لم يمهل جنود الاحتلال الأم مرام صالح حسن أبو اسماعيل وشقيقها الفتى ابراهيم لتدارك جهلهما بإجراءات العبور على حاجز قلنديا الفاصل بين رام الله والقدس، وأعدموهما بدم بارد بذريعة محاولتهما تنفيذ عملية طعن.

وخلافاً لما ادعته شرطة الاحتلال بأن الفتاة كانت تحمل سكيناً برفقة الفتى، أكد شهود العيان الذين كانوا في المكان أن الضحيتين سلكا المسرب الخاطئ الخاص بالسيارات، فبدأ الجنود الإسرائيليون بالصراخ عليهما باللغة العبرية التي لا يفهمها الشهيدان.. وهنا توقف الاثنان كما يقول الشهود، وحاول إبراهيم أن يمسك يد شقيقته التي تسمرت في المكان خوفاً، وحاول إبراهيم الابتعاد من المكان، إلا أن جندياً أطلق الرصاص نحو مرام، فسقطت على الأرض، وحين حاول شقيقها إسعافها، عاجله الجندي برصاصة ليسقط بجوار شقيقته وتركهما ينزفان حتى فارقا الحياة.

مرام (23 عاماً) حامل في الشهر الخامس وأم لطفلتين سارة (6 أعوام) وريماس (4 أعوام)، كانت برفقة شقيقها إبراهيم (16 عاماً) في طريقهما لمدينة القدس، بعد أن حصلت على تصريح لأول مرة، فيما إبراهيم يحمل شهادة الميلاد، ولكن جنود الاحتلال وضعوا حداً لحياتهما بدم بارد.

ويقول أحمد طه، الشاب المقدسي الذي شاهد ما يجري: «تقدم الجنود نحو الشقيقين ولدى الاقتراب منهما بدأ الجنود بإطلاق مزيد من الرصاص لتأكيد عملية الاعدام.. كان بإمكان الجنود أن يبعدا الاثنين من المكان من دون إطلاق الرصاص عليهما، لوجود مسافة بعيدة بين الطرفين.» وأكد طه أن الجنود دسا سكينين اثنتين بجوار الشهيدين. لكن الشرطة الإسرائيلية نشرت صورة لثلاث سكاكين على الأرض قالت إنها كانت بحوزة الشهيدين.

شاهد آخر محمد أحمد، سائق حافلة كان في المكان، أكد أن جندياً كان يقف خلف مكعب اسمنتي أطلق رصاص على الفتاة من مسافة 20 متراً،من دون أن تهدد حياته لا هي ولا شقيقها«.

وإثر هذه الجريمة، أغلقت قوات الاحتلال الحاجز العسكري، ومنعت طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، من الدخول الى الحاجز لتقديم العلاج للمصابين، كما أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت لتفريق الناس.

وفي الرواية الإسرائيلية، قالت المتحدثة باسم الشرطة لوبا سمري في بيان إن «عربيين مترجلين تقدما من معبر قلنديا المعد لعبور السيارات، وكانت المرأة تحمل سكيناً، كما عثر على سكين بحوزة الشاب الفلسطيني«.

وأضاف البيان أن «أفراد الشرطة طلبوا منهما التوقف مرة تلو الأخرى، لكنهما واصلا التقدم بخطوات سريعة باتجاه قوات الشرطة، ما دفع أفراد الشرطة للإجهاز عليهما بإطلاق عيارات نارية«.

وإمعاناً بارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية، ذكرت مصادر إعلامية عبرية أن حكومة الاحتلال أبلغت طواقم الإسعاف الاسرائيلية، التابعة لـ»نجمة داوود الحمراء» قرارها «منع تقديم الإسعاف لأي فلسطيني يُصاب خلال تنفيذه عملية«.

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» الإسرائيلية، أن سلطات الاحتلال بررت قرارها بزعم الخشية من وجود تهديد أمني من احتمال أن يكون المنفذ حاملاً حزاماً ناسفاً ويقوم بتفجيره في المكان وإصابة طواقم الإسعاف الطبية التابعة لـ»نجمة داوود الحمراء«.

ووصلت إلى المكان سيارة إسعاف فلسطينية، إلا أن قوات الاحتلال منعتها من الاقتراب، وأمرها الجنود بالبقاء بعيدة، فيما كانت في المكان سيارة إسعاف عسكرية، لكن الأطباء والمسعفون وقفوا في انتظار وفاة الشقيقين.

وبعد قرابة الساعة، والشهيدان ملقيان على الأرض، قام المسعفون بوضعهما في أكياس بلاستيكية، وقاموا بنقلهما بسيارة إسعاف عسكرية إلى داخل مدينة القدس، حيث تحتجز سلطات الاحتلال الجثامين .

وعلى مدار الأشهر الستة الماضية استشهد 193 فلسطينياً على الأقل منهم 130 تقول إسرائيل إنهم نفذوا عمليات. والشهيدان من قرية قطنة شمال غربي مدينة القدس المحتلة، لكن الأم مرام متزوجة وتقطن قرية بيت سوريك المجاورة.

حادثة مشابهة كاد رجل ستيني يفقد حياته بسببها أول من أمس على هذا الحاجز وفي المكان نفسه، لكن ما أنقذه كان معرفته باللغة العبرية، يضيف أحمد، «الرجل أخطأ وسار في المكان المخصص للسيارات، فتنبه له الجنود ورفعوا البنادق في وجهه، وخاطبوه باللغة العبرية، وطالبوه بالابتعاد عن المكان، فأخبرهم أنه ينوي الدخول للقدس، فأمروه أن يتجه نحو مدخل المواطنين القريب، فتوجه للمكان، والبنادق موجهة نحوه«.

(معاً، «المستقبل»)