محاولات تهدئة بين المصارف وبين حزب الله , والحريري يفتح ملفات المحاسبة داخل تيار المستقبل

 

السفير :

يأتي الزائر المصري الكبير إلى بيروت قبل يومين. يطرح أمام زملائه اللبنانيين سؤالا من خارج السياق الإقليمي أو الدولي: ما هو مستقبل الحريرية السياسية في لبنان؟
هذا الزائر ندر أن يخوض نقاشا في أمر تفصيلي لبناني، وجرت العادة أن يطرح أسئلة الإقليم.. والنظام العالمي قيد التكوين ومستقبل العلاقات الإقليمية وخرائط النفوذ التي ترتسم بالدم في ساحات المنطقة الملتهبة.. وقضايا الفساد التي تطيح حكوماتٍ ورؤساءً في العالم، ولا تحرك ساكنا في العالم العربي.
يأتي طرح السؤال عن «الحريرية» ربطا بمحاولة قراءة ما يعد للبنان من صياغات في الخارج، وهل يمكن أن تكون صورة نظامه السياسي في المرحلة المقبلة منفصلة عما يرتسم من حوله في البر والبحر، من الشرق والغرب والشمال والجنوب؟
وبالطبع لا ينفصل السؤال عن وقائع دامغة: تردي أوضاع «سعودي أوجيه» في السعودية إلى حد الحديث عن التنازل عن معظم أسهمها لمصلحة السعوديين، الأزمة الصعبة التي تعيشها مؤسسات الحريري في لبنان، نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة، علاقة سعد الحريري التي تشوبها التباسات كثيرة بأهل النظام السعودي الجديد وتحديدا بـ«المحمدَين»، انفتاح السعودية على معظم المكونات السنية اللبنانية، الأزمة السياسية المفتوحة وما أبرزته من شهية حريرية مفتوحة للعودة إلى السلطة، ولو من بوابة تبني سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ولا يبدو السؤال بعيدا عن الرواية التي رواها وزير الداخلية نهاد المشنوق لمعادلة «السين سين» والتي أعاد رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري تبنيها من حيث يدري أو لا يدري، ولو أنه اختار تقديم رواية نقيضة للتبني الحريري لفرنجية رئاسيا.
ولا يحجب طرح السؤال من زاوية سياسية بحتة، قضية اجتماعية تقلق عشرات آلاف العائلات اللبنانية، ومثلها الآسيوية، ومئات العائلات الفرنسية، التي يمكن أن تجد نفسها فجأة على رصيف البطالة، بعدما شعرت على مدى شهور طويلة أنها باتت تفتقد لمنظومة الأمان الاجتماعي.
ووفق شهود عيان، باتت شركة «سعودي أوجيه»، على موعد شبه يومي مع أعمال احتجاج يقوم بها مئات العمال من جنسيات آسيوية، وآخرها في موقع مشروع «إسكان الحرس الوطني» في الرياض، وتمكنوا خلالها من كسر المكاتب الإدارية وإحراق أوتوبيسات الشركة، الأمر الذي فرض تدخل قوات الأمن السعودية، ولو بشكل متأخر، لوقف ما جرى وإلقاء القبض على عشرات العمال الذين كانوا يحتجون على عدم دفع رواتبهم منذ أكثر من أربعة أشهر، وكذلك عدم صرف تذاكر سفر لهم للعودة إلى بلدانهم بعد أن طلبوا صرفهم من العمل، وهم كانوا تلقوا وعودا من إدارة الشركة، مرارا بإنهاء إجراءات سفرهم ولكن...
وتشهد الشركة منذ أيام إضرابا جزئيا لموظفيها في مكاتبها الرئيسية في الرياض، لا سيما السعوديين منهم، بسبب عدم صرف رواتبهم، فيما يلوّح آخرون بالإضراب العام المفتوح.
وفيما يمتنع مديرون عن التعليق على ما يحدث للشركة، وفيها، من تطورات تهدد وجودها ووجودهم، يقول مدير بارز لـ «السفير» إن إدارة الشركة لا تملك معطيات حتى تخاطب الموظفين، ويكمل ضاحكا: «عندما كان مطلوبا من الرئيس الحريري أن يتواجد في بيروت في السنوات الماضية، أمضى وقته هنا، ليكتشف متأخرا ضرورة عودته إلى بيروت، والعكس صحيح، أي أن الحريري مطالب اليوم بأن يتواجد في السعودية لطمأنة جيش الموظفين، خصوصا أن مصيرهم كما الشركة مجهول».
