الانظار كلها نحو قمة الخليج , توافق خليجي أميركي على مواجهة الازعاج الايراني

 

السفير :

ما كان قائما خلال الأعوام الثمانين الماضية، لم يعد على حاله الآن بين المملكة السعودية والولايات المتحدة. ليس انهيارا بالتأكيد، لكن اللهجة الودية التي خاطب بها الرئيس باراك أوباما مضيفيه السعوديين والخليجيين في الرياض بالأمس، بدت مفتعلة قليلا بديبلوماسيتها، وبعيدة كثيرا عن اللهجة اللاذعة التي استخدمها في مقابلة مجلة «أتلانتيك» الشهيرة قبل أسابيع، لكنها تحمل المضامين ذاتها. النصائح هي ذاتها بما يأخذ بالاعتبار مقتضيات احترام المضيف.
صحيح أن أوباما والملك سلمان عقدا خلوة استمرت ساعتين، لم يرشح عنها تفاصيل للإعلام، لكن الأكيد أن غيوما كثيرة خيمت على اللقاء، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان، رجلا المرحلة والمستقبل الغامض. غيوم لم تتجمع من عبث، ومرتبطة بتداعي أعمدة العلاقة «التاريخية» التي تطورت تدريجيا بين «الحليفَين» منذ أربعينيات القرن الماضي عندما عقدت القمة الأولى على السفينة العسكرية الأميركية «كوينسي» بين الملك عبد العزيز والرئيس روزفلت في العام 1945.
النفط الذي لم تعد المملكة تهيمن عليه لا إقليميا ولا عالميا، وصارت له بدائله، والخطر الشيوعي الذي تلاشى منذ 30 سنة، ركنان أساسيان في ما كان قائما بين واشنطن والرياض. والآن، تنتقل المملكة إلى جيل حاكم أكثر قلقا، وتحاول العبور إلى المستقبل وسط نيران إقليمية مشتعلة، وتحاول ترسيخ «الصداقة» مع حليفها الأميركي بصفقات المليارات على السلاح وغيره.
وماذا تسمع المملكة المضطربة في هذه الأثناء؟ توبيخ أميركي علني في قمة «كامب ديفيد» قبل عام حول ضرورة الالتفات إلى الخطر الداخلي الحقيقي الذي يكمن في مجتمعها، لا إلى الخطر الإيراني. وتسمع كلاما الآن حول ضرورات الإصلاح وحقوق الإنسان والاهتمام بمشاكل جيل الشباب وتوجيه اقتصادها لخدمتهم ومواجهة مخاطر الإرهاب المتنامي. وتقرأ المملكة تصريحات للرئيس الأميركي وهو يشير إليها صراحة بالمسؤولية عن صعود الإسلام المتطرف في دول متسامحة كإندونيسيا وغيرها.
وينفجر ما لا يسر من مفاجآت ولا يطمئن. في آذار الماضي، وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير، يقول للكونغرس الأميركي، إنه لو سمح بصدور قرار يجيز لضحايا هجمات 11 أيلول على نيويورك وواشنطن، مقاضاة السعودية بتهمة دعم الإرهاب، فستجد المملكة نفسها مضطرة إلى سحب ودائعها وأصولها المقدرة بأكثر من 750 مليار دولار من الولايات المتحدة. وقبل وصول أوباما بأيام قليلة إلى الرياض، كانت صحيفة «نيويورك تايمز» تنشر تقريرا موسعا حول التهديد السعودي ومحاولات أوباما حماية الحليف السعودي.
ربما لم تصل العلاقات السعودية ـ الأميركية إلى مرحلة «دفنها» كما توقع كثيرون في الأيام الماضية. لكن الأكيد أنها ليست في احسن أحوالها، ولن تكون قضية تحقيقات 11 أيلول، سوى وسيلة إضافية لابتزاز السعوديين، بما كانوا يظنون سلاحهم الاقتصادي، أي أموالهم المفترض أنها كانت آمنة، ربما تماما كما جرى ابتزازهم لسنوات طويلة بما سمي «الخطر الإيراني» لتكديس المخازن السعودية بالسلاح الاميركي، قبل أن يفاجئهم أوباما (وبعد سنوات تفاوض سرية مع طهران) بأن عليكم التعايش مع إيران، وأن لا مصلحة لاحد الآن بالمواجهة معها!
وقد ودّع زعماء دول الخليج أمس الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، في قصر الدرعية في الرياض، أمس، على أمل عدم اللقاء به مجدداً، بعدما اشتكى بعضهم مرارا من فتور العلاقة مع إدارته. أما هو، فودّعهم، بعدما اتفق معهم على الاختلاف «تكتيكياً» حتى إشعار آخر، مقدماً لهم في ختام جلسات «المصارحة»، تطمينات من جهة حول الالتزام بأمنهم، ومن جهة أخرى النصيحة الأخيرة، بأن الدخول في نزاع مع إيران ليس من مصلحتهم.
وفي هذه الاجواء، ربما لم تكن مجرد صدفة، أن يكون أوباما في الرياض بالتزامن مع انعقاد مؤتمر التسوية اليمنية عند الجار الكويتي، ويتمثل معارضو السعودية لا بـ«أنصار الله» فقط، وإنما بحزب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. قال الأميركيون صراحة بعدما طالت الفرصة الممنوحة للسعوديين بحسم معركة اليمن (أو ربما توريطهم فيها)، إن الحرب الحقيقية في اليمن يجب أن تكون مع جماعات الإرهاب التي انتعشت في انحاء اليمن في ظلال العدوان السعودي الشامل.
غير ذلك، كان العراق المادة الدسمة في مباحثات أوباما مع الخليجيين، ربما لأن الرئيس الأميركي يسعى لإنجاز مهم قبل نهاية عهده في مجال محاربة «داعش» سيكون العراق مسرحه، وربما يكون معركة الموصل، بعدما تقلصت كثيراً فرص الوصول إلى تسوية سورية قريبة. لكن أوباما بدا كأنه يحذر الخليجيين، في المقابل، من أن أي إطالة لأمد الصراع في سوريا ستكون مكلفة، وأن «الغالب سيرث بلداً منهاراً سيتطلب سنوات عدة لإعادة بنائه».
وتقارب إدارة أوباما أزمات المنطقة من منظورها، وهي تختلف «تكتيكياً» مع دول الخليج، بحسب كلام مستشاره بن رودس الذي شدد على أن اللقاءات في الرياض ساعدت على «تنقية الأجواء» وحاولت «المواءمة» بين الأهداف التي يتفق عليها الطرفان، والأساليب، وهي موضع الخلاف بينهما.
وحاول أوباما ترطيب الأجواء مع دول الخليج، قائلاً إن «ما ينطبق على الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ينطبق على جميع حلفائنا وأصدقائنا، وهو أن خلافات قد تحدث في أي لحظة».
وخرجت القمة أمس بتأكيد الرئيس الأميركي «التزام دول الخليج محاربة الإرهاب وسعيهم إلى إنهاء الحرب اليمنية ودعمهم للعملية السياسية في ليبيا». وقال أوباما إن بلاده وشركاءها الخليجيين «تعهدوا باستمرار التعاون في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، وتخفيف حدة تصعيد صراعات إقليمية أخرى، مثل الصراع في سوريا».
وسعى أوباما إلى طمأنة دول الخليج، وحثهم ضمنيا على المزيد من المشتريات للسلاح الأميركي، متطرقاً إلى «هواجسهم» من نشاطات إيران «المزعزِعة للاستقرار»، قائلاً إنه «نظراً إلى استمرار التهديدات في المنطقة، الولايات المتحدة ستواصل العمل على زيادة تعاونها العسكري مع شركائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، بما يشمل مساعدتهم على تطوير قدرتهم للدفاع عن أنفسهم».
وقال أوباما: «أكدت مجدداً سياسة الولايات المتحدة التي تقضي باستخدام كل عناصر قوتنا لتأمين مصالحنا الأساسية في منطقة الخليج ولردع ومواجهة أي عدوان خارجي على حلفائنا وشركائنا»، مضيفاً أنه «حتى مع توقيع الاتفاق النووي، نحن نقر بشكل جماعي أننا لا تزال لدينا مخاوف خطيرة بشأن تصرفات إيران». لكنه حض قادة الخليج على التواصل مع القوى «الأكثر عقلانية» في الجمهورية الإسلامية، بغرض «عدم المشاركة في تصعيد الحروب بالوكالة في المنطقة»، مشدداً على أنه «ليس لأي من دولنا مصلحة في النزاع مع إيران».
واعتبر الرئيس الأميركي أن هناك «خلافا تكتيكيا مع دول الخليج بشأن إيران»، وهو يتعلق بأن «هناك قلقا من أن حوارنا مع إيران قد يجعلها أكثر جرأة في التصرف كما يحلو لها. لكننا نؤكد أننا دخلنا هذا الحوار لكي تكون هناك قوة أكثر عقلانية داخل إيران وأطراف نتفاوض معها»، مضيفًا: «اتبعنا أسلوب الحوار مع طهران رغم أنها كانت تصفنا بالشيطان الأكبر، لأننا تعاملنا معها كدولة لها مخزون نووي». وأكد أن بلاده «ستعمل على منع إيران من تسليح الحوثيين» في اليمن.
وقال أوباما إنه ناقش مع القادة الخليجيين «السبل المتاحة إذا ما انهارت اتفاقية وقف الأعمال العدائية في سوريا»، مؤكداً أنه «يجب التوصل إلى حل سياسي استناداً إلى ما يريده الشعب السوري»، ومعتبراً أن «أي خيار لا يرتكز على تسوية سياسية، فهذا يعني المزيد من المعارك لسنوات، والغالب فيها سيكون واقفاً على دولة أو بلد يكون قد انهار وتدمر، وسيحتاج بعد ذلك لسنين طويلة لإعادة بنائه».
وقال الرئيس الأميركي إن القمة ركزت على ضرورة رحيل (الرئيس السوري) بشار الأسد، ليس فقط لأنه قتل شعبه، بل لأنه من الصعب أن يتصور المرء بأنه سيكون على رأس حكومة وينظر إليه على أنه شرعي ومشروع».
ولفت إلى أنه «قد تكون هناك فروقات وتباينات في الآراء ، ولكن الهدف اليوم والهدف من اجتماعات كامب دافيد هو التأكد من التشارك في رؤية مشتركة حول الاستقرار والسلام وكيفية تحقيق ذلك في المنطقة، وكيفية التصدي للإرهاب والعنف».
وتناول الرئيس الأميركي الأزمة العراقية، لافتاً إلى أن رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي «شريك جيد» للولايات المتحدة، لكنه «يخص العراقيين أنفسهم اتخاذ القرار حول شكل الحكومة التي يشكلونها.
وقال أوباما إن واشنطن ودول الخليج «يجب أن تنتظر لرؤية ما إذا كان العراق بإمكانه الخروج من أزمته السياسية قبل أن تلتزم بالمزيد من المساعدات المالية» لهذا البلد، معتبراً أن «الشلل السياسي يعيق جهود الولايات المتحدة في حربها ضد داعش في العراق».
وأوضح أوباما أنه «في الوقت الحاضر هناك تحديات في بغداد»، لافتاً إلى أن «هذه التحديات لا تقع في خانة الخلافات المذهبية التقليدية: سنية، كردية، شيعية. رغم ذلك، من الضروري لاستقرار العراق تشكيل حكومة لكي يتمكن من التركيز على المشاكل الأعمق والبعيدة المدى».

