البلديات شغل الشاغل , والبلد في خبر كان , والفوضى في كل مكان

 

السفير :

فرضت الانتخابات البلدية والاختيارية إيقاعها على مختلف المناطق في البقاع الذي سيكون الاحد المقبل على موعد مع هذا الاستحقاق، الى جانب بيروت، وسط استنفار عائلي وحزبي تفاوتت درجاته بين مدينة واخرى، وبلدة وأخرى، تبعاً للخصوصية الديموغرافية لكل منها.
وعلى مسافة أيام قليلة من فتح صناديق الاقتراع، بدت الصورة الإجمالية للمناطق البقاعية على الشكل الآتي:
- معركة ضارية متوقعة في زحلة وسط فرز ربما يكون الأوضح بين الأطراف السياسية.
- منافسة رمزية في بعلبك بين لائحة تحالف «حزب الله» ـ «حركة أمل»، واللائحة المضادة.
- معركة إثبات الهوية في عرسال التي ستكون أصوات أبنائها في صناديق الاقتراع بمثابة صرخة رفض موجهة ضد الجماعات المسلحة.
- منافسة متعددة الأبعاد والخلطات في البقاع الأوسط.
أم المعارك
تستعد القوى الأساسية في زحلة للمواجهة البلدية الأحد المقبل، وكأنها مسألة حياة أو موت.
حرب نفسية، اتهامات متبادلة، شائعات كثيفة، تعبئة قصوى، احتفالات مسبقة بالفوز، وكلام حول أدوار للمال والأجهزة الأمنية والسفارات الأجنبية والصفقات السياسية في المعركة التي ستدور بين لوائح «زحلة الأمانة» المدعومة من رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف، و «زحلة تستحق» التي يدعمها النائب نقولا فتوش، و «إنماء زحلة» التي يدعمها تحالف الأحزاب المسيحية وتضم 16 مرشحاً حزبياً إضافة الى 3 مرشحين سماهم رئيس اللائحة أسعد زغيب، أما المقعد الشيعي فبقيَ شاغراً إثر انسحاب علي الخطيب.
وفيما تردد أن «حزب الله» سيوزع أصواته على مرشحي «التيار الوطني الحر» وفتوش وسكاف، تروّج «القوات اللبنانية» أن «تيار المستقبل» سيترك الحرية لناخبيه بعد زيارة سمير جعجع للرئيس سعد الحريري، بينما تؤكد أوساط أخرى أن «المستقبل» سيدعم لائحة سكاف.
وتقول مصادر لائحة «الكتلة الشعبية» إنه لم يحصل أن حوربت الكتلة في زحلة كما يحصل حالياً، مشيرة الى أن «الجميع باتوا ضدنا والتقوا على السعي الى تحجيم السيدة سكاف في هذا التوقيت، لئلا تكرّس الانتخابات البلدية زعامتها في زحلة». لكن المصادر أشارت الى أن الحملة التي تتعرض لها سكاف ولّدت نوعاً من التعاطف معها، خصوصا أنها تحمل لواء حماية القرار الإنمائي والسياسي في زحلة من خطر مصادرته وتجييره الى خارج المدينة.
وتعتبر هذه المصادر أن لائحة الأحزاب تعاني من نقاط ضعف عدة، من بينها الخلاف على موقع نائب الرئيس، وأزمة الثقة الصامتة بين مكوّناتها، وخشية كل طرف من أن يلجأ شريكه الى تشطيبه لتحجيم قوته ربطاً بحسابات الانتخابات النيابية المقبلة.
في المقابل، تؤكد أوساط «التيار الوطني الحر» أن لائحة الأحزاب هي الأقوى وستنجح بالتأكيد، على الرغم من محاولات التشويش التي تتعرض لها من خلال استهدافها بالشائعات.
وتتهم هذه الأوساط السيدة ميريام سكاف بأنها أعادت إدخال الرئيس سعد الحريري الى زحلة عبر النافذة، بعدما خرج منها من الباب، وتنفي ما يروّج له الخصوم حول تشطيب سيتم بين «التيار الحر» و «القوات» و «الكتائب»، وترى أن المعركة البلدية في زحلة ليست إنمائية فقط، بل اكتسبت بعداً سياسياً كذلك، كونها أصبحت معركة الاتفاق المسيحي في مواجهة المتضررين منه.
وفي سياق متصل، يؤكد مصدر مسؤول في «القوات اللبنانية» أن المصالحة مع «التيار الحر» انعكست تلقائياً على زحلة باعتبارها مدينة ذات أكثرية مسيحية، ويستغرب «المنطق الإقطاعي الذي يروّج له البعض على قاعدة محاولة اختزال زحلة واحتكار النطق باسمها، وصولا الى التعامل مع أبنائها كأنهم زبائن وأتباع، في حين ان الاحزاب التي يتم تصويرها كجسم غريب هي التي دافعت عن المدينة وقدمت التضحيات من أجلها عندما تعرّضت للتهديد، في وقت كان الآخرون يتموضعون في موقع آخر، لا يخفى على أحد».
ويشير المصدر الى أن الانتخابات البلدية معنية أساسا بالقرار الإنمائي، أما القرار السياسي فتحدده الانتخابات النيابية التي كانت نتائجها واضحة في المرة السابقة، وبالتالي لا مبرر للخلط بين الأمرين وللترويج بأن المرجعيات الحزبية تريد أن تهيمن سياسيا على زحلة عبر البلدية.
أما مؤيدو لائحة موسى فتوش (شقيق النائب نقولا فتوش)، فيجزمون بأن النجاح سيحالفها، ويرى أحد الناشطين في الحملة الانتخابية للائحة أن عنصر القوة الذي تستند اليه يكمن في مروحة الخدمات التي قُدمت الى أبناء زحلة على مدى عقود، وفي وقوف العائلات العريقة الى جانبها. ويستغرب «كيف أن سكاف تخوض معركتها باسم التصدي لمحاولة الأحزاب مصادرة قرار المدينة، في حين انها تتعاون مع «تيار المستقبل» الذي يقدم لها الدعم بأكثر من طريقة».
ويشدد داعمو لائحة فتوش على أنه «لا يحق لعون وجعجع تركيب مجلس بلدي بـ «الريموت كونترول»، عن بُعد، ومعطياتنا تفيد بأن التشطيب سيفعل فعله في صفوف تحالف الأحزاب».
وتذهب شخصية متحمسة للائحة فتوش بعيدا في تحليلاتها، مؤكدة «ان هناك حرباً كونية على زحلة وأن السفارات الأميركية والفرنسية والسعودية دخلت على خط المعركة، لتنفيذ مشروع توطين النازحين السوريين في زحلة».
البقاع الأوسط
أتمت قرى البقاع الأوسط تحضيراتها لمعاركها المتنوعة على طول خط بلدياتها التي تشهد حرارة سياسية وعائلية وحزبية.
تحت تسميات متنوعة تهرول بلديات البقاع الأوسط الى «حتفها البلدي» بكثير من التعصب العائلي والمذهبي والطائفي والحزبي والسياسي.
وتكفلت المنافسات المحتدمة بحصول شرخ كبير بين العائلات، وحتى ضمن أبناء الحزب الواحد والبيت الواحد كما هي الحال في بلدة علي النهري حيث تتنافس لائحتان، الأولى تحظى بدعم التحالف الثنائي الشيعي ويرأسها الرئيس الحالي أحمد مصطفى المذبوح، وتواجهها لائحة اختارت إطلاق تسمية عائلات المقاومة على لائحتها التي يرأسها العميد المتقاعد محمد الفوعاني.
كما أدت هذه المنازلات الشرسة الى كسر التحالف الثنائي الشيعي في بلدتي حارة الفيكاني ورياق حيث يتواجه «حزب الله» و «حركة أمل» في لوائح متعددة في هاتين البلدتين.
الحياد العلني يطبقه «تيار المستقبل» في مجدل عنجر وبر الياس وقب الياس وتعلبايا وبوارج ومكسة، أما في سعدنايل التي يطلق عليها بلدة العروبة، فتشهد تحركاً يقوم به زياد الحمصي ـ الذي اعترف بعمالته لإسرائيل وأدين من المحكمة العسكرية - لدعم إحدى اللوائح البلدية في مواجهة الرئيس الحالي خليل الشحيمي المدعوم ضمناً من «المستقبل».
وتحمل منازلة قب الياس نكهة طائفية، ومحورها لائحتان: الأولى يترأسها الرئيس الحالي الدكتور درغام توما الذي ينتمي الى الطائفة المسيحية، والثانية يترأسها جهاد المعلم الذي ينتمي الى الطائفة السنية.
ولم تمنع علاقات توما الوثيقة مع «المستقبل»، إضافة الى البطاقة الشيوعية الحزبية التي يحملها المعلم، ارتفاع منسوب الخطاب المذهبي في هذه البلدة التي اعتادت على العيش المشترك.
وفي مجدل عنجر يختلف المسار البلدي في هذا الاستحقاق عما تشهده تقليدياً هذه البلدة التي اقتصر التنافس فيها سابقاً على عائلتي العجمي وياسين، أما اليوم فقد برزت مجموعة شبابية أطلقت على لائحتها اسم «الوسط».

