لا جديد على الساحة اللبنانية سوى حماوة بلدية للتسلية و وحزب الله يدخل في لعبة الفساد

 

السفير :

سعد الحريري قد يكون على موعد قضائي قريب في باريس. رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، قد يكون لديه ما يقوله لقاضي التحقيق الفرنسي بودوان توفانو، في «الملف سيدر»، وهو أوسع من ملف تبييض أموال مخدرات، يتشارك في ملاحقته مكتب مكافحة المخدرات الأميركي والقضاء الفرنسي، ويشمل حتى الآن خمسة لبنانيين موقوفين في فرنسا وألمانيا منذ كانون الثاني الماضي.
هذا التطور كشفت النقاب عنه، أمس، صحيفة «الأحد» الباريسية. الاستماع إلى الحريري، ومحاميه (المفترض) بشارة طربيه، جاء في طلب محامي الدفاع عن إثنين من المتهمين في القضية: علي زبيب وعبدالله محيو. القضية أطلقها مكتب مكافحة المخدرات الأميركي، بطلبه اعتقال اللبنانيين الخمسة في فرنسا في ٢٤ كانون الثاني الماضي وفي ألمانيا الأسبوع الماضي.
وقد ورد اسم سعد الحريري في القضية، بعد أن تفرع التحقيق الفرنسي من تثبيت اتهام أفراد الشبكة اللبنانية بتييض أموال «كارتل» الكوكايين في المكسيك وكولومبيا، ونقلها إلى لبنان عبر أوروبا، إلى تقصي حقيقة ما قاله علي زبيب للمحققين من أنه دفع عبر وسيط هو عبدالله محيو، مئة ألف يورو إلى بشارة طربيه محامي الحريري.
والأخطر أن زبيب ساق أمام المحققين، كما تقول صحيفة «الأحد» اتهامات نسبها لعضو آخر في الشبكة المعتقلة، وهو حسن طرابلسي المعتقَل في ألمانيا. قاضي التحقيق سأل زبيب، عما إذا كان سعد الحريري هو من تم تسليمه المبلغ. أجاب زبيب القاضي الفرنسي أن «المحامي (طربيه) هو من قال ذلك، وقد أفضى لي حسن طرابلسي أنه قام بتسليم طربيه ٧ ملايين يورو لسعد الحريري»!
محمد نورالدين الذي اعتقلته الشرطة الفرنسية في مطار شارل ديغول في كانون الثاني الماضي، قد يكون أبرز وجوه المجموعة. اللبناني الأربعيني يدير أعماله وكان يصدر أوامره من بيروت، مع صهره حمدي زهرالدين المحاسب في شركة «ترايد بوينت إنترناشيونال»، وكانت تدر هذه العمليات المالية عليه عمولة بنسبة ٢،٥ في المئة.
وحسب الصحيفة الفرنسية، كانت تُجرى عملية جمع حصيلة تجارة الكوكايين الكولومبية والمكسيكية في أوروبا عبر شبكة من العملاء. علي زبيب أولا، كان يسترد مع إبن زوجته علي منصور، مبالغ نقدية لإنفاقها على شراء ساعات ثمينة أحيانا، ترسل إلى بيروت لبيعها في محل للمجوهرات. زبيب نفسه أرسل ساعات ثمينة بقيمة ٨٠٠ ألف يورو إلى بيروت في العام ٢٠١٤.
تجارة السيارات المستعملة كانت من ضمن عمليات الشبكة، حسن طرابلسي كان يديرها من دوسلدورف، بمعية رجل الأعمال جميل خليل. وجميل خليل الملقب بـ «جيمي» (حسب الصحيفة الفرنسية)، كان يقوم بتجميع الأموال نقدا من إيطاليا وإسبانيا. وقال نورالدين في التحقيق إنه لا يعمل لنفسه، وإنما لحساب لبناني يدعى عباس ناصر متزوج من نجمة إعلامية لبنانية، ويملك محلا للصيرفة في نيجيريا، ونفى علاقته بـ «حزب الله».
بدأت الشبكة تنكشف في العام 2015، بعد أن اخترقها الأميركيون على ما تقوله الصحيفة الفرنسية، لكنها كانت تعمل منذ العام ٢٠١٢، وتضم مصرفيا لبنانيا أوقعه مكتب المخدرات الأميركي في الفخ عندما استطاع التجسس عليه وتصويره، في غرفة فندق باريسي في الشانزليزيه، كانت معدة مسبقا لهذا النوع من العمليات - وهو يتسلم مبلغ ١٤٠ ألف دولار من عملاء المكتب - للحصول على أدلة تدينه بالتواطؤ في غسل الأموال. ٨ ملايين يورو صادرتها الشرطة من الشبكة في بلجيكا. أحد أعضاء الشبكة علي ابراهيم الشيخ علي، عثرت الشرطة معه على نصف مليون يورو مخبأة في مقعد سيارته الـ «تويوتا». وقد اعتقلت الشرطة الفرنسية أعضاء الشبكة الواحد تلو الآخر، بطلب أميركي، ثم قامت بتجميد أموال نورالدين بتهمة تمويل الإرهاب، وغسل الأموال لمصلحة «حزب الله»، وهو ما نفاه نورالدين في التحقيق الفرنسي معه.
أما اتهام سعد الحريري بصلة مع الشبكة، فجاء بفضل عمليات التنصت في فرنسا. وبحسب الصحيفة الفرنسية، عززت أقوال علي زبيب جزئيا معطيات التنصت الهاتفي، وفيها أنه قام بتسليم مبالغ لبشارة طربيه، لكي يسلمها بدوره إلى سعد الحريري، وقد عثرت الشرطة الفرنسية، في لائحة المكالمات الهاتفية لزبيب، على رقمَي المحامي طربيه وفهد رفيق الحريري. ومنذ أيام يطالب داني اسكلنور وإيفان اتزكوفيتش، وهما محاميا زبيب ومحيو، بإجراء مواجهة بين موكليهما من جهة، وبين المحامي طربيه والرئيس الحريري من جهة ثانية.
الرد لم يتأخر على الصحيفة. فالمحامي طربيه نفى أي معرفة شخصية له بأي من زبيب أو محيو، لكنه يقول إنه كان مطلوبا للدفاع عن حسن طرابلسي، بطلب من السفارة اللبنانية في ألمانيا، في قضايا مخالفات سير، لكنه رفض الطلب لأن ذلك ليس من اختصاصه. أما الشقيقان سعد وفهد الحريري فتناوبا بالبيانات على نفي أي صلة لهما بكل ما نشرته الصحيفة، إذ قال فهد الحريري للصحيفة: «أنا رجل أعمال وأجني مداخيلي الوحيدة من أعمالي الاقتصادية الشفافة، وأضع نفسي بتصرف السلطات المختصة». أما الرئيس الحريري، فنفى أن يكون بشارة طربيه محاميه ونسبت له الصحيفة قوله: «ان لا علاقة مهنية أو شخصية تجمعه بطربيه».