النهار :

طمأن الرئيس الأميركي باراك أوباما، في ختام القمة الأميركية - الخليجية، دول الخليج العربية إلى أن الولايات المتحدة ستردع أي عدوان عليها. لكنه لم يذهب إلى حد اعتبار طهران "تهديداً مشتركاً" بل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على رغم اقراره باستمرار وجود "مخاوف حقيقية" من الجمهورية الإسلامية. إلى أن البيان الختامي للقمة حمل النبض الخليجي وعَكس تشدداً حيال طهران، مكرساً استمرار الهواجس الخليجية من التمدد الإيراني في سوريا واليمن والبحرين.

وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قد اختتم القمة، معتبراً أنها "ستسهم في تعزيز التشاور والتعاون بين دول المجلس والولايات المتحدة"، مشيداً بالمحادثات "البناءة" وما تم التوصل إليه، مؤكداً الحرص على "تطوير العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة خدمة لمصالحنا المشتركة وللأمن والسلام في المنطقة والعالم".
وندّد البيان المشترك للقمة بدعم إيران لـ"الجماعات الإرهابية في سوريا واليمن والبحرين". وأعلن إجراء مناورات عسكرية مشتركة في آذار 2017. ورحب بجهود العراق لتخفيف الاحتقان الطائفي وإجراء مصالحة بين مكونات الشعب العراقي.
واشترط لعودة العلاقات مع إيران وقف ممارساتها وتدخلاتها في المنطقة. وكشف أن واشنطن عرضت إجراءات إضافية لدرء خطر الصواريخ الإيرانية. وأبرز ضرورة التيقظ لمساعي إيران الرامية إلى زعزعة المنطقة، ووجوب تقوية قدرة دول الخليج على مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية، وتأكيد اتفاقات الدفاع المشترك ضد أي خطر، وزيادة تبادل المعلومات عن الأخطار الإيرانية في المنطقة.
وعن الأزمة السورية جدّد البيان دعم الشعب السوري وتنفيذ القرارات الدولية والترحيب بخطط واشنطن لعقد قمة خاصة بقضية اللاجئين في أيلول.

