مجازر سوريا إلى ازدياد وترويع جديد , ومبادرة بري في خطر

 

السفير :

اختُرقت شبكة الأمان التي كانت تحيط بمدينتي طرطوس وجبلة، بعد خمسة أعوام من الحرب، بسبعة تفجيرات متزامنة، بعضها انتحاري، تبنّاها تنظيم «داعش»، وذهب ضحيتها حوالي 400 شخص غالبيتهم الساحقة من المدنيين.
وقام «داعش» باستعراض دموي جديد في مدينتي جبلة وطرطوس في نقطتين حيويتين للنقل المدني، تمثلتا في كراجي البلدتين، حيث تتجمع فيهما وسائل النقل القادمة من القرى وتنطلق داخل المدينة، وبالعكس.
وبتزامن رمزي، على المستويين الإجرامي والميداني، حصلت سلسلة التفجيرات التي تقصّد بها التنظيم إيذاء أكبر قدر من الموظفين والطلاب المتوجهين إلى مراكز عملهم أو امتحاناتهم، وصولاً إلى المسعفين في غرفة إسعاف مستشفى جبلة الوطني.
وأزال «داعش» عبر بيان، نشرته وكالة «أعماق» التابعة له، اللبس الذي حصل بتوجيه الاتهام إلى «حركة أحرار الشام» الإسلامية المتطرفة، والذي كان يمكن أن يُبنى عليه سياسياً وميدانياً الشيء المختلف. وذكر البيان أن «هجمات لمقاتلين من الدولة الإسلامية تضرب تجمعات للعلوية في مدينتي طرطوس وجبلة على الساحل السوري». وتحدث عن «10 انغماسيين، اثنان منهم يقودان سيارتين مفخختين، والجميع فجّر نفسه»، مشيرا الى أن خمسة استهدفوا كل مدينة.
ورغم أن البعض شكك بالبيان باعتباره يستخدم مفردات لم يعتد «داعش» على استخدامها، إلا أن طريقة التنفيذ وضخامة الإجرام تخدمان الترجيحات بمسؤوليته المطلقة عن العمليات. ولا وجود معلن لتنظيم «داعش» في المحافظتين، وإذا صح تبنيه للتفجيرات، فإنها تكون بمثابة رسالة بأن التنظيم لا يزال ناشطاً بقوة برغم الهزائم التي مُني بها في محافظات أخرى.
لكن بالرغم من أن التنظيم، أحد أوجه الشر المطلق في الحرب السورية، تبنى التفجير، يمكن القول، في الوقت ذاته، إن نظريات كثيرة سابقة تزعزعت بتفجيرات طرطوس، أولاها القول بأن «المدينة محمية باتفاق سري دولي»، كونها تمثل بغالبيتها العظمى أقلية دينية كما يحصل عادة في حروب ذات إسقاطات دولية ومذهبية من هذا النوع. كما سقطت نظرية احتواء المسلحين، على اختلاف مشاربهم ورعاتهم، باعتبار أن المدينة تضم كتلة نازحين من حلب وحمص والرقة تعادل تقريباً حجم عدد سكانها الأصليين.
وفي الحالة الأولى، سواء كان هناك اتفاق ما أو لا، فإن إعلان التنظيم مسؤوليته عن ترتيب العملية وتنفيذها عن طريق خلايا نائمة، يجعل من آخر المناطق الآمنة في سوريا مسرحاً للاستعراض القاتل، ولا سيما أن المدينة وقراها لم تسلم من مستوى دموي آخر، تمثل بالعدد الأكبر لشهداء الجيش في سوريا، وهي ضريبة دفعها المقاتل من المدينة على كل الجبهات.
أما النظرية الثانية، فتثير الخشية أكثر، على اعتبار أن أكثرية التعليقات التي خرج بها أهالي المدينة على صفحات التواصل الاجتماعي، تذهب لتوجيه اتهامات مضمرة أو علنية لمجتمعات النازحين و «الخلايا النائمة» التي تحتويها. وذهب البعض إلى تسمية مناطق وجودهم وتمركزهم الشعبي، علماً أن أصواتاً معاكسة خرجت أيضا تدعو لتفادي لغة الاتهام، محذرة «من اللغة الطائفية البغيضة».
لكن المرجح أن الخرق الأمني هو الأكثر احتمالاً، ولا سيما أن التفجيرات متزامنة ومخطط لها بعناية، وناتجة من قرار سياسي وميداني ينتظر اللحظة المناسبة لجني النتائج عبر التنفيذ.
وحوالي التاسعة من صباح أمس وقعت تفجيرات فصلت بينها دقائق في مدينة جبلة، اثنان في كراج للنقل المدني، وثالث قرب مديرية كهرباء جبلة، ورابع لانتحاري على مدخل الإسعاف لمستشفى جبلة الوطني ذهب ضحيته عدد كبير من المسعفين وأطباء القسم، وأخرج المستشفى مؤقتاً من الخدمة.
وفي الوقت ذاته، حصل تفجير أول في كراج طرطوس المدني تبعه تفجيران انتحاريان على بوابتين للكراج، بعد ذعر التفجير الأول وتفجير قيل إنه لانتحاري في حي سكني قريب من المناطق الأولى.
وقالت مصادر سورية إن عدد الشهداء بلغ 148 وعدد الجرحى 225، تقاسمتهم المدينتان، في الوقت الذي ترأس فيه وزير الداخلية السوري محمد الشعار اجتماعاً للجنة الأمنية في اللاذقية وطرطوس لـ «تشكيل لجنة جنائية وفنية للتحقيق بملابسات التفجيرات».
وأغلقت مداخل طرطوس ساعات عدة، كما قطعت الدوريات الأمنية أوصال المدينة وشنت حملة مداهمات، ونادت سيارات الإسعاف للتبرع بالدم. وبث تلفزيون الإخبارية السوري صوراً لمكان التفجير في موقف للحافلات في جبلة. وأظهرت الصور عدداً من الحافلات المحترقة والمحطمة، فيما تناثرت على الأرض الإطارات وركام السيارات إلى جانب برك من الدم والأشلاء.
ولاحقا نشرت شبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات لشخص بوجه مدمى قالت إنه «أحد المسؤولين عن التفجيرات»، وتم إلقاء القبض عليه في جبلة. وانتشرت شائعات كثيرة في المدينتين، بينها البحث عن سيارات مفخخة أخرى.
وفشلت محاولة سابقة منذ عام تقريباً لتفجير سيارة في طرطوس، كانت قادمة من حمص، وفقاً لما تداوله الإعلام. وتردد حينها أن حركة «الجبهة الإسلامية» حاولت تمريرها إلى داخل المدينة قبل أن يكتشفها الحاجز الأمني.
وخشي معلقون وسكان في المدينة من حصول فوضى نتيجة الاحتقان المتفاقم من سنوات الحرب، وصولا لمأساة أمس. وحذرت النائبة عن المدينة ديما سليمان من أن «المخطط يلي رح يصير (الذي سيحصل) بعد التفجير بطرطوس في جهات بلشت (بدأت) بخلق الفوضى».
وبالتوازي مع التحذيرات، كان مجهولون يقومون بإضرام النار في مخيم الكرنك، الذي يضم نازحين من كل البلد، ويعتبر من أكبر المخيمات في المدينة، ما دفع محافظ طرطوس المحامي صفوان أبو سعدة لإصدار بيان موجه إلى «أهالي طرطوس بعدم التعرض للإخوة الضيوف الوافدين من المحافظات»، مضيفاً أن «الإرهابيين ليسوا من الأهالي المقيمين في المحافظة، وأن التفجير هدفه خلق شرخ بين الأهالي وزرع الفتنة بين السوريين إضافة لخلق بلبلة وإحداث خرق أمني، هو الأول من نوعه وسيكون الأخير في طرطوس».
ولا يخرج كلام المسؤولين عن انطباعات السكان، والوافدين على حد سواء، وهو أن المدينة تنعم «باستقرار غير مستند لإجراءات أمنية فعالة»، ولا سيما أن شبكات الإجرام تزداد مع انتشار فوضى السلاح، وغياب صرامة الدولة السابقة، كما لانتشار الفساد، والتراخي الأمني، ناهيك عن الاعتماد على طرق الرقابة الأمنية التقليدية منذ بداية الحرب وحتى الآن، من دون تطوير يذكر.
وبعثت وزارة الخارجية خطاباً للأمم المتحدة تقول فيه إن التفجيرات تعد تصعيداً خطيراً من جانب الأنظمة المتطرفة والمعادية في الرياض وأنقرة والدوحة، مشيرة إلى تأييد السعودية وتركيا وقطر للمجموعات الإرهابية.
وبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري هاتفياً مقترحات موسكو للقيام بعمليات مشتركة ضد المسلحين الذين لا يلتزمون بوقف إطلاق النار في سوريا.