النهار :

قبل ثلاثة أيام من بدء الانتخابات البلدية والاختيارية في جولتها الأولى الأحد المقبل والتي تشمل بيروت والبقاع، بدأت الحمى الانتخابية تتسع في شكل ملحوظ بحيث انحسر الى حدود بعيدة ضجيج الملفات السياسية باستثناء تلك المتصلة بالاستحقاق الانتخابي في ما يؤشر لتبدل المزاج العام واتجاه كل الاهتمامات الى المواقع المرشحة لان تشهد مبارزات انتخابية وفي مقدمها بيروت وزحلة في المقام الأول.
وقد أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس استكمال الاستعدادات النهائية لانطلاق الانتخابات التي توقع ان تكون "أهم انتخابات تجري منذ عقود" وتحدث عن قدرة أمنية على متابعتها في كل المناطق، موضحاً ان أكثر من 20 ألف عسكري وأمني سيتولون حماية مراكز الاقتراع ومحيطها وتأمين سلامة العمليات الانتخابية. وذكر باطلاق الوزارة "حملة الحراك البلدي طوال شهر أيار من أجل حض الناس على المشاركة في هذه الانتخابات" وقال إن لبنان سيعيش شهراً انتخابياً بامتياز اذ سينتخب نحو 1030 مجلساً بلدياً ونحو 3000 مختار بالاضافة الى الانتخاب النيابي الفرعي في جزين.