 

أوباما
وقال أوباما في ختام القمة بقصر الدرعية في الرياض: "نحن متحدون في قتالنا لتدمير تنظيم الدولة الإسلامية الذي يمثل تهديداً بالنسبة إلينا جميعاً". وأضاف: "نظراً إلى استمرار التهديدات في المنطقة، ستواصل الولايات المتحدة العمل على زيادة تعاونها العسكري مع شركائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، بما يشمل مساعدتهم على تطوير قدرتهم للدفاع عن أنفسهم. وأكدتُ مجدداً سياسة الولايات المتحدة التي تقضي باستخدام كل عناصر قوتنا لتأمين مصالحنا الأساسية في منطقة الخليج ولردع أي عدوان خارجي على حلفائنا وشركائنا ومواجهته".
وفي ما يتعلق بإيران قال إنه "حتى مع الاتفاق النووي، ندرك جماعياً أنه لا يزال يساورنا القلق من التصرف الايراني"، بما ينطوي عليه من نشاطات "مزعزعة للاستقرار" تقوم بها الجمهورية الإسلامية. وحض زعماء الخليج على التواصل مع القوى "الأكثر عقلانية" في ايران، من أجل "عدم المشاركة في تصعيد الحروب بالوكالة في المنطقة"، مشدداً على أنه "لا مصلحة لأي من دولنا في النزاع مع إيران".
وفي موضوع سوريا تحدّث أوباما عن اتفاق وقف الأعمال العدائية المُعلن في شباط، مشيراً إلى "ضغوط هائلة" تواجهه بسبب "تواصل الخروقات" من النظام السوري. وفي ملف اليمن، اكتفى بدعوة أطراف النزاع إلى التزام وقف النار. وعن العراق قال إن على الولايات المتحدة ودول الخليج الانتظار لرؤية ما إذا كان هذا البلد سيحل أزمته السياسية قبل تعهد تقديم مساعدات اقتصادية، محذراً من أن الشلل يُبطئ جهود مكافحة "داعش".
كذلك لم يغفل أوباما العوامل الاقتصادية في ظل انخفاض أسعار النفط، معلناً "حواراً اقتصادياً على مستوى عال، مع التركيز على التأقلم مع أسعار النفط المنخفضة، وتعزيز علاقاتنا الاقتصادية ودعم الإصلاحات في دول مجلس التعاون الخليجي وقيام اقتصاد يحترم حقوق الإنسان".
وأقر ببعض الفتور الذي اعترى العلاقات، بالقول إنه "ما ينطبق على الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ينطبق على جميع حلفائنا وأصدقائنا، وهو أن خلافات قد تحصل في أي لحظة".
وعشية القمة الأميركية - الخليجية، عقد أوباما لقاء الأربعاء دام ساعتين مع العاهل السعودي، وقال عنه مستشار الرئيس الأميركي بن رودس إنه "كان بناء وصريحاً"، و"أعتقد أن الاثنين اتفقا على أنه من الجيد أنه سنحت هذه الفرصة لتنقية الأجواء".

 

المستقبل :