النهار :

قتل أكثر من 150 شخصاً وأصيب أكثر من 200 بجروح في مدينتي جبلة وطرطوس الواقعتين على ساحل سوريا، في تفجيرات غير مسبوقة متزامنة استهدف بها تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) منطقة تعتبر معقلاً للنظام السوري وبقيت بعيدة نسبياً عن نيران الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من خمس سنوات تقوم توجد منشأة بحرية وقاعدة جوية للقوات الروسية.  وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه الى الرئيس السوري بشار الاسد وجدد استعدادته لمواجهة "التهديدات الرهابية" في سوريا.

وأفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ووسائل الإعلام الرسمية أن أحد الانفجارات الأربعة في جبلة حصل حين دخل رجل وحدة الطوارئ في أحد المستشفيات وفجر نفسه. ودوّى انفجار آخر في محطة للأوتوبيسات، كما استهدفت انفجارات طرطوس محطة للأوتوبيسات أيضاً.
وروى سائق في محطة للأوتوبيسات إن تفجيرات طرطوس جاءت متعاقبة كذلك لا يفصل بينها سوى عشر ثوان.
وقال المرصد إن مؤيدي الحكومة هاجموا فترة قصيرة منطقة في طرطوس تستخدم لإيواء نازحين من الداخل قرب مكان أحد الانفجارات رداً عليها. واحرق بعض الخيام ولكن لم يسقط قتلى.
ونفى محافظ طرطوس صفوان أبو سعدة تقارير في وسائل التواصل الاجتماعي عن إصابة لاجئين بعيارات نارية. وقال إن بعض سكان طرطوس ذهبوا الى مناطق اللاجئين لحمايتهم من هجمات محتملة. وأضاف أن بعض الخيام في محافظة طرطوس شهد حرائق قبل يومين بسبب مشاكل في الكهرباء وأن التقارير المتداولة عن إحراق بعض الأشخاص هذه الخيام غير صحيحة.
وبث التلفزيون السوري الرسمي أن وزارة الخارجية السورية وجهت كتاباً الى الأمم المتحدة جاء فيه إن التفجيرات "تعد تصعيدا خطيراً من الأنظمة المتطرفة والمعادية في الرياض وأنقرة والدوحة".
وصرّح وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في مقابلة مع تلفزيون "الإخبارية" بأن "الإرهابيين" يلجأون الى التفجيرات التي تستهدف المدنيين بدل القتال على الخطوط الأمامية، وتوعد بمواصلة محاربتهم.

