ميثاق الله الغليظ   

يقول الله تعالى :{وإذ أخذنا من النبين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا}(الأحزاب :7).

هذه الآية توضح أن الله عز وجل أخذ ميثاقا من النبين عامة وأنبياء أولي العزم خاصة، يقول الطبرسي : "خص هؤلاء بالذكر لأنهم أصحاب شرائع {وأخذنا منهم ميثاقا غليظا} أي عهدا شديدا على الوفاء بما حملوا من أعباء الرسالة وتبليغ الشرائع"(البيان ،الطبرسي ،ج8 ،ص 513 ). 

وقال الشيخ مكارم الشيرازي :

"فإن هذه الآيات تبين واجبات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأنبياء العظام الثقيلة العظيمة ، لأنا نعلم أن الصلاحيات تقترن دائما بالمسؤوليات ... وعلى هذا فإن الآية تذكر أولا جميع الأنبياء في مسألة الميثاق ،ثم تخص بالذكر منهم خمسة أنبياء هم أولو العزم ،وعلى رأسهم نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم لعظمته وجلالته وشرفه ،وبعده الأنبياء الأربعة من أولي العزم .."  (الأمثل ،ج 13 ،ص 111).

والعلامة الطباطبائي يقول :

"... ولم يخصهم بالذكر على هذا النمط إلا لعظمة شأنهم ورفعة مكانهم فإنهم أولو العزم وأصحاب شرائع وكتب وقد عدهم على ترتيب زمانهم .. لكن قدم ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخرهم زمانا لفضله وشرفه وتقدمه على الجميع" (الميزان ، ج 16،ص 225).

إذا فالواضح أن الله أخذ عهدا غليظا من النبين جميعا وخصص بالذكر خمسة أنبياء هم أولو العزم ،وهذا الميثاق كما تقدم يدل على عظم وثقل الواجبات التي ألقيت على الأنبياء جميعا ،وبالتالي تخصيص الأنبياء بهذا الميثاق أو العهد دون غيرهم يدل على تقدمهم على باقي البشر لسعة وضخامة المسؤوليات من تأدية التبليغ والرسالة والقيادة وهداية الناس في كل الأبعاد والمجالات .

والسؤال هنا :

إذا كان الله عزوجل قد أخذ من الأنبياء هذا الميثاق ،كما هو واضح في القرآن الكريم ،فلماذا لم يأخذ نفس هذا الميثاق من الأئمة عليهم السلام علما أنهم متقدمون على الأنبياء كما يدعي البعض ؟! يقول الله تعالى :{ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا }(النساء : 136).

فلو كان الأئمة أفضل من الأنبياء لماذا لم يتعلق الكفر بعدم الإيمان بهم _الأئمة_ بل بالله والملائكة وكتبه والرسل واليوم الآخر ولم يرد ذكر للأئمة .

فهم الأولى بالذكر وهذا ما نراه في الآية الكريمة !   الإمام الرضا عليه السلام يصرح أن النبي أفضل من الوصي    جاء في عيون أخبار الرضا في الباب 40" السبب الذي من أجله قبل علي بن موسى الرضا ولاية العهد من المأمون : "حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه ،قال : حدثنا محمد بن نصير ،عن الحسن بن موسى ،قال : روى أصحابنا عن الرضا عليه السلام : أنه قال له رجل : أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون ؟ وكأنه أنكر ذلك عليه ،فقال له أبوالحسن الرضا(ع) : يا هذا أيهما أفضل النبي(ص) أو الوصي ؟

فقال : لا بل النبي ،قال : فأيهما أفضل مسلم أم مشرك ؟ قال : لا بل مسلم ..." (عيون أخبارالرضا ،الصدوق،ج1،ص150) وأخيرا نسأل إذا كان الأئمة أفضل من الأنبياء ،فلماذا يسأل الامام علي عليه السلام الله أن يكون في رفقة الأنبياء ، وهو أعلى منهم مقاما ؟! قال عليه السلام :"نسأل الله منازل الشهداء،ومعايشة السعداء ومرافقة الأنبياء" (شرح نهج البلاغة ،لإبن أبي الحديد ، ج1 ، ص 312،خطبة رقم23).

فهل من المنطق أن يطلب الأعلى مقاما مرافقة الأقل مقاما ؟!!

  خلاصة البحث :

مما تقدم يتبين لنا أن الإمامة لا تتقدم على النبوة أبدا بحسب المنظور القرآني والروائي بل إننا لم نجد رواية واحدة تؤيد هذا الرأي أو هذه النظرية وبالتالي فهذا الرأي هو عبارة عن اجتهاد فقهاء نحترم رأيهم ،إلا أننا لا نؤيدهم ..!