بيروت
ويمكن في ضوء المواقف والتحركات التي حصلت أمس استخلاص كون الائتلاف السياسي الواسع الذي ينضوي تحت لائحة "البيارتة " قد ثبت اقدامه في ظل عدم انسحاب "التيار الوطني الحر" منه بعدما تم التوصل الى تسوية لمطلبه الحصول على العدد الأوفر من المخاتير في الأشرفية بين مختلف القوى المسيحية، وبذلك يكون هذا الائتلاف أمام الايام القليلة المتبقية قبل موعد الانتخابات في العاصمة أمام اختبار تحفيز الناخبين البيروتيين على الاقبال بكثافة على الاقتراع نظراً الى المخاوف التقليدية من نسبة المقترعين الخفيفة في بيروت. وتقول أوساط قوى سياسية وحزبية عدة يضمها الائتلاف ان الاتصالات تكثفت في الايام الاخيرة من اجل تحريك الماكينات الانتخابية للقوى المتحالفة بما سيترجم في الايام الثلاثة المقبلة كما في يوم الانتخابات في تعبئة واسعة منسقة سعياً الى توفير الكثافة التي يطمح اليها الائتلاف وتجنب التشطيب وقطع الطريق على احتمالات خرق اللائحة من اللوائح المنافسة وإن تكن هذه الاوساط تستبعد هذا الاحتمال.
ولاحظ الرئيس سعد الحريري الذي ينصرف الى تعبئة انتخابية كثيفة من خلال لقاءات "بيت الوسط" مع الوفود الشعبية وجولاته على مناطق في العاصمة ان "البعض يعتقد ان المعركة سياسية بحتة فيما هي معركة انمائية لتحسين العاصمة وتطويرها ولتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين". وقال: "سنحاسب كل من يسيء الى العاصمة ولن نتساهل معه وبيروت يجب الا تقع في مشكلة النفايات مجددا ويجب ان يكون لديها مصنع للتخلص من نفاياتها وان تكون شوارعها مضاءة والكهرباء متوافرة 24 ساعة. ودعا الى الاقتراع بكثافة لمصلحة لائحة "البيارتة كون هذه اللائحة القائمة على المناصفة تجسد العيش المشترك بين جميع مكونات العاصمة وتشكل قدوة لكل لبنان".
وصرح رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل أمس في ما يعود الى موقف التيار من انتخابات بيروت: "اننا دخلنا فيها كما دخلنا في الحكومة. دخلنا في أماكن لدينا فيها قدرة على المراقبة وبالتالي إحداث تغيير معين. وسوف نرى أنه مع دخولنا في بلدية بيروت، سوف يخرج الصوت من داخلها على أيّ خطأ ممكن أن يحصل، تماماً كما نفعل في الحكومة". وأشار الى "أمرٌ آخر نتحمل مسؤوليته جميعاً، وهو أن نتوحّد لتحقيق التغيير. جميعنا نريد التغيير، لذلك لا يمكن أحداً أن يريد التغيير وفي الوقت عينه يرفض الآخر. قلبنا مع الكثير من الناخبين ونحن إلى جانبهم، ونأمل أن يوفقهم الله، لكن التغيير يحتاج إلى جهد وتعاون. كما أنّ هناك أماكن لا يجب أن نسيّس فيها العمل البلدي، لأن العمل البلدي إنمائي، ولكن لا يمكننا في المقابل أن نرذل أو ننبذ أي دعم سياسي لهذا العمل البلدي كي يكون ناجحاً. فإذا كانت البلدية مدعومة من خلفية سياسية للوصول إلى موقع القرار، وكانت هذه الخلفية قوية وقادرة على تحقيق الإنماء الجامع، فهل يكون هذا الأمر جيّداً أم سيئاً؟ إذاً، رذل السياسة كما لو كانت تلوثاً للمجتمع ورفضها بهذا الشكل، لا يساعدنا ولا يساعد المجتمع المدني الذي نؤيده في الوصول، كما لا يساعد العمل الجامع لتحقيق التغيير الذي نطمح إليه جميعاً. نأمل أن نحقق اليوم تغييراً جزئياً، وصولاً إلى تطوير ثقافتنا الجامعة ونقوم بعد ستة أعوام بتغيير شامل".

 

المستقبل :

بينما يواصل الرئيس سعد الحريري جولاته الميدانية في أحياء بيروت للالتقاء بأبنائها وفاعلياتها وآخرها مساء أمس في منطقة الفاكهاني حيث التقى آل الموصلي وجموعاً شعبية مرحبة بقدومه إلى المنطقة، وعلى وقع تشديده أمام وفود حاشدة من العائلات البيروتية في بيت الوسط على كونها «معركة إنمائية لتحسين وتطوير العاصمة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين»، تواصل «لائحة البيارتة« لقاءاتها الأهلية والسياسية لشرح برنامجها الانتخابي الإنمائي لبيروت بينما يستمر فريق عملها في استكمال الدراسات التقنية الخاصة بمعالجة الأزمات الحياتية التي يعاني منها أبناء العاصمة بشكل يحول دون تكرار أزمة النفايات ويؤمن عودة المياه إلى مجاريها في مناطق بيروت وأحيائها.
وفي هذا السياق، كشف رئيس اللائحة المهندس جمال عيتاني لـ«المستقبل» أنّ الدراسات توصلت إلى وضع طريقتين علميتين لحل أزمة النفايات يتم حالياً درس كل منهما بالتفصيل والمفاضلة بينهما لاختيار الطريقة الأمثل لمعالجة الأزمة بشكل جذري وتحويلها من أزمة بيئية إلى مصدر حيوي للطاقة في خدمة بيروت وأهلها. وفي حين آثر التريث في الإفصاح عن الحلول المطروحة لأزمة المياه بانتظار بلورتها ونضوجها اكتفى عيتاني بالقول: «لدينا خطط قيد الدرس المعمق حالياً سيُصار إلى الكشف عنها لاحقاً لكن ما أستطيع تأكيده الآن هو أن الخطة التي سنعتمدها ستتمكن من رفع الشح في المياه الذي تعانيه معظم مناطق وأحياء العاصمة».
وكان الحريري قد أكد أمام وفود العائلات البيروتية عزمه على «الدفاع بكل ما أوتينا من قوة عن مبدأ الإنماء في بيروت التي يجب أن لا تقع في مشكلة النفايات مجدداً، وأن يكون لديها مصنع للتخلص من نفاياتها، وأن تكون شوارعها مضاءة عبر الطاقة الشمسية والكهرباء متوفرة فيها 24 على 24 ساعة» بالإضافة إلى مشاريع إنمائية أخرى. في حين شدد خلال لقائه في بيت الوسط وفداً من جمعية تجار بيروت وممثلين عن جمعيات التجار من مختلف المناطق اللبنانية على أنّ «تردي الوضع الاقتصادي سببه غياب أي أفق للحلول السياسية»، مبدياً أمله في أن تشكل الانتخابات البلدية «حافزاً لتأكيد استمرارية الحياة الديموقراطية في لبنان»، وأعرب في ما يتصل باحتياجات المواطنين الإنمائية والحياتية عن اعتقاده بأنّ هناك فرصة اليوم لتمويل هذه الاحتياجات والاهتمام بالبنى التحتية والقطاعات الانتاجية من خلال الوفر المالي البالغ مليار دولار والناتج عن انخفاض فاتورة الفيول أويل لتشغيل معامل توليد الكهرباء.
تزامناً، وفي حين أعلن كل من حزب «الطاشناق« و«الجماعة الإسلامية» أمس دعمهما الكامل لانتخاب «لائحة البيارتة» للانتخابات البلدية ودعوتهما مناصري كل منهما التصويت بكثافة لكافة أعضائها، برز في الشق الاختياري من الاستحقاق التوصل إلى اتفاق مسيحي على «لائحة البيارتة« لمخاتير العاصمة بحيث أكد النائب ميشال فرعون لـ«المستقبل» التوصل قبيل منتصف الليلة الماضية إلى اتفاق بينه وبين كل من حزب «القوات اللبنانية« و«التيار الوطني الحر» و«الطاشناق» على خارطة توزيع مقاعد المخاتير، بينما تناقلت وسائل إعلامية أنباء متضاربة حول موقف حزب «الكتائب« بين الموافقة والتحفظ على هذا الاتفاق.
وبموجب هذا الاتفاق، يحصل «القوات» و«التيار الوطني« على 6 مخاتير لكل منهما من أصل 40 مختاراً في الأشرفية والرميل والمدور والصيفي، والطاشناق على 10 والكتائب على 5 وفرعون على 4 بينما تترك المقاعد المتبقية للعائلات.
الداخلية
وقبيل انطلاق أولى جولات الاستحقاق البلدي والاختياري الأحد المقبل، عقد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مؤتمراً صحافياً أمس لإطلاق «حملة الحراك البلدي 2016» شدد فيه بعد اجتماعين، إداري للمحافظين والقائمقامين، وأمني مركزي استثنائي، على أن هذه الانتخابات «أنتجت 3 أنواع من الحراك: الأول عائلي، الثاني سياسي، والثالث ما تشهده وزارة الداخلية من حراك إداري». وأعلن المشنوق في الموضوع اللوجستي الإداري والأمني أنّ «أكثر من 26 ألف موظف و20 ألف رجل أمن سيواكبون الانتخابات وحماية مراكز الاقتراع وتأمين حفظ الأمن في محيطها وداخل مختلف القرى والبلدات والمدن اللبنانية»، مؤكداً «القدرة الأمنية على متابعة العملية الانتخابية البلدية والاختيارية في جميع المناطق لانتخاب مجالس 1030 بلدية، عدا عن حوالى ثلاثة آلاف مختار».

