الزيارة التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر يمكن وصفها بالزيارة التاريخية، وأهميتها تكمن في أنها جاءت في اللحظة العربية الحرجة.

إذ ان النظام العربي يتاكل يفعل الأزمات والمشاكل والخلافات بين بعض دوله غير  الحروب التي تدور رحاها على أراضي البعض الآخر مثل ليبيا واليمن والعراق وسوريا والتي تتغذى بالتدخلات الخارجية الإقليمية منها والدولية للأبقاء على جذوة هذه الحروب مشتعلة بحيث تتضاءل إمكانية التوصل لحلول سياسية قريبة لهذه الأزمات.

  وبالتالي فإن أهمية الزيارة تتجلى بمستوى النجاح الذي حققته والذي بدا من خلال عدد الاتفاقيات ونوعيتها والتي تم توقيعها بين البلدين والذي شكل مفاجأة حتى للذين يعرفون مدى حميمية العلاقة بين الملك سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فمعظم هذه الاتفاقيات هي مشاريع استراتيجية وأهمها كان الإعلان عن نبأ جسر بري يربط المملكة العربية السعودية بمصر ويربط القارتين آسيا وأفريقيا.

وهذا الجسر الذي أطلق عليه جسر الملك سلمان لا يقل أهمية عن جسر البسفور التركي الذي يربط آسيا بأوروبا والذي تم إنشاؤه في عهد السلطان العثماني محمد الفاتح،  وشملت الاتفاقيات أيضا الربط الكهربائي بين البلدين والإعلان عن اعادة جزيرتي تيران والصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى السعودية.

وكذلك تم التوقيع على خمسة عشرة اتفاقية أخرى على جانب كبير من الاهمية. إذ أنها ستعمق العلاقة بين الدولتين مصر والسعودية،  لا شك أن الاتفاقيات التي وقعها الملك سلمان والرئيس السيسي تعبر عن آمال الشعوب العربية بمستقبل واعد وأفضل مما نحن فيه.

فالشعوب تتطلع إلى حكومات وأنظمة تحمل مشاريع التطور التكنولوجي والبناء ومواكبة العصر الحديث لتلبية حاجاتها وتحسين مستوى معيشتها، وليس إلى مواقف سياسية ممجوجة وبيانات مكررة، وفي هذه الزيارة تم البحث في مسائل تنموية تهم حاضر ومستقبل الشعبين المصري والسعودي.

إذ ان الفائض المالي السعودي مع الفائض البشري المصري يتطلبان قرارات سياسية جريئة ومتقدمة لتجاوز الكثير من المشاكل والأزمات التي تعيق تقدم البلدين وتطورهما، فمصر دولة كبيرة ولديها من الإمكانيات الهائلة ما يجعلها موضع اهتمام الجميع، ويمكن المراهنة عليها لتكون دولة محورية للرد على المشروع الدولي الذي يعمل لأنجاح إيران كدولة إقليمية كبرى. خصوصا بعد المحاولات الإيرانية للانقلاب على التوازنات التاريخيه في منطقة الشرق الأوسط.

إذ ان إيران تحاول الاستفادة من غياب القيادة الدولية للمنطقة بعدما غسل الرئيس الأميركي باراك أوباما يديه من الوحول التي تغرق فيها الشعوب العربية تاركا للدول ان تنزع أشواكها بأيديها،  ولئن كانت زيارة الملك سلمان إلى مصر حافلة بالاتفاقيات الاقتصاديه وأهمها الاستثمارات السعودية الضخمة في سيناء، إلا أنها وضعت أساسا صلبا لشراكة استراتيجية بين بلدين يمتلك كل منهما عناصر قوة وتأثير في العالمين العربي والإسلامي. 

والمطلوب ان تتحول العلاقة المصرية السعودية إلى رافعة لاستعادة الدول العربية المنكوبة بالإرهاب او الحروب الأهلية او المخترقة في أمنها واستقرارها دورها المحوري وثقلها في لعبة التوازنات الإقليمية في المنطقة، وعليها يمكن فهم البعد الاستراتيجي للزيارة.