حدد وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق 8 أيار 2016 موعدا لأول جولة إنتخابات بلدية وإختيارية سيشهدها لبنان. ومن حين تحديد هذا الموعد قلل كثر من اللبنانيين من جدية إقامة هذه الإنتخابات.

  فعودة إلى الإنتخابات النيابية والتي ألغيت ومدد على إثرها للمجلس النيابي مرتين، كان السبب الأمني هو الطاغي والمؤثر والذريعة لهذا التمديد وأعتبر شماعة إستغلته القوى السياسية للإطاحة بالإنتخابات حينها.

  أما اليوم ألأمور مختلفة أو بالأصح عدة الشغل لإدارة الإستحقاق الإنتخابي تغيرت. فالجو العام بين جميع القوى السياسية يوحي بأن الإنتخابات البلدية والإختيارية ستحصل في وقتها وهذا ما تشدد عليه جميع هذه القوى وتمارسه على الأرض من إجتماعات  وتنظيم حفلات ومهرجانات إنتخابية إلى حملات إعلامية وإعلانية للمرشحين خصوصا في العاصمة بيروت.

  لذلك تبدو الأمور طبيعية وتوحي بأن الإنتخابات حاصلة ولا شيء سيعرقل عملية إجرائها خصوصا أن التوافق هو الطاغي على معظم المناطق اللبنانية مع بعض الإستثناءات.

  ولبنان يشهد مرحلة هدوء على الصعيد الأمني كسر جموده تفجير سيارة مفخخة في مخيم عين الحلوة ولكن هكذا تفجير بسيط لن يكون ذريعة مهمة وضرورية لتأجيل الإنتخابات كذريعة إعتصام الأساتذة مثلا لأن الأمر مختلف هنا.

  فسلسلة الرتب والرواتب عادت من جديد إلى الساحة اللبنانية وعلى أبواب الإنتخابات البلدية والتوقيت بالطبع ليس بريئا خصوصا بعد جمود أصاب هذا الملف لمدة سنة تقريبا وعاد المعلمون بالتذكير بمطالبهم على أبواب الإنتخابات فهددوا بمقاطعة الإنتخابات وعدم المشاركة فيها كونهم الجهاز اللوجستي الأساسي لتسيير عملية الإنتخابات ومن دونهم ستتعرقل العملية. ودعوا إلى إعتصامات للمطالبة بتحقيق هذا المطلب وعدم المراوغة فيه.

  وأمام هذا المنعطف المفاجىء برزت ثلاث آراء أولها لوزير الداخلية نهاد المشنوق قال فيه بأنه سيستبدل الأساتذة بعناصر الجيش لتسيير العملية الإنتخابية في حال مقاطعة الأساتذة ورأى بعض الخبراء في هذا الإقتراح حلا مقبولا لإجراء الإنتخابات بشكل طبيعي كون العملية الإنتخابية بسيطة وسهلة التعليم لعناصر الجيش بمدة زمنية قصيرة.

أما الرأي الثاني فعارض الأول لجهة أن عناصر الجيش غير مؤهلين للقيام بهكذا وظيفة مدنية ودورهم مقتصر على الدفاع عن حدود الوطن وتأديتهم لهذا الدور هو إنتهاك صريح لمفهوم الديمقراطية وما يشكله وجودهم من تهديد لحرية الرأي والإقتراع أضف أن عملية إجراء الإنتخابات والتدرب عليها بحاجة إلى وقت وإعداد وتقيد وفهم للقوانين قد لا تستوعبها المدة الزمنية المتبقية حتى الوقت المحدد في 8 أيار.

وإتجه الرأي الثالث إلى التعبير عن خوفه من مقاطعة الأساتذة ووضعها في إطار التحضير للإطاحة بالإنتخابات خصوصا أن العمل النقابي في لبنان أصبح مخترقا بشكل كبير من قبل القوى السياسية ويمكن لهذه القوى أن تدفع بعض النقابات للضغط في إتجاه المقاطعة فتلغى الإنتخابات كذريعة ونتيجة.

  وسط هذه الأجواء صدر تصريح لرئيس البرلمان نبيه بري كما أوردت جريدة النهار اللبنانية يحذر فيه من هذه الدعوات ويهدد بأنه لن يسمح بوضع أي قانون لإلغاء الإنتخابات على جدول أعمال الجلسة التشريعية وأضاف بأنه ليس على علم بأن الوزير وليد جنبلاط لديه النية لتأجيل الإنتخابات التي ستحصل في موعدها المحدد حيث جميع القوى السياسية وافقت عليها.

  وعليه، يبقى مصير الإنتخابات أقرب إلى حدوثها في وقتها المحدد لها مع عدم إغفال خطورة مقاطعة الأساتذة ولعبة توزيع الأدوار التي تبدع بها الطبقة السياسية اللبنانية والتي قد تطيح بالإنتخابات مع تهويل أمني أو تفجير في اللحظة الأخيرة.