النهار :

بعيداً من أخبار الصراعات والفضائح والنفايات، الطبيعية منها والسياسية، يستأهل اللبناني خبراً يزرع الامل في النفوس، ويعيد تسليط الضوء على دور البلد الاقتصادي الذي يتراجع عربياً وافريقياً، وبات يحتاج الى صدمة في مكان ما تعيد اليه توازنه.
فقد علمت "النهار" ان عدداً من بعثات البنك الدولي زارت لبنان في الفترة الاخيرة بعيداً من الاعلام وتفقدت الشمال ولا سيما منه المنطقة الاقتصادية الخالصة في طرابلس ومطار القليعات، في إطار دراسة ظروف المحيطة بمشروع إعتماد الشمال اللبناني مركزاً للعمليات الدولية لإعمار سوريا بعد الحرب. وتقول مصادر مواكبة لهذه الزيارات ان التركيز الدولي على الشمال تلا أنباء عن إعتماد سهل البقاع منطلقا للمشاريع الدولية في إتجاه الداخل السوري ليتبيّن أن القرار إستقر على طرابلس وعكار إنطلاقاً من مزايا جغرافية ولوجيستية وأمنية. ونقلت المصادر عن مسؤول دولي أن هناك مشروعاً قيد التداول على مستوى الامم المتحدة يقضي بمنح شركات لبنان أفضلية بنسبة خمسة في المئة عن باقي الشركات في العالم للدخول في مناقصات مشاريع إعمار سوريا وذلك لرد الجميل للبنان على ما تكبده، ولا يزال، من إعباء بسبب اللجوء السوري الكثيف وكذلك الصعوبات الاقتصادية الضخمة التي عاناها لبنان ولا يزال جراء إنعكاسات الحرب السورية عليه.

الرئاسة
في الداخل، ربما تركت الطبقة السياسية الانتخابات البلدية والاختيارية متنفساً للبنانيين عوض الانتخابات الرئاسية المعطلة، والنيابية المؤجلة في ضوء خلاف متعدد الوجه على الموضوع، ان على شكل قانون الانتخاب ودوائره، أم على اعتماده واقراره قبل انتخاب رئيس أو يعطي الرئيس الجديد فرصة الاطلاع عليه وابداء الرأي فيه وصولاً الى رفضه واعادته الى مجلس النواب.
لكن الواضح ان المسافات بعيدة عن تلك الاستحقاقات، فالاستحقاق الرئاسي معطل و"ازمة الرئاسة طويلة" على حد قول نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي قال "إنها أزمة محلية أولاً وإقليمية ثانيًا، وبالتالي ما زالت الطروحات والمواقف كما هي ولم تتغير، ولا يوجد تعديل إقليمي يستدعي إعادة نظر، ولا يوجد قدرة داخلية عند بعض الأطراف لاتخاذ القرارات، لذلك أزمة الرئاسة طويلة". واذ رأى ان "المستقبل ومن معه لا يريدون الجنرال ميشال عون"، خلص الى ان "أي طرح آخر هو في الواقع إسقاط مشروع طرح العماد عون، وهذا لا يمكن أن نقبل به في هذه المرحلة التي يستمر فيها العماد عون في الترشح".
وسئل هل يرى إمكاناً لانتخاب رئيس قبل حلول 24 أيار، فأجاب: "لا نعلم متى تتغير بعض الظروف لمصلحة تغيير بعض المواقف لانتخاب الرئيس، ولكن يبدو أننا أمام أزمة مستمر لفترة من الوقت".

التشريع
وفي مجال التشريع، لا يزال الرئيس نبيه بري ينتظر أجوبة الكتل النيابية ولا سيما منها المسيحية عن الجلسة التي ينوي عقدها و"في ضوء هذه الردود سأبني على الشيء مقتضاه". وعن طريقة التعامل مع قانون الانتخاب، قال إنه "سيطرح في الجلسة المنتظرة بعد تحديد مشاريع القوانين المالية والاقتصادية التي يتفق عليها في هيئة مكتب المجلس، ثم يعمد إلى طرح التوصية التي كانت تقضي بعدم وضع قانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية. وإذا تم الاتفاق على هذا الأمر سأدعو إلى جلسة خاصة قبل نهاية أيار وأطرح مشاريع القوانين على التصويت وعددها 17. وأضاف: "لا أحد يزايد علي في الميثاقية فأنا من اوجدها وانا الأحرص على تطبيقها. ومرة أخرى أقول لا تحرجوني فتخرجوني".

 

مجلس الوزراء
الموعد الثابت الوحيد هو مجلس الوزراء الاربعاء المقبل عوض الخميس لمصادفته احتفال الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي بالخميس العظيم المقدس. وعلمت "النهار" ان الجلسة ستكون سلامية بعدما رفع عن جدول أعمالها ملف أمن الدولة المتفجر وكلف رئيس الوزراء توليه تمهيداً لحله مباشرة او عرض حلول عدة على مجلس الوزراء. وابدى متابعون لـ"النهار" تخوفهم من تأخر الحل بعدما أبدى وزير المال علي حسن خليل رفضه اعتماد حل موقت بصرف جزء من المخصصات السرية والمصاريف الادارية لتسيير شؤون المديرية في انتظار حل نهائي، وتخوفوا أيضاً من "رضوخ رئيس الوزراء للضغط عليه في هذا المجال وارجاء طرح الحلول مرة أخرى".

