ليس في توصيف رئيس المجلس النيابي المنتهية صلاحيته والممدّد لنفسه لِحال معسكرَي 8 و14 آذار ما يفاجئ.


فالمعسكران، وهو من مسؤولي أحدهما، في موتٍ سريري فعليّ منذ سنوات، وكلاهما عاجز عن اتّخاذ مبادرة سياسية واحدة.


وموتهما السريري ينسحب على المؤسسات الدستورية وعلى الهيئات الخدماتية وعلى معظم مرافق الدولة، أو ما تبقّى منها. وهو بالطبع ينسحب أيضاً على علاقات لبنان بالعالم وعلى حضوره في المنطقة العربية.


غير أن الموت السريري هذا لم يُصب جميع أطراف المعسكرَين. وهو تحديداً لم يُصب حليف رئيس المجلس النيابي وقائد معسكره، حزب الله. فالأخير يبدو "الحيّ" الوحيد بين الحلفاء والخصوم. يحرص على إبقائهم في سرير الموت، إذ يُدرك أن استيقاظهم قد يُحرجه أو يُقلق تفرّغه للقتال في سوريا. ويحرص في الوقت عينه على تحميل بعضهم مسؤولية رفض الشفاء أو القيامة.


هكذا يَدخل البلدُ دائرةً مفرغة وحالةً استثنائية الشواذ. فمؤسساته معطّلة وموت معظم قواه السياسية السريري يحول دون إنهاء تعطّلها. أما الحيّ الباقي فمشغولٌ في شؤون الحرب ومستلزماتها خارج الحدود.


يترابط الموت السريري في الداخل بالقتل الحربي في الخارج إذن. وصاحب الربط يظهر جدّية في منع انفكاكهما. وهذا يعني أن لا انتخابات رئاسية ولا تشكيل لحكومة جديدة ولا إقرار لقانون انتخابي نيابي ولا بلورة لسياسات مالية واقتصادية تواكب التطورّات في المدى القريب.

 

لكن ما يجدر إضافته هنا، هو أن ثمة ما يسهّل مهمّة الربط ويجعلها غير مرتفعة الكلفة للحزب الإلهي. عنينا أمراض القوى السياسية الميتة سريرياً وضعف مناعتها وإرادتها. فلا تلك التي يُفترض أن يأتي من صفوفها رئيس الدولة قادرةٌ على تجديد خلاياها. ويكفي مقارنة أسماء مرشّحيها للرئاسة ثم للفراغ الرئاسي العام 1988 بمرشّحيها اليوم للتيقّن من الأمر. ولا تلك التي تسمّي رئيس حكومة ترسل ما يطمئن من إشاراتٍ عن قرب تعافيها. ولا القوى التي تدّعي مشروعيّات وأخلاقيّات بديلةً هي ذات قدرات ومصداقيّات تمكنّها من القفز فوق سرير موت خصومها لإعلان حياة جديدة على حسابهم.


لهذا، لا يبدو أن أمراً ما داخلياً سيحول دون استمرار الموت السريري المذكور. فلا إعلان وفاة ولا اقتراب قيامة.


وحده حزب الله يواصل مراقبته أشباه الموتى في الداخل وقصفه خصومه في الخارج.


ووحدها مبادرات مجتمعية وثقافية وشبابية تذكّرنا كل فترة بأن الحياة ما زالت ممكنة في منزلةٍ ما بين تعفّن سرير الموت وشظايا القذائف ورصاصات القنص المتفجّرة على بُعد أمتارٍ قليلة خلف الحدود الشرقية.

 

 

 

المصدر: ناو