اختتمت القمّة الأميركية ـ الخليجية الثانية أمس في الرياض بمساحة واسعة من الاتفاق على مختلف الملفات وخصوصاً الرئيسية منها، وأثبتت أن الشراكة بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة هي مسألة استراتيجية وبما يؤمن استقرار وأمن وازدهار المنطقة، وفق بيان القمّة، ولا تنتقص منها أي اختلافات في الرأي في ملف أو آخر، كما أكد الرئيس باراك أوباما في مؤتمر صحافي عقده في ختام القمَة. والطرفان متفقان ومتحدان ضد الإرهاب الذي يهدد الأمن العالمي كله، وفي مواجهة استفزازات طهران، وفق أوباما، وهذا يسحب نفسه على ملفات أخرى مثل العراق وسوريا واليمن.
أوباما
أوباما وبعدما شكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذين كرسوا كل وقتهم لتكون هذه القمة ناجحة، أكد في المؤتمر الصحافي أن «العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، قائمة منذ عقود طويلة عبر عدة إدارات حكومية أميركية«، لافتاً النظر إلى أن دول الخليج في تعاون دائم مع بلاده في مجال مكافحة الإرهاب وقطع تمويل نشاطات المجموعات الإرهابية وفي كل الجهود بالتحالف ضد تنظيم «داعش« الإرهابي.
وأشار إلى أنه تم تحقيق تقدم في الملفين السوري والعراقي، وأن حدة التوتر تخف في اليمن بسبب الجهود المشتركة الجماعية مع دول مجلس التعاون، وكذلك في ليبيا التي تشهد حكومة جديدة تسعى جاهدة لكي تنظم نفسها، مؤكداً أن هذا لم يكن إلا بالجهود والمساعي الديبلوماسية الحثيثة والمؤثرة مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وقال أوباما «هنالك اليوم مطالب بوقف الأعمال العدائية لكي يسمح ببناء مسيرة للسلام وتخفيف حدة معاناة الناس»، مشيراً إلى أن ذلك يمكن أن يتحقق في سوريا من خلال التعاون بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك في العراق.
ولفت الرئيس الأميركي النظر إلى أنه قد يكون هناك فروق وتباينات في الآراء، ولكن الهدف اليوم والهدف من اجتماعات كامب ديفيد هو التأكد من التشارك في رؤية مشتركة حول الرفاه والاستقرار والسلام وكيفية تحقيق ذلك في المنطقة، وكيفية التصدي للإرهاب والعنف.
وبشأن الملف الإيراني وبرنامجها النووي المثير للجدل قال: «ندرك ما يفعله كل من الفرقاء، عندما دخلنا في مفاوضات مع إيران كانت هناك مشاغل ونواحي قلق ولكن في مصلحة أن يكون هناك اتفاقية قد ننظر إلى الجهة الأخرى«، مؤكداً في الوقت ذاته أن إيران اليوم تفعل ما يجب أن تفعله بموجب الاتفاق الذي وقع حيال برنامجها النووي، وأن تهديدها بحيازة سلاح نووي قد انخفض كثيراً .وأشار إلى أنه «من خلال الاتفاق النووي الإيراني تم التخلص من مخزوناتهم من الأسلحة النووية«، عاداً ذلك إشارة قوة وليست ضعفاً« 
وشدد أوباما على أن «الجميع يتفق على وجوب دحر الاستفزازت الإيرانية وأن تخضع إيران للمساءلة والمحاسبة إذا ما قامت بتصرفات تخالف الأنظمة الدولية«، داعياً إلى «الدخول في حوار للتخفيف من حدة التوتر وتحديد السبل التي تكون فيها إيران أكثر اعتدالاً وعقلانية وأن تتفاوض مع الدول في المنطقة ومع دول الجوار لكي لا يكون هناك توتر وتقاتل عبر الوكلاء في المنطقة« .وقال «هناك الكثير من انعدام الثقة متراكم بسبب الاستفزازات الإيرانية، الناس يتوخون الحذر ويريدون التأكد من أنه ما من أحد يخدعنا حول ما قد تفعله إيران لإثارة المشاكل والفتن في الدول الأخرى، نحن أظهرنا لهم بأننا واعون حتى خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي عندما كان الاتحاد السوفياتي يتحدى الولايات المتحدة أبقينا على الحوار والتواصل لتخفيف حدة التوتر وتلافي الحروب والفوضى»، دعياً إلى اتخاذ هذا النهج.
وقال «بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي تم منع إيران من إرسال شحنات السلاح إلى الميليشيات في اليمن»، مؤكداً أن «هذا عزز من الثقة في حين أن المنطقة تشهد الكثير من الصعوبات والتحديات، وهناك حاجه إلى المزيد من التماسك في التواصل على مستوى المؤسسات في الحكومات وهذا ما تم تحقيقه خلال هاتين القمتين« الخليجية، وكامب ديفيد.
وأكد أوباما أنه يعمل على أن يتعزز ذلك مع الإدارة القادمة، وقال: «إن احتمالات سوء الفهم تتنامى عندما يكون هناك الكثير من النشاطات في داخل العراق، طبعاً هناك مشاغل يمكن أن يتفهمها المرء مثلاً عن نفوذ إيران على الحكومة العراقية« .وفيما أكد شراكة رئيس الوزراء حيدر العبادي مع الولايات المتحدة، أشار إلى أن «الحكومة العراقية قامت بدور حيوي في مكافحة داعش ومن الضروري تمكين الحكومة العراقية من الكفاح والتصدي لداعش بشكل مؤثر«، داعياً إلى العمل على مساعدة المناطق التي عانت كثيراً من داعش لبناء نفسها وإعادة حياة أبناء هذه المناطق ومساعدة الحكومة العراقية على ذلك، ومؤكداً أن هذا ينطبق على سوريا التي يتجه فيها اتفاق وقف الأعمال العدائية إلى الانهيار بسبب تصرفات النظام السوري واعتداءاته المستمرة.
وأشار أوباما إلى أنه تحدث مع قادة دول مجلس التعاون حول السبل المتاحة إذا ما انهارت اتفاقية وقف الأعمال العدائية في سوريا، مشيراً إلى أنه يرى أنه «يجب التوصل إلى حل سياسي وأن على كل الأطراف الالتزام بذلك واستناداً الى ما يريده الشعب السوري«، مذكراً بأن «أي خيار لا يرتكز على تسوية سياسية يعني المزيد من المعارك لسنوات والمتغلب فيها سيكون واقفاً على دولة أو بلد يكون قد انهار وتدمر ويستغرق بعد ذلك سنين طويلة لإعادة بنائه« .
وقال الرئيس الأميركي إنه «تم خلال القمة التركيز على رحيل رئيس النظام السوري ليس فقط لأنه قتل شعبه وقصفهم بالبراميل المتفجرة وقصف النساء والأطفال، بل أيضاً لأنه من الصعب أن يتصور المرء بأنه سيكون على رأس حكومة يُنظر إليه على أنه شرعي ومشروع« .
وأكد أن هناك توافقاً مع دول مجلس التعاون «بشكل كلي وشامل في مساعدة بعضنا الآخر وتأمين أمننا الجماعي«. وقال: «لا يمكن لنا أن نعمل بشكل مؤثر عسكرياً في المنطقة إذا لم يكن ذلك بمساعدة بعض دول الخليج. إن التشارك في المعلومات الاستخباراتية أيضاً حيوي في مكافحة الإرهاب ولطالما هو في تحسن نرى أيضاً الحاجة إلى التعاون على التهديدات الجديدة مثل الاعتداءات الالكترونية وعالم الفضاء الافتراضي وأن يكون هناك نظم دفاعية مشتركة للصواريخ البالستية« .
بيان القمّة
وصدر عن قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون والرئيس الأميركي، بيان في ختام أعمال القمة، شدد على الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والتي تهدف إلى تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار للمنطقة.
وقال إنه «بالنظر الى جسامة التحديات التي تشهدها المنطقة، أبدى القادة التزامهم باتخاذ المزيد من الخطوات العاجلة لتكثيف الحملة لهزيمة تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة، وتخفيف حدة الصراعات الإقليمية، والسعي لإيجاد الحلول لها، وتعزيز قدرة دول مجلس التعاون على التصدي للتهديدات الخارجية والداخلية، ومعالجة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار، والعمل معاً للحد من التوترات الإقليمية والطائفية التي تغذي عدم الاستقرار«.
وأكد الطرفان أنه «ما من حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة التي لا يمكن حلها إلا من خلال السبل السياسية والسلمية، واحترام سيادة جميع الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وكذلك الحاجة لحوكمة شاملة تشمل حماية الأقليات واحترام حقوق الإنسان في الدول التي تمر بتلك الصراعات«.
وأعرب القادة الخليجيون والرئيس الأميركي «عن تضامنهم مع الشعب السوري مؤكدين أهمية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 القاضي بالسماح بالوصول الفوري للمساعدات الإنسانية الى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، وإطلاق سراح جميع المعتقلين عشوائياً. وأكد القادة أيضاً عزمهم ترسيخ وقف الأعمال القتالية، والحاجة للانتقال السياسي بدون بشار الأسد، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة، والتركيز على محاربة داعش وجبهة النصرة. وأعرب الجانبان عن قلقهم العميق بشأن معاناة اللاجئين والنازحين داخل البلاد. كما رحبا بخطط الولايات المتحدة لعقد قمة رفيعة المستوى حول وضع اللاجئين في أيلول 2016 ومما يتيحه ذلك من فرص لحشد المزيد من الدعم الدولي، مؤكدين الحاجة الى تقديم المزيد من المساعدات للاجئين خلال الفترة القادمة«.
وشجع الطرفان تحقيق المزيد من التقدم في العراق نحو تخفيف التوترات الطائفية والعمل على تحقيق حوكمة شاملة ومصالحة بين كافة العراقيين بما في ذلك معالجة المظالم المشروعة لجميع مكونات المجتمع العراقي من خلال تنفيذ الإصلاحات. ورحبا بوقف الأعمال القتالية في اليمن، وعبرا عن دعمهما له، مناشدين كافة الأطراف اليمينة الالتزام به. 
في ما يخص الشأن الليبي، رحب القادة الخليجيون والرئيس الأميركي بتولي حكومة الوفاق الوطني في طرابلس مقاليد الحكم وأعربوا عن وجهة نظرهم القوية بأن يتجاوز كافة الليبيين في كافة أرجاء البلاد المعوقات التي يحاول المعرقلون وضعها واحترام سلطة وشرعية الحكومة وانتهاز هذه الفرصة الهامة لتحقيق مستقبل يعمه السلام والرخاء. وأكدت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة على ضرورة حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس اتفاق سلام عادل ودائم وشامل يفضي الى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ومتماسكة جغرافياً تعيش جنباً الى جنب مع إسرائيل بأمن وسلام. ولتحقيق ذلك، جدد القادة تأكيدهم على أهمية مبادرة السلام العربية لعام 2002 وقرروا استمرار التنسيق الوثيق بينهم بشأن الجهود الرامية الى حث الطرفين على إبداء التزامهما، من خلال السياسات والأفعال، بحل الدولتين.
وتأكيداً لالتزامهما المشترك بمحاربة الإرهاب بكافة أشكاله، رحب مجلس التعاون والولايات المتحدة بالتقدم المحرز في تقويض مكاسب «داعش« على الأرض في كل من سوريا والعراق. كما رحبت الولايات المتحدة بمشاركة ودعم دول مجلس التعاون في التحالف الدولي ضد التنظيم هذا، وأشادت بالجهود الحازمة لدول مجلس التعاون في منع الهجمات الإرهابية، وتبادل المعلومات حول المقاتلين الأجانب في التنظيمات الإرهابية، والأعمال التي قامت بها دول المجلس في مكافحة خطاب وفكر تنظيم «داعش« ورسائله الإرهابية.
وأكدت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون على تأييدهما للخطة الشاملة للعمل المشترك مع إيران منوهين إلى أن تنفيذ الخطة حتى الآن قد حال دون سعي إيران الى امتلاك السلاح النووي مما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكد القادة على ضرورة اليقظة حيال تصرفات إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة، بما في ذلك برنامجها للصواريخ الباليستية ودعمها الجماعات الإرهابية مثل حزب الله وغيره من وكلائها المتطرفين في كل من سوريا واليمن ولبنان وغيرها. 