وتبدو مشكلة «سعودي أوجيه» متشعبة الأوجه:
÷ تعاني الشركة من عدم وجود سيولة مالية تمكنها من ترتيب أمور عمالها وموظفيها بسبب عدم صرف وزارة المال المستحقات المالية التي للشركة على الدولة، وقد أدى ذلك إلى توقف العمل في جميع عقود مشاريع «سعودي أوجيه» المبرمة مع الدولة السعودية، وبالتالي صرف نحو عشرين ألفا من موظفيها وعمالها، وبلغ الأمر حد عدم قدرة الشركة ماليا على شراء تذاكر سفر لعمالها المصروفين من العمل، وبينهم الفرنسيون الذين تحولوا إلى مشروع أزمة ديبلوماسية صامتة بين الحكومة الفرنسية والسلطات السعودية (ثمة رسائل فرنسية كثيرة موجهة للحريري ولا أجوبة أبعد من كسب المزيد من الوقت).
÷ تعاني الشركة من سوء إدارة فاضح ومن فساد إداري ومالي لا مثيل له منذ أن أنشأها الرئيس رفيق الحريري في نهاية السبعينيات، بعدما اشترى الامتياز من صاحبه الفرنسي بجزء بسيط من ماله وبجزء كبير من مال الملك الراحل فهد بن عبد العزيز (قبل أن يصبح ملكا)، وهو الأمر الذي جعل نجله عبد العزيز بن فهد شريكا في أعمال الشركة ومتحكما بالكثير من أمورها وقراراتها.
÷ تعاني الشركة من تراكم للديون بمئات ملايين الدولارات مع الموردين والمتعهدين من الباطن، ومع مصارف، وأيضا مع جهات قدمت ضمانات شخصية لقروض لمصلحة «سعودي أوجيه»، ومن بين هؤلاء عدد من أفراد عائلة الحريري، الذين يخشون أن تبادر بعض المصارف إلى حجز أملاكهم أو ودائعهم بما يوازي قيمة الكفالات الضامنة للشركة، بناء على طلب وإلحاح سعد الحريري.
÷ تعاني الشركة من رفع الغطاء السياسي السعودي عنها، خصوصا في ظل حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث أنها كانت في السابق تستحوذ على المناقصات بالتراضي، وبرعاية مباشرة من الديوان الملكي، وتحديدا من خالد التويجري، بتوصية من الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز.
ولقد أدى رفع الغطاء عن الشركة إلى جعل الآلية الميكانيكية التي تربط الإقامة بالرواتب، تسري على «سعودي أوجيه»، فكان أن توقفت وزارة العمل عن تقديم خدماتها للشركة مثل تجديد تأشيرات العمل وغيرها، وهو الأمر الذي تسبب بعدم تجديد إقامات آلاف العمال والموظفين.
÷ تعزز فرضية سعي شخصيات نافذة في السعودية إلى الاستحواذ على شركة «سعودي أوجيه» عن طريق تغطية ديونها المستحقة، ما يؤدي تلقائيا إلى تجرع سعد الحريري الكأس التي كان يحاول تفاديها، وهو التنازل عن أكثر من خمسين في المئة من أسهم «سعودي أوجيه»، لمصلحة مؤسسة التأمينات السعودية، وضمنا لمصلحة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وحول هذه النقطة بالذات، يقول مدير في الشركة في الرياض لـ «السفير» إن الاستحواذ غير وارد لأن ما يصيب «سعودي أوجيه» يسري على الكثير من شركات المقاولات في السعودية التي تعاني من مشاكل مالية كبيرة بسبب عدم صرف مستحقاتها المالية مثل شركة «مجموعة بن لادن السعودية» التي قامت بصرف نحو 70 ألفا من عمالها، وشركة «السيف» للمقاولات، وهذه الأزمة بدأت تطل برأسها على شركة «المباني» التي يملك معظم أسهمها رجل الأعمال اللبناني النائب نعمه طعمة.
وتقول مصادر حكومية سعودية إن وزارة المال السعودية صرفت لـ «سعودي أوجيه» مبالغ كبيرة من مستحقاتها المالية كان يفترض أن تكون كافية لصرف عدد كبير من العمال والموظفين مثلما حصل مع شركة «مجموعة بن لادن»، لكن لا أحد يعرف أين ذهبت هذه المبالغ، وإن كان ثمة اعتقاد بأنها صرفت على بعض الالتزامات المالية الكبيرة لرئيس الشركة ومالكها الرئيسي سعد الحريري.