 

ردود فعل
وفي موسكو، رأى الكرملين أن هذه التفجيرات تؤكد الحاجة إلى مواصلة محادثات السلام في جنيف بعد انهيار وقف للأعمال العدائية اتفق عليه في 27 شباط. وقال إن بوتين أكد استعداده لمواصلة التصدي "للتهديدات الإرهابية" إلى جانب شركائه السوريين وقدم تعازيه الى الأسد.

واعلن رئيس مركز حميميم الروسي لتنسيق المصالحة بين أطراف الأزمة السورية الجنرال سيرغي كورالينكو ان مسلحي "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" مستعدون لإطلاق هجوم واسع على مواقع القوات السورية في منطقة الغوطة الشرقية وريف العاصمة دمشق. واضاف: "قامت المجموعات المسلحة التابعة لجبهة النصرة وفصائل المعارضة، التي انضمت إلى التنظيم، بإعادة ترتيب قواتها واستكمال حاجتها من الأسلحة والذخائر، وهي مستعدة الآن لتنفيذ عمليات هجومية".
وقالت وزارة الخارجية الروسية أن لافروف بحث مع كيري هاتفيا في مقترحات موسكو للقيام بعمليات مشتركة ضد المسلحين الذين لا يلتزمون وقف النار في سوريا.
لكن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر قال :"لا نبحث في القيام بعمليات مشتركة. نناقش معهم مقترحات لوضع آليات دائمة لتحسين عمليات المراقبة وتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية... لا نتحدث معهم عن عمليات مشتركة". وأضاف أن الولايات المتحدة قلقة من زيادة العنف في سوريا سواء من "داعش" أو من قوات الأسد. واعتبرت أن على روسيا مسؤولية خاصة للضغط على الرئيس السوري لوقف الهجمات والغارات التي تقتل مدنيين.
وحذرت من إن على حكومة الأسد أن تدرك أنه "إذا استمر هذا التصعيد فقد نكون أمام انهيار " لاتفاق وقف الأعمال العدائية.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الأميركية: "الوزير كيري عبر عن هذه المخاوف خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الروسي لافروف في وقت سابق اليوم (أمس) وحضه على الضغط على النظام للتوقف فورا عن شن غارات جوية على قوات المعارضة والمدنيين الأبرياء في حلب وضواحي دمشق".
ووصفت وزارة الخارجية الفرنسية الهجمات على طرطوس وجبلة بأنها "مشينة". وقالت إن العنف الذي يمارسه جميع الأطراف يجب أن يتوقف لإتاحة الفرصة لتحقيق التحول السياسي.
وصرح الناطق باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك ان الامين العام بان كي- مون "جدّد دعوته كل اطراف النزاع في سوريا للامتناع عن مهاجمة المدنيين" والتقيد باتفاق وقف الاعمال العدائية. وقال إن بان طلب من جميع الدول الاعضاء "التحرك بشكل جماعي وفوري وحاسم لانهاء المأساة الجارية في سوريا".

 

المستقبل :

مفاجآت عدة حملتها نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الجنوب والنبطية من شأن بعضها أن يشكل مؤشراً لتغيير في خارطة قوى سياسية وعائلية في مكان وإعادة تموضع لها في أمكنة أخرى.
فالثنائي الشيعي «أمل« و«حزب الله« واجه تحالفات عائلية في العديد من البلدات والقرى الجنوبية، وتمكن من تفادي هذه المواجهة في بلدات وقرى أخرى فسلمها للعائلات، إلا أن كلا منهما كان يواجه في مناطق نفوذه مع «انتفاضات« صغيرة لرموز قوى عائلية تقليدية أو طامحين للبلدية أو المخترة كما جرى في حارة صيدا حيث أطاح رئيس البلدية الحالي سميح الزين باللائحة المدعومة من تحالف أمل - حزب الله بعدما استقطب ثلاثة من أعضائها.
والثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر« و«القوات اللبنانية« واجه تشكيلاً سياسياً عائلياً في فرعية جزين النيابية وبلديتها، وواجه كل منهما في الوقت نفسه مشكلة مع قاعدته الشعبية والعائلات الرافدة لها، التيار مع آل الحلو الذين أطاحوا برئيس لائحة «نحن جزين« المدعومة من التحالف خليل حرفوش وثلاث أعضاء آخرين على اللائحة، و«القوات« مع بعض كوادرها ومناصريها وعائلات تاريخياً معها بسبب تحالفها مع «التيار«. فضلاً عن عدم رضى قطبي هذا التحالف على نسبة المشاركة المسيحية في الاقتراع.
صيدا
أما صيدا فرغم أن نتائج انتخاباتها البلدية كانت متوقعة وهي فوز لائحة «إنماء صيدا« برئاسة المهندس محمد السعودي والمدعومة من تيار «المستقبل« و«الجماعة الإسلامية« والدكتور عبد الرحمن البزري في مواجهة لائحة «صوت الناس« برئاسة المهندس بلال شعبان والمدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري« و«اللقاء الوطني الديمقراطي« ولائحة «أحرار صيدا« غير المكتملة برئاسة الدكتور علي الشيخ عمار، إلا أن هذه الانتخابات حملت بحسب مراقبين أكثر من مفارقة. منها:

- نسبة المشاركة العالية نسبياً (45%) رغم تأخر انطلاق الماكينات الانتخابية في التحضير لهذه الانتخابات بسبب الاعتقاد الذي ساد عند معظم اللبنانيين قبلها بأن الانتخابات البلدية لن تجري في موعدها ما أثر على حماسة المواطنين في البداية، ورغم تسليم الكثيرين بأن لائحة المهندس محمد السعودي ستفوز في الانتخابات سواء انتخبوا أم لم ينتخبوا. 