الديار :

لم تستأثر الازمة الدستورية والسياسية في لبنان، بلحظة واحدة من القمة الاميركية ـ الخليجية. مصدر خليجي مسؤول قال لـ«الديار»: «اننا ناقشنا مع الرئيس باراك اوباما الازمات الساخنة، اما ازمتكم فهي «باردة» وثانوية، وتدور في فلك ازمات المنطقة».
المصدر الذي اعتبر «ان ادارة الازمة، وتكريس الستاتيكو، افضل ما تستطيعون فعله، واقصى ما تستطيعون فعله»، استدرك قائلاً «ان حزب الله لم يعد مشكلتكم انتم بل هو مشكلتنا جميعاً، ونحن سنواصل الضغط عليه، وشددنا على الرئىس الاميركي رفع وتيرة الضغط عليه لانه بات يشكل خطراً حقيقياً على بلدان المنطقة».

ـ لقاءات موازية ـ

المصدر اشار الى «لقاءات موازية جرت بين اعضاء بارزين في الوفد الاميركي ومسؤولين سعوديين، واثناء هذه اللقاءات طرح ملف الحزب من كل جوانبه، بما في ذلك دعمه لتنظيمات فلسطينية لعبت دوراً سلبياً في بلورة تسوية ديبلوماسة للصراع، مع ما يعنيه امتلاكه اكثر من 100 الف صاروخ من تأثير على الامن الاستراتيجي للمنطقة ككل».
امام المسؤولين الاميركيين، وبحسب ما يستشف من كلام المصدر الخليجي، اثيرت مسألة «التأثير النووي» للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، بصراحة، وبطرح معطيات محددة كانت الشكوى منه كونه يؤثر في قطاعات شعبية في العديد من بلدان المشرق العربي ما يمكن ان يفضي الى زعزعة الاستقرار الداخلي في هذه البلدان.

ـ تجميد الاتفاق النووي ـ

وكشف المصدر ان اوباما فوجىء بطرح مسؤول سعودي كبير تجميد تنفيذ اتفاق فيينا لحين تخلي ايران عن الحزب، ولم يعلق على هذا الطرح، موضحاً ان دوائر الادارة، بما في ذلك وزارة الخزانة، تطارد الحزب، على نحو منهجي، وعلى اساس ان محاصرته مادياً لا بد ان تفعل فعلها في الحد من سياسة الاستقطاب التي يعتمدها والتي يتعدى مفعولها الساحة اللبنانية.
وكشف المصدر ان الكلام الذي ادلى به المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنيئي والذي وصف فيه شباب «حزب الله» بأنهم «يسطعون كالشمس»، بدا وكأنه اخترق جدران القمة، وقد وضع التصريح امام الرئيس الاميركي الذي كان تعليقه مقتضباً بما مفاده ان هذا الكلام ليس بالجديد، وقد «دأبنا منذ زمن بعيد على سماعه».

ـ مواقف جاهزة ـ

وقال المصدر ان اوباما جاء الى الرياض بمواقف جاهزة، وباجابات جاهزة، لا مجال لتغيير السياسات التي انتهجها حتى الآن بالنسبة الى سوريا، ولن يأمر بوارجه باعداد صواريخ التوماهوك للانقضاض على دمشق، لكنه اكد ان عداءه للرئيس بشار الاسد لا يقل، في اي حال، عن عداء القادة الخليجيين له. ما ظهر من المحادثات ان الرئيس الاميركي لا يثق لا بصدقية المعارضة السورية، ولا بفاعليتها، وكان من الصعب جداً بل من المستحيل، اقناعه بأن هناك فصائل معارضة «وطنية بالكامل»، ولا تمت بصلة الى تنظيم الدولة الاسلامية او الى «جبهة النصرة».
وفي ما بدا دعوة من الرئيس الاميركي لعدم ذهاب المملكة بعيداً في علاقاتها الاستراتيجية، اوما شاكل ذلك، مع انقرة، اكد ان بلاده تنتهج سياسة ثابتة، ومنذ اللقاء الشهير الذي عقد في شباط عام 1945 بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس فرنكلين روزفلت «الذي اعتقد انكم مثلي تكنون له الاحترام الكبير، حيال المملكة، وبالتالي حيال «العقد الخليجي».