الديار :

من يتسنى لهم لقاء القائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز يقولون ان الرجل يبدو احياناً وكأنه على وشك ان يتفوه بهذه العبارة «لقد ضقنا ذرعاً بكم...»
ومع ذلك، فهو يقول مازحاً ان لبنان قد يكون بحاجة الى الأزمات ليبقى مثلما هي حال من اصيب بأزمة قلبية، وبحاجة الى الصدمات الكهربائية. هذا لا يعني ان بعض الصدمات الكهربائية لا تكون قاتلة...
الوفود التي تذهب الى واشنطن أو التي تأتي من واشنطن الى بيروت تسمع أو تقول أن ثمة مؤسستين في لبنان لولاهما لما بقي هذا البلد، المصرف المركزي وحيث الحاكم رياض سلامة الذي لا يقرأ ما في النصوص بل وما في رأس واضعي هذه النصوص، والمؤسسة العسكرية، وحيث القائد جان قهوجي الذي لا تفوته الاجابة الدقيقة عن كل سؤال حول ما في الارض وما تحت الأرض.
الاهتمام الأميركي بلبنان حمل سفيراً أوروبياً على القول لأحد المراجع «يجب عليكما ان تشكرا ابا بكر البغدادي وأبا محمد الجولاني اللذين لو لم يفعلا ما فعلاه في 2 آب 2014، ولو لم ينتشر مقاتلوهما على الارض اللبنانية لما كان ذلك التركيز الاميركي على استقرار لبنان، وأمنه، ووجوده، على ذلك المستوى من الرصد والمتابعة».
بعض القادة العسكريين الاميركيين الذين يأتون بمهمات محددة يتكلمون عن لبنان كما لو أنه الدولة الكبرى التي تقف في خندق واحد مع الولايات المتحدة، ففي كل البلدان التي تواجد فيها تنظيم الدولة الاسلامية كان يتمدد في كل الاتجاهات، ويدق ابواب المدن بل ويحتلها، هذا لم يحدث في لبنان بالرغم من ضآلة امكاناته...
أحد أولئك الضباط لاحظ كيف ان الجيش اللبناني أرغــم مقاتلي «داعش» على البقاء في الجرود، لا بل انه قلّص رقعة انتشارهم، وبعدما حصلت أجهزة الاستـخبارات الاميركية على وثائق دامغة بأن قيادة التنظيم وضعت نصب عينيها الوصول الى شاطئ المتوسط بالتزامن مع اقامة ولاية في الشمال اللبناني تابعة لدولة الخلافة.
ولم ينسَ الضابط الأميركي الاشارة الى ان الجيش اللبناني لا يواجه تنظيم «داعش» وحده، بل وكذلك «جبهة النصرة» التي لا تقل شراسة، في حال من الأحوال، لا سيما في الأداء الميداني، عن تنظيم الدولة الاسلامية.
غير أن الاميركيين يقولون انهم قدموا للجيش العراقي مساعدات هائلة، وبالرغم من ذلك، سقطت المدينة الثانية هناك (الموصل) خلال دقائق، وليس خلال أيام، فيما المساعدات الى الجيش اللبناني تبقى في حدود ضيقة، وبالرغم من ذلك لم يتمكن التنظيم من احتلال قرية لبنانية واحدة.
ولا يفوت الاميركيين القول ان الجيش اللبناني الذي عليه ان يتواجد حول المخيمات الفلسطينية، وبكل تنظيماتها واحتمالاتها، يواجه العبء الذي لا تستطيع دول كبرى تحمله حين تنتشر في ارجاء البلد مخيمات النازحين السوريين الذين يربو عددهم عن ثلث عدد سكان لبنان، والذي لا بد أن الكثيرين منهم حملوا أفكارهم او بنادقهم من داخل الحرب التي تعصف ببلادهم.
هل يقصد الأميركيون القول «امامكم واحد من اثنين، الجنرال او الحاكم». مرجع حساس قال لـ«الديار» ان الاميركيين لم يتحدثوا يوماً لا مع العماد قهوجي ولا مع الحاكم سلامة عن الموضوع، لكن كل كلامهم يوحي بأن ادارة فاعلة للأزمة تحتاج الى هذا الطراز من الرجال...
ما يقوله الاميركيون لا يبقى داخل الجدران، الديبلوماسية الاميركية «شغالة» وعلى مدار الساعة، وهي تبعث باشارات كثيرة، ومن قبيل «الشراكة الاستراتيجية».
وكان ديبلوماسي لبناني بارز قد سمع من مندوبة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة سامنتا باور كلاماً يستشف منه انه لولا وجود «داعش» لكان لبنان قد سقط مــن اللائحة الاميركية، اللائحة الذهبية بطبــيعة الحــال...
حتى اشعار آخر، رئاسة الجمهورية متروكة للأمزجة(والمصالح) المحلية والاقليمية. وبعدما نقل ما نقل عن الرئيس سعد الحريري، كانت هناك دردشة مع احد الوزراء الذي قصد بيت الوسط.
الوزير الذي أقرّ بأن خياري العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية قد استنفدا بصورة شبه كاملة، فيما لا مجال البتة لتعويم الرئيس أمين الجمـيّل والدكتور سمير جعجع ومشاركتهما في السباق الى قصر بعبدا، سئل هل الحريري في سؤاله الأخير حول ما اذا كان مطلوباً منه ان يرشح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يحاول ان يطلق بالون اختبار.
ان يصبح صاحب الغبطة والنيافة صاحب الفخـامة ايضاً، وعلى اساس ان مثل هذه الخطوة التي لا تتوقف عند ولاية السنوات الست تضع حداً لـ«حفل الجنون» الذي يعيشه قادة الموارنة مع نهـاية كل ولاية. وكان تعليق الوزير «اذا ما فعلنا ذلك، فقد يطالب داعي الاسلام الشهال برئاسة الحكومة».
لكنه ما لبث ان استدرك، متمنياً لو يحصل ذلك، معــدداً مزايا الراعي، ودور البطريركية في «صناعة» لبنان.
وكان وزير سابق قد اثار هذه المسألة مع احـد الكــرادلة في الفاتيكان، الكاردينال فوجىء بالطرح لان المقام البطريركي ينبغي ان يكون على مسافة من الكرنفـال السياسي في لبنان، حتى اذا ما انغمس في العملية السياسية «خربت البطريركية وخربت الجمهورية».
آنذاك، لم يكن من الممكن مقاربة ذلك الترشيح، وحتى الان، يبقى اي كلام من هذا القبيل نوع من الفانتازيا السياسية، وحين تسأل «الديار» احد المطارنة رأيه في ترشيح البطريركي كان جوابه «المقام البطريرك شيء ورئاسة الجمهورية شيء آخر ولن ازيد».