مخاض انتخابات بيروت...
بلدياً، بدأت حماوة الانتخابات تظهر في معظم المناطق مع محاولة الاحزاب حصر الصراعات وتشجيع التوافق. ولم تتبلور حتى الساعة ملامح اتفاق في انتخابات بلدية بيروت على رغم التواصل ومساعي التفاهم.
وفي آخر التطورات سجلت مصادر متابعة لـ"النهار" الآتي:
- تم الاتفاق على اسماء الأعضاء الشيعة الثلاثة من آل بيضون وشحرور وشقير.
- شبه اجماع على جمال عيتاني رئيساً والعمل جار على الأعضاء السنة الآخرين مع إمكان عودة عضو أو عضوين من السنة الحاليين.
- تبقى المشكلة في الشق المسيحي اذ يبدو ان إدارة "القوات اللبنانية" لمعركتها باسمها وباسم "التيار الوطني الحر" يمكن ان يطيح التفاهمات. فالجميع يسلمون بوجود ممثل لـ"القوات" وآخر لـ"التيار" في المجلس البلدي الجديد، لكن حزب "القوات" يطالب بمقعدين واحد ماروني والثاني أرثوذكسي مما يجعل "التيار" يطالب بمقعد ثان.
- نواب الأشرفية يسلمون بمقعدين لـ"القوات و"التيار" وكذلك مسؤولي الكنائس، لكن كسر هذا التفاهم قد يدفع الأمور الى معركة مفتوحة في وقت أكثر ما يهم أبناء العاصمة مجموعة عمل متناغمة تساعد على إيجاد حلول لبعض من مشاكلهم اليومية.

 

المستقبل :

فيما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يدخل في سجال علني مع مضيفته المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بشأن «المناطق الآمنة« في سوريا قائلاً إنها غير عملية، مع تأكيد ميركل أن تلك المناطق لن تكون تقليدية بل من خلال الاتفاق عليها بين متحاوري جنيف، كان رئيس نظام دمشق بشار الأسد يرتكب مزيداً من المجازر وخصوصاً في حلب التي تدَق طبول الحرب بغطاء روسي لاقتحامها.
وقال أوباما خلال مؤتمر صحافي مع ميركل «لا يتعلق الأمر الخاص بإقامة منطقة آمنة في أراض سورية باعتراض ايديولوجي من جهتي.. لا علاقة للأمر بعدم رغبتي في تقديم المساعدة وحماية عدد كبير من الأشخاص.. الأمر يتعلق بظروف عملية بشأن كيفية تحقيق ذلك«. وطرح أوباما عدداً من الأسئلة بخصوص مثل هذه المنطقة، ومن بين تلك الاسئلة سؤال عن البلد الذي يمكنه «وضع عدد كبير من القوات البرية داخل سوريا«.
وقال أوباما إنه سيكون من الصعب للغاية تخيل نجاح ما يطلق عليه «منطقة آمنة» في سوريا من دون التزام عسكري كبير. وأضاف: «الحقيقة انه حين أبحث هذا الامر مع وزارة الدفاع، وقد فعلنا ذلك مراراً لرؤية كيفية تطبيق ذلك بشكل ملموس، فمن الصعوبة بمكان للاسف القيام بذلك الا اذا تمت السيطرة على قسم كبير من البلاد».
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» ان الرئيس أوباما يعتزم الإعلان الاثنين عن إرسال ما يصل الى 250 عسكرياً إضافياً الى سوريا ليزيد بنسبة كبيرة عدد القوات الاميركية هناك للمساعدة في قتال تنظيم «داعش».
أما ميركل فقالت إنها لا تؤيد إقامة «مناطق آمنة» تقليدية في سوريا تحميها قوات أجنبية، لكنها تعتقد أن محادثات السلام في جنيف قد تتمخض عن الاتفاق على مناطق يمكن أن يشعر فيها السوريون الفارون من الحرب بأنهم في مأمن من القصف. وأضافت: «أعتقد أنه إذا لاحظتم ما قلته بالأمس في تركيا فهذا الأمر (المناطق الآمنة) يجب أن تتمخض عنها محادثات السلام في جنيف.. لا نتحدث عن مناطق آمنة تقليدية«. وتابعت «هل بإمكان أحد عندما يتحدث عن وقف إطلاق نار أن يحدد ـ في المحادثات بين شركاء التفاوض في جنيف ـ مناطق يمكن أن يشعر فيها الناس بأنهم في آمان. لا يتعلق الأمر ببعض النفوذ من الخارج بل يجب أن يكون من داخل المحادثات«.
ودعا اوباما الى «اعادة ارساء» وقف اطلاق النار في سوريا بين النظام والمعارضة المسلحة، موضحا انه تشاور اخيرا مع نظيره السوري فلاديمير بوتين في الملف السوري.
وقال «تحادثت مع الرئيس بوتين مطلع الاسبوع، في محاولة للتأكيد اننا سنكون قادرين على اعادة ارساء وقف اطلاق النار» في سوريا. واضاف اوباما «نحن جميعا قلقون حيال الازمة الانسانية المأسوية داخل سوريا».
وفي مواقف أخرى من الأزمة السورية أطلقها خلال مقابلة مع الـ»بي بي سي»، كرر أوباما أنه سيكون «من الخطأ» ارسال قوات برية الى سوريا. واضاف «لكني اعتقد حقا ان بوسعنا ممارسة ضغوط على المستوى الدولي على كل الاطراف الموجودة (في الساحة السورية) لكي تجلس حول الطاولة وتعمل على التفاوض من اجل مرحلة انتقالية»، ذاكرا روسيا وايران اللتين تقدمان الدعم للنظام السوري، والمعارضة السورية المعتدلة.
واعتبر أوباما ان «الحل العسكري وحده» لن يسمح بحل المشكلات على المدى البعيد في سوريا. وقال «في هذه الاثناء، سنواصل ضرب اهداف (تابعة لتنظيم) «داعش» في مواقع مثل الرقة» في سوريا، موضحا ان القوات الاميركية تعمل على «تطويق المناطق التي يتم ارسال مقاتلين اجانب منها الى اوروبا».
ميدانياً، واصلت طائرات الأسد صب حممها على الاحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب. وتواصل التصعيد الميداني حاصدا 26 قتيلا في حلب، ما ينذر بالاطاحة الكاملة باتفاق وقف الاعمال الحربية الذي تم التوصل اليه قبل ثمانية اسابيع.
وقتل الاحد 26 مدنيا على الاقل في القصف المتبادل بين قوات النظام والمعارضة المسلحة في مدينة حلب، التي تواصلت فيها اعمال العنف لليوم الثالث على التوالي.
ومنذ الجمعة لقي 63 مدنيا على الاقل مصرعهم في حلب التي تشهد مجددا بشكل واسع غارات جوية للنظام وقصفا مدفعيا متبادلا بين الطرفين ما اطاح عمليا باتفاق وقف الاعمال القتالية الذي دخل حيز التنفيذ في السابع والعشرين من شباط الماضي بمبادرة من روسيا والولايات المتحدة.
وادى القصف الذي استهدف المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في غرب حلب الاحد الى مقتل عشرة مدنيين بينهم امراة وطفلان، حسب المرصد السوري. وبالمقابل شن النظام غارات جوية عدة على شرق المدينة الواقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة المسلحة ما ادى الى مقتل 16 مدنيا، حسب المرصد.
ومن بين القتلى الـ16 هناك 12 مدنيا قتلوا في قصف جوي استهدف سوقا للخضار في حي الصاخور، فيما قتل الاربعة الاخرون في احياء اخرى في شرق حلب تقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة المسلحة.
وافاد مراسل «فرانس برس« ان «المستشفيات الميدانية في الاحياء الشرقية كانت تطلب التبرع بالدم جراء النقص وعدد الاصابات المرتفع في حي الصاخور».
وشاهد مصور للوكالة نفسها في حي الصاخور رجلا يعانق طفلا يبكي، وآخر يحمل طفلا مصابا في رأسه.
وفي الاحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، افاد المرصد السوري عن «مقتل ستة مدنيين بينهم طفلتان، جراء قذائف استهدفت احياء منيان وحلب الجديدة والموكامبو».
واعتبر مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان الانتهاكات في حلب من جانب قوات النظام والفصائل المقاتلة على حد سواء تعني ان الهدنة «انتهت».
واعلنت «غرفة عمليات فتح حلب» التي تنضوي في اطارها عشرات الفصائل المقاتلة واهمها «جيش الاسلام» و»احرار الشام» و»فيلق الشام»، في بيان السبت «نمهل المجتمع الدولي مدة 24 ساعة للضغط على النظام وحلفائه نحو وقف هذه الهجمات الغاشمة ضد المدنيين، وإلا فإننا (...) سنكون في حل كامل لاتفاق الهدنة».

