مواجهة بين حزب الله والمصارف , ونصرالله يهدد لقمة عيش اللبنانيين , ومزيدا من نكسات حزب الله بموت بدرالدين

 

السفير :

برغم حرص الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله على وضع النقاط على حروف التحالفات السياسية الإلزامية، وغير الإلزامية، في الانتخابات البلدية، وخصوصا مع حليفه المسيحي الأبرز العماد ميشال عون، فإن المحطات الانتخابية المقبلة، خصوصا في جبل لبنان والجنوب، لن يكون «حزب الله» بمنأى عن تداعياتها، سواء على صعيد الحلفاء، أو ضمن بيئته، لا بل حتى في بيته الداخلي.
وحسنا تعمد السيد نصرالله أن يختار مناسبة «يوم الجريح المقاوم» للرد على ما أثير من انتقادات للحزب، خصوصا في زحلة، وقال للحلفاء: نحن ملتزمون معكم سياسيا وأخلاقيا وأدبيا، لكننا لسنا ملزمين بمن تتحالفون معهم، وبينهم من يسيء يوميا إلينا ويعتدي علينا وعلى تضحيات المقاومين والشهداء والجرحى.
وكان لافتا للانتباه عدم تطرق نصرالله لقضية القانون المالي الأميركي بعنوان «منع التمويل الدوليّ لحزب الله»، فيما كانت «كتلة الوفاء للمقاومة» ترفع الصوت عاليا رفضا لهذا القانون «لأنه يؤسس لحرب إلغاء محلية يسهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف، فضلاً عن كون الالتزام به مصادرة للسيادة اللبنانية النقدية».
واعتبرت «الكتلة»، بعد اجتماعها الأسبوعي، أمس، أن التعاميم التي أصدرها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، مؤخرا، وفقاً للقانون الأميركي «هي انصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الأميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين وبين المصارف، الأمر الذي يعرّض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء»، ودعت سلامة لإعادة النظر في تعاميمه الأخيرة «لتتوافق مع السيادة الوطنية»، مطالبة «الحكومة باتخاذ الإجراءات المناسبة لتلافي التداعيات الخطرة التي ستنجم عنها».
وإذا كان هذا الموقف قد صدر على مسافة قريبة من الزيارة الوشيكة التي سيقوم بها مساعد وزير الخزانة الأميركيّة لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر إلى بيروت، فإن مصادر معنية أوضحت لـ«السفير» أن بيان «الكتلة» يضع العلاقة بين «حزب الله» وحاكمية مصرف لبنان عند مفترق طرق، ذلك أن التجربة الأخيرة بين الجانبَين أبرزت الافتقاد إلى الشفافية والوضوح، وأضافت أن نواب «لقاء الأربعاء النيابي» أثاروا الأمر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، خصوصا في ضوء تفاهم النائب السابق أمين شري مع رياض سلامة على مجموعة خطوات لا تتناقض مع روحية القانون الأميركي بل ترتبط بالسيادة الوطنية، وأبرزها ما يتعلق بمبادرة أي مصرف لبناني إلى إقفال أي حساب لأي مواطن لبناني قبل العودة إلى مصرف لبنان، فضلا عن ترك الباب مفتوحا أمام أي مواطن لبناني يريد فتح حساب بالليرة اللبنانية في أي مصرف لبناني.
وتمثلت المفاجأة بالنسبة إلى «حزب الله» بصدور تعميمَين عن مصرف لبنان يفيد أولهما باطلاع مصرف لبنان على إقفال حساب أي مواطن لبناني، بدل أن تكون المبادرة بيد المصرف المركزي، وهنا قال أحد القياديين في «حزب الله» لسلامة: «بهذا التعميم تقول للمصارف أعدموا من تشاؤون، ثم أعطوني العلم والخبر»!
أما التعميم الثاني، فقضى بدعوة جميع المصارف اللبنانية إلى الالتزام بالمراسيم التطبيقية للقانون المالي الأميركي، بما في ذلك التراجع عن قرار الإجازة للمصارف بفتح حساب بالعملة الوطنية، بذريعة أن المراسيم نصت صراحة على شمول الحظر فتح الحساب بالدولار وبأية عملة أخرى!
وهذه النقطة تحديدا أثارها النواب مع الرئيس بري من زاوية أن العديد من الاقتراحات ـ المخارج التي طُرحت لبنانيا حول سبل تدارك تداعيات القانون الأميركي «فجأة وجدناها في صلب المراسيم التطبيقية الأميركية، لكأن هناك جهة لبنانية سواء في بيروت أو في واشنطن، تبادر إلى تسريب هذه الاقتراحات، لنجد أنها صارت فجأة في صلب المراسيم الأميركية»!
وقالت المصادر المعنية إن الرئيس بري علّق على هذا الأمر بالقول: «للأسف صار في عنا أميركان وصهاينة في لبنان أكثر من الأميركيين والصهاينة»!
وكشفت المصادر أن ثمة «لوبي إسرائيليا ـ لبنانيا ـ عربيا» يتحرك في واشنطن يوميا بإشراف مباشر من مكتب وزيرَي خارجية الإمارات عبدالله بن زايد والسعودية عادل الجبير، فيما يلعب السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة دورا رئيسيا في ملاحقة بعض الخطوات ضمن دوائر الكونغرس الأميركي ومع وزارة الخزانة الأميركية «والمؤسف في الأمر أن جهات حزبية لبنانية تلعب دورا سلبيا في هذا الاتجاه»!
وبعدما تواصل «حزب الله» مباشرة مع حاكمية مصرف لبنان ولم يحصل على أجوبة مقنعة، تقرر أن تكون الخطوة الثانية عرض الأمر في أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء (أمس)، حيث سبقها صدور بيان «كتلة الوفاء للمقاومة».
وحسب مصدر وزاري، فإن وزير الصناعة حسين الحاج حسن بادر إلى إثارة الموضوع في مجلس الوزراء، بعدما كان قد أثير عرضا في جلسات سابقة، وهو قال إن ما يحصل هو بمثابة عدوان خطير ويتجاوز كل الخطوط الحمراء، خصوصا أن الأمر لا يقتصر على استهداف فئة أو طائفة لبنانية بل يستهدف كل اللبنانيين، مطالبا الحكومة بأن تتحمل مسؤولياتها، خصوصا في ضوء التعاميم الأخيرة التي أصدرها حاكم مصرف لبنان.
وبعدما أكد حرص الحزب على سلامة القطاع المصرفي وحصانته، عرض الحاج حسن مجموعة وقائع للتدليل على ما أسماه «غلو بعض المصارف في تنفيذ القانون الأميركي»، وبينها إقفال حساب جديد لأحد النواب (نوار الساحلي) في أحد فروع أحد المصارف الكبرى في مدينة الهرمل، وكيف رفض مصرف آخر التراجع عن قرار إقفال حسابات النواب علي فياض وعلي عمار وعلي المقداد، كما أعطى مثلا حول مبادرة أحد البنوك إلى إقفال حساب لا يتعدى الألف دولار (توطين لأجل فاتورة الهاتف الخلوي) يخص إبنة النائب السابق أمين شري الذي كان قد أبلغ في وقت سابق من إدارة المصرف نفسه بإقفال حسابه!
وشملت النماذج التي عرضها الحاج حسن مؤسسات تربوية وصحية ودينية واجتماعية أُقفِلت حساباتها بينها «جمعية المبرات الخيرية» التي يديرها السيد علي فضل الله نجل العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، بالإضافة إلى أحد المستشفيات الذي يتولى تمويله عدد من المتمولين الخليجيين. وسأل: «ماذا إذا شملت الإجراءات في المستقبل عشرات البلديات التي فازت في الانتخابات بحجة أنها تضم شخصيات حزبية أو كان «حزب الله» مبادرا إلى تأليفها وتبنيها؟».
وتوزعت مداخلات الوزراء بين أغلبية ترفض الاستهداف السياسي لأي حزب لبناني، وبين مداخلات نافرة تقدم بها بعض الوزراء من فريق «14 آذار» وحملوا فيها «حزب الله» مسؤولية ما آلت اليه الأمور على قاعدة أن المقاومة بسلوكها الحالي صارت نقطة ضعف وليست نقطة قوة للبنان، فيما ذهب وزراء إلى مطالبة الحزب بتوفير النصاب الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فتنتهي الإجراءات الأميركية. وقال أحد الوزراء إنه من غير الجائز تحميل المسؤولية لا للمصارف ولا للحاكم المركزي، لأن لا أحد في العالم بمقدوره مواجهة الولايات المتحدة!
وقال نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل إن أحد المصارف الأميركية أبلغه بقرار إقفال حسابه في العاصمة الأميركية قبل فترة، وعندما استفسر كان الجواب أنه صدر تعميم أميركي يقضي بإقفال حساب أي مواطن لبناني في أي مصرف في الولايات المتحدة إذا كان صاحبه مقيما بصورة دائمة في لبنان. وطرح وزير آخر كيف رفض أحد المصارف في فرنسا مؤخرا فتح حساب له.