الموقع الرئاسي في خطر

هذا لا يمنع من قول اكثر من جهة سياسية ان الموقع الرئاسي في خطر، كما ان المسيحيين، وان كان قادتهم في «عالم آخر» يشعرون، امام الاهوال التي تشهدها المنطقة، انهم في خطر.
واذ يبدو ان اتفاق اولئك القادة على شخصية محددة اكثر من مستحيل، مع اعتبار التعقيدات الاقليمية التي لا مجال لاغفالها، يسقط اي تابو حيال ترشح البطريرك وبعدما كان بطريرك سابق قد هز رأسه بالموافقة على قول مرجعية سياسية زارته في بكركي واقترحت تحويل لبنان من جمهورية الى امارة تحول دون الهزات السياسية كل ست سنوات.
المطران اياه قال ايضا «ان غبطته يومئ بيده للتوجيه الى طريق الصواب، لكنه قد يضرب بيده الطاولة ذات يوم». قد لا يأتي ذلك اليوم لان رئاسة الجمهورية عالقة في مكان آخر.
على كل حال، هي الان على الرف شهر ايار لقانون الانتخاب وللانتخابات البلدية. زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري يستخدمون التعبير الشهير للكاتب الفلسطيني اميل حبيب في وصف رؤيته لمسار القانون. بري «متشائل» اي في نقطة (ضائعة) بين التشاؤم والتفاؤل.

اهون الشرين

حتى الان، الخيار الاكثر واقعية هو السلة المتكاملة. واحد قادة 8 آذار حين يستيقظ، ولو لبرهة، من الموت السريري ينصح قياديا صديقا له في 14 آذار، وايضا استيقظ لهنيهة، بـ«اهون الشرين» لان البديل عن السلة قد يكون المؤتمر التأسيسي وبالتساوي مع السبيل الذي ستسلكه التسوية في سوريا..
استطراداً، قانون الانتخاب اذا ما ظل يراوح مكانه فقد يقود الى الجمهورية الثالثة...
اما البلديات فالعيون الان على يوم الاحد. كل جهود اركان لائحة «البيارتة» يبذلون الجهود لحث الناخبين على التوجه الى صناديق الاقتراع ومع ذلك قال قيادي في تيار المستقبل انه عندما سمع الدعاية التي اطلقتها اللائحة وبثتها وسائل الاعلام، رأى انها تدعو الناخبين الى النوم الهانئ يوم الانتخاب.

 

اللواء :