- الفارق الكبير في الأصوات الذي تمكنت لائحة «إنماء صيدا« برئاسة السعودي من تسجيله والذي بلغ 5521 صوتاً بين الفائز الأخير في اللائحة والخاسر الأول في لائحة «صوت الناس« رغم وجود ثلاث لوائح متنافسة تقاسمت أصوات الناخبين الذين تجاوز عددهم الـ27 ألفاً، ورغم عدم استقدام الناخبين الموجودين خارج لبنان.

- تقارب أرقام ما حصل عليه أعضاء لائحة السعودي من أصوات، ما يدل على تماسك اللائحة من جهة وعدم تعرضها للتشطيب بشكل كبير، والأمر نفسه ينطبق على لائحة «الناصري«. بينما تعتبر أوساط صيداوية أن حصول السعودي على حوالى ألف صوت زيادة على الأصوات التي صبت لصالح لائحته يدل على مدى وحجم الثقة التي يحظى بها لدى معظم الصيداويين وحتى لدى أطراف سياسية لا تتلاقى مع الخط السياسي لداعمي لائحة السعودي. 

- بالمقابل علمت «المستقبل« أن أرقام نتائج لائحة «صوت الناس« المدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري« و«اللقاء الوطني الديمقراطي« جاءت مغايرة لتوقعات الماكينة الانتخابية للتنظيم وحليفه حيث كانا يعملان على تقليص الفارق قدر الإمكان، علماً أن نتائج هذه اللائحة حملت مفارقة تقدم أحد أعضائها فؤاد الصلح على رئيس اللائحة المهندس بلال شعبان بأكثر من مائتي صوت حيث نال الصلح 8443 صوتاً، كون الصلح معروفاً صيداوياً أكثر من شعبان، وقد أظهر هذا الرقم تراجعاً كبيراً في عدد الأصوات التي استطاع التنظيم تجييرها للائحة المدعومة منه في العام 2010 رغم أنه هذه المرة استعان أيضاً بدعم انتخابي بالأصوات من حليفه «حزب الله« الذي يحرص في الوقت نفسه على علاقة جيدة مع السعودي، بينما لم يستطع حليف «الناصري« المحلي «الحزب الديمقراطي« الشعبي تقديم أي صوت إضافي له رغم استفادة الأخير من تجيير أصوات التنظيم لمصلحة ممثليه في اللائحة. 

- فيما طرح نيل رئيس لائحة «أحرار صيدا« الدكتور علي الشيخ عمار 2748 صوتاً أكثر من تساؤل حول العوامل التي أدت الى تسجيله هذا الرقم الذي بحسب الأوساط نفسها لم يكن متوقعاً. علماً أن كثيرين أطلقوا على لائحة عمار اسم لائحة الإسلاميين أو لائحة الأسيريين باعتباره اتخذ من قضية الأسير وموقوفي أحداث عبرا والموقوفين الإسلاميين من المدينة عنواناً لاستقطاب المناصرين والمؤيدين لهذه الحالة والمتعاطفين معها من قواعد العديد من القوى السياسية الموجودة في المدينة. 

الديار :