الديار :

في الطائرة من نيويورك الى بيروت، بدا الرئيس تمام سلام وكأنه عائد من كوكب آخر. زعماء من 174 دولة وقعوا على اتفاق باريس للحد من ارتفاع حـرارة الكوكـب. سأل ضاحكاً «ومتى يوقع زعماؤنا على الحد من ارتفاع الحرارة في كوكبنا». الكوكب اللبناني بطبيعة الحال...
النيران السياسية على اشدها، البلد امام مشهد «مسيحي» مختلف بعدما بدا ان اعلان النوايا الذي وصف في 18 كانون الثاني المنصرم كما لو انه ظاهرة او تظاهرة فولكلورية سرعان ما تحول الى تفاهم استراتيجي حول السياسات الداخلية بدءاً من الانتخابات البلدية، وصعوداً الى الانتخابات الرئاسية حفل زفاف وبما تعنيه الكلمة.
وكان الوزير فؤاد بطرس قد قال ان على المسيحيين تأدية صلاة خاصة كي ينزل السيد المسيح ثانية على الارض من اجل مصالحة العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع لانهما تجاوزا الخط الاحمر في المواجهة.
لا بل ان احد الكرادلة، وفي ضوء التقارير التي كانت تصل من السفارة البابوية في بيروت، قال لشخصية لبنانية تمنت توسط الفاتيكان في ارساء التآلف بين الاقطاب المسيحيين، ان المسألة قد تحتاج الى «مجمع مسكوني»...
حدثت معجزة وتأبط الحكيم ذراع الجنرال، واذ تطـورت العلاقات بين الاثنين على نحو دراماتيكي وفي ظل اغنية «اوعاخيك» بدأت جهات مسيحية وغير مسيحية تحذر من ان «الجموح» في التنسيق بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» والى حد تجاوز الخط الاحمر سيؤدي الى «مشكلة مسيحية» و«مشكلة لبنانية» ايضاً.
جهات مسيحية تتخوف من ان تنقل تلك الثنائية المسيحيين من الديموقراطية الى الديكتاتورية، وعلى غرار ما يحدث لدى الطوائف الاسلامية، وحيث التعليب السياسي والايديولوجي في ذروته.
اما الجهات الاخرى، فتشير الى ان اتفاق الطائف والذي انتج دستور الجمهورية الثانية ارسى خارطة للتوازنات الطائفية على اساس اطلاق ديناميكية دستورية (وسيكولوجية) لاسدال الستار على كل ما يمت الى الحرب الاهلية بصلة وبالتالي المضي في تلك التوازنات. اما الذي يحصل حالياً لجهة فرض شروط معينة حتى على جلسات المجلس النيابي، فلا يتوقف عند ضرورة بلورة آليات لوضع الاتفاق موضع التنفيذ بل يتجه الى البحث عن اتفاق آخر، وربما السير باتجاه المؤتمر التأسيسي.
بعض ما يقال لدى اوساط سياسية اسلامية يدفع بالشكوك وبالهواجس الى ابعد من ذلك بكثير، والى حد القول ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» ورئيس تكتل التغيير والاصلاح يجران البلد نحو الفيديرالية.
لا بل ان نائبا شمالياً يتحدث عن سيناريو خفي لدى الاثنين من اجل فرض المشروع الارثوذكسي (اي كل طائفة تنتخب نوابها) وهذا يعني، من اللحظة التي يتم فيها اقرار هذا المشروع في المجلس النيابي ان الدولة اللبنانية «طارت» واصبحت امام خيارين اما الكونفيدرالية او...التقسيم!
لكن وزيراً سابقاً للداخلية يقول ان من غير الواقعي تصويب النيران على عون وجعجع بتلـك الطريقة، اذ ان غالبية المسيحيين يشعرون وكما قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حين كان راعياً لابرشية جبيل بأن السنة والشيعة يتصارعان من اجل وراثة... الموارنة.
استطراداً، وكما يقول الوزير السابق فان المسيحيين يستعرضون ما حدث لهم على مدى الربع قرن المنصرم لجهة تهميش دورهم في ادارة الدولة حين يؤتى برؤساء للجمهورية اما انهم تحت السيطرة المطلقة (الوصاية السورية) او... بوزن الذبابة.
ويعتبر ان المسيحيين يرون ان قانون الانتخاب الذي لا يقل في فاعليته عن الدستور ضرب التوازن، بل وضرب الميثاقية في العمق، حين كرس معادلة «ناخب الدرجة الاولى» و«ناخب الدرجة الثانية»، فالناخبون المسيحيون لا يؤثرون في اي من الدوائر الانتخابية المختلطة فيما يؤثر الناخبون المسلمون بل ويشكلون مركز الثقل في اختيار النواب المسيحيين.

