هنا لا مشكلة في صحة عقد الزواج , ولا مشكلة في متفرعاته من صحة الطلاق بشروطه والارث اذا كان كلا الزوجين من دين واحد , انما المشكلة الدينية عند فقهاء المذاهب هي في اختلاف دين الزوجين , (ما يسمى بالزواج المختلف) حيث ان لهذا الاختلاف صورتين , الاولى ان يكون الرجل مسلم والمرأة مسيحية او يهودية ففي هذه الصورة لا مشكلة في صحة عقد الزواج بينهما ويكون زواجهما شرعي , وقد قال الفقهاء انما يجوز ذلك لان المسلم يؤمن بكل الاديان السماوية والانبياء فلذلك هو يؤمن بدين الزوجة ويحترم نبيها فلا خوف على دين الزوجة من المسلم ,وطلاقهما اذا ارادا الطلاق ايضا صحيحا مع مراعاة احكام الطلاق التي يمكن ان تكون موادا اساسية في قانون الزواج المدني , حيث لا مانع يمنع من تشريعات مدنية يكون مصدرها الدين , فتكون احكام الطلاق والارث في القانون المدني موافقة للاحكام الدينية على قاعدة ان الأحكام المنصوص عليها في الزواج المدني، والتي تتوافق مع الشرع الإسلامي لا مانع فيها، أما الأحكام الموجودة في الزواج المدني وغير منصوص عليها في الشريعة الإسلامية لا نأخذ بها الا بعد تعديلها لتتوافق مع احكام الشريعة، قال رسول الله (ص): "المؤمنون عند شروطهم، إلاّ ما أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً", هنا تكون دعوتنا الى تشريع قانون للزواج المدني تتوافق أحكامه مع احكام الدين وبالتالي يُطبق هذا القانون في محاكم مدنية وباشراف موظفين مدربين على القانون .

اما الصورة الثانية وهي ان يكون الرجل مسيحيا او يهوديا والمرأة مسلمة , ففي هذه الصورة تمسك الفقهاء بعدم جعل السبيل لغير المسلم على المسلم , حيث ان غير المسلم (المسيحي او اليهودي ) لا يحترم دين الزوجة المسلمة ولا يؤمن بنبوة نبيها , فلذلك يكون هناك خوف على دينها , لكن السؤال هو اذا احترم الزوج غير المسلم دين زوجته المسلمة هل يبقى هناك مشكلة في صحة الزواج ومتعلقاته ؟؟؟, هنا ادعو الفقهاء المسلمين الى اعادة النظر في الادلة حيث ان الادلة المانعة ناظرة الى عدم تزويج المشرك غير الكتابي الذي كان في زمن النص لا يعترف بوجود الله ولا يؤمن بالاديان السماوية ......وهذه دعوة الى اعادة القراءة للأدلة ومحاولة التجديد في فهم النص على ضوء المعطيات المعاصرة وبناء على تطور فهم التوحيد والاعتقاد عند المسيحيين واليهود , ولا اعتقد ان هناك مانع من اعادة القراءة للأدلة