النهار :

في ظل تصاعد الحمى الانتخابية عشية المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية الاحد المقبل في محافظة جبل لبنان، اخترق تطور لافت يتعلق بتنفيذ تعاميم مصرف لبنان على المصارف اللبنانية في شأن التزام الاجراءات الاميركية ضد "حزب الله" المناخ الانتخابي بعدما لاحت بوادر هجوم للحزب وضع أمامها الحكومة كلاً في خانة الاحراج. وبرزت هذه المسألة بتعقيداتها من خلال اثارة "كتلة الوفاء للمقاومة " أولاً في بيانها بعد ظهر أمس موضوع القانون الاميركي الذي صدر أخيراً والتزام المصارف اللبنانية احكامه متخذة منه موقفاً حاداً اذ اعتبرت انه "يؤسس لحرب الغاء محلية" وحملت بعنف للمرة الاولى على مصرف لبنان وعدد من المصارف متهمة إياها "بتأجيج هذه الحرب" وذهبت الى التحذير من ان هذا الامر "يعرض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة". وفيما طالبت الكتلة باعادة النظر في هذه التعاميم، نقل وزيرا "حزب الله" محمد فنيش وحسين الحاج حسن موقف الحزب من التعاميم الى مجلس الوزراء في جلسته مساء حيث دار نقاش مستفيض بين الوزراء في هذا الموضوع بكل المحاذير التي ينطوي عليها طرح اعادة النظر في التعاميم لجهة التداعيات التي يتركها على القطاع المصرفي اللبناني.
وعلمت "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء التي إستمرت ثلاث ساعات استهلكت ساعة منها في البحث في إعتراض وزيريّ "حزب الله" على التدابير التي اتخذتها المصارف بناء على تعاميم مصرف لبنان تطبيقاً لقانون العقوبات الاميركي على "حزب الله"، استهلكت الساعتان الأخريان في مناقشة إعتراض وزيريّ حركة "أمل" علي حسن خليل وغازي زعيتر على العقد الموقع بين الدولة اللبنانية وشركةj&pavax متعهدة أعمال معمل دير عمار. لذا لم يقترب المجلس من بنود جدول ألاعمال المؤلف من 120 بنداً.
وفي التفاصيل التي أوردتها مصادر وزارية لـ"النهار" ان الوزيريّن فنيش والحاج حسن طرحا موضوع العقوبات المالية الاميركية على "حزب الله"، فبدا مجلس الوزراء عاجزا عن إتخاذ أي قرار. وخلال النقاش طرح عدد من الاقتراحات منها تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الموضوع أو عقد جلسة خاصة للمجلس للبحث فيه أو تركه للمعالجة بين رئيس الوزراء تمام سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المال. وقد اعتمد الاقتراح الاخير. لكن المصادر أوضحت أن خيارات الدولة محصورة بتنفيذ القرار الاميركي على رغم محاولة "حزب الله" نزع الطوق عنه فيما الدولة عاجزة عن مساعدته. وكشفت أن حاكم المركزي لم يتخذ القرارات بنفسه بل أتت بعد التشاور مع المرجعيات وتحديداً مع "حزب الله".
أما اعتراض وزيريّ "أمل" على عقد دير عمار، فقد جاء على خلفية تنفيذ العقد بإضافة ضريبة الـTVA أو عدم إضافتها. لكن الغالبية العظمى من الوزراء أيدت العقد كما ورد بعيداً من موضوع الضريبة. وبعد ساعتيّن من النقاش تم تأجيل البند، الامر الذي وصفته المصادر بالسابقة التي تسيء الى عمل المجلس، قائلة: لم نكن نعرف من هو وزير الطاقة هل هو جبران باسيل أم آرتور نظاريان؟ ومن هو وزير الموارد هل هو الياس بوصعب أم باسيل؟ ومن هو وزير المال هل هو زعيتر أم خليل؟ ومن هو حاكم المركزي هل هما الوزيران فنيش والحاج حسن أم سلامة؟
وقال وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" تعليقاً على الجلسة: "ان مجلس الوزراء كان أشبه بديوانية بلا أراكيل!".
وعلمت "النهار" ان جدول أعمال الجلسة الذي لم يناقش كان تضمن بنداً لطلب وزارة الخارجية والمغتربين الموافقة على إنشاء لجنة وزارية لوضع لوائح اسمية بالإرهاب، وذلك استناداً إلى كتاب يعود إلى تاريخ 8 آب 2014 أوضحت فيه أن لبنان انضم إلى غالبية اتفاقات الأمم المتحدة المتعلقة بالإرهاب كما أبرم الإتفاق العربي لمكافحة الإرهاب في 1999 والذي ميّز بوضوح بين الإرهاب ومقاومة الإحتلال. وأضافت أن القرارات الدولية ذات الصلة يحتم على الدول المشاركة في توفير معلومات عن التنظيمات التكفيرية، "داعش و"النصرة" و"القاعدة" وشبيهاتها، ووضعها في لائحة خاصة، مع الإشارة إلى قرار لمجلس الوزراء يعود تاريخه إلى 12 أيلول 2007 بالموافقة على إنشاء لجنة تنسيق وطنية لقمع تمويل الإرهاب تضم ممثلين لوزارات العدل والداخلية والخارجية والمال والنيابة العامة التمييزية وهيئة التحقيق الخاصة ومصرف لبنان.