النهار :

قفز مجلس الوزراء فوق حقل الفخاخ الذي كان يترصده في جلسته أمس دونما ضمان لجدوى الترحيل الاضطراري المتكرر للملفات الخلافية الذي صار واضحاً انه النهج الثابت للحكومة بما يراكم التباينات ولا يضع حداً لها. واذ بدت خطوة استقالة الوزيرين الكتائبيين سجعان قزي وألان حكيم مشوبة بالتباس دستوري قائم أصلاً في ظل الفراغ الرئاسي، وزاد التباسها تولي الوزيرين تصريف الأعمال في وزارتيهما، سارع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى قطع الطريق على الاصداء المشككة في قرار الحزب فأعلن ان الحزب سيبلغ استقالة الوزيرين رسميا الى رئيس الوزراء تمّام سلام "ومن اللحظة التي نقدم فيها الإستقالة إلى الرئيس سلام، نكون قد أصبحنا خارج مجلس الوزراء وخارج الوزارات". وأضاف: "قلنا عندما أعلن الوزير أشرف ريفي إستقالته إننا نرفض أن يسلب أحد الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية، وتالياً تلزمنا دراسة لنتبين التعاطي الصحيح دستورياً. وتسليم الإستقالة إلى الرئيس سلام هو لتبليغه أننا لم تعد لنا علاقة بالحكومة وكي تصبح الإستقالة رسمية، وليس كي يوافق عليها. ونحن ندعوه إلى أن يعلن إستقالة الحكومة". وعلم في هذا الاطار ان الوزير حكيم سيسلم استقالته الخطية اليوم الى الرئيس سلام.
أما مجلس الوزراء، فتعامل أمس مع استقالة وزيري الكتائب على انها غياب، اذ ان الرئيس سلام الذي أسف لهذه الخطوة اعتبر انها "ليست رسمية ما لم تقدم اليه خطياً". وفيما اعتبرها وزراء حقاً للوزيرين، تضامن وزراء اخرون معهما، واحتج عدد كبير منهم على الأسباب التي برّرت بها الاستقالة كالحديث عن صفقات وفساد وغيره.
وعلم ان وزير السياحة ميشال فرعون رأى في استقالة وزيري الكتائب ازمة سياسية جديدة تزيد الأزمات نظراً الى اهمية وجود الكتائب في مجلس الوزراء. وأكد تضامنه مع الكتائب في قراءته للكثير من الملفات، الا انه رأى أنه كان يمكن تجنٰب هذه الاستقالة، مشيراً الى انعكاساتها الكثيرة "ولو اننا جميعاً نتفهّم ضرورة بقاء الحكومة على قيد الحياة".
وأثار وزير التربية الياس بوصعب ملف النفايات الذي كان سبباً للاستقالة بعدما مرّ بالامانة العامة لمجلس الوزراء حيث اطلع على محضر جلسة إقرار خطة النفايات في اذار الماضي وتبيّن له ان وزيري الكتائب اعترضا انما دون تعطيل للخطة. وأيده في ذلك عدد من الوزراء.
الى ذلك، رحّل مجلس الوزراء الملفات الخلافية من غير ان يفكّكها. ولم يناقش ملف أمن الدولة علماً ان أوساط رئيس الوزراء تحفظت عن التعليق على ذلك.
كما أرجأ المجلس ملف وزارة الاتصالات و"أوجيرو" بعدما تبيّن له ان التقرير الذي حمله الوزير بطرس حرب اداري ويعود الى شباط الماضي. وأفادت مصادر وزارية ان الوزير وائل بوفاعور احتج واعتبر التقرير "ضحكاً على عقول الوزراء"، فاعترض الوزير حرب على استخدام الملف لتصفية حسابات سياسية مع موظفين وتنصيب الوزراء والسياسيين أنفسهم حكاماً وقضاة على الموظفين. ورد عليه بوفاعور حاملاً على اداء المدير العام لـ"اوجيرو" عبدالمنعم يوسف. كما اعترض الوزير بو صعب على خلو التقرير من كل المخالفات المرتكبة في الانترنت غير الشرعي والتخابر الدولي غير الشرعي. وتقرر ان يقدٰم وزير الاتصالات خلال ١٥ يوماً تقريراً محدّثاً فيه كل المعطيات التي استجدت في شأن التخابر والإنترنت غير الشرعي والعقود بين الوزارة و"أوجيرو".
أما موضوع تفجير "بنك لبنان والمهجر" والأزمة بين المصارف و"حزب الله"، فغاب أيضاً ولم يناقش. وقال وزيرا "حزب الله" إنهما صائمان. وأفاد وزير الداخلية نهاد المشنوق ان لا معطيات جديدة في التحقيق، كما طمأن بعد الجلسة الى عدم وجود أمر جديد يبرر التحذيرات الصادرة عن السفارات، مشيراً الى "ان المعلومات أو المناطق المذكورة في تحذير السفارات هي معلومات قديمة ولكن من الطبيعي ان تأخذ السفارات احتياطات في هذا الاطار لكن المعلومات هذه ليست جديدة وعمرها أكثر من شهرين ويبدو انها وصلت الآن الى السفارات وهي تتصرف على اساسها. ونحن نتخذ كل الاحتياطات منذ توافر هذه المعلومات". ورداً على سؤال، اوضح وزير الداخلية انه " ليس من عادة السلطات اللبنانية ان تصدر تحذيراً وليس منطقياً ولا عاقلاً القول للبنانيين بألا يعبروا في منطقة معينة لأن هذا الكلام لا يقال". وعن تلافي الخطر اعتبر ان "ذلك يكون بما تقوم به الأجهزة الأمنية اللبنانية، والمعلومات التي يتم تداولها هي نتيجة توقيف اناس منذ نحو سبعة أسابيع على الأقل وليس نتيجة رأيهم أو معلومات متواترة".
الى ذلك، علم ان مجلس الوزراء سيعقد الاسبوع المقبل جلسة عادية وجلسة أخرى تخصص للاستماع الى مجلس الإنماء والاعمار حول كيفية جمع النفايات ومعالدتها وتخزينها.

الحريري
في غضون ذلك، بدأ الرئيس سعد الحريري من شتورا في البقاع اقامة افطارات في بعض المناطق يرجح ان تشمل لاحقاً طرابلس والشمال ومناطق أخرى. وتناول الحريري في كلمة امام جمع حاشد من عائلات من البقاع الغربي وراشيا وعرسال واقع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية قائلاً إنها "مرتبطة بالوضع السياسي الذي نعمل لنجد حلاً له بأسرع وقت". وشدد على انه "ليس هناك من مدخل للحل غير انتخاب رئيس للجمهورية". وتحدث عن "ثوابت الحريرية الوطنية واهمها حماية العيش المشترك والوحدة الوطنية والاعتدال ورفض الفتنة". وأضاف: "عندما نقوم بحوارات محلية أو وطنية أو بخطوات سياسية من أجل مصلحة لبنان فان هذه الثوابت ليست مطروحة لا للمساومة ولا للتسويات ولا للتنازلات". وأوضح ان الحوار مع "حزب الله" كان سببه الاساسي العمل على تخفيف التوتر ودرء الفتنة بين السنة والشيعة "وأنا اعرف صعوبة قياس هذا العمل الذي سنواصله طالما ان هناك من يعمل على تأجيج الفتنة لأن مقياسه الحقيقي ليس ما انجز ولكن كل ما تفاداه من مآس وويلات لو سمحنا للفتنة ان تقع".

 

حلحلة
وفي اطار المعالجات الجارية بعيداً من الأضواء لازمة تنفيذ قانون العقوبات الاميركية على "حزب الله"، سجلت في الساعات الاخيرة ملامح حلحلة تمثلت في المعلومات عن عودة التواصل بين الحزب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وتردد ان سلامة أبلغ وسطاء انه لا مانع من توجه المؤسسات الاجتماعية التابعة للحزب ولا سيما منها مستشفى الرسول الاعظم الى المصارف لفتح حسابات لها. وأفادت معلومات ان قناة الوساطة بين الحاكم والحزب عاودت تحركها في الأيام الأخيرة من حيث كانت توقفت الاتصالات قبل التفجير الذي استهدف "بنك لبنان والمهجر " وتجري الاتصالات وسط ستار كثيف من الكتمان حرصاً على التوصل الى نتائج ايجابية.