هل تشق معركة جزين الطريق أمام العماد ميشال عون للوصول الى القصر الجمهوري؟ وهل تشق معركة صيدا الطريق أمام الرئيس سعد الحريري للوصول الى السراي الحكومية؟
وسائل اعلام التيار الوطني الحر وصفت الجنرال بـ«القائد العظيم». التوصيف يتجاوز توصيفات الماضي بـ«الزعيم الأول» وبـ«الزعيم الأقوى» للمسيحيين، توصيف امس لا بد ان يطرح التساؤل ما اذا كانت رئاسة الجمهورية قد أصبحت في جيب رئيس تكتل التغيير والاصلاح.
رجلان متعطشان، الاول الى الرئاسة الاولى، بل الى لقب «صاحب الفخامة»، والثاني الى الرئاسة الثالثة، بل الى لقب «صاحب الدولة». معركة بيروت كانت مريرة وصادمة، بالنسبة الى الحريري بسبب التدني الكبير في نسبة الاقتراع، وبسبب كمية الاصوات التي نالتها لائحة «البيارتة». ومعركة جونيه كانت مصيرية بالنسبة الى عون غير السعيد لا بالفارق في الاصوات ولا بالخروقات التي حصلت.
ويتردد أن النائبة بهية الحريري التي وصفها ابن شقيقها بـ«ست الكل» لأنها خاضت اختبار صيدا بنجاح، وبقيت بعيدة كلياً عن لغة التحدي، الأكثر حماساً، والأكثر لهفة، لعودة الشيخ سعد الى السرايا، كانت تتمنى لو تستضيف على العشاء، ومساء الأحد، الجنرال والشيخ في قصرها في مجدليون للتعاون في معركة رئاسة الجمهورية كما في معركة رئاسة الحكومة...
ودون ان يبقى خفياً ان تتويج عون رئيساً للجمهورية يمر حتماً، عبر الحريري، وان تنصيب الحريري رئيساً للحكومة يمر عبر عون. قُبل ذلك في أكثر من بلاط اقليمي ودولي.
وسائل اعلام التيار وصفت، كما ذكرنا، عون بـ«القائد العظيم»، والنائبان عاطف مجدلاني وسيرج طورسركيسيان وصفا الحريري بـ«الزعيم الاوحد»، لقبان انشتانيان لماذا لا يلتقيان؟ السؤال موجه الى خارج الحدود؟
اوساط سياسية تسأل «لماذا كل ذلك الضجيج حول معركة جزين، وهي المدينة الصغيرة وغير المصنفة مارونياً من الدرجة الاولى وان كانت على تخوم جبل لبنان؟». كان هذا قبل ان تبدأ الاخبار السيئة بالورود ثمة 4 خروقات للائحة التحالف، ولعل اللحظة الاكثر درامية حين عرف انه الفوز المقطوع الرأس، اذ أن طعن ابراهيم سمير عازار ادى الى الغاء 23 ورقة في عين مجدلين ما أدى الى حذف اسم رئيس اللائحة خليل حرفوش من اسماء الفائزين.
بين جونيه وجزين، طرحت أمس، وفي عدد من المحافل السياسية، اسئلة حول ما اذا كان قد حدث اهتزاز في القاعدة الشعبية للجنرال. البعض عزا ذلك الى الحاشية، والى «نوعية» النواب، وحتى الى «نوعية» الوزراء الذين يتم اختيارهم...
هذه مسائل كلها تخضع للنقاش، ومنها ما يتعلق بالكيفية التي ادار ويدير فيها رئيس تكتل التغيير والاصلاح معركته باتجاه رئاسة الجمهورية، وايضاً منها ما يتعلق بتحالفه مع الدكتور سمير جعجع الذي لم يقدم له شيئاً في جونيه، كما لم يقدم له شيئاً في غوسطا حيث كان المنتصر فريد هيكل الخازن. وحتى في جزين، ماذا قدمت «القوات اللبنانية» لحليفها حيث كان التيار الوطني الحر يحقق فوزاً كاسحاً دون الاستعانة بأحد.
بطبيعة الحال، هناك من ينتقد، وبمرارة، حتى داخل التيار الوطني الحر بأن كل ما يعني قيادة التيار تأمين مقعد نيابي للوزير جبران باسيل في البترون حيث اتفق الحليفان على مواجهة وزير الاتصالات بطرس حرب في عقر داره تنورين، فيما عجزا عن ارساء التوافق في مدينة البترون التي هي مركز القضاء.
صديق قديم للجنرال قال لـ«الديار» «هذا ليس وقت التوصيفات الفضفاضة، بل وقت المقاربة الواقعية للواقع، ولا ريب ان العماد عون بات أقرب الى البراغماتية منه الى المثالية، وهذه مسألة طبيعية، ودون ان يستطيع احد التشكيك، ولو قيد انملة، بنظافة كفه وبرغبته (الشخصية) في اجتثاث الفساد الذي أصاب أسس، الاسس البنيوية والاسس الفلسفية، للدولة اللبنانية».
يضيف الصديق القديم «ان الجنرال بدا في وقت من الاوقات أكبر من رئاسة الجمهورية، ولكن يبدو ان ثمة حصان طروادة إما داخل شخصية الجنرال او داخل تياره جعلته هكذا يسعى الى رئاسة الجمهورية كما يسعى اليها الآخرون الذين بالكاد يصل بعضهم الى خاصرته».
ولا ينفي الصديق القديم ان ورقة التفاهم التي ابرمها عون مع «حزب الله» أثرت في مساره الرئاسي، لكنها الورقة لمن يعرف تفاصيل عام 2006، وتفاصيل حرب عام 2006، لا يفوته ان يعرف ماذا كان حصل للبنان لولا تلك الورقة في كنيسة مار مخايل ذات يوم من شباط من ذلك العام.
ويتوقف الصديق القديم عند كلام باسيل ليل الاحد وقبل ان تتوضح صورة الاختراقات، عن فك اسر جزين، والمقصود تحديداً الرئيس نبيه بري، والى حد «اختراع» التحالف الثنائي معركة عبثية ضده في بلدة مغدوشة، وحيث تمثال سيدة المنطرة العزيز جداً على قلب «الاستاذ» ماذا كانت النتيجة؟

ـ العزوف عن الرئاسة ـ

وحديث عن «الاغتيال البطيء للجنرال» الذي يقول مرجع سياسي لـ «الديار» هل يريد عون استعادة شعبيته الآن؟ ما عليه الا ان يعلن عزوفه عن خوض السباق الرئاسي.
على كل، كان فوز التيار الوطني الحرّ بالمقعد النيابي في جزين واضحاً حتى لو اخذ على عون انه المتأثر بالمسار الشخصي للجنرال شارل ديغول، اندمج اكثر في الظاهرة اللبنانية، وحيث الكلمة العليا للاثرياء وامل ابو زيد واحد منهم، وان كان الذين يعرفونه عن كثب يؤكدون انه رجل اعمال من الطراز الاميركي (هنري فورد وديفيد روكفلت وجورج سوروس وبيل غيتس وليس من طراز دونالد ترامب او جورج بوش).
ربما كانت العلاقة الفارقة في انتخابات الجنوب ما حدث في حارة صيدا حيث استطاع سميح الزين ان يؤمن الفوز لكامل اعضاء لائحته غير المكتملة، تاركا مقاعد لحركة «امل» و«حزب الله» هل كان التخلي عن «ديكتاتور الحارة» خطأ تكتيكياً ام استراتيجياً، ابو مشهور اهدى فوزه لبري.