لقاء المصيطبة
في غضون ذلك، اكتسبت التحركات والمواقف السياسية المتصلة بالجولات المقبلة من الانتخابات البلدية حرارة تصاعدية وكان أبرزها مبادرة الرئيس سلام الى جمع الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي ليل أمس بعيداً من الاعلام في لقاء نادر لهما منذ سنوات في دارة سلام في المصيطبة. وتركزت هذه المبادرة على محاولة تسهيل التوافق بين الرئيسين الحريري وميقاتي مدخلاً الى توافق واسع في مدينة طرابلس يجري العمل الحثيث على انجاحه. واستمر اللقاء حتى منتصف الليل، وأصدر المكتب الإعلامي للرئيس سلام بياناً أفاد أن الحريري وميقاتي التقيا بدعوة منه إلى مائدة عشاء وتمّ البحث في الأوضاع السياسية العامة "والتشديد على ضرورة تعزيز اللحمة بين مكوّنات النسيج اللبناني من دون استثناء أو استبعاد أحد لأن لبنان يحتاج إلى تحصين جبهته الداخلية في ظل الأوضاع المتفجرة في المنطقة. ونوّه الرئيسان ميقاتي والحريري بمبادرة الحكومة إلى إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية. وأمل المجتمعون أن ينسحب هذا الأمر على الاستحقاقات كافة، لا سيّما منها انتخاب رئيس للجمهورية، وأن يتعاون جميع الأطراف من أجل إطلاق عجلة عمل مجلس النواب وإقرار قانون جديد وعصري للانتخابات النيابية".

 

نصرالله والحلفاء
وفي تطور آخر، اكتسب دلالة بارزة عقب مرحلة بيروت والبقاع لجهة التداعيات التي تركتها على العلاقات بين الحلفاء السياسيين، توقف المراقبون عند الرسائل المباشرة التي وجهها الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله الى حليفه رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون في ظل الامتعاض الذي ردده الفريق العوني من توزيع الحزب أصواته على أطراف السباق الانتخابي في زحلة. وقال نصرالله في ما بدا رداً مباشراً على الانتقادات العوني "ان الحزب ملتزم التحالف مع التيار الوطني الحر وليس ملزماً التصويت لمن تحالف معهم التيار". وأضاف: "نحن لا نخون ولا نطعن حليفا واننا غير ملزمين لوائح انضم اليها خصوم سياسيون للحزب".
واعتبرت مواقف نصرالله بمثابة الرسالة الأوضح عن تحالفاته مع حلفائه سواء في ما يتعلق بالمرحلة الاولى أو بالمراحل التي ستعقبها في مناطق اخرى ستتداخل فيها عوامل مشابهة لمعركتي زحلة وبيروت.
ويشار في السياق الانتخابي الى انه قبل ثلاثة أيام من جولة الانتخابات في جبل لبنان وفيما تحتدم حمى التنافس في بعض المدن والبلدات على خلفيات سياسية مثل جونية وسن الفيل، بدت معركة دير القمر مرشحة لمواجهة حادة بين رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون وحليفه الوزير السابق ناجي البستاني من جهة و"القوات اللبنانية" ممثلة بالنائب جورج عدوان و"التيار الوطني الحر" من جهة أخرى.

 

المستقبل :

مساران بديا يتنازعان بوضوح المشهد الوطني العام أمس، الأول يسعى جاهداً لدفع الدولة باتجاهات تؤدي إلى النهوض بقطاعاتها الحيوية والآخر يحاول جاهداً دفعها نحو منزلقات تودي بها وبمختلف مؤسساتها وقطاعاتها إلى التهلكة الحتمية. فبينما كان الرئيس سعد الحريري يكشف عن إعداد خطة وطنية شاملة ومتكاملة تهدف إلى استنهاض الاقتصاد واستقطاب الاستثمارات العربية، كان «حزب الله» على الضفة المقابلة يستنفر قواه النيابية والوزارية لتهديد آخر القطاعات الحيوية الفاعلة والعاملة على تحصين الاستقرار النقدي الوطني مطلقاً العنان لكتلته البرلمانية لكي توجّه اتهاماً تخوينياً صريحاً إلى حاكم المصرف المركزي رياض سلامه بـ«الانصياع لسلطات الانتداب الأميركي النقدي» على خلفية تعاميمه المصرفية المتعلقة بموجبات أحكام العقوبات الصادرة على الحزب، قبل أن يعود فيضغط مساءً على مجلس الوزراء لدفعه باتجاه اتخاذ إجراءات تنقذه مصرفياً وتلتف على المفاعيل الناتجة عن هذه العقوبات.
إذاً، أكد الرئيس الحريري أنّ «تيار المستقبل» منكب على وضع خطة تعيد إطلاق عجلة الاقتصاد الوطني وتفعيل النشاط السياحي والشراكة بين القطاعين العام والخاص بشكل يشمل قطاعات أساسية مثل الكهرباء والاتصالات والبنية التحتية والنقل العام، كاشفاً عن درس مشاريع لإنشاء «مترو» وتنظيم نقل بحري وتطوير مداخل العاصمة، بالإضافة إلى إطلاق مناقصات للتنقيب واستخراج النفط والغاز، فضلاً عن اتخاذ خطوات لتحسين الأوضاع الاجتماعية والتغطية الصحية للبنانيين، إلى جانب تنفيذ حل دائم لأزمة النفايات عبر إجراء مناقصات التفكك الحراري وتمويل الإدارة المستدامة للنفايات الصلبة.
الحريري الذي كان يتحدث في ختام أعمال منتدى الاقتصاد العربي أمس، لفت الانتباه إلى أنّ هذه الرؤية الاقتصادية الواضحة والمدروسة والتفاؤل بإعادة استقطاب العرب واستثماراتهم ومشاريعهم، كل ذلك يبقى مرهوناً بوضع حد للشلل في مؤسسات الدولة الناتج عن الفراغ في رئاسة الجمهورية، غير أنه نوّه في الوقت عينه بما يشهده لبنان وسط كل الحرائق الإقليمية من استقرار ورفض للانزلاق باتجاه الحروب الأهلية ومن مظاهر ديموقراطية تجلت أخيراً في الانتخابات البلدية، مشدداً في هذا الإطار على كون النتيجة السياسية التي أفرزتها صناديق الاقتراع في بيروت تؤكد تمسك أهل العاصمة بنهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبالرسالة التي يصمم «تيار المستقبل» على متابعتها وأن يكون السد المنيع في وجه التطرف وركن الاعتدال والعيش الواحد والوحدة الوطنية والاستقرار في لبنان.
وليلاً، لبى الرئيس الحريري دعوة رئيس الحكومة تمام سلام إلى مأدبة عشاء شارك فيها الرئيس نجيب ميقاتي بحضور كل من مدير مكتب الحريري نادر الحريري وعزمي ميقاتي.
وإثر انتهاء اللقاء صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء بيان أوضح أنه بدعوة منه التقى الحريري وميقاتي إلى مائدة عشاء في منزله في المصيطبة حيث «تم البحث في الأوضاع السياسية العامة والتشديد على ضرورة تعزيز اللحمة بين مكونات النسيج اللبناني من دون استثناء أو استبعاد أحد، لأن لبنان يحتاج إلى تحصين جبهته الداخلية في ظل الأوضاع المتفجرة في المنطقة التي بلغت حداً غير مسبوق في خطورته».
ونقل البيان أنّ الحريري وميقاتي نوها «بمبادرة الحكومة إلى إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وأمل المجتمعون أن ينسحب هذا الأمر على الاستحقاقات كافة، لا سيما منها انتخاب رئيس للجمهورية، وأن تتعاون كل الأطراف من أجل إطلاق عجلة عمل مجلس النواب وإقرار قانون جديد وعصري للانتخابات النيابية».

