في وقت يعيش فيه العالم تحت وطأة شبح "داعش" الذي بات يهدد البلاد العربية والغربية على حد سواء، وفي ظل المحاولات التي تُبذل في الكثير من البلدان لمواجهة الفكر الداعشي، الذي ارتبط في جزء منه بالمرأة وقضاياها، من الاستغلال الجنسي إلى العنف بكل أنواعه وصولاً إلى السبي وفرض قوانين وضوابط صارمة تحدّ من حريتها، يفاجئنا سماحة السيد سامي خضرة في لبنان بآرائه وطروحاته التي قد لا تبدو بعيدة جداً عن التطرف الذي نهابه اليوم.

يثير السيد خضرة ضجة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مع كل مرّة يقوم فيها بنشر رأي أو تعليق أو مقطع فيديو من مقابلة له على صفحته على "فيسبوك"، وآخر منشوارته، صورة كتب فيها متوجها إلى المرأة غير المحجبة: "تُصلّي وتصوم و.. ولا تتحجّب! هل فكّرت يوماً بضعف شخصيتها؟".
حصدت الصورة حتى مساء اليوم نحو 130 مشاركة، تساءل خلالها مستخدمو مواقع التواصل عن الرابط بين ضعف الشخصية والحجاب، فيما علق البعض بشكل غاضب أو ساخر أحياناً.
 
وعلّقت إحدى المستخدمات قائلةً: "الدين أخلاق وتعامل .. لم يقف على غطاء الشعر !!"، فيما كتب آخر "مين قلك إنّو الحجاب ماركة مسجلة للإيمان والتقوى، أو حسن الأخلاق". وعلّق أحدهم قائلاً: "داعش شيعية"، وقال آخر: "يعني يا مولانا ‫‏المربّي‬ الفاضل كل يوم عن يوم عم تبدع.. يا مولانا كتار منا بيعرفوا نسوان بتصلي وبتصوم بس مش محجبة وربيت ولادها ايتام وكانوا قد حالهن وشخصيتهم ما في أروع منها، ما عم بفهم شو الرابط العجيب!!! كيف بتسمح لنفسك توصفهن بضعف الشخصية".
 
ولاحقاً ردّ خضرة تعليقاً على بطاقة "تصوم وتصلّي ولا تتحجّب"، بصورة أخرى كُتب فيها: "كالعادة ساد الانفعال والتحامل والشخصية والشتائم.. والمسألة أبسط من ذلك بكثير! في ترابط المنظومة الإيمانية مع بعضها فحسب".
المتابع لآراء خضرة وفتاويه، يُمكنه ملاحظة اهتمامه الواضح بالمرأة ويمكنه لمس أيضاً نوعاً من الإهانة والاستفزاز والحدّ من حريتها وتقييدها ووصفها بعبارات غير مقبولة، لا سيما للسافرات منهنّ (أي غير المحجّبات).
 
ففي حلقة له على قناة الكوثر، نشر مقطعاً مصوّراً منها على صفحته بعنوان "بعض المحجبات يدافعن عن ملكة جمال شيعية تركت الإسلام"، يقول فيها "بعض المحجبات لديهن أفكار عجيبة.. منذ يومين فتاة لبنانية "ابتلاها" الله وكانت في ما يُسمى بحفلة ملكات الجمال الأميركية .. ثم هي "منحرفة" من ناحية السلوك، ومعروف هذا.. وللأسف الشديد أنها تنّصلت وتركت الاسلام. وأنا أفهم أن بعض العلمانيين والمتغربين وأعداء الاسلام أن يقفوا معها ولكن لا يمكن أن نستوعب أن بعض المحجبات يدافعن عن التي تركت الاسلام، ويُقال إن هذه حرية شخصية و لا إكراه في الدين ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، فهذا كيف يمكن أن تكون امرأة صالحة؟".
فهل يحقّ لسماحة السيد أن يصف ريما فقيه بالمنحرفة؟ والأكثر من ذلك انّ مقدّمة البرنامج توافق السيد بهز الرأس على توصيفه لفقيه وعلى البلاء الذي حلّ بها لمجرد مشاركتها بمسابقة ملكات الجمال.

والمفارقة ان خضرة، الذي يجلس على نفس الطاولة مع مقدّمة البرنامج، يدعو إلى تجنّب حالات الاختلاط بين الجنسين، حتّى وإن كانت في المنزل مع الضيوف، في حين كان بإمكانه أن يشارك في الحلقة عبر "السكايب" مثلاً أو أن يجلس في غرفة أخرى ويطل عبر الشاشة في مداخلته، وهذا ما يُذكّرنا بقول الشاعر العربي أبي الأسود الدؤلي "لا تنه عن خلق وتأتى بمثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم".
 
السيد سامي خضرة له برامج على قناتي "الكوثر" و"الصراط"، واللافت انّه يطلّ أيضاً على قناة "المنار"، في وقت يحارب فيه حزب الله التنظيمات المتطرفة على الجبهات، ويحاول تكريس نهج الاعتدال والانفتاح في مواجهة التشدد الداعشي، إلاّ أنّ ظهور السيد خضرة بأفكاره وفتاويه وضعته محلّ انتقاد وتشبيه مباشر بالفكر الداعشي.   رزان شرف الدين- موقع قناة الجديد