ـ الى الشمال ـ

ومن الجنوب الى الشمال مرة واحدة، ومرة اخيرة، قبل طرابلس لا بد من ان يعرّج المراقبون على زغرتا، النائب سليمان فرنجية مد يده الى رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض، كما تصرف بالنسبة الى الحقائب الوزارية (وحيث الاولوية لتسهيل الامور، امور الجمهورية)، يتصرف الآن بالنسبة الى المقاعد البلدية، هو مشروع رئيس للجمهورية ولا يمكن ان يتصرف على انه ابن العائلة بكل اثقالها، بل كابن الجمهورية بكل همومها وبكل احتياجاتها، مجلس بلدي توافقي في مدينة زغرتا.
في طرابلس يحكى عن «لائحة مثالية» كان على الحريري ان يأخذ بـ «اجواء» الرئيس نجيب ميقاتي، الاقرب الى تاريخ المدينة، كما الى نبضها (ونبض الناس)، رئيس اللائحة عزام عويضة وُضع في مواصفات الاعضاء الذين مهمتهم الاساسية تكريس وحدة المدينة.
لكن وزير العدل المستقيل اشرف ريفي يريدها معركة «تكسير الرؤوس» في الفيحاء. مؤيدو التوافق يقولون ان اللواء يخوض معركة انتحارية، وينسى ان ميقاتي هو من وقع مرسوم تعيينه مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي، كما ينسى ان الحريري ظل يدافع عن بقائه في الموقع حتى الرمق الاخير قبل ان يطرحه وزيراً، ووزيراً للعدل، في حكومة الرئيس تمام سلام....
اما اعضاء لائحة احمد قمر الدين التي يدعمها الوزير المستقيل، فيقولون «انتظروا المفاجآت» «وناس طرابلس لا يحكمون من القصور او من الابراج».

ـ محل الحريري لا محل ميقاتي ـ

في طرابلس، ومن باب التبانة الى القبة وابي سمرا، كلام من قبيل «اذا اخترق ريفي فسيحل محل الحريري لا محل ميقاتي»، ماذا اذا لم يخرق؟ فان ساسة كثيرون وضعتهم المدينة على الرف.
وحتى قبل ان تجري معركة طرابلس، بوشر بطرح السؤال حول تداعيات الانتخابات البلدية، بكل قطافها، الحلو والمر، على العملية السياسية التي تراوح مكانها منذ اكثر من سنتين؟ اليوم ينقضي عامان على انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. القصر لا يزال خالياً، وليس هناك على الطاولة سوى مبادرة بري التي تقول مرجعيات سياسية انها معرضة للخطر لان ثمة تداخلاً بين نقطة الضعف ونقطة القوة فيها، اي اجراء الانتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية.
هذا الاسبوع لطرابلس، ريفي بملابس الميدان، عزف على الوتر الحساس. في ما يشبه البلاغ رقم واحد في الانقلابات العسكرية، فيديو على صفحة الفايسبوك بعنوان«النداء الاول» ويقول فيه «نحن اليوم في مواجهة تحالف هجين يشارك فيه حلفاء بشار الاسد وحزب الله».
اين الاسلاميون والسلفيون في الشمال؟ التأثير بدا ضئيلاً الى حد بعيد، وبعضهم يلعب من وراء الستار في بعض

 

الجمهورية :