«حزب الله».. والمصارف
تزامناً، خاض «حزب الله» خلال الساعات الأخيرة معركة نيابية وزارية ضد القطاع المصرفي الوطني معتبراً أنّ التزام المصارف اللبنانية العمل بموجب أحكام قانون العقوبات الأميركية الصادر بحقه يؤسس لما وصفها «حرب إلغاء محلية يُسهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف»، محذراً في معرض اتهامه حاكم المصرف المركزي بـ»الانصياع لسلطات الانتداب الأميركي النقدي» من اندلاع أزمة «تدفع البلد نحو الإفلاس وفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء».
وبعد أن طالبت كتلة «الوفاء للمقاومة» سلامه بإعادة النظر في تعاميمه المصرفية الأخيرة «لتتوافق مع السيادة الوطنية»، والحكومة باتخاذ «الإجراءات المناسبة لتلافي التداعيات الخطيرة التي ستنجم عن هذه التعاميم»، أثار وزيرا «حزب الله» الموضوع مساءً على طاولة مجلس الوزراء حيث نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ الوزير حسين الحاج حسن استخدم لهجة تهديدية بحق المصرف المركزي والقطاع المصرفي معتبراً أنّ تعاميم المصرف وممارسات القطاع «تجاوزت الخط الأحمر وبلغت الخط الأسود»، وأعرب في هذا المجال عن استنكار الحزب لعملية إيقاف الحسابات المصرفية التابعة لقياديين فيه بمن فيهم نائبان وأقرباء لشخصيات في الحزب، مبدياً إزاء ذلك تخوف الحزب من أن تمتد مثل هذه الإجراءات لتشمل حسابات الجمعيات التابعة له والعاملين في مؤسساته التربوية.

الديار :

هل يجرؤ اقطاب 14 آذار على تنظيم مهرجان في مجمع البيال، ليعلنوا سقوط «الحركة« وبالتالي حلها؟ في هذه الليلة اللبنانية الطويلة اين هو منسق الامانة العامة فارس سعيد، وأين هو رئيس المجلس الوطني سمير فرنجية الذي كان عليه منذ البداية ان يرفض «هذه المسخرة»! هو من قالها...
المرحلة الاولى من الانتخابات البلدية زعزعت كل ملوك الطوائف. مصدر ديبلوماسي اوروبي سأل «هل بدأت الثورة في لبنان بعدما انتهت «حقبة التعليب»، ليضيف ان الطبقة السياسية تعيش الآن أزمة مصيرية، كل المؤسسات الدستورية اما انها فارغة، او مشلولة، او تمشي على اصابع قدميها...
اختزل نتائج يوم الاحد الفائت بعبارة «الاخوة الاعداء»، اين سعد الحريري وسمير جعجع، اين ميشال عون وسليمان فرنجية، وأين وليد جنبلاط من كل هؤلاء؟ وهل ان ما حصل في البقاع جعل الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله ينامان في تلك الليلة، وفي الليالي التالية، قريري العين، وحيث بدا التململ واضحاً وصارخاً، من طريقة ادارة العمليات الانتخابية...
كلياً سقطت الثقة بين الناس والابراج العالية. حتى الآن لم يتمكن الشيخ سعد من ان يستوعب كيف ان اولئك الذين وصفهم احد مستشاريه بـ«الفانتازيا السياسية والاعلامية» طاردوا لائحة في عقر دارها، بالرغم من كل النفخ في الابواق ومن كل النفخ على الشاشات، وفي الشوارع، حتماً في الجيوب؟
المصدر الديبلوماسي الذي لاحظ كيف انهم في بلدان اخرى يطلقون على ثوراتهم تسميات من قبيل «ثورة الياسمين» و«ثورة القرنفل» و«ثورة البنفسج»، فيما تكاد في لبنان تندلع «ثورة القمامة». أهل السياسة ظنوا انهم مثلما ارغموا اللبنانيين على التعايش مع المذهبية القاتلة يرغمونهم على التعايش مع القمامة القاتلة.
المصدر الديبلوماسي قال ان لبنان لا يستطيع ان يستمر هكذا، لاحظ ان النسبة التي حصلت عليها لائحة «البيارتة» لا تؤهلها البتة للنجاح، كان يفترض بالحريري بدل ان يرفع شارة النصر (وكان ذلك قبل ان يعرف بالارقام) ان يعلن عدم اعترافه بالمجلس البلدي الجديد، عالمياً هذه نسبة لا يعتد بها قانوناً، في لبنان، القانون خارج على القانون:
التراشق لم يعد بالقفازات بين القوى المسيحية والحريري، كلام وراء الضوء عن ان بكركي تدخلت لمنع تدهور «العلاقات بين الطرفين والى حد الانفجار»،.
ولأن البنان بلد العجائب، حديث وراء الكواليس عن مساع تبذلها احدى الشخصيات السياسية لاحداث ارضية مشتركة او لغة مشتركة بين تيار المستقبل و«حزب الله» وانطلاقاً من دعوة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى فصل الازمة (او الازمات) الداخلية في لبنان عن ازمات المنطقة، وبالتالي التوافق على رئىس جمهورية هو بـ«بالضرورة» العماد ميشال عون.
وبحسب المعلومات فان التيار والحزب باتا مقتنعين بأن سياسة الانتظار هي سياسة قاتلة للبلد، فالصراع في سوريا يتصاعد، ومعه تتصاعد وتيرة الصراع الاقليمي، ودون توفر معطيات حاسمة حول احتمالات التسوية في المدى المنظور.
واذ تشير المعلومات الى جلسة الحوار الاخيرة في عين التينة على انها «جلسة استثنائية وبكل معنى الكلمة»، تقول ان الحريري لم يعد يستطيع ان ينتظر على باب السراي الحكومية اكثر مما انتظر، وقد زادته نتائج الانتخابات البلدية حاجة الى رئاسة الحكومة لتعويم وضعه السياسي والشعبي، وربما المالي ايضاً.