 

المستقبل :

«بالعربي» الدارج عبّر الرئيس سعد الحريري لكوادر «المستقبل» ومناصريه عن عزمه الواضح على التحضير الجدي والفاعل لانعقاد المؤتمر العام للتيار في تشرين الأول المقبل واعتبار كافة هيئاته هيئات تسيير أعمال حتى ذلك الموعد، مشرّعاً الباب واسعاً أمام تطبيق عملي وفعلي لمبدأي «المحاسبة وتجديد الدم» داخل «المستقبل» خلال الفترة التحضيرية للمؤتمر. وأوضح في هذا الإطار أنّ الانتخابات ستحصل في كل المناطق وكل القطاعات وهي ستقرر من سيكون المندوب عن كل منها ليوصل صوتها إلى المؤتمر العام حول الخط السياسي للتيار والتمثيل القيادي فيه فضلاً عن نقل المطالب المناطقية، مع تشديده من منطلق التعاون في تحمل المسؤولية وتجديد نشاط «المستقبل» ومسيرة الحريرية الوطنية على وجوب إعطاء «حصة وازنة لا تقل عن 40% للشباب والشابات في كل هيئات التيار» باعتبارها الوسيلة الوحيدة لتفعيل دور الشباب والمرأة في التيار والسياسة.
وخلال مأدبة الإفطار التي أقامها غروب أمس في البقاع على شرف عائلات من البقاع الغربي وراشيا وعرسال، بحضور سياسي وروحي وأمني وتنظيمي وأهلي حاشد، شدد الحريري على ضرورة تلبية الاحتياجات المزمنة للمنطقة والتي تزيد من أعبائها تداعيات الأزمة السورية التي أشاد حيالها بشهامة أبناء البقاع تجاه مستلزمات «التخفيف من معاناة الهاربين من بطش نظام الأسد وحلفائه المجرمين»، كاشفاً في المقابل عن مشاريع إنمائية سيتم البدء بتنفيذها بعد عيد الفطر بقيمة 87 مليون دولار بموجب قرضين الأول إيطالي لإنشاء محطة تكرير وآخر من البنك الدولي لشبكة الصرف الصحي، بالإضافة إلى متابعة مشروع تنظيف نهر الليطاني واستكمال الأوتوستراد العربي من ضمن مشاريع كثيرة أخرى للمنطقة.
وفي معرض تجديده التأكيد على ثوابت الحريرية الوطنية التي ترتكز في أهمها على حماية البلد وأبنائه واستقراره وحماية العيش المشترك والوحدة الوطنية، أعاد الحريري التشديد على الاعتدال ورفض الفتنة ورفض الاعتداء على سيادتها وحقها الحصري بالسلاح والسلطة على كل أراضيها، متطرقاً في الوقت عينه إلى ما يُثار من تساؤلات حول الفائدة من الحوار الثنائي مع «حزب الله»، ولفت الانتباه في هذا المجال إلى كون «المقياس الحقيقي ليس ما أنجزه ولكن كل ما تفاداه من مآسٍ وويلات لو سمحنا للفتنة أن تقع»، مذكراً بأنّ السبب الأساس من الشروع في هذا الحوار «كان العمل على خفض التوتر ودرء الفتنة بين السنة والشيعة».
مجلس الوزراء
حكومياً، وعلى وقع تسجيل عدم حضور وزيري حزب «الكتائب» سجعان قزي وآلان حكيم في عداد المتغيّبين نظراً لعدم ورود استقالتيهما رسمياً وفق الأصول إلى رئاسة مجلس الوزراء، الأمر الذي استدعى تأكيداً من رئيس الحزب خلال دردشة مع الإعلاميين (ص 3) أنه حالياً في طور إعداد دراسة دستورية لتقديم الاستقالة تمهيداً لمغادرة قزي وحكيم الحكومة ووزارتيهما، انعقد مجلس الوزراء أمس على صفيح ساخن من النقاش حول وضع هيئة أوجيرو بحيث شهدت الجلسة مشادة كلامية بين الوزير بطرس حرب من جهة والوزيرين وائل أبو فاعور والياس بوصعب من جهة أخرى. وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أن أبو فاعور وبوصعب اعترضا على سياق التقرير الذي رفعه حرب إلى مجلس الوزراء باعتبار أنه يهمش قضية الانترنت غير الشرعي ومسؤولية رئيس الهيئة عبد المعنم يوسف عنها، غير أنّ وزير الاتصالات سرعان ما لفت انتباههما إلى أنّ هذا التقرير أعد قبل هذه القضية بدليل وجوده لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ 18 شباط الفائت.
وإذ أخذ على أبو فاعور أنه يعمد إلى خرق مبدأ التضامن الوزاري من خلال إثارة هذا الموضوع بشكل فضائحي في مجلس النواب، توجه حرب إلى المجلس بالقول: «وزارة الاتصالات هي الجهة التي تحركت وادعت على مشغلي الانترنت غير الشرعي، نحن من اكتشف الفضيحة ولسنا من ارتكبها أما إذا كان المطلوب تهديم مؤسسات الدولة وجعل الموظفين تحت رحمة الأهواء السياسية فأنا غير مستعد لأكون شريكاً في هكذا دور».
وبناءً على إبداء حرب استعداده لتحديث التقرير إذا ارتأى مجلس الوزراء تحديد جلسة مخصصة لملف الاتصالات، اقترح رئيس الحكومة تمام سلام تحديد موعد لجلسة مماثلة شرط أن تكون «موضوعية خالية من أي اتهامات كيدية أو تجريح» ومنح وزير الاتصالات مهلة أسبوعين لإعداد تقريره الجديد.