ـ البطة العرجاء ـ

هذا الكلام يقال في الضوء، كما في الظل، في سياق الجدل حول الجلسة التشريعية، وعلى اساس انه ما دام قصر بعبدا مقفلاً، والجمهورية بطة عرجاء، لا مجال للتكيف مع هذا الواقع، وعلى المسيحيين ان يضغطوا بكل ما اوتوا من القوة، لخشيتهم من الكلام الاميركي والفرنسي حول تغيير في الخرائط، وبطبيعة الحال في الصيغ.
مراجع سياسية وروحية مسيحية تعتبر ان السياق الذي تأخذه التطورات، يتقاطع المحلي محل الاقليمي، يتجه نحو تسوية سنية - شيعية في لبنان، ودون معرفة اين موقع المسيحيين في هذه الحال؟
لا بل ان مطرانا بارزاً يقول لـ«الديار» انه سمع من جهة اوروبية كلاما يبعث على الهلع، فالمسيحيون الذين يدعون الى اعادة النظر في المادة 49 من الدستور لتأمين الموازاة بين الصلاحيات والمسؤوليات، قد يفاجأون بنزع صلاحيات اضافية من رئيس الجمهورية اذا لم يحدث للمسيحيين ما حدث لمسيحيي سوريا والعراق..

ـ تشاؤم.. ـ

ربما يعكس هذا الكلام افراطاً في التشاؤم، لكن ما يقال علناً (واخر مظهر لذلك كلام النائب ابراهيم كنعان وملحم الرياشي خلال احدى المناسبات في الاسبوع الفائت) وما يقال خفية في اوساط التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» يشي بوجود مخاوف مسيحية حقيقية من الاستمرار في التهميش، ومن التذويب، او من تواصل القضم..
وبعبارة اخرى، فان الموقف من الجلسة التشريعية ما هو الا الجزء الظاهر من جبل الجليد، وان كان الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري وبينهما الرئيس تمام سلام بطبيعة الحال، يعتبران ان المسيحيين هم في اساس لبنان، وان احداً لا يمكن ان «يتواطاأ» ضدهم او ان يحد من حضورهم السياسي بل ومن فاعليتهم السياسية.

ـ نكون او لا نكون ـ

وبالتالي، فان اثارة عون وجعجع كل ذلك الغبار انما له هدف واحد هو الوصول بالجنرال الى قصر بعبدا ليشق الطريق امام الحكيم، كما تردد جهات لا تكن الود للاثنين.
وليس سراً ان بعض المواقف التي تصدر عن بعض القيادات المسيحية تصدم بري والحريري سوية، فالاثنان يعتبران ان اللبنانيين كلهم، وليس المسيحيون وحدهم في مرحلة مصيرية «نكون او لا نكون» الجمهورية اللبنانية مثل العربة التي يجرها حصانان.
مصادر عين التينة تقول ان الحل لرئاسة الجمهورية او لقانون الانتخابات الذي قد يكون اكثر تعقيداً بكثير، لا يكون باقفال المجلس النيابي، وانما باحداث مناخ افضل للتشريع الذي قد يساعد، تدريجياً، على نقل البلاد من الاحتقان (واحتمال الانفجار) الى التوازن (واحتمال الانفراج).

ـ زعزعة الزعامات ـ

في هذا الوقت، وتيرة الانتخابات البلدية تتسارع، وخوف من ان تفضي هذه الانتخابات الى زعزعة بعض الزعامات. وانطلاقاً من واقعة «انفلونزا الطيور» يحكى الآن عن «انفلونزا النجوم»، لدى التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» شعور بان الطرفين امام اختيار استراتيجي ليس فقط لتأكيد وجودهما على الارض، وانما لتكريس دورهما في صناعة المسار السياسي العام في البلاد.
واذا كان الخارجون على الثنائية الشيعية يعاملون كما «الخوارج»، فالكتلة السنية تختزل، مبدئياً، بالرئيس سعد الحريري، الذي اذ سمى جمال عيتاني لرئاسة المجلس البلدي في بيروت، تطل مشكلته الحقيقية من طرابلس.
الذي ظهر جلياً في الآونة الاخيرة، ان الرئيس نجيب ميقاتي سيد اللعبة في الفيحاء، وان ائتلافاً بينه وبين الوزيرين السابقين محمد الصفدي وفيصل كرامي يضع رئيس تيار المستقبل في الزاوية، دون ان يستطيع هذا الاخير الذي يطرح نفسه كرمز للاعتدال ان يمد يده الى الجماعات السلفية، بخلفياتها وبامتداداتها الضبابية.
ومن قبيل التوصيف «الدقيق» لطرابلس، يقول رجل اعمال بارز هناك لـ «الديار»: ان الفقراء في المدينة بعدد سكان الصين، كما ان الاحياء الفقيرة قد تكون نسخة طبق الاصل عن احياء كلكوتا (الهندية).

 

الجمهورية :

