مع اقتراب موعدها في الثامن من أيار القادم ترتفع شيئا فشيئا وتيرة التحضيرات للإنتخابات البلدية، وسط تأكيد الجميع بأنها باتت شبه مؤكدة .

ويتميز الإستحقاق الانتخابي البلدي بقربه من الناس والعائلات، وتخضع التحضيرات لهذا الإستحقاق لإرادة القرى والبلدات والعائلات، إلا أن الطاريء على هذه الإنتخابات التدخل الحزبي الذي طغى على مساحات واسعة من هذه التحضيرات وباتت الأحزاب بنفوذها وقوتها عاملا مؤثرا في النتائج المرتقبة لهذه الإنتخابات وبالتالي انعدمت معها أهداف الإنتخابات البلدية القائمة بالاساس على تنافس إيجابي بهدف خدمة القرى والناس والمجتمع كل حسب نطاقه البلدي .

وسبب اختراق الأحزاب والزعامات السياسية للإستحقاق البلدي نزاعات على الأحجام السياسية والحزبية وانعدمت بالتالي روح المنافسة لمصلحة البلدات والقرى وبات الهدف الأوحد لهذه الأحزاب هو حجمها السياسي مقابل خصومها السياسيين في الجانب الآخر، وأدت هذه التدخلات إلى إفراغ الإنتخابات البلدية من مضمونها الإجتماعي والشعبي فغابت البرامج الانتخابية وغابت روح التنافس القائمة بالاساس على مصلحة الناس والمجتمع والهادفة أيضا إلى التغيير والمحاسبة والتطوير على مستوى النطاق البلدي .

في حمأة التحضيرات الجارية للإنتخابات البلدية فإن الجميع مدعوون لتغليب مصلحة الناس على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة، وأن يبقى التنافس في مصلحة الناس، وأن تكون الإنتخابات البلدية مناسبة وفرصة للتطوير والتغيير نحو الأفضل على صعيد الاجتماعي وخدمة الناس أولا وأخيرا .

وإن ما نشاهده اليوم من التدخلات الحزبية السافرة في الإنتخابات البلدية لأهداف حزبية وسياسية هو تعدي سافر على حرية الناس وإرادتهم في التغيير، وهو أيضا اعتداء على خياراتهم العائلية التي تعتبر العامل الأساسي في استحقاق الانتخابات البلدية .

ومن هنا يجب توعية الناس والمجتمع وتوجيههم نحو الإصرار على حقوقهم في الحضور والتغيير على مستوى البلدي والإختياري .

إن الإستحقاق البلدي ينبغي أن يكون بعيدا عن الاصطفافات السياسية والحزبية  وهو السبيل الوحيد الذي يعبر من خلاله المواطن اللبناني عن خياراته وإرادته في شأن محيطه وبلدته وبالتالي فإن التدخل السياسي الحزبي في هذا الاستحقاق يفقده أهدافه ومحتواه .