في حين انهمكت بيروت في "تحليل" نتائج المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية، التي جرت في الجنوب، أول من امس (بلغت نسبة الاقتراع فيها نحو 48 في المئة) ولم تحمل مفاجآت كبرى للقوى الرئيسة، التي خرجت بانتصارات متوقّعة، مع تسجيل بعض الخروق المعبّرة، كما في "بلدية جزين" وبعض لوائح "حزب الله" وحركة "أمل" في أكثر من بلدة، فإن الأيام الفاصلة عن "العنقود الأخير" من هذا الاستحقاق تبدو مزدحمة بالعناوين السياسية، التي ستطغى على لوحة المعارك المتوقّعة في الشمال، والتي لا تختلف في رمزيّتها عما شهدته الجولات الثلاث السابقة.

وتُعتبر الزيارة المرتقبة خلال ثلاثة أيام لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت المحطة الأبرز في هذا السياق، وسط توقّعات بأن محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين ستركّز على عنوانيْن:

الأول ملف النازحين السوريين، الذي اكتسب بُعداً آخر، بعد الكشف عن تقرير للامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أثار «غضبة» بيروت، التي اعتبرته دعوة الى توطين هؤلاء ومنحهم الجنسية اللبنانية، قبل ان تُطَمْئنَ المنظمة الدولية لبنان الى ان التقرير هو في سياق سياسة عالمية تتناول اللجوء عموماً، فيما كان رئيس الحكومة تمام سلام يؤكد امام القمة العالمية الانسانية في إسطنبول «تمسّكنا بقاعدة ثابتة ومكرّسة في نصّ الدستور اللبناني بأن لبنان ليس بلداً لتوطين الآخرين على أرضه».

أما العنوان الثاني فهو الشغور في رئاسة الجمهورية، الذي يدخل غداً عامه الثالث، وسط معاودة فرنسا تحرّكها على خط محاولة إنهاء هذه الأزمة، وصولاً الى مساعيها إلى عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان، والتفكير في إمكان توسيعها، وذلك بالتوازي مع حركة داخلية، عبّر عنها في شكل رئيس تطوران:

الاول مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري إلى طرح مخارج للأزمة الرئاسية، إما على قاعدة انتخابات نيابية مبكرة، مع التزام مسبق من القوى السياسية بانتخاب فوري بعدها لرئيس الجمهورية، واما من خلال «دوحة لبنانية» توفّر انتخاب رئيس من ضمن سلّة متكاملة.

والثاني الدخول السعودي على خط المأزق السياسي في لبنان، عبر العشاء الجامع الذي أقامه السفير علي عواض عسيري لنحو 150 شخصية من مختلف المشارب، باستثناء «حزب الله»، داعياً فيه الى «حوار إنقاذي» يُنتج رئيساً بحلول عيد الفطر.

وكان لافتاً، تَقاطُع هذا المناخ مع كلام للوزير السابق وئام وهاب (القريب من النظام السوري و«حزب الله») أعلن فيه ان عون سيُنتخب رئيساً للجمهورية في اب المقبل، لافتاً إلى أن الرئيس سعد الحريري سيوافق على هذا المخرج، وكاشفاً ان «البطريرك الراعي الذي لم تتوقف مساعيه لايجاد حلّ للملف الرئاسي، زار سوريا (لم يحدّد التاريخ) والتقى مسؤولين فيها ناقلاً رسالة من هولاند (كان التقى الراعي إبان زيارته لبيروت في 16 ابريل الماضي، ثم استقبله في الإليزيه قبل اسبوعين) حول طلب بدايةِ تعاون في موضوع الارهاب وأمور أخرى ذات صلة بالعلاقات الثنائية».

الراي