اتخذت كل الإجراءات الإدارية والأمنية واللوجستية لاجراء الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية، كاستحقاق ديمقراطي وحاجة إنمائية، في حين تبدو الطبقة السياسية على مرأى السفراء، وفي ظل سهر الأجهزة الأمنية اللبنانية، معنية، على الرغم من خلافاتها وتباين أجندة كل منها، بانجاح هذا الاستحقاق، بمعزل عن النتائج السياسية التي يحملها أو الآثار التي تترتب عليها، لجهة احتمالات مسارات الوضع السياسي، سواء في ما خص قانون الانتخاب الذي تنهمك الكتل في إنجاز واحد أو اثنين من المشاريع لطرحها على الجلسة التشريعية لتشريع الضرورة، أو تفعيل عمل الحكومة، فضلاً عن الاستحقاق الرئاسي الذي من المؤكد ان الانتخابات البلدية ستنتهي بمؤشرات حول حجم القوى السياسية، فهي اما تثبت نظرية المرشح القوي، أو تجعل تداول مثل هذا التعبير في غير محله.
وفي هذا السياق، رأى الرئيس سعد الحريري الذي واصل جولاته لدعم «لائحة البيارتة» في احياء العاصمة، وكانت له محطة في محلة الملا - الزيدانية، حيث التقى فاعليات المنطقة في منزل عمر موصللي، ان سبب الشلل الاقتصادي والتجاري هو الوضع السياسي، كاشفاً خلال لقائه جمعية تجار بيروت انه ناقش مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، معتبراً ان انتخاب الرئيس يؤدي إلى تأليف حكومة جديدة، وسيشهد البلد تحسناً وتنشأ أجواء مؤاتية لكل القطاعات، مما سيؤدي إلى عودة المستثمرين والخليجيين إلى لبنان، معرباً عن أمله في ان تشكّل الانتخابات البلدية حافزاً لتأكيد استمرارية الحياة الديمقراطية، ومن ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، معتبراً ان انخفاض فاتورة الفيول يمكن ان يؤدي الى تشغيل معامل توليد الكهرباء وتوفير مبلغ مليار دولار لصرفه على تلبية احتياجات المواطنين والاهتمام بالبنى التحتية.
وفي لقاء مع قطاع المهن الحرة في تيّار «المستقبل» وعائلات بيروتية، أعلن الرئيس الحريري تصميمه على الدفاع عن مبدأ الإنماء في بيروت، ويجب الا تقع مجدداً في مشكلة النفايات، وأن تكون شوارعها مضاءة بالطاقة الشمسية، والكهرباء متوفرة 24 على 24 ساعة، داعياً للاقتراع بكثافة للائحة «البيارتة» التي كشف رئيسها جمال عيتاني ان برنامجها انمائي بالدرجة الأولى، سواء في ما خص البنى التحتية أو مداخل السيّارات عند مداخل العاصمة، واعتماد باصات النقل لتخفيف عبء السير عن العاصمة، فضلاً عن إقامة محرقة للنفايات ومعمل لتوليد الكهرباء وتسهيل معاملات المواطنين.
ومع الحراك البلدي الذي يشغل لبنان من اقصاه إلى أقصاه، تركزت الاتصالات مع التيار العوني على تجاوز عقدة المخاتير، وعدم تعريض لائحة التوافق للاهتزاز أو الخرق أو الإخلال بالمناصفة، وفتح الباب امام التشطيب.
وعلمت «اللواء» أن فريق «القوات اللبنانية» يتولى مفاوضة «التيار العوني» لإيجاد مخرج لعقدة مخاتير الأشرفية، حيث، وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم يكن قد حسم بعد الخلاف حول المطالب العونية.
وأشار الوزير السابق والقيادي في التيار العوني ماريو عون إلى أن النية تتجه إلى الحلول، رافضاً الخوض في التقدم الحاصل، تاركاً النتائج للساعات المقبلة، حيث ينهي الوزير السابق نقولا صحناوي مفاوضاته، متخوفاً من دخول الشيطان في تفاصيل اللحظة الأخيرة.
وليلاً كشف أن اتفاقاً تمّ على تقاسم 40 مختاراً في الأشرفية موزعة على النحو التالي: 10 لحزب الطاشناق، 6 للقوات اللبنانية، 6 للتيار العوني، 5 لحزب الكتائب و4 للوزير ميشال فرعون والباقي للعائلات.
بلدية زحلة
بقاعاً، استأثر التعميم الداخلي الصادر عن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في ما خص الانتخابات البلدية، والذي نقله وزير الصناعة حسين الحاج حسن الى الماكينة الانتخابية والقواعد الشعبية بردود فعل ونقاش، على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين وصفه الحاج حسن بأنه طبيعي لأن أي حزب يمارس عمله عبر انضباط محازبيه.
وغداً، من المتوقع أن يتطرق السيّد نصر الله للانتخابات البلدية، في الكلمة التي سيلقيها عند الخامسة عصراً، عبر شاشة «المنار»، وفي احتفال هيئة دعم المقاومة الاسلامية، من زاوية التطورات السياسية.
وبالنسبة إلى زحلة، استأثر تعليق المرشح الشيعي من لائحة إنماء زحلة عضويته بالاتصالات لإعادته إلى المشاركة، وسط احتدام الحملات بين اللوائح الثلاث مع ميل ثابت للناخبين الشيعة والسنّة للتصويت للائحة المدعومة من رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف.
وأعلن حزب الله لوائحه في بلدات الضاحية الجنوبية، والغبيري، وبرج البراجنة وحارة حريك والليلكي وحي السلّم والحدث، وذلك بالائتلاف مع حركة «أمل» والتيار الوطني الحر.
تعميم مصرف لبنان
مالياً، أصدر مصرف لبنان تعميماً، ضمنه تعليمات صارمة إلى المصارف اللبنانية، لجهة كيفية التعامل مع القانون الأميركي والمراسيم التطبيقية الخاصة به وذلك لمنع ولوج حزب الله إلى المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات. 

الاخبار :

القضاء ليس بخير.
عنوان يتكرر بين فترة وأخرى. قضاة كثر، يقدرون على تقديم روايات وروايات عن حال السلطة القضائية، التي تفقد الكثير من استقلاليتها. لكن قلة قليلة جداً تجرؤ على تسمية الأشياء بمسمياتها. لا وزارة العدل نجحت في حماية هذه السلطة، بل تعاقب عليها وزراء وسّعوا من دائرة التدخل. أما مجلس القضاء الأعلى، فصار هو أيضاً سلطة مشكوّاً منها، حيث لا يبادر إلى أي عملية تنظيم في الجسم دون الحصول على موافقة سلطات الأمر الواقع. أما الأدوات التنفيذية المساعدة للقضاء، من ضابطة عدلية ومخافر، فمشكلتها أكبر لناحية الانحياز السياسي، وجداول الأعمال المستقلة. ولنضف إلى كل ذلك، واقع الأجهزة الأمنية في لبنان، التي فيها من هو متفرغ لمراقبة بقية الأجهزة، بينما لا مجال لأي تنسيق فعلي، حتى في مكافحة الإرهاب.