نعمت البلاد بنهاية أسبوع هادئة، احتفل خلالها المسيحيون الذين يتبعون التقويم الشرقي بأحد الشعانين، فأقيمت الزيّاحات في المناطق ورُفعت الصلوات، فيما استذكرَ الأرمن الإبادةَ الجماعية التي نُفّذت في حقّهم منذ مئةٍ وعام، فأحيوا هذه الذكرى الأليمة بقدّاس ترَأسه كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكا آرام الأوّل، في كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس - أنطلياس، وبتجمّع شعبي واحتفال نظّمته الأحزاب الأرمنية الثلاثة: «الطاشناق» و»الهانشاك» و»الرامغفار»، في ساحة الشهداء وسط بيروت مساء أمس. أمّا سياسياً فانشغلَ اللبنانيون عموماً والسياسيون خصوصاً بمتابعة التحضيرات الجارية للانتخابات البلدية والاختيارية، والتي ارتفعَت وتيرتها في الساعات الماضية. ومن المنتظر أن تنشط الاتّصالات اليوم في شأن عقدِ جلسة تشريعية، وقد علمت «الجمهورية» أنّ الساعات الماضية لم تشهد أيّ تواصل في هذا الصَدد بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى السياسية المعنية، وأكّد أمام زوّاره أنّه لم يتبلّغ أجوبة من الكتل النيابية على مبادرته التشريعية سوى ما سمعه في بعض وسائل الإعلام. فيما أكّدت أوساط عين التينة أنّه مصِرّ على الجلسة التشريعية ولن يتراجع تحت أيّ ذريعة. كذلك غابَت الاتصالات بين القوى السياسية، قبل يومين على انعقاد جلسة مجلس الوزراء بعد غدٍ الأربعاء والتي لن تناقش ملف المديرية العامة لأمن الدولة، لعدم انقضاء المهلة التي طلبَها رئيس الحكومة تمّام سلام لمعالجته خلال 15 يوماً. فيما تستمر البرودة على جبهة الاستحقاق الرئاسي، يتزايد الكلام عن اقتراح يقضي بانتخاب رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية لمدة سنتين.
لكنّ هذا الاقتراح الذي لم يجد بعد من يتبنّاه رسمياً، يَكثر الحديث عنه يوماً بعد يوم، وذهبَ البعض إلى تأكيد وجوده، مستندِين إلى الموقف الأخير للرئيس سعد الحريري، والذي قال فيه إنّه إذا تأمّنَ النصاب فإنّه سينزل إلى مجلس النواب لينتخبَ رئيساً، وإذا فاز عون فسيكون أوّلَ المهنّئين، لأنّ وصول أيّ شخص إلى سدّة الرئاسة أفضل من الفراغ.
وهذا الموقف، معطوفاً على مواقف رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الأخيرة، ولغته الهادئة حيال عون، عزّز فرَضية وجود طرح كهذا، عِلماً أنّ فرنجية أكّد أمس أنّ «بين الأحبّاء هناك دائماً عتَب، أو لوم، تقارُب أو تباعُد، كما الحال بين الوالد وابنه أو الأخ وأخيه، والصداقات الجديدة قد توصِل إلى تفاهم سياسي»، مشدّداً على أنّ «البلد أهمّ شيء»، لافتاً إلى أنّ «الإنجاز الأهم تحقّق وهو أنّ الرئيس من فريقنا، ويجب أن لا نخسره، سواء كان العماد ميشال عون أو سليمان فرنجية».
وفيما لم يشَأ «حزب الله» تأكيد وجود مِثل هذا الطرح أو نفيَه أو الحديث عنه، أوضحت مصادر مواكبة للملف الرئاسي لـ»الجمهورية» أنّ «ما يجري التداول به هو مجرّد فكرة لم ترقَ بعد إلى منزلة الطرح الجدي، وذلك بعد وصول الاستحقاق الرئاسي إلى باب مقفل، وانسداد الآفاق أمامه».
وعلّقت المصادر آمالاً على أن يقبل عون بانتخابه لسنتين على أن يستقيل بعدها تلقائياً، وخلال فترة حكمِه يُصار إلى وضعِ قانون انتخابي جديد ويُطلَق حوار سياسيّ جاد وتُجرى الانتخابات النيابية والرئاسية».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ هذا «الاقتراح» في شأن رئاسة الجمهورية لم تطرحه ايّ جهة جدّياً بَعد على القوى السياسية الفاعلة في البلد، وهو لا يخرج عن نطاق الإشاعات والآمال. كذلك فإنه لم يُطرَح على «حزب الله» بعد، كما أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس في صورته، ولا أحد أثارَ هذا الاقتراح مع عون نفسه».
وإذ تتوقّف هذه المصادر عند أجواء التهدئة السياسية السائدة حاليّاً في البلد وعند تخفيض سقف الخطاب لدى كلّ مِن عون والحريري وفرنجية ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، تبدي اعتقادَها بأنّ هذه التهدئة «ربّما يكون هدفها تسهيل عملية انتخاب رئيس موَقّت».
موقف حزب الله
في غضون ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ «حزب الله» لا يزال على موقفه الداعم ترشيحَ عون ما دام هو مرشح، وأشارت مصادر قريبة من الحزب الى انّ التحالف بين الطرفين «عمرُه عشر سنوات، وهو كلّ يوم يزداد قوّة وثقة ومناعة».
وفي هذا السياق قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «جميع الأطراف وصَلوا إلي مرحلة الطريق المسدود ويفكّرون ببعض الحلول التي يمكن أن تفتح ثغرةً، لكنّهم يريدون الحلول أن تكون في إطار ما يفكّرون به، وليس في إطار ما يعالج أصلَ المشكلة، وعندما طرح «حزب الله» دعمَ ترشيح العماد عون كان ذلك نظراً لموقعيّة الجنرال عون في الساحة المسيحية والساحة اللبنانية عموماً، والتأييد الواسع الموجود له على المستوي الشعبي، خصوصاً عند المسيحيين، ما يَجعل اختيارَه اختياراً منطقياً واختياراً لشخص يستطيع أن يقوم بالتزامات ويُطمئن الأطراف المختلفة إلى رؤية واضحة، لكنّ تيار «المستقبل» ومَن معه لا يريدون الجنرال عون».
وأكّد «أنّ أيّ طرح آخر هو في الواقع إسقاط مشروع طرح العماد عون، وهذا لا يمكن أن نقبل به في هذه المرحلة التي يستمرّ فيها العماد عون في الترشّح».
