لأول مرة في تاريخه، يتعرض حزب الله لهذا الحصار غير المسبوق إن على الصعيد السياسي أو على الصعيد المالي، الاسباب كثيرة، وأهمها الانعطافة الكبيرة لسياسات حزب الله تجاه المنطقة، وبالأخص مواقفه فيما خص الأزمة السورية، حيث أدّى تدخله المباشر سياسيا وعسكريا في هذه الأزمة إلى انهيار كبير في رصيده السياسي والمعنوي الذي تشكل مع انسحاب العدو الإسرائيلي من لبنان عام 2000.

إن هذه الإنعطافة الكبيرة لحزب الله، كانت بمثابة الخطيئة السياسية الكبيرة، وبالتأكيد فإن حزب الله اليوم هو غير حزب الله منذ خمس سنوات عربيا ودوليا، وقد شكّلت سياسات الحزب في المنطقة حالة تدهور كبيرة غير مسبوقة بدأ حزب الله يتلمسها اليوم أكثر من أي وقت مضى.

عقوبات سياسية غير مسبوقة عربياً وإسلاميا ما زلنا نشاهد فصولها والتي كان آخرها وصم الحزب بالإرهاب على الصعيد العربي والإسلامي في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي والذي انتهى إلى تصنيف الحزب منظمة إرهابية إنسجاما مع ما سبق وأعلن في القمة العربية وفي مؤتمر وزارء الخارجية العرب ومؤتمر وزراء الداخلية العرب .

وعقوبات مالية هي الأولى من نوعها، وهي أيضا ضريبة على مواقفه السابقة من الأحداث في المنطقة على رأسها الملف السوري واليمني . ولئن كان خطاب حزب الله مكابرا حتى اليوم إلا أن التداعيات كبيرة جدا سياسيا وماليا، وقد بدأت إرتداداتها بالفعل، حيث لم يعد يستطيع الحزب احتواءها أو التفلت منها وسنكتشف قريبا عمق الأزمة التي يتعرض لها الحزب وخصوصا على الصعيد المالي . 

التداعيات المالية بدأت تفرض نفسها، فتوقفت بعض المخصصات للمتفرغين في الحزب وتلك التي كانت تصرف بعناوين مختلفة خارج الرواتب، وتحدث بعض المتفرغين في الحزب عن تأخير في الرواتب على غير عادة، وثمة شحّ كبير في بعض النفقات التي كان يصرفها الحزب على متفرغيه أو على مؤسساته .

مصادر في حزب الله تتحدث عن استمرار هذه الضغوط وربما تطورها على خلفية الأحداث الجارية في المنطقة وموقف الحزب منها، وتعترف هذه المصادر بأن جزءا مما يحصل له علاقة بالتسويات التي جرت بين طهران والولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وما يحصل بين الحزب وبعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية من جهة ثانية .

وتتوقع هذه المصادر استمرار الضغط على حزب الله كورقة بيد الولايات المتحدة ضد إيران بالرغم من التسويات السائدة بين الطرفين .

وبعد الإجراءات المالية محليا، ومقاطعة المصارف اللبنانية لحزب الله ومؤسساته، أو أي شخص على علاقة بالحزب، تجري حاليا في الحزب وعلى أعلى المستويات دراسات من أجل البحث عن سبل المواجهة سياسيا وماليا، وقد كلف الحزب مجموعة مستشارين في القانون والاقتصاد لدراسة سبل الرد والمواجهة حسب القوانين الدولية والمحلية.