من أين يبدأ الإصلاح؟

سؤال يتكرر هو الآخر مرات ومرات. وكلام كبير يقال عن ضرورة ضمان استقلالية القضاء وخلافه من الشعارات. لكن، من بيده الأمر، هو من بيده أمر السلطات الفعلية الحاكمة في لبنان. وهذا الذي بيده الأمر، ما هو إلا مجموعة من القوى والشخصيات والأحزاب والمراجع السياسية والطائفية، التي لا ترى في القضاء إلا واحدة من أدوات تأبيد البقاء على الكرسي حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

في كل ما يتصل بعمل النيابات العامة في لبنان، هناك مستويات من التدخل تتجاوز طلب استرحام لموقوف أو متهم أو مشتبه فيه. ربما هو أمر عادي في بلادنا. لكن التدخل صار في ممارسة القهر التعسفي بحق مواطنين. وقضاة التحقيق صاروا أقرب إلى التعامل مع التحقيقات الأولية على أنها «خلاصة التوجه» التي يفترض تثبيتها ما لم تكن الفبركات فاقعة جداً. أما في الحكم، فالمشكلة تكون في لجوء القاضي إلى مبدأ «التحفظ الأقصى» بأن يعمد إلى القراءة في كتاب من دون الأخذ بالاعتبار كل ما سبق وصول الملف والمتهم إلى تحت قوسه.
لكن الأسئلة التي يهرب منها الجميع، هي الأسئلة التي لا بد من طرحها، ولو كانت كلفتها فبركة المزيد من الملفات على كل من يعترض على عمل السلطات كافة في لبنان. وهي اسئلة يجب أن تُرمى بقوة في وجه كل من له علاقة بملفات القضاء، من سلطات ومراجع، إلى قوى عسكرية وأجهزة أمنية، إلى نواب عامين وقضاء تحقيق وقضاء حكم، إلى محامين ونقابتهم، وإلى الموظفين من كتّاب يعرفون ما يبقى في المحضر وما يشطب وما لا يجب أن يرد فيه أصلاً، إلى حراس الخزائن التي تختفي فيها ملفات وملفات، إلى إدارات سجون لا تعرف رفض حشو غرفها الضيقة بموقوفين من دون محاكمات، إلى جمهور صامت، نراه يستعد للذهاب خلال أيام إلى صناديق الاقتراع، مجدداً لممثلي السلطات السياسية في المجالس البلدية، حيث لا إنماء ولا تنمية ولا من يحزنون.
مناسبة الحديث، ليست واقعة واحدة فقط، بل وقائع، تشمل كل مؤسسات وأفرع القضاء في لبنان، لكن الفضيحة التي لن يحجبها غبار الانتخابات البلدية، هي تلك المستمرة في عدلية النبطية. إذ في سابقة نادرة، تنحّى تسعة قضاة عن النظر في دعوى تزوير. على مدى تسعة أشهر تقريباً، «هرب» القضاة التسعة تباعاً من الملف كي لا يتحمّلوا تبعاته. آخر قضاة المحكمة حسن سكيني تنحى أمس. لم يعد هناك أي قاضٍ في محكمة النبطية قادراً على النظر في الدعوى. استنكفوا جميعهم عن إحقاق الحق. وستحال الدعوى على محكمة التمييز في بيروت لتعيين مرجع قضائي للنظر فيها، مع ما يستتبع ذلك من إطالة أمد توقيف الموقوفين، فيما يبقى القضاء بأمر السياسة.

وهذه القصة تفتح الباب أمام السؤال عن الجهات السياسية التي تقف خلف التعطيل القضائي، خصوصاً أن الكلام المباشر يشير إلى أن الخلاف في كفررمان يطاول قيادات في حركة أمل، من النائب هاني قبيسي، إلى حسين أخضر، إلى كمال غبريس. وإن الحركة نفسها، تعرف كل التفاصيل الخاصة بهذه الورشة التي يفترض أن تدرّ أرباحا تكفي الجميع.
السؤال هنا، ليس عن كيفية حصول الأمر، ومن يملك الحصص الفعلية من عدمها، أو عن تدخل هذا المسؤول أو هذا النائب. السؤال هنا، هو مسؤولية الرئيس نبيه بري عن هذا الوضع. والإجابة المنتظرة منه، حول كيفية قبوله، هو وحزب الله أيضاً، بوجود مثل هذه الفضيحة. وكيف يعقل أن يدعو الفريقان الناس إلى التصويت لمرشحين هم قرروا أنهم الأنسب لإدارة البلديات في بلدات وقرى قضاء النبطية.
عن أي تنمية وإنماء يتحدثون؟ وعن أي حرمة للقضاء ولحرية الناس وللمال العام يسألون؟ وأي نموذج عن إدارة المؤسسات العامة أو الخاصة يقدمون؟ إنها أسئلة ستظل قائمة، وستكبر ككرة الثلج، خصوصاً عندما تبدأ الأخبار عن فضائح مماثلة تحصل في ملفات أخرى، حيث يطلب إلى القضاء أن يكون «شيخ صلح» بين متنازعين، لا أن يترك الأمر للمحاكم المختصة لتحسم الأمر بحسب ما يقرره القانون، وعندها يتحمل الناس المسؤولية عن أقوالهم وعمّا يفعلون.

 