كانت لافتة أمس التّفجيرات التي ضرَبت طرطوس موقعة المئات بين قتلى وجرحى، وهي الأولى على هذا المستوى منذ بداية الأزمة السورية التي تُصيب الساحل السوري على بعد كيلومترات من القرداحة مسقط رأس الرئيس بشار الاسد، ما يطرح السؤال الآتي: هل بدأت التفجيرات الارهابية تضرب المناطق الآمنة في سوريا؟ وهل تحوّلت المواجهة من المواجهة العسكرية الى الاعمال الامنية؟ (راجع صفحة 14) محلياً، تُؤكّد الانتخابات البلدية والاختيارية، جولةً بعد أخرى وبالأجواء التي تشيعها، أن لا شيء يعوق إجراء الانتخابات النيابية، بل إنّها تحضّ أكثر فأكثر المسؤولين على إنجاز هذا الاستحقاق المؤجّل بالتمديد منذ العام 2013، ولذلك سارَع رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى ضبط النقاش في قانون الانتخاب وحصرِه بالمختلط، فيما يُنتظر أن تشكّل انتخابات الشمال الأحد المقبل البرهانَ الرابع والأخير على أنّ في الإمكان إجراءَ الانتخابات النيابية بلا معوقات.
على أنّ الوسط السياسي سيكون في عيد «المقاومة والتحرير» الذي يصادف غداً، على موعد مع مواقف جديدة للأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، قد يُلامس فيها الاستحقاقات الداخلية التي غابت عن خطابه السابق، وذلك في ضوء ما يُحكى عن معطيات في شأنها يمكن أن تتبلوَر خلال الصيف.
وقد إنتهت المحطة الثالثة من الانتخابات البلدية على خير، خصوصاً في صيدا حيث كانت الأنظار متّجهة إليها، كونها شهدت كثيراً من التطورات الأمنية خلال ستّ سنوات من ظاهرة أحمد الأسير ومعارك عبرا، إلى الخوف الدائم من الأحداث التي يشهدها مخيّم عين الحلوة من حين إلى آخر، والتفجيرات التي تجاوزت بقعته الجغرافية، عدا عن انزلاق شريحة من الصيداويين ومعهم فلسطينيون وسوريون الى أحضان التيارات المتشدّدة.
وعلى رغم المناوشات البسيطة التي حصلت في بعض مراكز الاقتراع في الجنوب عموماً، يمكن القول إنّ يوم الانتخابات مرّ في سلام، وبدأت الأنظار تتّجه الى طرابلس الذي يُعتبر وضعها الأمني والاجتماعي مشابهاً لصيدا، أمّا السياسي فهو اكثر تعقيداً، ما سيَرفع من مستوى الاستنفار الأمني فيها.
وفي ظلّ الكلام عن أشهرٍ صعبة ستعيشها المنطقة، ولبنان على خطّ نارها، أكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لـ«الجمهورية» أنّه «لا يمكن الجزم بأنّ لبنان سيبقى مستقرّاً أمنياً ربطاً بما يجري حوله، ولو لم تكن هناك تهديدات مستمرة لَما زرت واشنطن التي عقدت فيها لقاءات أمنية عدة، خصوصاً مع مدير الاستخبارات المركزية الاميركيةCIA جون برينن ومبعوث الرئيس الاميركي باراك أوباما لشؤون مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» «داعش» روب مالي».
وكشفَ ابراهيم أنّ مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والاميركية أصبح متقدماً لِما فيه مصلحة لبنان واستقراره، مؤكّداً أنّ اجتماعات واشنطن ستُستكمل بلقاءات عدة لمتابعة النتائج التي توصّلنا إليها. كذلك من أجل الدفع في اتّجاه تحويل التنسيق القائم الى مساعدات على المستويَين التقني والتدريب.
قانون الانتخاب
وفي جديد ملف قانون الانتخاب، دعا بري اللجان النيابية المشتركة الى جلسة مشتركة، العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الخميس المقبل، لدرس اقتراح القانون الرامي الى تعديل قانون الانتخاب واعتماد صيغة النظام المختلط بين الأكثري والنسبي.
عون
وقال عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «إنّ ما يحصل في اللجان النيابية المشتركة هو بمثابة الفرصة الأخيرة لإنتاج قانون انتخاب جديد من خلال النقاش والتوافق. ولكن على رغم استعداد الجميع للنقاش فإنّ الفروقات ما زالت كبيرة، والمطلوب الكثير من الجهد لتحقيق أيّ اختراق».
وأضاف: «قد يعتقد البعض ويطمئنّ إلى أنّ المماطلة ستؤدّي إلى بقاء قانون الستّين، لكن ما لم يستوعبه هؤلاء بعد، هو أنّ أيّ انتخابات جديدة تحصل على هذا القانون ستُمدّد الأزمة وتبقينا في دوّامة التجاذبات وعدم الاستقرار السياسي، ولا يتعقدنَّ أيّ فريق أنّه يمكن أن ينعم بأكثرية ناتجة عن هذا القانون، بل إنّه سيشهد تماماً ما نعيشه حاليّاً من أزمة سلطة وشراكة ونظام».
حوري
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري لـ«الجمهورية»: «لقد وقّعنا على اقتراح القانون المختلط مع «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الإشتراكي» والنواب المستقلين، وعند النقاش، سندخل في نقاش تفصيلي حول المقاعد، طريقة التقسيم وما هي فلسفة التقسيم.
فالفكرة أن تكون هناك فرَص متكافئة لا أن يكون لأحد فرصة أكثر من غيره. فإذا أقرّينا مبدأ المختلط يجب أن نُقيّم عندها لماذا المقعد هنا أكثري وليس نسبياً، أو لماذا نسبيٌّ وليس أكثرياً، فيجب أن يحصل تقويم لكي يكون هناك تكافؤ في الفرص.
وعن تقويمه لاجتماعات اللجان حتى الآن، وهل إنّها مضيَعة للوقت؟ أجاب حوري: «بدأنا بـ 17 مشروع واقتراح قانون، وانتقلنا في مرحلة لاحقة الى 6 مشاريع، وفي المرحلة الثالثة الى قانونَين. فبَين أيدينا الآن قانونان مختلطان، والبحث سيجري حولهما. طبعاً البحث في هذا الجزء متعلق فقط بالنظام وبشكل الدوائر، الآن هناك تفاصيل أخرى موجودة في لجنة الإدارة والعدل، كاقتراع المغتربين و»الكوتا» النسائية، إلى آخره، ونحن لا نبحث فيهما اليوم».
وهل سيتمّ الاتفاق على قانون جديد؟ أجاب: «نحن لدينا نيّة حقيقية للوصول الى قانون جديد، والأمر الآن يعتمد على الآخرين».
وعن إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية وتمسُّك «المستقبل» بإنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل النيابي، قال حوري: «إنّ سبب تمسّكِنا بهذا الأمر بسيط، ويتمثّل بخشيتنا من إشكالية دستورية، أي الذهاب الى الانتخابات النيابية من غير وجود رئيس جمهورية، والحكومة تصبح مستقيلة ولا إمكانية لإجراء استشارات جديدة لتسمية رئيس حكومة، فعندها نكون قد دخلنا في المحظور».