ـ لا زعزعة لاستقرار الخليج ـ

وشدد على «انه غير مسموح لأي قوة وعلى رأسها ايران، زعزعة الاستقرار لا في السعودية ولا في غيرها من دول الخليج»، موضحا ان الايرانيين يفهمون ذلك جيداً، والوزير جون كيري ابلغ وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف كلاماً واضحاً، ومباشراً وحاسماً حول امن الخليج.
وقال المصدر ان اللقاءات التي جرت، وبموازاة القمة، اظهرت ان المسؤولين الاميركيين، ومن وزير الدفاع اشتون كارتر الى مستشارة الامن القومي سوزان رايس، يعتبرون ان قادة المعارضة السورية، وتحديدا ما يعرف بـ«فريق الرياض» اما انهم لا يمتكلون اي حيثية على الارض او ان علاقتهم وثيقة بـ«جبهة النصرة».

ـ ابعاد الاسد ـ

هذا الكلام لم يطرح جزافاً، بل ان الجانب الاميركي استند الى معطيات استخباراتية لا يرقى اليها الشك. واذ اعتبر ان ابعاد الرئيس الاسد «يدخل في اساس رؤيتنا للحل السياسي في سوريا»، فان اي خطوة في اتجاه الحل لا يمكن ان تتم الا بالتوافق مع الكرملين الذي له تأثيره على النظام. وكان لافتاً ان الرئيس الاميركي كرر اكثر من مرة، ان «سقوطاً فوضوياً» للنظام يعني دخول سوريا في دوامة من الحروب لا بد ان تكون لها انعكاساتها على سائر انحاء المنطقة.

ـ ثنائية سعودية ـ ايرانية ـ

«الديار» استندت الى مصادر مختلفة وموثوقة في اكثر من عاصمة خليجية، ليتأكد ان اوباما لا يزال عند رأيه الذي ادلى به لجيفري غولدبرغ في صحيفة «اتلونتيك»، وهو قيام ثنائية سعودية ـ ايرانية لضبط الايقاع الايديولوجي والاستراتيجي في المنطقة.
ما قاله يختزل بكلمات ان باستطاعة الدول الخليجية ان تشعر، كلياً، بالامان، لا سيما المملكة العربية السعودية التي لن يكون عليها اي خطر. هذه مسألة لا تقبل الجدل في حال من الاحوال، لكن الابقاء على وتيرة التوتر من خلال الصراع السعودي ـ الايراني سيكون مؤذياً للجميع. العبارة الذهبية هي ضبط الايقاع الجيوبوليتيكي في المنطقة من خلال التوصل الى «مفهوم فلسفي» جديد للعلاقات بين الرياض وطهران.
هذا بموازاة التواصل الاميركي ـ الروسي ومحاولة الجانبين تشكيل رؤية مشتركة لحل النزاعات، والازمات ودون ان يكون ذلك ممكناً الا بفتح قنوات للتواصل بين السعودية وايران، على ان تتحدث واشنطن في تفاصيل ذلك مع موسكو.
محلياً، وتأثراً بواقعة انفلونزا الطيور، انتشرت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي عبارة «انفلونزا الاقطاب»، في اشارة الى «السياسات القاتلة» التي يمارسونها...

ـ موقف بكركي ـ

واذ لم يصدر اي موقف من بكركي حول موضوع الجلسة التشريعية، سألت «الديار» احد المطارنة الذي قال انه لا يستطيع ان يحدد ما في رأس صاحب الغبطة سوى انه قلق حيال التدهور والشلل الذي تعاني منه البلاد.
اضاف، بداية يفترض معرفة نتيجة الاتصالات التي يجريها الرئيس نبيه بري، وما اذا كانت عملية تدوير الزوايا ستقترن بالنجاح ام لا، و«بطبيعة الحال البطريرك مع عمل المؤسسات، اذ يكفي الناس ما تعانيه، وما تتحمله من فضائح لا يشق لها غبار، لكن هذا لا يلغي بأي حال المخاوف من ان يتحول الشغور الرئاسي، بانعكاساته المأسوية على وضع البلاد ككل، الى امر واقع يفضي الى... واقع آخر».

ـ قلق الفاتيكان ـ

المطران أضاف انه يتوقع ان تكون للبطريرك رؤيته لميثاقية الجلسة ولتشريع الضرورة، على ان يعلن عن ذلك في حينه.
غير ان ما يتردد في الاوساط الديبلوماسية يؤكد على قلق الجهات المعنية في الفاتيكان ازاء الفوضى السياسية او بالاخرى الخواء السياسي الذي يعيشه لبنان، وهو ما همس به السفير البابوي المونسنيور غابرييللي كاتشيا في اذن اكثر من مسؤولي سياسي وروحي لبناني، والى حد التحذير من تصنيف المجتمع الدولي للبنان بـ«الدولة الفاشلة».

 

الجمهورية :

