ولد السيد في النجف الأشرف في سنة 1353هجري الموافق 1936 م حيث كان والده آية الله عبدالرؤوف فضل الله قد هاجر إليها لتلقي العلوم الدينية ، وهو من بلدة عيناثا جنوب لبنان.

عاش السيد فضل الله في كنف والده ، فتعلم منه العقل المنفتح والمشاكسة الفكرية ضمن الحوار الهادئ مع احترام الآخر ورأيه . كان والد السيد يطلب منه أن يعطي وجهة نظر معارضة في كل نقطة وموضوع ، فتعلم السيد فضل الله من والده أن العلم والفقه يتطور بالاختلاف والاعتراض والتساؤل .

ترعرع السيد في حضن الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف منذ عام 1363هجري ، واستغرقت دراسته الحوزوية اثنتين وعشرين سنة .

في سن مبكرة لم يكن قد بلغ العاشرة ، كان يذهب في الظهيرة إلى مقام الامام علي ع ليقرأ الأدعية ، وكان يذهب للتبليغ في المناطق النائية وهي مناطق كان يغلب عليها الفقر، فيقول السيد في ذلك : "كنا نجلس وقربنا البقر والجواميس وكنا نأخذ الرسالة العملية ومساعدات مادية..." وكانوا سكان المدينة إيام طفولته يلجأون عندما تهب الرياح الموسمية الخانقة إلى السراديب التي كانوا يحفرونها وإلى الأقبية الرطبة ويتذكر سماحته كيف اتسمت طفولته بكونها غارقة في جو ديني طابعه الزهد والتبحر العلمي في بيئة يسودها شظف العيش وقسوة المناخ ، ويصف كيف أن الفقر كاد يودي بأهله إلى حافة الجوع ، هذه المحنة ترسخت في نفس السيد وكونت لديه اتجاهين :

الأول : نفور من الثراء وعدم رغبة في عيش الأثرياء المترف .

ثانيا : الاهتمام بالفقراء والمحرومين والارتباط بواقعم وبمعاناتهم .

نشأة السيد ورؤيته مجالس العزاء واللطم والضرب والتطبير في يوم عاشوراء ،أطلق داخله مواقف الاعتراض لما رآه من تصرفات غير لائقة وطقوسا غير معبرة .

انشغل السيد بهموم الأمة منذ سنيه الأولى التي قضاها بالنجف الأشرف ، ورصد بنظره الثاقب وفكره الحر عوامل تردي واقع المسلمين وتوصل إلى الأسباب التي تقف وراءه ، واستطاع أن يتعامل معها بشجاعة ،فبدا له أن تمزق الأمة وتناحر أبنائها وتفرقهم شيعا وأحزابا هو علة العلل ،فآلى على نفسه أن يعمل ما استطاع لنبذ تلك الفرقة ورأب ذلك الصدع الذي أوهن دور الأمة التاريخي الذي أنيط بها ، وشل حركتها الغاعلة التي ينبغي أن لا تتوقف .

فبلور مشروعه الإصلاحي التنويري ، وشرع يصدح به بعد أن اكتملت أدواته وظروفه الموضوعية ،فأعجب به جيل كامل من المثقفين والطلبة الأكاديميين الذين أدركوا واقع أمتهم البائس وأعيتهم الحيلة عن تغييره .