قضاء بلا قضاة

القصة جرت أحداثها في بلدة كفررمان الجنوبية (قضاء النبطية). واجهة النزاع كسّارة ومجبل زفت، أما حقيقته فخلاف على حسابات مالية ومسائل شخصية. تراكمت المشاكل بين رئيس بلدية البلدة كمال غبريس، وشريكه حسين أخضر (الاثنان من حركة أمل)، بعد شراكة في كسارة امتدت سنتين، وفجّرها خلاف حول مجبل زفت. وبعد محاولات عدة غير ناجحة من قيادة «أمل» لحلّ الخلاف، انتقل الملف إلى القضاء الذي أوقف عدداً من الأشخاص.
تسلّم ملف التحقيق، بداية، القاضي هاني حلمي الحجار الذي قرّر تخلية سبيل اثنين من الموقوفين. لكن رئيس الهيئة الاتهامية في النبطية القاضي برنارد الشويري، فسخ القرار، فتنحّى الحجار كي «لا يُخالِف قناعاته»، ليُكلَّف الملف قاضي التحقيق عبد زلزلي الذي وافق على طلب إخلاء سبيل موقوف، فأبطلته الهيئة الاتهامية ليتنحى زلزلي بدوره. بعده، وصل الملف إلى قاضي التحقيق عباس جحا الذي قُدِّم إليه طلب إخلاء سبيل منذ ثلاثة أشهر، فردّه. استُؤنف قرار القاضي أمام الهيئة الاتهامية التي لم تنعقد لثلاثة أشهر، لتكرّ بعدها سبحة التنحي لفرط الهيئة عن سابق إصرار، فتنحى عن الملف تباعاً كل من القضاة وسيم إبراهيم ورئبال ذبيان ومحمد عبدو ونسرين علوية. بعدها، عُرض الملف على رئيسة الهيئة الاتهامية مهى فياض، فرفضت النظر فيه. ولم تنعقد الهيئة الاتهامية للنظر في الملف منذ خمسة أشهر. وبعد تقدم وكيل غبريس بطلب نقل الدعوى إلى بيروت، وصل الملف إلى القاضي جوزيف سماحة، وبقي لديه شهر وعشرة أيام قبل أن يقرر تغريم غبريس مليون ليرة للمحكمة ومليون ليرة للمدّعي أخضر، وإعادة الملف إلى النبطية، حيث كُلِّفَ به أخيراً رئيس الهيئة الاتهامية في النبطية القاضي خالد عبد الله.
هل يُعقل أن يهرب القضاة من ملف دعوى تزوير مستندات غير رسمية، وهي ــــ إن ثبتت ــــ جُنحة لا جناية؟ أم أنّ للسياسة الكلمة الفصل؟ وما ذنب الموقوفين، وأحدهما سبعينيّ، إن كان القضاة لا يجرؤون على السير في الملف؟ وأين مسؤولية مجلس القضاء الأعلى تجاه عدم النظر في الملف، فيما يكاد الموقوفون يُصبحون معتقلين تعسُّفاً، علماً أن المتضررين تقدموا بشكوى لدى هيئة التفتيش القضائي للارتياب من المسار غير القانوني للملف والقضاة الذين تعاقبوا عليه؟ كذلك طلب المتضررون نقل الدعوى للهروب من الضغوط التي تُمارس على القضاة في محكمة النبطية، سواء كانت سياسية أو خلافها. إلا أن أحداً لم يُحرّك ساكناً.
بدأت القصة منذ تسعة أشهر. اختلف غبريس وأخضر على ٣٣ عقاراً تقدّر قيمتها بثمانية ملايين دولار. بحسب رواية رئيس بلدية كفررمان، تشارك المدّعي حسين أخضر (من بلدة جبشيت) مع ابنة غبريس، عام 2012، في مشروع كسّارة ومجبل زفت في عدد من العقارات في بلدة كفررمان. يومها، تنازل غبريس الأب عن نصف العقارات ثمناً للشراكة مع أخضر، لكنّه لم يقبض سوى ٣٠٪ من ثمنها، علماً أن قيمة النسبة الباقية تبلغ نحو مليون دولار. بدأ العمل بالكسارة، لكن غبريس أوقفها لاحقاً، فتدهورت العلاقة بين الطرفين بسبب خلاف على حسابات مالية بحسب ما تردّد. ويشير غبريس إلى أنه اتفق مع أخضر على استصدار رخصة عمل لمجبل زفت. وبما أن العقار المقرر لإقامة المجبل عليه لم يكن مفرزاً، استلزم توقيع مالكي العقار ١٧١١ على «ورقة مسامحة» تُبيح لشخص يُدعى علي خريس (غير النائب عن قضاء صور) لتشغيل المجبل. وبعدما صدّق رئيس البلدية عليها عام ٢٠١٢، وافق المجلس البلدي على إنشاء المجبل. وبحسب غبريس، فإنّ شريكه زوّر تاريخ الاتفاقية على صورة لا أصل لها، ليُبدله من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٤، ثم وُجِّهَت تهمة التزوير إلى غبريس. وبموجب هذه الشكوى، أوقف القضاء أربعة أشخاص هم حيدر نور الدين وعضو البلدية علي ضاهر (٧٥ عاماً) وعلي خريس (٧٠ عاماً) ومحمد نور الدين (شقيق زوجة رئيس البلدية). ولا يزال موقوفان، هما خريس ونور الدين، يقبعان في السجن من دون وجه حق. ويؤكد غبريس أن المدّعين يفاوضونه على إخراجهما في مقابل تنازله عن أرضه، عارضاً ورقة تنازل موقّعة من أخضر أُحضِرت إليه لتوقيعها. وتتحدث المصادر عن كيل القضاء بمكيالين في هذا الخصوص. إذ إنّ وكيل غبريس ادّعى على أخضر بالابتزاز، لكن الشكوى حُفظت. فيما سار القضاء في دعوى احتيال مقابِلة من أخضر ضد غبريس، إضافة إلى عدد من الدعاوى التي تقدمت بها الجهة المدعى عليها ولا يزال مصيرها مجهولاً. وينقل غبريس أن أحد القضاة أبلغه أن الأفضل له إنهاء القضية بمصالحة. فما ثمن المصالحة؟ يوضح غبريس أن أخضر دفع مليوناً و٨٠٠ ألف دولار في الشراكة، وهو يطلب ٣ ملايين دولار لإسقاط الدعوى أو التنازل عن العقارات.
من جهته، يردّ وكيل أخضر، المحامي أحمد يحيى، على رواية غبريس، متحدثاً عن «رحلة معاناة» تمتد على سنتين. ويؤكد «أنّ سبب الخلاف قطعة أرض اشتراها موكلي بتاريخ معين. والشراكة بدأت على كسّارة، وسبب الخلاف أن أخضر طوال فترة العمل في الكسارة لم يقبض دولاراً واحداً، رغم أنّها كانت تنتج ١٢ ألف دولار يومياً، بحسب ما كان غبريس يتداول». وأضاف أن «المدعى عليهم حرّروا ورقة مسامحة لإنشاء مجبل الزفت قبل سنتين وزوروها ثم سجلوها في سجلات البلدية»، لافتاً إلى أنّ المدّعى عليهم «عندما اكتشفوا أنّه ليس بإمكانهم الاستحصال على رُخصة، وقّعوا ورقة مسامحة بينهم وسجّلوها قبل البيع بـ ٦ أشهر». والغاية من ذلك، بحسب المحامي، أنّهم «كانوا يريدون القول إن أخضر اشترى العقار رغم علمه بوجود عقد استثمار».