كل يوم تسمع تصريحا هنا , وتصريحا هناك , حول الاوضاع في لبنان وسوريا والمنطقة العربية بشكل عام , وعن ما تمرّ به البلاد في الشرق عامة , بعض هذه التصريحات ليس لها قيمة وتمرّ عليها مرور الكرام , لأنها قد تكون صادرة من أشخاصٍ ليسوا ذا قيمة سياسية أو أمنية , أو معرفية , وبعضها يستوقفك حيث انه على مستوى من الخطورة , وكونه صادرا عن مصدر أمني مهم .

فعندما يتحدث مدير الوكالة الاستخباراتية الاميركية السابق " مايكل هايدن , لمحطة عالمية مثل : سي ان ان " . ويقول :إنتهت الخارطة القديمة للشرق الاوسط , فسوريا لم تعد موجودة , والعراق إنتهى , ولن يعودا على ما كانا عليه ,واليمن تستنزف مال الخليج , وليبيا ذهبت إلى غير رجعة و ولبنان يتفكك بهدوء . ناهيك عما تراه يوميا من الاحداث الدامية على الساحة السورية والعراقية والليبية , والفوضى السياسية في لبنان وغيره , والانقسام المذهبي في المنطقة الذي لم نشهد مثيلا له من قبل , مع أننا نعرف انه كان موجودا في الادراج والكتب والبيانات وبعض المدارس الدينية وفي بعض المناهج التعليمية , إلا أن برزه على السطح بهذه الطريقة المتوحشة ينبئ بالخطر الاكبر بعد دخوله معترك السياسة , وبدات ممارساته تفتك بالبلاد .

تصريح من دهاليز الاستخبارت الاميركية , يدل على ما يخططون لنا , ويدل على طريقة غزو جديدة , يلعب الغربُ والاميركان الدور الاكبر فيه . يبذرون بذور الفتنة الطائفية فيها ، لأنها أرض خصبة للفتنة , وفيها كل المواد الاولية لإنجاح ما يخططون , وبالتالي سقيها وتسميدها، ويضعون الخرائط الجديدة، ويرسمون الحدود، اما قياداتنا فهي مجرد ادوات في معظمها , إن لم نقل كلّها , وتنظر إلى مسار قياداتنا تجدهم في وادٍ والاحداث والمسارات الاقليمية والدولية في مسار آخر .

قيادات دمى تتحكم في مصير شعبها و لا تملك أي هامش في اللعبة الاقليمية والدولية , هم في الداخل شبه أسياد في طوائفهم , وعبيد بامتياز عند أسيادٍ خارجيين لا يرون مصلحة غير مصلحتهم , يحوطوننا ما دمنا نخدم مصالحهم على حساب مصالحنا . الملفت إلى الآن , هو نجاح الغرب وأميركا في إستغلال الثورات العربية , وحرفها باتجاه مصالحها وليس باتجاه مصالح الشعب الذي ثار , وتفكيك دول المنطقة تمهيدا لتقسيمها , والثمرة المهمة من كل ذلك هو تبيان الضعف البنيوي في مجتمعاتنا المتمثل بالضعف الفكري والثقافي مما أدى إلى نحاج الآخر في ما خطط له .

فنحن أخفقنا سياسيا لأننا لم نكن على مستوى الوعي المطلوب لقراءة الواقع و أخفقنا أخلاقيا ودينيا عندما إنزلقنا في أتون الفتنة المذهبية التي لم تكن لتحصل , لو كان هناك قيادات وطنية مخلصة لاوطانها ولم تكن مرتبطة بمشاريع خارجية وببرامج وُضعت لها في مقابل السلطة . فالاخفاق الاخلاقي هو سبب الفشل السياسي , وسبب نجاح الآخر في ترويج الفتنة التي وقعنا فيها .