الديار :

ايهما الاكثر دوياً، قنبلة عين التينة ام قنبلة فردان؟ القنبلتان على طاولة وزارة الخزانة في واشنطن. وزير الخزانة عضو في مجلس الامن القومي، وهو الخامس في التراتبية بعد الرئيس.

«وول ستريت جورنال» وصفته في عام 2009 بـ «وزير الخزانة في الكرة الارضية»، حيثما تكون العملة الخضراء يكون هناك، علاقاته يومية مع كل اجهزة الاستخبارات وصولاً الى جهاز الاستخبارات في البنتاغون، ولديه جيش من المتابعين. ما يعني لبنان هنا، ماذا يقول جيش المحللين في قنبلة فردان كما في قنبلة عين التينة...

الرئيس نبيه بري قال ما قاله في صوت عال لكي تصل كلماته بدقة ليس فقط الى وزير الخزانة الاميركي بل الى كل الجهات الاميركية المعنية بلبنان، اذ من يضمن ان يكون مساعد الوزير لشؤون مكافحة الارهاب قد نقل ما سمعه من بري الى وزيره؟ الاميركيون براغماتيون جدا، ودقيقون جداً، لكن الامزجة، خصوصاً اذا كانت قريبة من اللوبي اليهودي، تلعب دورها ايضاً...

مصادر عين التينة قالت لـ «الديار» ان كلام بري لم يكن موجهاً الى الداخل فقط. الى الخارج ايضا، وليس الى جاك غلايزر، وزير الخزانة بل وايضا الى وزير الخارجية جون كيري، والى مستشارة الامن القومي سوزان رايس، ناهيك عن وزارة الدفاع التي بات المسؤولون فيها على صلة يومية بالتفاصيل اللبنانية، وهم الذين اكدوا لمن يعنيهم الامر ان واشنطن لن تسمح بتفجير لبنان، لا استثناء لجهات عربية طالما هللت لقانون العقوبات.

بري قال ببساطة، وتبعاً لما تقوله المصادر «لا تفجروا لبنان» بعدما صدم من الطريقة التي تعاطى بها رجال سياسة، واعلاميون مع القنبلة التي استهدفت بنك لبنان والمهجر غروب الاحد. فعلاً وصل خوف رئيس المجلس النيابي الى ذروته من ان يكون هناك مخطط لاعادة لبنان الى مناخات عام 2005 والتي جعلت لبنان يتنقل من كارثة الى كارثة قبل ان يتم ضبط الايقاع وبالتالي تهدئة الاوضاع...

في تلك الليلة جرت اتصالات رفيعة المستوى لاستيعاب الوضع وابقائه عند حدود معينة، وثمة من يتحدث عن ان قوى سياسية في لبنان نظرت الى القنبلة على انها قد تكون الحلقة الاولى من سيناريو يصل بالامور الى نقطة خطيرة للغاية، فكان الاستنفار تحسباً للحلقات التالية.

والذي زاد من حساسية النظرة الى القنبلة، والى الضجيج السياسي والاعلامي الذي قام حولها، هو كلام صدر عن جهات في 14 اذار الى اكثر من مرجع، وفيه ان قانون العقوبات الاميركي ليس سوى البداية لسلسلة من الاجراءات، من بينها ما يمكن ان يصدر عن لاهاي، وبعدما بات معلوما ان المحكمة الخاصة بلبنان تنام او تستيقظ بالريموت كونترول، ودائماً لاغراض سياسية تتجاوز بكثير الاطار التقني للمحكمة.

كلام كبير كان يتردد في الغرف المقفلة، وفهمت اكثر من جهة سياسية مناوئة لـ«حزب الله» ان عليها التصعيد لملاقاة السيناريو في نقطة ما، حتى ان بعض وسائ الاعلام رفعت وتيرة حملتها على «حزب الله» بصورة غريبة وغرائبية لتربط حتى الخلاف حول سد جنة بالحزب، وكادت تلصق به ملف شبكة الانترنت وبصورة تثير الذهول...

هذا فيما كان قطب مسيحي يبشر «الشباب» بأن ساعة «حزب الله» قد دقت، وان قوى دولية تضغط في هذا تجاه ليتكرر مع المقاومين مشهد ياسر عرفات و«الفدائيين» وهم يغادرون مرفأ بيروت الى المنافي، ودون التنبه الى ان الحزب، بقيادته وبقاعدته، لبناني وانه من دحر الاحتلال الاسرائيلي عام 2000 واعاد المناطق المحتلة الى الدولة اللبنانية...

اوساط ديبلوماسية غربية ترى ان رسالة بري لا بد ان تكون قد وصلت الى واشنطن، وانها لا بد ان تكون موضع اهتمام وتحليل، ما قد يحمل الصقور هناك، والذين يرتبطون بـ«الايباك» على اعادة النظر في شعارهم «حزب الله بعد داعش» والى حد الدعوة الى التزامن في ضرب التنظيم والحزب...

هذا ليس بالجديد في واشنطن، اذ ان ريتشارد ارميتاج، وكان نائباً لوزير الخارجية كولن باول، وصف «حزب الله» بفريق الارهاب الاساسي، اما تنظيم «القاعدة» فهو فريق الاحتياط، مع ان اسامة بن لادن ضرب العمود الفقري للامبراطورية في نيويورك في 11 ايلول 2001.

والاوساط الديبلوماسية تعتبر ان ادارة باراك اوباما لا يمكن ان تفرق بين التفجير الامني والتفجير المالي لان الاثنين يوديان بالدولة اللبنانية الى الهاوية، وهو الامر الذي اجمعت الدول الغربية على منعه لان اي انهيار في السلطة في لبنان يعني ان تنظيم «داعش» الذي يواجه اوضاعاً حرجة في كل من سوريا والعراق لا بد ان يندفع من جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع منه الى نقاط حيوية في البقاع وصولاً الى مدينة طرابلس.

وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة من الاساس، لذلك كان اهتمامها العسكري والامني بلبنان، اذ ماذا يعني وصول «داعش» الى شواطئ المتوسط، وانتشاره في الداخل اللبناني مع توظيفه الخلايا او الشبكات النائمة في مخيمات النازحين لتحويل لبنان الى ولاية من ولايات الخليفة.

 

 

 لا مزايدات ولا بهلوانيات

 

 

اصحاب الرؤوس الباردة في جمعية المصارف، وهنا المواصفات المثالية لرجال المال، ابعدوا المسألة عن المزايدات، والبهلوانيات السياسية. التوازن عاد الى المشهد، وستكون هناك حسابات مفتوحة لمستشفى الرسول الاعظم كما لمستشفى بهمن، عادة المؤسسات الطبية لا تمس. البعض في لبنان ذهب في الاجتهاد الى ما هو ابعد بكثير من المعقول، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة تواصل مع واشنطن للتأكيد على فتح حسابات للمؤسسات ذات البعد الاجتماعي والصحي.

الرئيس تمام سلام عرّج، لدى افتتاح جلسة مجلس الوزراء على موضوع الانفجار، مؤكداً «حرص الحكومة على الاستقرار المصرفي وعلى حماية القطاع المصرفي الذي يضطلع بدور كبير على الصعيدين الاقتصادي والمصرفي، في حين يتوقع ان يتطرق السيد نصرالله الى هذه المسألة في كلمته في ذكرى اربعين القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين الجمعة المقبل.

الى ذلك، غالبا ما كانت الحكومة توصف بـ«البطة العرجاء» بسبب عجزها عن حل اي من الازمات التي تواجهها. الآن اي وصف بعد خروج وزيري حزب الكتائب سجعان قزي وآلان حكيم؟

رئيس الحزب سامي الجميل اعلن: «ان استقالة الوزيرين ستبلغ رسميا (اي خطياً) الى الرئيس سلام وبعدها يصبح الحزب خارج الحكومة التي اعتبر ان صلاحياتها انتهت وانتقلت من العجز الى الضرر، ولذلك دعونا الرئيس سلام الى الاستقالة لوضع الجميع امام مسؤولياته».

وكان خبراء دستوريون قد اعتبروا ان الاستقالة تصبح نافذة لدى تقديمها خطياً لرئيس الحكومة، في حين يستند وزير العدل المستقيل اشرف ريفي الى الاشكالية الدستورية القائمة للاستقالة وللاستمرار في ممارسة مهامه كوزير للعدل يتولى تصريف الاعمال دون المشاركة في جلسات مجلس الوزراء.

حكومة المصلحة الوطنية تحولت الى حكومة التأجيل. بعض الوزراء قالوا ان الحكومة يجب ان تدخل ارقام غينيس في عدد الازمات التي تواجهها وايضاً في المواضيع المؤجلة.

 

الجمهورية :