فيما عُلِّقت مفاوضات السلام السورية في جنيف حتى إشعار آخر، وسط تحذير روسي للمعارضة من أنّ تعليق مشاركتها فيها «يعني تضامنَها مع الإرهابيين، وهو ما يهدّد باندلاع مواجهة شاملة في سوريا»، وبدأت في الكويت أمس مفاوضات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة، تصدّرَت القمّة الأميركية ـ الخليجية الاهتمامات، حيث انعقدت في قصر الدرعية بالرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومشاركة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وخلصَ بيانها الختامي إلى اتّهام إيران بـ«زعزعة» استقرار المنطقة ودعمِها لجماعات إرهابية، منها «حزب الله». واتّفقَ المشاركون في القمّة على «تنسيق الجهود لهزيمة الجماعات الإرهابية والقيام بمناورات عسكرية مشتركة في آذار 2017، وزيادة تبادل المعلومات في شأن الأخطار الإيرانية في المنطقة»، مشترطين لعودةِ العلاقات مع إيران «وقفَ ممارساتها وتدخّلاتها». وفيما أكّد الملك سلمان «التزامَ دوَل الخليج بتطوير العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة»، أعلنَ أوباما في كلمته أنّه اتّفق مع زعماء دوَل مجلس التعاون الخليجي على استمرار العمل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، قائلاً إنّ بلاده والشركاء الخليجيين تعهّدوا باستمرار التعاون في التصدّي لتنظيم «داعش» في سوريا والعراق، ووقف تصعيد نزاعات إقليمية أخرى مثل اليمن وليبيا.
وأوضَح أنّ الإدارة الأميركية ستزيد من تعاونها الأمني مع دول المجلس لتعزيز قدراتها الدفاعية. ولفتَ إلى أنّه «لا تزال هناك مخاوف في شأن إيران»، مؤكّداً «العمل على أن تحترم إيران تعهّداتها المتعلقة بالاتفاق النووي».
وشدّد على أنّ بلاده والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي «تدعم تسوية الأزمة السورية بطريقة سلمية، لكنّها تعتقد أنّ عملية الانتقال السياسي ينبغي أن تجري من دون الأسد».
ولفتَ إلى «أنّ الأوضاع الراهنة في سوريا صعبة جداً، وأنّ إعادة إعمار ما دمّرَته الحرب سيحتاج إلى وقت طويل»، وأوضَح «أنّ الولايات المتحدة تناقش الخيارات المتاحة من أجل ضمان وقفِ الأعمال القتالية في سوريا دعماً للحلّ السياسي».
التشريع
وفي هذه الأثناء، انشغلَ اللبنانيون بمتابعة ظهور وباء انفلونزا الطيور في البقاع والذي استنفر الوزارات المعنية لاتخاذ إجراءات الوقاية والسيطرة، خيّمت المراوحة السياسية على البلاد، بعد اتخاذ رئيس مجلس النواب نبيه بري وضعية ترقّب ردود الكتل النيابية على مبادرته التشريعية قبل الدعوة الى جلسة تشريع، وسفر رئيس الحكومة تمام سلام الى نيويورك للمشاركة في توقيع اتفاق باريس لتغيّر المناخ، فيما واصَلت وزارة الداخلية تحضيراتها لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها، وأكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لم يفاتحه في تأجيل هذه الانتخابات على الإطلاق.
وفي انتظار دعوة بري هيئة مكتب المجلس الى الاجتماع منتصف الأسبوع المقبل مبدئياً، قالت مصادر نيابية لـ»الجمهورية» إنّ إصرار رئيس المجلس على الدعوة الى جلسة تشريعية لم يعُد سرّاً، ومَن شاركَ في اجتماع هيئة الحوار الوطني أمس الاوّل لمسَ حجم إصراره على عقدِها قبل نهاية أيار المقبل، موعد انتهاء الدورة العادية للمجلس، في اعتبار انّ فتحَ دورة استثنائية يستلزم توقيع 24 وزيراً بمن فيهم رئيس الحكومة، وهو أمر مستحيل، على الأقلّ بسبب موقف وزراء حزب الكتائب الواضح والصريح لجهة الإصرار على عدم وجود أيّ حق للمجلس بممارسة سلطته التشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
ونَقلت هذه المصادرعن قريبين من بري أنّه يتلمّس وجود أكثرية نيابية ستوافقه في النهاية على عقد الجلسة. فالحوار الذي يقوده شخصياً ومعاونَه السياسي الوزير علي حسن خليل يؤكّد احتمال خروج تيار «المستقبل» في المرحلة المقبلة عن تعهّده السابق حول أولوية بتّ قانون الانتخاب في اوّل جلسة تشريعية تلت الجلسة الأخيرة الماضية، بفعل الخلاف القائم على أكثر من مستوى بينه وبين «القوات اللبنانية» لأسباب عدة باتت معروفة، وليس أدلّ عليها الفتور بين الطرفين في مقاربة ملف الانتخابات البلدية والاختيارية وقضايا أُخرى بدأ الخلاف يتظهّر حولها على خلفية تبنّي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ترشيحَ رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ردّاً على تبنّي الرئيس سعد الحريري ترشيحَ رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية».
وأضافت المصادر «إنّ موافقة «المستقبل»، إلى جانب موافقة جنبلاط و»حزب الله» وبعض الكتل النيابية يمكن أن تشكّل الميثاقية المطلوبة بالحدّ الأدنى في ظلّ مشاركة نواب كتلة «لبنان الحر الموحّد» ونواب مسيحيين مستقلّين و«الطاشناق».
لكنّ كلّ هذا سيتبدّل في حال تمّت الصفقة مجدّداً كما حصل في الماضي مع ضمّ مشروع قانون استعادة الجنسية الى جدول أعمال الجلسة، مع «القوات» و«التيار الوطني الحر»، إذا ما تمّ التفاهم على تخريجة طرح قانون الانتخاب على الجلسة بعد ربط مصيره بالتراجع عن التوصية السابقة للمجلس بأن لا قانون جديد للانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية».
وأشارت المصادر إلى أنّ بري «سيطرح على هيئة مكتب المجلس لائحة بمشاريع واقتراحات قوانين موضوعة في أدراج المجلس بعدما بُتَّت في اللجان النيابية المشتركة، تضمّ 41 مشروعاً أبرزها ما يتصل بدفع كلفة بعض القروض وسندات الخزينة ونقلِ اعتمادات وسِلف خزينة لبعض المؤسسات العامة والوزارات والمشاريع الحيوية.
ولعلّ أبرز ما يقف عنده بري الإشارة الى أنّ الرواتب المحجوزة لموظفي القطاع العام والمتعاقدين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين ستتوقّف في نهاية حزيران المقبل وسيتعذّر على وزارة المال صرف مزيد منها في تموز قبل صدور القوانين المطلوبة عن مجلس النواب».
وأوضَحت المصادر النيابية المعارضة لجلسة تشريع الضرورة «أنّ إعادة استخدام رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتعاقدين والمتقاعدين ما هي إلّا مادة ابتزاز للمعترضين على الجلسة ولتكريس أعراف خارجة عن كلّ القوانين والأنظمة وما يقول به الدستور لجهة أولوية انتخاب الرئيس، خصوصاً في مادتَيه 74 و75«.
وعلى جدول الأعمال اتّفاقية التعاون بين لبنان وفرنسا التي أثارها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في زيارته الأخيرة لبيروت، واتّفاق تعاون تجاري بين لبنان والكويت وثالث بين الصين ولبنان، فضلاً عن الاتفاق بين لبنان ومنظمة الإنتربول الدولية، واستملاك حوض الليطاني وغيره من المشاريع.
جنبلاط
وفي جديد المواقف السياسية، قال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في حديث مع الزميل مرسيل غانم ضمن برنامج «كلام الناس» عبر «المؤسسة اللبنانية للإرسال»: «آخِر همّي السرايا و«عيش السرايا»، فأنا على باب الانسحاب، وحاسبوني عندما أُخطئ وانتهى الموضوع».
وتوقّع أن «تنفجر أزمة النفايات مجدّداً في حال لم يتمّ تلزيم حامي البحر في «الكوستا برافا» وبرج حمود»، مشيراً إلى «أنّنا لم نصل إلى حلّ حتى الآن لطريقة معالجة النفايات في إقليم الخرّوب».
وقال جنبلاط : «لا بدّ أن يكون قرار السِلم والحرب في يد الدولة، ولا أمانع في عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة»، متمنّياً أن «تنعكس محادثات السعوديين مع الحوثيين إيجاباً على لبنان وملفّ «حزب الله». وأشار إلى «أنّنا نريد التسوية مع السيّد حسن نصرالله وفقَ الثوابت التي تريحه، ولا أمانع في لقائه بناءً على هذا الكلام».
واعتبر أنّ «زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان إيجابية لأنّها ذكّرتنا بأهمّية الاستحقاق الرئاسي»، مشدّداً على أنّه «حتى اللحظة النائب هنري حلو لديه حظوظ للرئاسة» مشيراً إلى «أنّ المرشّح القوي تاريخياً خرّب لبنان والمسيحيين».
ورأى أنّ مشروع القانون الانتخابي الذي اتّفقَ عليه الحزب التقدمي الاشتراكي مع «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» «غير متكامل، لأنّنا لم نتّفق على تقسيم الدوائر بعد».
وأوضح جنبلاط أن «كتاب استقالتي من مجلس النواب جاهز، وأنتظر جلسة تشريع الضرورة من أجل تقديمه».

