قالت مصادر مطلعة لـ”العرب” في العاصمة الكويتية إن المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد قد يضطر إلى إنهاء الجولة الحالية من مشاورات الكويت بين الأطراف اليمنية وتحديد موعد جولة أخرى ستكون على الأرجح في الكويت أيضا، حتى يتمكن المجتمع الدولي من بلورة رؤية أكثر عمقاً وواقعية للملف اليمني.

وكشفت المصادر عن أن ولد الشيخ أحمد بات يعترف بأن تقريب وجهات النظر مهمة صعبة، وأن الضغوط لم تكن كافية لدفع الطرفين إلى إنهاء الشروط المسبقة والبدء في وضع أسس الحل السياسي وتفاصيله.

وأشارت إلى أن الوفد الحكومي المشارك في مشاورات السلام اليمنية في الكويت مازال يتمسك بتجميد مشاركته في المشاورات حتى تثبيت مرجعيات الحوار التي قال إنه تم الاتفاق عليها في مدينة بيل السويسرية.

وزاد تمسك وفد الشرعية اليمنية بمطالبه خاصة بعد دعوات متتالية من قوى المقاومة في الداخل له بالانسحاب من المفاوضات، والعودة إلى عدن، وهو ما يعني إعلان نهاية الرهان على الحل السياسي التفاوضي والتسليم بأن الخيار العسكري هو الكفيل بحل الخلاف.

ويشترط الوفد الحكومي تقديم وثيقة مكتوبة، تتضمن موافقة وفد المتمردين على ثوابت البنود الستة للحوار، والتي تتمثل في قرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، والاعتراف الكامل بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي.

لكن المصادر رصدت رغبة قوية لدى الوفد الحكومي بعدم مغادرة الكويت ما يشكل ضغطا إضافياً على وفد المتمردين الذي باتت الكثير من القوى الدولية والإقليمية تعتقد أنه الطرف المعرقل.

ووصف مراقبون مشاورات الكويت بأنها تسير في حلقة مفرغة في ظل اتباع الأطراف المشاركة فيها سياسة عض الأصابع، حيث أنها ترفض تقديم التنازلات التي تعيد الحياة للمشاورات أو الانسحاب بشكل نهائي منها. وأصبح كل طرف ينتظر من الطرف الآخر أن يقدم على خطوة الانسحاب من المشاورات حتى يتحمل الأعباء السياسية والشعبية المترتبة على فشل التسوية السياسية.

ووفقا لمصادر دبلوماسية فقد تزايدت مخاوف الدول الـ18 الراعية لاتفاق نقل السلطة في اليمن نتيجة الانهيار المتصاعد للاقتصاد اليمني الهش وهو الأمر الذي يزيد من الضغوط في اتجاه التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة اليمنية.

ولم تستبعد المصادر أن تقترح الدول الراعية صيغة جديدة بعد أن تعرفت على الحد الأقصى من التنازلات التي يمكن أن يقدمها كل من وفد الحكومة الشرعية والمتمردين، بحيث يتضمن الحل الاحتفاظ بجوهر القرار 2216 مع الحرص على الاستجابة لبعض مخاوف وفد الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وتجمدت المشاورات عند نقطة “الشرعية”، ووفقا لمصادر تفاوضية، يشترط وفد (الحوثيين وصالح)، تشكيل مجلس رئاسي انتقالي جديد يقود البلاد، وإزاحة الرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومة توافقية جديدة، يكونون شركاء فيها، بدلا عن حكومة أحمد عبيد بن دغر، وإلا فإنهم لن يتقدموا بأيّ خطوة إيجابية.

وتعمل الأطراف المتصارعة على استباق الوقت، وعدم الرهان على ما يجري في الكويت، وتحصين مواقعها عسكريا وسياسيا خاصة إثبات القدرة على التحكم في الوضع الأمني في المناطق الواقعة تحت السيطرة، وهو ما نجحت فيه الحكومة وحلفاؤها بعد تحرير مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت.

وقالت مصادر خاصة لـ”العرب” من المكلا إن الجيش الوطني (النخبة الحضرمية) تمكّن من تفكيك عدد من المتفجرات التي كانت معدة لتنفيذ عمليات انتحارية.

وقال الصحافي اليمني عبدالرحمن بن عطية في اتصال هاتفي مع “العرب” من المكلا أن الانتشار الأمني في المدينة بعد التفجير الأخير الذي استهدف مجموعة من ملتحقي التجنيد العسكري في معسكر النجدة؛ بات ملحوظا من خلال إقامة الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش على مداخل ومخارج المدينة لمنع أيّ هجمات محتملة.

وأضاف عطية أن أجهزة الأمن والجيش مدعومة بقوات التحالف تقوم بتمشيط المدينة ومداهمة أوكار القاعدة وتفكيك العبوات الناسفة التي تم زرعها في كثير من المرافق الحكومية بشكل مستمر بمعية خبراء في تفكيك الألغام، حسب مصادر عسكرية في قيادة المنطقة العسكرية الثانية.

ولفت محللون سياسيون إلى أن تحرير المكلا والمناطق المحيطة بها من قبضة القاعدة والمضي قدما في تأمينها كان من أبرز التحولات العسكرية والأمنية التي أضعفت الموقف التفاوضي لوفد المتمردين.

ورفض وفد المتمردين التوقيع على بيان اقترحه وفد الحكومة لمباركة استعادة المكلا على الرغم من طرحهم المتكرر في الجلسات التي سبقت التحرير لموضوع سيطرة الجماعات المسلحة على المناطق المحررة كذريعة لرفضهم الانسحاب من المدن كما ينص القرار 2216 على اعتبار أن نموذج المكلا سيكون المصير الذي ينتظر أيّ مدينة يتم انسحابهم منها.

 

العرب