تزدحم أجندة الأسبوع المقبل بمواعيد، أبرزُها جلسة الحوار الوطني في 21 حزيران والتي يعوّل رئيس مجلس النواب نبيه برّي عليها لمقاربة قانون الانتخاب الجديد بطريقة إيجابية، ثمّ جلسة اللجان النيابية المشتركة في 22 الجاري لمواصلة النقاش في القانون المختلط، وتتبعها الجلسة 41 لانتخاب رئيس الجمهورية في 23 الجاري، علماً أنّها ستكون كسابقاتها من حيث عدم اكتمال النصاب، وتليها مساءً جلسة الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله». ويُختتم الأسبوع بخطاب يلقيه الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله عصر الجمعة المقبل في ذكرى اغتيال مصطفى بدر الدين. إلّا أنّ هذه المحطات السياسية، على أهمّيتها، لم تحجب الاهتمامَ بالأوضاع الأمنية في البلاد، في ضوء تفجير فردان الذي استهدف بنك «لبنان والمهجر»وحرّكَ المخاوف من تفجيرات أخرى. أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنه «منذ فترة، وصلت معلومات أمنية إلى مخابرات الجيش عن نيّة مجموعات القيام بتفجيرات في الداخل وزعزعة الاستقرار، فتحرّك الجيش بسرعة ونفّذ عمليات في أكثر من منطقة، وكان أبرزها القضاء على خلية لـ«داعش» في خربة داوود في عكّار».
ولفتَ المصدر إلى أنّ «المعلومات التي بحوزة السفارات ويتم تداولها في الإعلام حالياً، وصَلت إلى الجيش سابقاً، ولا معلومات جديدة عن تهديدات أو وجود مجموعات إرهابية أو تحذيرات من أعمال جديدة».
وشدّد على أنّ «الجيش مستمرّ بتدابيره الأمنية المشدّدة في العاصمة بيروت وكلّ المناطق لحماية الاستقرار».
المشنوق
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«الجمهورية»: إنّ الكلام الذي يُثار حول تفجيرات من هنا وهناك هو كلام غير موثّق ومبني على اتصالات يكون هدفها التخويف اكثر منها الحقيقة والواقع. وأضاف: الوضع الامني لا يزال تحت السيطرة، وانفجار فردان عنوانه وطبيعته مختلفان ولا علاقة له لا بالتحذيرات ولا بالمعلومات عن تفجيرات في المناطق ولا بالتحقيقات السابقة.
وكان المشنوق قد أكّد بعد خروجه من اجتماع مجلس الوزراء أمس أنّ «المعلومات التي وصلت الى السفارات قديمة، عمرُها أكثر من شهرين، وقد وصلت حديثاً إلى السفارات وتتصرّف على أساسها».
أضاف: نحن أخَذنا كلّ الاحتياطات منذ علمنا بهذه المعلومات، إنّما ليس هناك من شيء جديد يبرّر التحذيرات التي صدرت عن السفارات.
وأشار المشنوق إلى أنّ التفجير الذي حصل في منطقة فردان «لا يأتي في سياق التفجيرات السابقة، لأنّ عنوانه مختلف وطبيعته مختلفة، ولا علاقة له بالتحقيقات وبالمناطق وبالتحذيرات التي صدرت عن السفارات».
ولفت إلى أنّ تلافي الخطر يكون بما تقوم به الأجهزة الامنية، مؤكّداً أنّ «المعلومات المتداولة جاءت نتيجة توقيف أشخاص منذ اكثر من سبعة أسابيع»، وأنّ «بعض الكلام المتداوَل غير موثّق.
كاغ في لندن
إلى ذلك، التقَت المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ في لندن كبارَ المسؤولين في المملكة المتحدة، وتركّزت المحادثات على القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، ومنع التطرّف العنيف، والفرَص الملموسة لترسيخ الاستقرار في لبنان وحمايته من تداعيات الأزمة في سوريا، وتأمين المساعدات الإنسانية والإنمائية الطويلة الأمد.
ومِن المتوقع أن تقدّم كاغ إحاطة إلى مجلس الأمن في نيويورك في 7 تمّوز المقبل.
مجلس وزراء
في هذه الأجواء، وفي غياب الوزيرَين الكتائبيَين سجعان قزي وآلان حكيم، انعقَد مجلس الوزراء في السراي بنصاب ثمانية عشر وزيراً وبتفاهمات جَعلت الحكومة تقرّ بنوداً على جدول أعمالها وتتّفق على جلسات اخرى للملفات الخلافية الكبيرة.
وبحسبِ معلومات «الجمهورية»، فإنّ الرئيس تمّام سلام قال في بداية الجلسة: في ظلّ الأوضاع المتردية، أعلنَ أخيراً زميلان استقالتهما إعلامياً وأحدثا مزيداً مِن البلبلة والضعضعة في البلاد، ولأنّ الاستقالة إعلامية، والإعلام أخَذ مداه وكنّا نتمنّى منهما لو استمرّا معنا في تحمّل المسؤولية في ظلّ هذه الظروف الصعبة، وبما أنّني لم أتبلّغ لا شفوياً ولا خطياً الاستقالة، فإنّني أعتبر عدمَ حضورهما اليوم غياباً.
وأضاف: بغياب بعض الوزراء سيؤجَّل البحث في البنود المتعلقة بوزارتَيهما.
ثمّ طلبَ وزير الأشغال العامة غازي زعيتر الكلام، وقال: طالما الاستقالة إعلامية أتمنّى أن يشير إليها وزير الإعلام في تلاوة المقرّرات، وأن يقول إنّ مجلس الوزراء لم يتبلغ بعد، والاستقالة إعلامية.
وتوالت المداخلات التي انتقدت طريقة تظهير الاستقالة، وخصوصاً لجهة القول إنّ الكتائب لن تغطّي الفساد والصفقات. ومن بين المداخلات ما قاله الوزير روني عريجي: نحن نتمنّى أن يعودا عن قرارهما وأن يكونا بيننا، لكنّ التبريرات التي أعطيَت غير محِقّة، نحن لسنا مفسِدين ولا فاسدين، ونحن أخَذنا الكثير من القرارات رغماً عنّا، حفاظاً على الحكومة والمصلحة العامة، لأنّ الوضع السياسي دقيق ولا يتحمّل، بالإضافة الى أنّهما كانا جزءاً من قرارات اتّخذها مجلس الوزراء.

اللواء :