وعمّا إذا كان يرى إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية قبل 24 أيار المقبل، قال قاسم: «لا نعلم متى تتغيّر بعض الظروف لمصلحة تغيير بعض المواقف لانتخاب الرئيس، لكن يبدو أنّنا أمام أزمة مستمرّة لفترة من الوقت».
ورأى «أنّ زمن التسويات لم يحِن وقتُه حتى الآن، ويبدو أنّ الأمور تتطلب بعض الوقت، أقلّه أشهراً إلى الأمام، وقد يتجاوز الأمر أكثر من سنة، ريثما تتبلوَر الأمور الموضوعية لبعض الحلول والتسويات». وأكّد أنّه «لا يوجد شيء حاضر في لبنان في هذه المرحلة».
بكركي
من جهتها، أكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّه لم يتمّ حتى الساعة التحدّث رسمياً مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اقتراح انتخاب رئيس جمهورية لمدّة سنتين، «مع العلم أنّ هذا الأمر يؤدي إلى تقصير ولاية الرئيس التي تبلغ ستّ سنوات».
جلسة التشريع
وعلى خط التشريع، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره مساء أمس إنّه لا يزال ينتظر أجوبة الكتل النيابية على مبادرته التشريعية التي طرَحها على طاولة الحوار الأسبوع الماضي، ولم يتلقَّ أيّ جواب رسمي بعد، وإنّ ما توافرَ لديه هو ما سَمعه من وسائل الإعلام، وقال: «في ضوء هذه الأجوبة التي أنتظرها سأبني على الشيء مقتضاه، لكن ما يهمني أوّلاً وأخيراً هو مصالح الناس».
وأضاف: «لقد طرحتُ هذه المبادرة أمام المتحاورين وتلقّيت تأييد الجميع باستثناء حزب الكتائب الذي يَعتبر أنّ مجلس النواب في ظلّ الشغور الرئاسي هيئة ناخبة ولا يحقّ له التشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
وقلت في هذه المبادرة إنّني سأطرح في الجلسة التشريعية، إذا ما انعقدت، «القرار السدّ»، وهو القرار الذي كان اتّخَذه مجلس النواب، ويَقضي بعدم إقرار أيّ قانون للانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فإذا قبلَت الهيئة العامة للمجلس بإلغاء هذا القرار فسأدعو إلى جلسة للبحث في قانون الانتخاب قبل نهاية أيار على أن تطرح فيها مشاريع القوانين الانتخابية البالغ عددها 17 مشروعا».
وختمَ بري: «لا أحد يزايد عليّ في الميثاقية، فأنا مَن أوجدها وأنا الأحرصُ عليها، ولكن كما قلت سابقاً، لا تحرجوني فتخرجوني». (راجع صفحة 4)
إلى ذلك، حذّر المعاون السياسي لبري، الوزير علي حسن خليل «من أنّ أيّ تراجع أو أيّ عدم تجاوب مع الدعوات الى انعقاد المجلس النيابي، معناه أنّنا نعطّل حياة الناس ومصالحَهم مِن خلال عدم إقرار القوانين، وإنّنا نُسقط جدوى استمرار العمل الحكومي الذي لا يستقيم إلّا مع مجلس نيابي يراقب ويحاسب ويحوّل الاقتراحات الى قوانين».
وقال: «لا نريد أن نقف أمام مشهد التعطيل الشامل، ولا نريد أن نزيد الأعباء على الناس ولا تعميق المشكلات. نحن دعاة الحوار والتفاهم على القواسم المشتركة التي تسمح بأن نعيد الانتظام إلى عمل المؤسسات السياسية. هذه الدعوة ما زلنا ننتظر الأجوبة عليها بكلّ إيجابية، لأنّ المسألة ليست مسألة تسجيل مواقف أو انتصارات.
نحن لا نريد تسجيلَ انتصار على أحد، نحن الضامنون، ودولة الرئيس بري هو أوّل من دافعَ عن منطق الميثاقية في هذا الوطن، وترجَمه بالفعل إلى مواقف في إدارة الشأن النيابي وفي الدعوة لإدارة الشأن الحكومي، لكن أهمّ نقطة ميثاقية في البلد هي مصلحة الناس والمواطنين في استمرار عمل المؤسسات وعدم تعطيلها.
الإنترنت غير الشرعي
وفي ظلّ استمرار التحقيقات الجارية في ملف الإنترنت غير الشرعي على أكثر من مستوى، قالت مصادر قضائية لـ»الجمهورية» إنّ عدداً مِن الروايات المتداولة في بعض وسائل الإعلام غير دقيقة وفيها كثير من الاسترسال بعيداً مِن الإجراءات القضائية التي اتّخِذت، وتلك المقبلة.
وأوضحَت أنّ المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود لم يقُم بأيّ تحرّك في عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما زال عند موقفه الذي كشفَ عنه الجمعة الماضي، عندما أعلنَ في بيان رسمي أنّه «أعطى الإشارة بختمِ التحقيق الذي نظّمه مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي» في شأن قضية «غوغل كاش»، وأنّ التوقيفات ما زالت عند توقيف توفيق حيسو الذي كان يخضع للتحقيق بإشرافه شخصياً وبمشاركة المدّعي العام المالي، بالإضافة إلى توقيف موظف آخر وإخلاء سبيل عدد من الذين تمّ الاستماع إليهم مع إبقاء بعضهم رهن التحقيق».
وأشارت المصادر نفسُها إلى أنّ حمّود سيطلب إذناً من وزير الاتّصالات بطرس حرب للاستماع إلى بعض الموظفين من مؤسسة «أوجيرو» والوزارة في آن، وليس محسوماً أن يكون المدير العام لمؤسسة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف مِن بينهم حتى هذه اللحظة، لكن ما طرأ هو أنّ وزير الاتّصالات غادر لبنان أمس في زيارة تستمرّ أياماً عدة خارج البلاد، وهو ما قد يؤدّي إلى تأخير إعطاء الإذن لملاحقة الموظفين».
ولكنّ هذه المصادر أكّدت «أنّ في إمكان المدّعي العام التمييزي إعطاء أذونات خاصة واستثنائية للاستماع إلى إفادة أيّ موظف، أياً كان موقعه، وأنّ الأمر مرهون بحجمِ المعلومات المتوافرة لدى القضاء ودقّتها، وهو مَن يقرّر الحاجة إلى إصدار مثل هذا الإذن أو انتظار الوزير إلى حين عودته إلى بيروت ما لم يكن كافياً نَيل موافقته هاتفياً».