بون وجونز
وفي الملف الرئاسي، لم تلُح في الأفق بعدُ أيّ بشائر حَلحلة تؤشّر إلى إمكان انتخاب رئيس جمهورية. وأعلن القائم بالأعمال الأميركي في لبنان ريشارد جونز بعد زيارته رئيسَ حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل إنّه ليس مطّلعاً على تفاصيل التحرّك الفرنسي لانتخاب رئيس، لكنّه أشار إلى أنّه تحدّث مع نظيره الفرنسي وقال: «أعرف أنّهم مهتمّون مثلنا بعملية الدفع في اتّجاه انتخاب رئيس، وأنا مقتنع بأنّ الفراغ الرئاسي ليس في مصلحة لبنان والديموقراطية فيه، ولا من مصلحة الشعب اللبناني، ويجب ملء الفراغ الرئاسي في أسرع وقت. ولكن كما تعرفون فإنّ الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل، وهذا بالتحديد ما كنّا نتداول فيه».
تجدر الإشارة الى أنّ السفير الفرنسي في لبنان ايمانويل بون زار رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، وعرضَ معه للأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
الاستحقاق البلدي
إلى ذلك، ينصبّ الاهتمام على الانتخابات البلدية التي تنجز مرحلتها الأخيرة في محافظة الشمال الأحد المقبل، حيث تواصَلت استعدادات الماكينات الانتخابية لخوض المعارك، والتي سيكون أشرسها مسيحياً في تنّورين والقبيّات وبعض بلدات الكورة، فيما يَسود التوافق بين القوى السياسية في طرابلس على رغم وجود بعض المنافسين.
جزّين
في هذا الوقت، بدأت التحليلات في نتائج الانتخابات البلدية في مدينة جزّين، بعدما نام رئيس لائحة «نِحنا لجزين نِحنا جاهزين» خليل حرفوش فائزاً برئاسة البلدية واستفاقَ خاسراً عقبَ صدور قرار عن هيئة لجنة الانتخابات في سراي جزّين بإلغاء 23 ورقة من الأصوات في عين مجدلين بناءً للطعن الذي تَقدّمَ به ابراهيم سمير عازار حول النتائج البلدية.
وفي هذا الإطار، قال منسّق مدينة جزين في «التيار الوطني الحرّ» مارون قطّار لـ«الجمهورية» إنّ «أمراً ما حصَل فجر الإثنين، فبَعدما فرِزت الأصوات وكان حرفوش من بين الرابحين، إتّصَلوا بنا قرابة الرابعة والنصف فجراً من سراي جزين ليقولوا لنا إنّ حرفوش قد رسَب، وهناك أصوات لم تحتسَب»، لافتاً إلى «حصول «زعبَرة» في مكانٍ ما لإسقاط حرفوش، لذلك سنتقدّم بطعن».
وأكّد أنّ «مَن شطّب حرفوش هم عائلة حلو، وهذا بات واضحاً، في حين أنّ محازبي «التيار» و«القوات» إلتزَموا باللوائح إجمالاً»، موضحاً أنّ «ما حصل بات في عهدةِ العماد ميشال عون، وهو يقرّر من سيترَأس بلدية جزين ويحسم الأمر».
التوطين
وفيما تتواصل المخاوف من التوطين، جدّدت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ التأكيد أن لا مخطط ولا نيّة لتوطين النازحين السوريين في لبنان.
وقالت بعد زيارتها وزير العمل سجعان قزي: «حاليّاً يوجد خيار العودة الطوعية إلى سوريا والترحيل الطوعي إلى دول أخرى»، ورأت «أنّ الحلّ يَكمن بالتواصل بين الحكومة اللبنانية والجهات الدولية والمانحة، وإيصال مخاوفهم في هذا الصَدد خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستناقش تقرير الأمين العام والارتدادات على لبنان في حال لم يتمّ التوصّل إلى حلّ سلمي للأزمة السورية».
ونَقل قزي عن كاغ تأكيدها أنّ التقرير الذي أعدّه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «ليس موجّهاً للبنان ولا للنازحين السوريين، وأنّ الامين العام متمسّك بالرسالة الخطّية الرسمية التي أرسَلها إلى الحكومة اللبنانية في شهر كانون الثاني الماضي ويؤكّد فيها أنّ الامم المتحدة تعمل على إعادة النازحين السوريين الى سوريا وليس لتوطينهم في لبنان».
مكافحة تمويل الإرهاب
وفي أوّل إطلالة له بعد الأزمة التي أثارَها اعتراض «حزب الله» على القانون الأميركي الجديد المتعلق بتجفيف منابع تمويل الحزب، أعلنَ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس أنّه «على رغم التحديات التي نواجهها، نواصل بذلَ الجهود اللازمة وإصدار الأنظمة المطلوبة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهذا ما يَصون سلامة القطاع المصرفي والمالي».
وفي ورشة عمل رعَتها السفارة الاميركية في لبنان، اعتبَر سلامة «أنّ تطبيق المعايير الدولية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أولوية بالنسبة إلينا، كون هذا الأمر يحمي مجتمعَنا واقتصادنا من هذه الجرائم، ويعزّز سلامة قطاعِنا المالي والمصرفي ويَحميه من المخاطر، لا سيّما منها مخاطر السمعة، عِلماً أنّ لبنان شريك في الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال، وذلك من خلال مشاركة هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بأعمال المنظمات الدولية».
أمّا جونز فقال «إنّ تهديد الإرهاب ازداد على مدى السنوات القليلة الماضية، مع صعود «داعش» وتغيّر طبيعة التهديد الإرهابي العالمي، ما اضطرّ المجتمع الدولي الى النظر بنحو مختلف الى طريقة عمل المنظمات الإرهابية، بما في ذلك طريقة توفير التمويل اللازم لعملياتها واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عمليات التعبئة. لهذا السبب قامت الأمم المتحدة والحكومات في كلّ أنحاء العالم، بإنشاء وتأييد أطر قانونية لحماية النظام المالي الدولي من انتهاك هذه الجماعات».
وأضاف: «إنّ التصنيفات على لوائح الإرهاب، المحلية منها والدولية، يمكنها أن تساعد في وقفِ تدفّقِ الدعم الاقتصادي للإرهابيين الذين يعملون في كلّ أنحاء المنطقة والعالم، من خلال تحديد الاهتمام وتركيزه على المنظمات والأفراد، التي يجب اتّخاذ تدابير مالية مضادة لها. عملية التصنيفات هذه ليست عشوائية، ولكنّها تتبع إطاراً قانونياً دقيقاً».