بدأت في بولندا أمس، أوسع مناورات للحلف الأطلسي (ناتو) بمشاركة 31 ألف عسكري من 24 بلداً، بالتزامن مع توتر جديد في العلاقات الروسية– الألمانية سببه معطيات عن تعديل في العقيدة الدفاعية لبرلين أدرج روسيا على لائحة «الخصوم».

واتجهت العلاقات الروسية– الأوروبية، المتوترة أصلاً، إلى مزيد من التعقيد أمس، مع بدء مناورات «أناكوندا-16» في بولندا، والتي تُعتبر الأضخم في تاريخ الحلف، إذ يشارك فيها 31 ألف عسكري من 24 بلداً، بينهم 12 ألفاً من بولندا و14 ألفاً من الولايات المتحدة، إضافة إلى 3 آلاف آلية و12 سفينة حربية.

وقالت مصادر عسكرية روسية لـ «الحياة»، إن موسكو «تراقب عن كثب تحركات الحلف، وتعتبر زيادة حجم المناورات العسكرية لأعضائه جزءاً من النشاطات التي تستهدفها».

ولفت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن بلاده لا تخفي موقفها السلبي من «تحرّك البنية التحتية للأطلسي في اتجاه حدودنا، لجرّ دول جديدة إلى نشاطه العسكري». وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي تيمو سويني في موسكو: «سنثير حقاً سيادياً لروسيا لضمان أمنها، من خلال تدابير مناسبة لمواجهة الأخطار. وأثِق بأن أصدقاءنا وجيراننا الفنلنديين يتفهمون ذلك أيضاً».

وفنلندا والسويد ليستا عضوَين في «الأطلسي»، لكنهما تشاركان في المناورات التي تستهدف طمأنة دول شرق أوروبا ووسطها، بعد تدخل موسكو عسكرياً في النزاع الأوكراني، وضمّها شبه جزيرة القرم.

وتشمل المناورات التي تستمر إلى 16 الشهر الجاري، إلى جزءين أساسيين، يقوم الأول على تدريبات واسعة للانتشار والتوغل ومواجهة حالات طارئة، والثاني مناورات تُنفَّذ في شكل متزامن للتدرّب على نشر قوات وآليات عسكرية تابعة للحلف عبر الحدود الألمانية والبولندية، في أراضي هنغاريا وبلغاريا ودول حوض البلطيق، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا.

وتأتي المناورات قبل قمة لـ «الأطلسي» في بولندا، بين 7 و9 تموز (يوليو) المقبل، سيشارك فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما، قبل زيارته إسبانيا.

وتزامن بدء المناورات مع إعراب الكرملين عن قلقه من تعديلات أدخلتها ألمانيا أخيراً على عقيدتها الدفاعية، شملت إدراج روسيا على لائحة «الخصوم». وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «إذا تأكدت التسريبات عن مضمون التعديلات الجديدة على العقيدة الدفاعية، فإنه أمر مؤسف ومقلق في آنٍ». وأوضح أن «التسريبات التي تحدثت عن تعديلات في العقيدة الدفاعية المعروفة بـ «الكتاب الأبيض»، تدلّ إلى عدم تفهّم كامل لجوهر مواقف موسكو التي لا ترمي إلى مواجهة، بل إلى إيجاد جوّ من التعاون متبادل المنفعة في أوروبا». وحذر من أن الموقف الألماني «قد يؤدي إلى خطوات تطلق دوامة مواجهة، ولا يمكنه أن يصبّ في تعزيز العلاقات والتعاون الكامل».

وكانت صحيفة «دي فيلت» الألمانية أشارت إلى خطط لإدخال تعديلات جوهرية، للمرة الأولى منذ العام 2006، على «الكتاب الأبيض»، وهو الوثيقة الخاصة بسياسة الدولة في الأمن القومي، يتعلق الجزء الأهم منها بالعلاقة مع روسيا. وأضافت أن التعديلات لاحظت أن «موسكو تمرّر مصالحها من طريق القوة، وتغيّر الحدود المعترف بها دولياً، وبذلك تمثّل تهديداً للنظام الذي تشكّل بعد الحرب الباردة في أوروبا».