اللواء :

ثلاثة أيام وتدخل البلاد في إجازة طويلة، تبدأ مع خميس الأسرار لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، مما قدّم موعد مجلس الوزراء إلى الأربعاء بجدول أعمال يغيب عنه بند أمن الدولة، ومثقل بـ165 بنداً مؤجلاً من جلسات سابقة، وينتهي الثلاثاء وربما الأربعاء، حيث تصادف ذكرى الإسراء والمعراج، لينطوي الأسبوع الأول من أيار والأمور تراوح.
ووفقاً للأجندة اليومية، يصبح من المستبعد عقد جلسة تشريعية قريبة، لا سيما وأن الرئيس نبيه برّي لم يدع هيئة مكتب المجلس لاجتماع بعد، وهو لا يعتبر، وفقاً لأوساطه، أن مهلة تبلغه أجوبة الكتل المسيحية الثلاث: الكتائب و«القوات اللبنانية» و«التيار العوني» لم تنته بعد.
ووفقاً لهذه الأجندة أيضاً يصبح إضراب هيئة التنسيق النقابية غداً الثلاثاء خارج سياق الضغط على المجلس لإقرار سلسلة الرتب والرواتب.
وإذا كانت الأنظار تشخص إلى تفاقم معارك الفساد والتحقيقات المتصلة «بالانترنيت غير الشرعي» والتجاذبات حول أمن الدولة واختلاسات قوى الأمن الداخلي والاتجار بالبشر وتفاقم المشكلة حول التفيش المركزي بين رئيس التفتيش القاضي جورج عواد وعضو الهيئة المفتش الإداري صلاح الدنف الذي كشف الوزير السابق وئام وهّاب، في مقابلة مع تلفزيون «الجديد» ليل أمس، أن وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب قرّر إحالته إلى التحقيق، على خلفية تحقيق يتعلق بالمدارس المجانية، فإن السؤال الذي يفرض نفسه: ماذا يعني تقدّم هذا الملف على ما عداه، وما صلة ذلك بالاستحقاق البلدي الذي يصادف الأحد الذي يلي الأحد المقبل أي في 8 أيار المقبل، واستطراداً ما صلة هذا الملف بالاستحقاق الرئاسي، في وقت تتزايد الضغوط على الدولة اللبنانية، إن في ما خصّ الإجراءات الأميركية ضد «حزب الله»، أو انفجار الخلافات بين الوزراء، والتي كان آخرها بين الوزيرين سمير مقبل ووائل أبو فاعور، من دون أن تكون قد انطوت الأزمة بين النائب وليد جنبلاط وفريقه الوزاري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق؟
«حزب الله» على خط الفساد
والجديد على هذا الصعيد، وعشية مثول رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف و6 من المشتبه بهم بينهم توفيق حيسو أمام مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود للنظر في ما يتعيّن القيام به لجهة الادعاء والإحالة إلى قاضي التحقيق عليهم أو على بعضهم، دخل حزب الله على خط ملف الفساد، فأعلن بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، وفي مناسبة إطلاق الماكينة الانتخابية البلدية في البقاع، «على متابعة الحزب لملف الفساد، سواء في شبكة الانترنيت أو الاتجار بالبشر وغيرها»، موضحاً أن شعار الحزب ومواقفه في الداخل اللبناني هو أننا «سنبني الدولة بكل ما يحتاجه هذا البناء، ولن نكون أتباعاً لأي سياسات أو أي دولة مهما بلغت التضحيات».
وهذا الموقف الذي يبدو وكأنه يأتي في سياق طبيعي، تدرجه أوساط ديبلوماسية في دائرة تتصل بمواجهة الضغوطات الخارجية على الحزب، وما يمكن وصفه بالضغوطات المتبادلة بالداخل في إطار سياسة «إنهاك القوى»، لفتح الطريق أمام اقتراحات قابلة للحياة، في ما خصّ رئاسة الجمهورية.
الرئيس لسنتين
وعلى هذا الصعيد، وفي الوقت الذي تتعاطى فيه الرابية بما يشبه «عدم الاكتراث» باقتراح يقضي بانتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين يُنهي الشغور الرئاسي، ويفتح الباب أمام قانون جديد للانتخابات النيابية، فضلاً عن إصلاحات تعيد الفعالية إلى موقع رئاسة الجمهورية، كشف وهّاب ان هذه الفكرة جاءت في نص مذكرة سلمها البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أثناء زيارته الأخيرة للبنان، والذي لم يمانع بها، واعداً بالعمل على تسويقها.
ووفقاً للمذكرة، يتم انتخاب رئيس لمرحلة انتقالية مدتها سنتان، تجري خلالها إصلاحات تتعلق بموقع رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ويقر قانون الانتخاب وينتخب مجلس نيابي جديد وتسير عملية الدولة، بما يمهد للانتقال إلى مرحلة جديدة.
وكانت الرابية، خلافاً للموافقة الضمنية لقيادات بارزة في 8 آذار، نسبت هذا الاقتراح إلى جهات عربية أو محلية لا صلة لها بها، معتبرة ان هذا الاقتراح هو «للاستهلاك والحرق والاحراق».
تشريع الضرورة
في ظل هذه الأجواء، وفيما لم تشأ أوساط الرئيس بري ربط الدعوة لاجتماع هيئة مكتب المجلس باجوبة القوى المسيحية على مبادرته الأخيرة، أكّد النائب في «القوات» فادي كرم لـ «اللواء» ان الموقف معروف ويجري تأكيده يومياً، فلا تراجع عن اعتبار ان الأولوية في أي جلسة تشريعية هي لقانون الانتخاب، وبالتالي فإن نواب الحزب لن يشاركوا في أي جلسة لا يتصدرها قانون الانتخاب.
وأضاف القيادي في «التيار الوطني الحر» الوزير السابق ماريو عون ان موقف التكتل يلتقي مع موقف «القوات» لكنه يُصرّ على طرح قانون الانتخاب واقراره، واصفاً الرغبة بعقد جلسة غير ميثاقية بالنسبة للتصعيد السياسي.
لكن وزير المال علي حسن خليل، وصف التقاعس في تحمل المسؤولية والتجاوب مع مبادرة الرئيس برّي بعقد جلسات تشريعية بأنه تعطيل لحياة النّاس ومصالحها، من خلال عدم إقرار القوانين.
وذهب خليل أبعد من ذلك إلى ربط استمرار العمل الحكومي بمجلس تشريعي يراقب ويحاسب ويحول الاقتراحات إلى قوانين، معتبرا ان النقطة الميثاقية هي مصلحة النّاس والمواطنين في عدم تعطيل المؤسسات من دون ان يغفل أن الرئيس برّي هو أول من دافع عن منطق الميثاقية.
الانتخابات البلدية
في هذا الوقت،بقي هاجس الرئيس سعد الحريري الدفع بقوة لتذليل التعقيدات أمام اللائحة الإئتلافية، والسعي الی التوافق في أي منطقة يمكن التوافق فيها، لا سيما في طرابلس، وهو أكد أمام وفد يمثل الجمعيات والعائلات الكردية أتى لشكره على اختيار المرشح الكردي عدنان عميرات علی اللائحة الإئتلافية لمجلس بلدية بيروت، ان الانتخابات ستجري بموعدها، وأن محاولات إحداث البلبلة ستبوء بالفشل.
وفي تقدير مصادر مطلعة ان حديث الرئيس الحريري من محاولات البلبلة في انتخابات بيروت، هو إشارة الی المحاولات الجارية لتشكيل لوائح انتخابية منافسة لتحقيق التوافق في انتخابات بيروت، حيث ظهرت إلى الآن ثلاث لوائح انتخابية، اثنتان مكتملتان: الأولى ائتلافية يقودها تيّار «المستقبل» مع سائر القوى السياسية على قاعدة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والثانية لحملة «بيروت مدينتي» يقودها نشطاء الحراك المدني، والتي نشطت أمس في اتجاه الأشرفية والمزرعة.