ـ اقترعوا للسيد حسن ـ

يضاف الى ذلك، ان الحزب بدأ يستشعر بدقة تداعيات الازمة الداخلية على قاعدته الشعبية، لا سيما في البقاع حيث يقال علناً ان الاوضاع في الصومال، لجهة الطرقات، واستشراء السرقات، وانعدام فرص العمل، قد تكون افضل من الاوضاع في العديد من مناطق البقاع.
ولم يعد سراً ان من انتخبوا لوائح الحزب في البقاع الاوسط، كما في البقاع الشرقي والشمالي كانوا يرددون علناً انهم يقترعون لـ«السيد حسن» ولـ«المقاتلين ضد داعش» و«النصرة» وليس للوائح.

ـازمتان (أزمة تيار المستقبل وأزمة «حزب الله») تصنعان رئىساً؟!ـ

وما يتردد ان تأكيدات وصلت الى تيار المستقبل بأن الحزب لا يعترض على «الادارة السنيّة» للبلد من خلال اتفاق الطائف، والصلاحيات العابرة للادارات والاجهزة لرئاسة الحكومة، ولكن على اساس الاتيان برئيس مسيحي قوي يؤمن «ميدانيا» التوازن الميثاقي بين المكونات الاساسية للبنان.

ـ ما قاله البطريرك لهولاند ـ

وفي هذا السياق، يندرج ما قاله البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، اثناء لقائهما في قصر الصنوبر من ان المسيحيين يريدون اعادة الاعتبار الى «توقيع» رئىس الجمهورية الذي يحاصره النص الدستوري بالمهل، فيما هذا الحصار لا يشمل المرجعيات الدستورية والسياسية الاخرى، وصولاً الى الوزير الذي لا تقيده المهل.
الانتخابات البلدية، وبالرغم من الغبار الذي تثيره، لم تحجب مسألتين اساسيتين، انتخابات رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، بالنسبة الى المسألة الاولى، ترددت معلومات سياسية وديبلوماسية على السواء بأن وزير الخارجية جبران باسيل اثار مع مسؤولين قطريين موضوع الاستحقاق الرئاسي في لبنان، مذكراً بالدور الذي اضطلعت به الدوحة في ايار 2008.
الآن، لا تسمح الظروف بانعقاد لقاء آخر هناك، ولكن ما يتردد يشير الى ان باسيل يريد دوراً لقطر لدى المملكة العربية السعودية التي طالما قيل انها هي من يضع الفيتو على الجنرال، ومنذ ان كان الامير سعود الفيصل وزيراً للخارجية، وقيل ان الامير الراحل كان ذا مزاج خاص، وذاكرة خاصة، اذا قال له شخص ما «لا» او لم يوافقه الرأي او لم يعامله على انه الآمر الناهي، يسقط من لائحته الى الابد.
هل يستطيع عادل الجبير ان يخرج من عباءة سعود الفيصل، حديث عن ان رئىس التيار قال ما ينبغي ان يقال، وطلب ما ينبغي ان يطلب من الدوحة بالنسبة الى رئاسة الجمهورية.
عزز ذلك بتصريح، اثر لقائه زميله القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالقول «ان لبنان سيكون دائماً جزءاً مكوناً اساسياً من هذه المنطقة ومن هذا العالم العربي، لا ينسلخ عنها، وهو ما يتمسك به اخواننا العرب ودولة قطر، ويتمثل هذا الامر بالحفاظ على افضل العلاقات الثنائية لان ما يجمع الشعبين لا تزيله لحظة او محطة معينة شابتها التباسات عديدة، وان العلاقات ستبقى راسخة ونعمل على تعزيزها اكثر».

 

الجمهورية :

