حلب تستغيث وهي المدينة التاريخية التي تشهد معارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة على أطراف المدينه في الشمال السوري، وتشارك كافة الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالشأن السوري مباشرة أو عبر دعم الحلفاء في معركة حلب والتي تبدو وكأنها ام المعارك. 

وأكد مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن ان المعارك التي شهدتها المدينه ليل الثلاثاء الأربعاء الماضي هي الأعنف منذ أكثر من سنة. 

وقد أكد ناطق بإسم الجيش السوري أن المجموعات المسلحة من جبهة النصرة واحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها من التنظيمات الإرهابية الأخرى قامت بهجوم واسع من عدة محاور في حلب وأن القوات السورية تتصدى لها. 

وكان تحالف / فتح حلب / المؤلف من عدة فصائل من المعارضة السورية بدأ يوم الثلاثاء هجوما على الأحياء الغربية من مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة النظام بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ويتخلل المعارك تبادل قصف مدفعي عنيف وضربات جوية مكثفة. 

فبعد انسحاب المعارضة السورية من لقاءات جنيف 3 ضاعف النظام السوري من تصعيده العسكري وشهدت مدينة حلب على وجه الخصوص، والتي تمثل مركز ثقل المعارضة السورية.

غارات جوية عنيفة ومتواصلة خلفت دمارا هائلا وسقط فيها الكثير من المدنيين وتم استهداف مراكز مدنية ومرافق صحية كالمستشفيات راح ضحية هذه الغارات عشرات بل مئات من السكان العزل، واعتبرت المعارضة ان هذا التصعيد العسكري للنظام السوري جاء بضوء أخضر روسي كآخر وسائل الضغط عليها للعودة إلى مفاوضات جنيف التي قررت الانسحاب منها مؤقتا بعد المراوغة التي اعتمدها ممثل النظام للمماطلة ولتمييع تلك المفاوضات. 

وحلب وهي العاصمة الإقتصادية لسوريا ويقطنها نحو خمسة ملايين سوري قبل الحرب، وفيها كافة انواع الصناعات الثقيلة باتت مهددة بالانهيار الكامل بعد ورود معلومات عن الاستعدادات المتواصلة لكافة التنظيمات والميليشيات الداعمة للنظام السوري لشن هجمات بغية السيطرة عليها وسط ما يشبه الصمت الدولي الكامل على ما تتعرض له حلب من تدمير ممنهج وتهجير لسكان المدينة التي تعتبر من أقدم مدن العالم. 

فالجانب الأميركي يجاري الموقف الروسي بضرورة عودة المعارضة إلى طاولة المفاوضات بسقف أكثر انخفاضا ومرونة تسمح بتمرير مشروع يبقي على النظام السوري ولو إلى حين، دون أي إهتمام بالجانب الإنساني المأساوي الذي يتعرض له السكان المدنيين هناك. 

فما يجري في حلب اليوم هو دون شك جزء لا يتجزأ من مفاوضات جنيف 3، وهو إلى ذلك رد دموي من النظام السوري وروسيا على قرار المعارضة السورية تأجيل المفاوضات وتمسكها بمطالبها بهيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات تنهي حكم نظام الرئيس السوري بشار الأسد،  وفي لعبة التوازنات الإقليمية والدولية تبدو معركة حلب هدفا متعدد الأبعاد والحسابات.

  فالنظام السوري يرى فيها محرقة لدفن حلم المعارضة، وروسيا تريد من خلالها معاقبة تركيا التي تجد في حلب امتدادا جغرافيا وسكانيا واقتصاديا لها. وإيران من جهتها تحاول من خلال معركة حلب تثبيت موطىء قدم لها في الشمال السوري،  ويبدو من الواضح ان التوافق الأميركي الروسي غير مكتمل بعد.

فروسيا لا تحكم قبضتها تماما على الملف السوري بسبب التدخلات الإيرانية، والولايات المتحدة الأميركية على أبواب انتخابات رئاسية وهي منهمكة بتلك الانتخابات عن الملفات الأخرى وخاصة الملف السوري الذي لم يعد يشكل اي اهتمام في الحسابات الأميركية،  وكل هذا يدفع للاقتناع بأن الهدف من معارك حلب هو للضغط على المعارضة السورية للعودة إلى المفاوضات وتقبل بالشروط التي تفرض عليها.

  لا شك أن هناك خوف من أن تصبح حلب ساحة مفتوحة لصراع الأمم على أراضيها، وعليه فالجميع يتحمل مسؤولية الكارثة التي تتعرض لها مدينة حلب الشهباء....