اللواء :

تتجه الأنظار إلى اليومين المقبلين، حيث ستتظهر رسمياً مواقف الكتل المسيحية المرتبطة بأحزاب «الكتائب» و«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، من مبادرة الرئيس نبيه برّي في ما خص المزاوجة ما بين قانون الانتخاب وتشريع الضرورة.
ويبني رئيس المجلس على الشيء مقتضاه، لكن الدعوة لاجتماع هيئة مكتب المجلس ستصبح خياراً لا بدّ منه، في الأسبوع المقبل، لمناقشة الأجوبة، ومنها الانطلاق لتقرير جدول أعمال الجلسة، فضلاً عن عقد الجلسة بحدّ ذاتها، حيث سيستمع إلى وجهة نظر ممثّل «القوات» في هيئة المكتب أنطوان زهرا، وهو سينقل وجهة نظر كتلتي «القوات» و«التغيير والاصلاح» فضلاً عن استماع وجهة نظر كل من النائبين أحمد فتفت (عن كتلة المستقبل) ومروان حمادة (عن اللقاء الديموقراطي).
وإذا كان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل اعتبر في لقاء إعلامي أن الرئيس برّي يرتكب خطأً كبيراً في حال ذهابه إلى جلسة تشريعية لا تضم «القوات» والكتائب و«التيار الوطني الحر»، قبل أن يستدرك بالإعراب عن اعتقاده بأن رئيس المجلس لن يلجأ إلى هذا الخيار، متسائلاً: «ماذا بقي من 8 و14 آذار؟ (راجع ص 2) فإن «التيار الوطني الحر» جاهر عبر نوابه وإعلامه، أنه لن يُشارك في جلسة تشريعية لا يكون قانون الانتخاب بندها الأول، وهذا ما كشفت عنه أوساط قواتية عن رئيس الحزب سمير جعجع.
وكشف عضو كتلة «القوات» النائب طوني أبو خاطر لـ«اللواء» أن قانون الانتخاب يُشكّل أولوية، وأن الكتلة ستجتمع في اليومين المقبلين لتحديد موقفها من مبادرة الرئيس برّي.
وفي السياق، أبلغ النائب سليم سلهب «اللواء» أيضاً أن تكتل «التغيير والاصلاح» لا يرى في مبادرة الرئيس برّي ما يستجيب لمطالبه.
أضاف: «في حال أدخلت تعديلات على هذا الاقتراح نصبح أمام وضع آخر».
وأكد وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«اللواء» أيضاً على ثبات موقف حزب الكتائب من التشريع، وأنه موقف غير قابل للتبدّل، لافتاً إلى أن الحدّ الأول هو الدستور والحدّ الثاني هو القانون.
وكشفت مصادر نيابية قريبة من عين التينة أن الرئيس برّي، بالرغم من مواقف بعض القوى المسيحية الرافضة للبحث في أي موضوع إن لم يدرج مشروع قانون الانتخاب بنداً أول على جدول أعمال الجلسة، أوعز إلى معاونيه ومقرّبين منه التواصل مع الأحزاب المسيحية لتقريب وجهات النظر من المبادرة التي طرحها على طاولة الحوار، قبل أن يدعو هيئة مكتب المجلس إلى الانعقاد الأسبوع المقبل.
جنبلاط
وليل أمس دافع النائب وليد جنبلاط عن عقد جلسة تشريعية، لكنه وصف الحوار الجاري في عين التينة بأنه «حوار طرشان»، ولم يرَ مبرراً لتأجيل الانتخابات البلدية، داعياً إلى احترام إرادة العائلات البيروتية في الانتخابات البلدية في بيروت، وإبعاد الترشيح عن الأحزاب، لأن أهل العاصمة لا يحبون الأحزاب.
وبعث جنبلاط في مقابلته التلفزيونية على شاشةL.B.C بسلسلة من الرسائل، بعضها يتعلق بجلسة تشريع الضرورة حيث قال: «إننا نسعى مع رئيس المجلس للوصول إلى نافذة يقتنع من خلالها الأفرقاء المسيحيون بتشريع الضرورة».
وفي ما خصّ مشروع قانون الإنتخابات مع «القوات» وتيار «المستقبل» وصفه جنبلاط بأنه غير متكامل، مضيفاً بأنه حتى الساعة لم نتفق على تقسيم الدوائر، وبالتالي أصبح المشرع «غير قابل للحياة».
والأهم في رسائل جنبلاط الكلام الذي وجهه إلى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله والذي اعتبره شريكاً في القرار المركزي الإيراني في المنطقة: «نريد الوصول إلى تسوية معك في الثوابت التي تريدها وبالثوابت اللبنانية»، معتبراً أن «حزب الله يتحمّل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تبعات الفساد اللبناني، وهذا سيترك تداعيات عليه ويجب أن يتنبّه لهذا الأمر.
وفي ما خصّ نصاب الجلسة لانتخاب الرئيس أعلن جنبلاط أنه لن يُشارك في جلسة لا يُشارك فيها «حزب الله» لأن العرف يتقدّم على القانون، معلناً تمسكه أيضاً بترشيح النائب هنري حلو، مخاطباً الرئيس سعد الحريري بأن «البلد أهم من الرئيس»، وإن كان ألمح إلى استعداده للقبول بخيار ثالث في حال تنازل أحد المرشحين النائب ميشال عون أو النائب سليمان فرنجية.
وفي شأن العقوبات الأميركية على «حزب الله» دعا إلى عدم معارضة الإجراءات الأميركية لأ