في غمرة الشغور الرئاسي، والانهماك في البحث عن قانون انتخابي، شكّلَ الاستحقاق البلدي والاختياري الشغلَ الشاغل للجميع، ودخلَ رئيس الحكومة تمّام سلام على خط التوفيق بين الرئيسَين سعد الحريري ونجيب ميقاتي قبَيل انتخابات الشمال، واستضافَهما إلى عشاء في دارته في المصيطبة مساء أمس. ووسط هذا المشهد، طرَأ تطوّر دراماتيكي أشاع القلق في الأوساط السياسية والمالية والاقتصادية، تَمثّلَ بالتهديد العلني الذي وجّهه «حزب الله»، من خلال بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» إلى كلّ مِن الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف التجارية كافّة، ردّاً على التعاميم التي أصدرَها المصرف المركزي لجهة التزام قانون العقوبات الأميركي الأخير ضده. فقد أصدرت كتلة «الوفاء للمقاومة» بياناً إثرَ اجتماعها الاسبوعي أمس قالت في احد بنوده «إنّ القانون الاميركي الذي صدر أخيراً وتلتزم المصارف اللبنانية العمل بموجب أحكامه.. هو قانون مرفوض جملة وتفصيلاً لأنه يؤسس لحرب إلغاء محلية يساهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف، فضلاً عن كون الالتزام به مصادرة للسيادة اللبنانية النقدية».
وأضافت: «إنّ التعاميم التي أصدرها أخيراً حاكم المصرف المركزي وفقاً للقانون الاميركي السيّىء الذِكر، هي إنصياع غير مبرّر لسلطات الانتداب الاميركي النقدي على بلادنا.
ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين وبين المصارف، الأمر الذي يعرّض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء».
ودعت الكتلة حاكم مصرف لبنان الى «إعادة النظر في تعاميمه الأخيرة لتتوافق مع السيادة الوطنية»، وطالبَت الحكومة «باتخاذ الإجراءات المناسبة لتلافي التداعيات الخطرة التي ستنجم عنها».
وفي ضوء هذا الموقف المفاجئ لحزب الله تساءلت أوساط معنية عن المقصود منه «خصوصاً انّ الحزب يعرف انّ موافقة المصارف على الخضوع لطلباته تعني انهيارها، ورفضها تلبية مطالبه يعني وضعها في مواجهة معه».
ورأت «أنّ هذا الموقف يحاول الحزب من خلاله وقفَ الاندفاعة الأميركية في اتجاه عزلِه عن بيئته، وهو يأمل في أن يحوّل الدولة اللبنانية، والقطاع المصرفي متراساً، بحيث يضطرّهما الى العمل مع الاميركيين على إيجاد تسويةٍ ما، تخفّف من قوّة الإجراءات المالية في حقّه».
وإذ سألت الأوساط نفسها عمّا ستختاره الولايات المتحدة الاميركية عندما توضع أمام هذه المعادلة، قالت: «إنّ الجواب على هذا السؤال صعب ومعقّد، لكن الأصعب هو تصوّر ماذا سيحصل إذا اختارت واشنطن تطبيق قانونها من دون أخذ تهديدات «حزب الله» في الاعتبار».
مجلس وزراء
وقد انسحب هذا الامر على جلسة مجلس الوزراء أمس والتي استهلّها سلام بكلمة سياسية طلب بعدها وزيرا «حزب الله» حسين الحاج حسن ومحمد فنيش استكمال الحديث في الإجراءات المالية ضد «حزب الله».
فقدّم الحاج حسن مداخلة تفصيلية خلصَ فيها الى انّ العقوبات الاميركية تخطّت الخطوط الحمر ووصَلت الى الخطوط السود، مؤكّداً «أنّ هذه القضية لا يمكن الاستمرار في السكوت عنها، خصوصاً بعد قرار مصرفَين لبنانيين بتوقيف حساب نائبَين من «حزب الله» وابنة نائب سابق». فردّ سلام مؤكداً أنّه «لا يمكن الوقوف في وجه التعميم الاميركي».
وإذا وافَقه عدد من الوزراء الرأي، تعهّد سلام ان يتابع الامر ويجري اتصالات جديدة بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان وكذلك مع وزير المال الذي كان عَقد لقاءات في شأنه في واشنطن التي زارها قبل أسابيع.
وعلمت «الجمهورية» أنّ نائبي «حزب الله» اللذين أوقف مصرفان لبنانيان حسابَيهما هما علي فياض ونوّار الساحلي، إضافة الى توقيف حساب ابنة النائب السابق أمين شري.
فنيش لـ«الجمهورية»
وفي هذا الصدد اكتفى فنيش بالقول لـ«الجمهورية» إنّ «موقف «حزب الله» واضح من موضوع العقوبات، ونحن سنعطي مجالاً لرئيس الحكومة، وعندما يحين الوقت نتكلم».
وكان وزير الإعلام رمزي جريج أشار الى انّ موضوع التدابير التي اتّخذتها المصارف بناءً على تعاميم مصرف لبنان تطبيقاً لقانون العقوبات الاميركي على حزب الله، «قد أثيرَ في الجلسة، ونوقشَت هذه التدابير حيث أبدى الوزراء وجهات نظرهم في شأنها، وبنتيجة مناقشة مستفيضة، قرّر المجلس تكليف دولة الرئيس متابعة هذا الموضوع مع حاكم مصرف لبنان بمشاركة وزير المال المطّلع على تفاصيل الاتصالات والإجراءات المتخذة وإعلام مجلس الوزراء عند الاقتضاء بنتيجة متابعته هذا الموضوع».
عودة إلى المناكفات
وكان مجلس الوزراء غرّد خلال جلسته خارجَ السرب البلدي وعاد الى مناكفاته وخلافاته القديمة ـ الجديدة، فجاءت جلسته امس استكمالاً للأجواء التي سادت الجلسة السابقة لدى مناقشة البند 73 والمتضمّن عرض وزارات الطاقة والمياه والمال والخارجية العقد الموقّع بين الدولة اللبنانية وشركةj&p avax متعهّدة أشغال معمل دير عمار 2.
وبعد أن شهدت الجلسة السابقة سجالاً حول هذا البند بين الوزيرين بطرس حرب وجبران باسيل، شهدت جلسة الأمس سجالاً آخر بين باسيل والوزير علي حسن خليل. وعند بدء السجال خرج حرب لارتباطه بمقابلة متلفزة وقال: «أنا أتحفّظ عن أيّ قرار يتّخَذ».
وقدّم باسيل مستندات تؤكّد أنّ من حقّ الشركة الحصول على مبلغ 50 مليون دولار قيمة الـTVA، وهذا ما جرى في معمل الجيّة. لكن وزير المال قدّم مستندات مناقضة تؤكد أنّ العقد الموقع مع الشركة يتضمن شوائب مالية، مستنداً الى رأي ديوان المحاسبة الذي ردّه.
ودار نقاش قانوني طويل لم يخلُ من السياسة ومن التشنّج، انتهى الى تأجيل البحث في هذا البند، إذ انقسَم الوزراء في الموقف منه، علماً أنّ عدداً منهم عاد عن رأيه بضرورة إمرار العقد وحلّ موضوع الكهرباء بعدما اطّلع على مستندات وزير المال.
خليل لـ«الجمهورية»
وقال خليل لـ«الجمهورية»: «لن أخالف رأي ديوان المحاسبة، فهذا الرأي ليس لغرفة من غرف الديوان إنّما للهيئة العامة المؤلفة من 25 غرفة أكّد رؤساؤها انّه لا يمكن تضمين عقد التلزيم ضريبة على القيمة المضافة، وبالتالي إذا خالفناه يعني انّنا ننعي الدولة.
إنّ ديوان المحاسبة حسَم الخلاف، وأنا لا استطيع صرفَ 50 مليون دولار خلافاً لرأيه». ولاحقاً غرّد خليل عبر «تويتر» قائلاً: «موقفنا في مجلس الوزراء واضح، وما دمنا في موقع المسؤولية لن نغطّي صفقات ولن نخالف القانون».