الثابت أن الحكومة التي عقدت جلسة بغياب ستة وزراء، في سابقة هي الأولى من نوعها، وإن تعددت الأسباب، بين استقالة أو سفر أو لأسباب خاصة، بدت أثبت من اي وقت مضى.
وإذا كانت استقالة وزيري الكتائب سجعان قزي وآلان حكيم حضرت في الجلسة من زاوية الأسف للخطوة التي اقدم عليها حزب الكتائب مع الإشادة بعمل الوزيرين، فإن إبعاد ملف سد جنة وملف «أمن الدولة» عن المناقشات، فضلاً عن إعلان وزيري «حزب الله» محمّد فنيش وحسين الحاج حسن انهما صائمان، عوامل فتحت الطريق امام قرارات منتجة بعضها في حقل التشريع المالي، والبعض الآخر في حقل اتفاقيات ونقل اعتمادات وقبول هبات، مما يؤشر إلى أن الحكومة ماضية في عملها بصرف النظر عن استقالة وزير من هنا، أو عنعنة وزير من هناك، فهي أقرّت الموافقة على مشروع قانون يرمي إلى منح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي اعتباراً من 14/12/2016، ومشروع قانون اخر يرمي الى فتح اعتماد اضافي لتغطية العجز في الادارات ذات الموازنات الملحقة.
وعلى وقع استمرار الحملات المتبادلة بين الكتائب و«التيار الوطني الحر» أعلن رئيس الحزب أن الاستقالة الخطية لكل من الوزيرين قزي وحكيم ستقدم رسمياً وخطياً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بحيث يمتنعان عن توقيع أي قرار حكومي من دون توقف عن متابعة المعركة الحكومية لجهة إبداء الرأي بالمواضيع التي يفترض أن تناقش في جدول الأعمال، بصرف النظر عن المشاركة.
ولم يكتف النائب الجميل بذلك، بل دعا الحكومة والرئيس تمام سلام إلى الاستقالة، بعدما أصبح بقاء الحكومة «جريمة في حق لبنان وشعبه»، واصفاً قرار استقالة الوزيرين بأنه «يجب أن يصب في خانة التعجيل بانتخاب رئيس الجمهورية، ولم ير أي ارتباط بين الخروج من الحكومة ومشاركة الحزب في هيئة الحوار الوطني، مشيراً الى انه عندما «تصبح الحكومة أسوأ من الفراغ الدستوري يصبح ذهابها أفضل من بقائها»، مؤكداً رفضه أن «يكون شاهد زور على أخطاء وجرائم ترتكب ضد مصلحة اللبنانيين».
ولم ينج موقف الكتائب هذا من انتقاد «القوات اللبنانية» التي لم تشارك في الحكومة اصلاً، على لسان مسؤول مصلحة الإعلام والتواصل في الحزب ملحم رياشي، الذي اعتبر أن انسحاب الكتائب «غير مفيد».
ويزور الوزير قزي معراب اليوم للقاء رئيس حزب «القوات» سمير جعجع والتشاور معه حول الوضع العام في البلاد، وخطوة الاستقالة.
الحريري في البقاع
سياسياً، كان الحدث في شتورة، حيث أقام رئيس تيّار المستقبل سعد الحريري غروب أمس في مطعم «سما شتورة» افطاراً على شرف عائلات البقاع الغربي وراشيا وعرسال، في أوّل افطار خارج العاصمة هذا العام، وفي اول زيارة للبقاع، في إطار خطة متكاملة لإعادة اللحمة إلى تيّار «المستقبل» وجمهوره، بدءاً من الاعلان عن المؤتمر العام في منتصف تشرين الاول المقبل، وصولاً إلى شرح رؤية سياسية لتيار المستقبل والخيارات الوطنية والعربية التي تعبر عنها «الحريرية الوطنية»:
1 - أكّد الرئيس الحريري أن ثوابت الحريرية الوطنية حماية البلد واستقراره وحماية العيش المشترك والوحدة الوطنية في البقاع وكل لبنان.
ومن ثوابتنا الاعتدال ورفض الفتنة وحماية الدولة، ورفض أي اعتداء على سيادتها وحقها الحصري في السلاح والسلطة على كل الأراضي اللبنانية، وعليه، أضاف الرئيس الحريري «ثوابتنا ليست للمساومة أو التنازلات أو التسويات، وعندما نقوم بحوارات محلية أو وطنية او خطوات سياسية فمن أجل مصلحة لبنان».
2 - الحوار مع «حزب الله»: شرح الرئيس الحريري للبقاعيين فائدة هذا الحوار، لجهة العمل على خفض التوتر ودرء الفتنة بين السنة والشيعة، والمقياس ليس ما أنجز، ولكن كل ما أدى إليه هذا الحوار من تفادي المآسي والويلات لو سمح للفتنة أن تقع.
3 - وإذ نوّه بصمود أهالي عرسال والطفيل، كشف عن خطوات تتعلق بتنظيف نهر الليطاني واستكمال الأوتوستراد العربي من ضمن سلسلة مشاريع في منطقة البقاع، منها تلزيم محطة التكرير بقرض إيطالي قيمته 32 مليون دولار، وقرض من البنك بقيمة 55 مليون دولار لشبكة الصرف الصحي.
4- وفي ما خصّ التحضيرات لمؤتمر التيار، دعا لإفساح المجال بنسبة لا تقل عن 40 في المئة للشباب والشابات في كل هيئات التيار، وأن تأخذ المرأة دورها.
مجلس الوزراء
وبالعودة إلى مجلس الوزراء، أوضحت مصادر وزارية أن الجلسة التي لم تدخل في تفاصيل الموضوع الأمني على خلفية تفجير «بنك لبنان والمهجر» باعتبار أن هناك تحقيقات جارية في هذا السياق، شهدت سجالاً بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزراء «التيار الوطني الحر» والوزير الاشتراكي وائل أبو فاعور، لم تخل من الحدة، وقد تهجم هؤلاء الوزراء على الوزير حرب منتقدين التقرير الذي أعده حول «أوجيرو».
وفي المعلومات أن التقرير أعد في 18 شباط الماضي وأرسل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء من دون ذكر ملف الإنترنت غير الشرعي، الأمر الذي لم ينل إعجاب الوزراء فرفض الوزير حرب هذا التهجم، وفتح هذا النقاش أبواب المداخلات لوزراء اعتبروا فيه أن ملف الانترنت غير الشرعي أصبح في عهدة القضاء وهناك موقوفين اعترفوا بإمتلاكهم معدات غير شرعية.
وبنتيجة النقاش، تقرر عقد جلسة خاصة عن الاتصالات بعد 15 يوماً لكن وزير التنمية الإدارية نبيل دو فريج رأى أن ملف الاتصالات شائك ويتضمن ملف الانترنت غير الشرعي ودفاتر الشروط المتصلة بالخليوي والألياف البصرية والهيئة الناظمة.
وأشارت مصادر وزارية إلى أن موضوع استقالة الوزيرين الكتائبيين حضر في مداخلات عدد من الوزراء، حيث تكرر الكلام نفسه لجهة رفض الاستقالة في هذه الظروف.
ولوحظ أن الوزيرين قزي وحكيم سجّلا في المعلومات الرسمية عن الجلسة أنهما غائبان، وليسا مستقيلين.
وعلم أن عدداً من الوزراء طرح موضوع سدّ جنّة، لكن الرئيس سلام أكد أنه ليس مدرجاً على جدول أعمال الجلسة، وأن الحديث فيه يستغرق وقتاً طويلاً ما قد يطيّر وقت الجلسة وجدول الأعمال، ولذلك اقترح تخصيص جلسة خاصة له.
كذلك أثار الوزير ميشال فرعون موضوع جهاز أمن الدولة، لكنه لم يناقش باعتبار أن هناك حاجة إلى عقد جلسات خاصة لسلسلة مواضيع تحتاج إلى بتّ.