اللواء :

عشية الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، والتي تحظى باهتمام دبلوماسي غربي وعربي، استضاف الرئيس تمام سلام، في مبادرة وصفت بأنها تهدف إلى تمتين الوحدة الداخلية في مواجهة ما يجري في المنطقة، الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، على مأدبة عشاء اقيمت في دارته في المصيطبة، شارك فيها مدير مكتب الرئيس الحريري السيّد نادر الحريري وكل من ماهر وعزمي ميقاتي (نجله وابن شقيقه طه).
وبنتيجة المداولات، والتي استمرت حتى قبيل منتصف الليل، صدر عن مكتب الرئيس سلام بيان تناول ما جرى التداول فيه، تضمن الآتي:
«بدعوة من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، التقى الرئيسان نجيب ميقاتي وسعد الحريري مساء اليوم (امس) الى مائدة عشاء في منزله في المصيطبة، وتم البحث في الأوضاع السياسية العامة والتشديد على ضرورة تعزيز اللحمة بين مكونات النسيج اللبناني من دون استثناء أو استبعاد أحد، لأن لبنان يحتاج الى تحصين جبهته الداخلية في ظل الاوضاع المتفجرة في المنطقة التي بلغت حداً غير مسبوق في خطورته.
ونوّه الرئيسان ميقاتي والحريري بمبادرة الحكومة الى اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية.
وأمل المجتمعون أن ينسحب هذا الأمر على الاستحقاقات كافة لا سيما منها انتخاب رئيس للجمهورية، وأن تتعاون كل الاطراف من أجل اطلاق عجلة عمل مجلس النواب واقرار قانون جديد وعصري للانتخابات النيابية».
وفي معلومات «اللواء» ان البحث تطرق بعد تحضيرات دامت اكثر من ثلاثة أسابيع إلى التوافق البلدي الانتخابي في مدينة طرابلس بين رئيسي الحكومة السابقين وتيارهما، مع كل من النائب محمّد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي ونواب المدينة.
وكان الرئيس سلام، أكّد في كلمة له في المنتدى الاقتصادي العربي أهمية الاستقرار السياسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية لتحسين سمعة لبنان في الخارج وتقوية الاقتصاد.
وامام مجلس الوزراء اعرب سلام عن أمله في ان تكون الانتخابات البلدية التي تمت في مرحلتها الأولى بنجاح حافزاً لإتمام سائر الاستحقاقات الدستورية بما يؤمن انتظام عمل المؤسسات.
اما الرئيس الحريري فلاحظ امام المؤتمر الاقتصادي نفسه ان لبنان وعلى الرغم من الحرائق الإقليمية يشهد اجمل مظاهر الديمقراطية في انتخابات بلدية في كل مدينة وقرية تجرى بنزاهة وشفافية وهدوء تحت أعين العرب والعالم، وأكدت فيها بيروت تمسك أهل العاصمة بنهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري والعيش الواحد في مواجهة التطرف» (راجع ص 7).
مجلس الوزراء
وبعد ثلاث ساعات من النقاش «الحاد» و«البيزنطي» و«القانوني - الكيدي» أنهى البند 73 جلسة مجلس الوزراء، الذي لم يبحث سواه، وتقرر بالنتيجة ارجاء الملفات الخلافية من التعيينات سواء في مجلس إدارة تلفزيون لبنان إلى «أمن الدولة»، فضلاً عن اتخاذ ما يلزم من قرارات إزاء ما يلوح من انه أزمة مقبلة جديدة وداهمة في ملف النفايات الذي أصبح في عهدة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.
ومع هذه النتيجة تعددت الاوصاف التي أطلقت على الجلسة، فبعض الوزراء وصفها بأنها «غير منتجة» والبعض الآخر قال انها «مفلسة»، وبعضها الثالث قال عنها: «جلسة مكهربة»، تيمناً بالبند الذي استأثر على كامل الجلسة، وهو البند 73 والذي يتعلق بملف معمل دير عمار الكهربائي، حيث دارت سجالات بين وزير المال علي حسن خليل الذي دعا إلى فرض ضريبةT.V.A على مناقصة إنشاء المعمل، الأمر الذي استدعى رداً وصف بالمتشنج من وزير الخارجية جبران باسيل تحدثت مصادر المعلومات الوزارية عن ان وزير التربية الياس بو صعب انضم إليه، وكذلك وزير الاقتصاد آلان حكيم ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمّد فنيش، فضلاً عن وزير الطاقة ارتيور نظريان المعني الأوّل بهذا الموضوع.
وكانت وجهة نظر هؤلاء الوزراء ان من شأن فرض الضريبة على القيمة المضافة انعكاسات سلبية على حماية الكهرباء ومصلحة البلد، وخشية ان تؤدي إلى قرارات جزائية تحكيمية، وانقسم المجلس بين مؤيد ومعارض، وادلى أكثر من وزير برأيه، في ظل جدل بيزنطي لم يترك لأي وزير فرصة للزحزحة عن موقفه، مما دفع بالوزير حكيم إلى الإشارة إلى استنسابية في القرار، مطالباً بعدم السير في فرض الضريبة، بسبب اعتراض مكون واحد داخل الحكومة، مع الإشارة إلى ان ديوان المحاسبة في الرأي الذي ابداه، أشار إلى عدم جواز فرض الضريبة، لكنه عاد واجاز فرضها بعد مطالعة الهيئة العامة للديوان.
وأدى النقاش غير المثمر إلى إشاعة أجواء من الملل، في ضوء تكرار الآراء والآراء المضادة، فتدخل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وقال للمتساجلين: «نحن هنا، لسنا في هيئة محلفين، والوجهة القانونية بفرضT.V.A أو عدمها يمكن ان ترفع اما إلى هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل أو إلى مجلس شورى الدولة»، ثم غادر الجلسة معرباً عن شعوره بالملل من غياب الانتاجية واستنزاف الوقت، لا سيما وأن مشاريع أخرى كانت مطروحة على جدول الأعمال ولم يجر التطرق إليها.
وليلاً غرّد الوزير خليل قائلاً: «موقفنا في مجلس الوزراء أمس كان واضحاً من مشروع الكهرباء، ولن نسمح بمخالفة القانون ولن نغطي صفقات»، في إشارة إلى أن العقد الموقع بين الدولة اللبنانية وشركةJ&P-AVAX متعهدة أعمال معمل دير عمار، ينطوي على صفقة مالية لم يرغب وزير المال بتمريرها، إلا أن الوزير بوصعب تساءل بعد الجلسة: «بتحرز أن تجري كل هذه النقاشات ويبقى الناس من دون كهرباء والمعمل متوقف»، داعماً وجهة نظر باسيل الذي قال أنها موثقة من خلال العقود التي أظهرها، والتي تؤكد أنها لم تكن تُشير إلى الضريبة على القيمة المضافة، والتي لا تطبق على معملي الذوق والجية.
العقوبات الأميركية
أما الموضوع الثاني الذي أثير في الجلسة والذي حظي أيضاً بنقاش فهو المتعلق بلجوء مصرفي «لبنان والمهجر» و«سوسيته جنرال» إلى إغلاق حسابين لنائبين من كتلة الوفاء للمقاومة، فضلاً عن حساب لإبنة نائب سابق من نواب «حزب الله»، فقد استأثر بجانب من الأخذ والردّ، بعدما أثار الوزيران حسين الحاج حسن وفنيش موضوع العقوبات الأميركية والتزام مصرف لبنان بها، بعد التعميمات الأخيرة التي أصدرها والتي أدت إلى بدء تطبيق الإجراءات ضد «حزب الله».
وكان هذا الموضوع أثير في اجتماع كتلة «الوفاء للمقاومة» التي وصفت تعاميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «وفقاً للقانون الأميركي السيّئ الذكر إنصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الأميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين والمصارف، الأمر الذي يعرّض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للإحتواء»، داعية حاكم مصرف لبنان إلى «إعادة النظر في تعاميمه لتتوافق مع السياسة الوطنية»، مطالبة الحكومة «باتخاذ الإجراءات المناسبة لتفادي التداعيات الخطيرة التي ستنجم عنها».
وهذا ما حصل في مجلس الوزراء حين طالب الوزيران فنيش والحاج حسن الرئيس سلام ووزير المال بالتحرك، لأن ما حصل «تجاوز الخط الأحمر إلى الأسود» على حدّ تعبير الحاج حسن، في حين رأى وزير العمل سجعان قزي أن الحل ليس عند الحكومة بل عند «حزب الله».
وأوضح الرئيس سلام أنه التقى الحاكم سلامة الذي نقل إليه تطمينات، وجدّد المجلس تكليف الرئيس سلام والوزير خليل متابعة الموضوع مع الجهات المعنية لبنانياً ودولياً.

الاخبار :

خرج حزب الله عن صمته، في ما يخص العقوبات الأميركية التي تستهدفه، لجهة الطريقة التي تطبقها المصارف اللبنانية. وكانت القضية تُبحث خلف الأبواب المقفلة. بعث الحزب برسالة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أيام، يبلغه فيها أن الحزب لن يقبل بأن يتصرّف القطاع المصرفي كما لو أنه مجرّد ذراع تنفيذية لما تقرره الإدارة الأميركية.

«بل إن بعض المصارف تتبرّع من تلقاء نفسها للذهاب بعيداً في تنفيذ العقوبات الأميركية، فتعاقب لبنانيين لم يطلب الأميركيون معاقبتهم». ويوم أمس، أخرج الحزب الأمر إلى العلن، ببيان شديد اللهجة، أصدرته كتلة الوفاء للمقاومة، قالت فيه إن «التعاميم التي أصدرها أخيراً حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وفقاً للقانون الاميركي الذي تلتزم المصارف اللبنانية العمل بموجب أحكامه، انصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الاميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الافلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين والمصارف». وفي لهجة لا تخلو من التحذير، قالت الكتلة إن ما تقوم به المصارف بناءً على تعميمات سلامة «سيعرض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء». ورأت الكتلة أن ما حصل «يؤسس لحرب إلغاء محلية يسهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف، فضلاً عن كون التزامه مصادرة للسيادة اللبنانية النقدية». ودعا المجتمعون حاكم مصرف لبنان الى «إعادة النظر في تعاميمه الأخيرة لتتوافق مع السيادة الوطنية»، مطالبين الحكومة بـ»اتخاذ الإجراءات المناسبة لتلافي التداعيات الخطرة التي ستنجم عنها». 

 

وكان وزيرا حزب الله، حسين الحاج حسن ومحمد فنيش، قد أثارا الأمر في جلسة مجلس الوزراء، وطالبا السلطة التنفيذية، بصفتها السلطة التي تحدد السياسة التي يجب على مصرف لبنان أن يتبعها، باتخاذ موقف. ولفت الوزيران إلى أن الامر وصل بأحد المصارف إلى حدّ تجميد حساب توطين هاتف لابنة نائب سابق في حزب الله، فضلاً عن تجميد حسابات توطين رواتب عدد من نواب الحزب. كذلك فإن الامر يشتمل على معاقبة شخصيات لا صلة لها بالحزب، بل تربطها علاقات قربى عائلية بمسؤولين فيه. وردّ أحد الوزراء، من خارج كتلة حزب الله أو الكتل الحليفة له، مستغرباً الإجراءات الأميركية، لافتاً إلى أن السلطات الأميركية فرضت عليه إقفال حساب له في الولايات المتحدة.
إزاء ذلك، طرح الوزراء ثلاثة اقتراحات: 1ــ عقد جلسة حكومية خاصة يكون بندها الوحيد القانون الأميركي وتداعياته. 2ــ تأليف لجنة وزارية لمتابعة ما يجري. 3ــ تكليف الرئيس تمام سلام ووزير المال علي حسن خليل بمناقشة الأمر مع حاكم مصرف لبنان. وتم اعتماد الخيار الثالث.
من جهة أخرى، أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن الحزب ملتزم بحليفه ولكنه غير ملتزم سياسياً ولا أخلاقياً بالجهة التي يتحالف معها حليفه. وفي خطاب ألقاه في الحفل التكريمي لجرحى «المقاومة الاسلامية»، أشار إلى أن الحزب «لا يتخلى عن صديق وندفع الدم من أجل الالتزام، ولكن لا نلتزم بتحالفات حلفائنا». فحزب الله ملتزم مع التيار الوطني الحر، لكن التفاهم مع التيار «ليس ملزماً لنا مع القوات اللبنانية أو الكتائب اللبنانية». وشرح أن الحزب عندما علم بتركيب «لائحة البيارتة» قرر عدم التحالف مع خصم سياسي، عكس الحلفاء الذين لم يجدوا مشكلة في ذلك. «لكننا لا نمرر رسائل لا من فوق الطاولة ولا من تحتها». وعن عدم تشكيل أو دعم حزب الله للائحة ثانية، قال نصرالله: «لا نريد أن نكون في مواجهة حلفائنا ولا يمكننا جمع اللوائح الاخرى في لائحة واحدة»، موضحاً أن «فرصة الفوز صعبة والذهاب الى معركة سيتم سوء الاستفادة منه في التحريض الطائفي والمذهبي، وستحصل معركة طاحنة في بيروت، ولذلك نهرب من المشكل ونبتعد عن الاعلام. لم نقل للناس أن يقاطعوا، بل قلنا إنهم احرار في اخ