أحبّ أن أكره , أو أحب الكراهية , أو أحب أنني أكره , وأفتخر بحبي للكراهية , وأعمل من أجل الكراهية بالحب , إنها مفارقات عجيبة في ثقافة المسلمين , إنها الثقافة السائدة اليوم في بلاد المسلمين , ومنها يخرج الحب المشوّه , المتناقض تماما مع ثقافة نبي الاسلام (ص) , الذي كان من أجمل ما قيل عنه , وإنك لعل خلقٍ عظيم , وقال عن نفسه وعن هدفه وغايته , لقد جئت لأتمم مكارم الاخلاق , إنها أروع وأجمل وابلغ ما يصف مقاصد الشريعة .

إذا الوسيلة من اشرف الوسائل , رجل على خلقٍ عظيم , كلّفه الله لإتمام مكارم الاخلاق , غاية في غاية الشرف , هذه الوسيلة وهذه الغاية أوالمقصد , قد تحولا بفعل ثقافة الكراهية إلى خبر كان , فتبدلت الوسائل وإنحرفت الغايات , ماذا بقي من الاسلام على المستوى الاخلاقي ؟

إذا بحثتَ اليوم , أو تتبعتَ خطاب المسلمين بين بعضهم , ومع الآخر , سواء على مستوى الافراد , أو الجماعات , قد لا تجد أي كلمة أو جملة , أخلاقية تصِف المختلف , حتى لو كان من العلماء أو الادباء أو من المؤمنين المشهود لهم بإمانهم واخلاقهم , أو ...

تشمئز نفسك من كثرة السُباب واللعن والطعن والكراهية اللامحدودة , والمشكلة أن كل هذا بإسم الاسلام وبإسم نبي الاسلام صاحب الخلق العظيم , حتى قد كُرّست قواعد وقوانين جديدة وغريبة , لسان حالها تقول إفعل ما تشاء من إنحرافات وأخطاء وأنت في أمان من السب والشتم واللعن ما دمتَ لا تختلف معنا بالرأي السياسي والرأي المذهبي .

إلى هذا الاسلام يدعونك , ويبشرونك به , إسلام لا يشبه الانبياء ولا يشبه الصالحين من السلف الصالح , ولا يشبه أحدا من المسلمين الاسوياء , إسلام قائم على ثقافة الحقد والكراهية , إسلام لا يعرف إلا القتل والتشريد ونبذ الآخر , إسلام يرفض الانسانية ولا يعترف بها , إسلام يسعى إلى العبث , إلى اللامشروع , إلى الفوضى , إسلام يهدف إلى تدمير الحضارات , إسلام يخجل منه الشيطان , ويتباهى الشيطان بأنه أكثر رحمة ...

 بعد هذا ماذا بقي من الاسلام . ثقافة الكراهية : هي منظومة أو توليفة مكوناتها (التكفير والتخوين) التكفير مصطلح يتضمن الكراهية لأنه يعني أنك ضد الدين ، والتخوين يجعلك مبغوضا ، في إدعاء شمولي يحتكر الدين والوطنية , وما كان لهذه (التوليفة المتعصبة) أن تكون سائدة ومنتشرة إلا بفعل التحريض المستمر من قبل منابر التحريض الديني وبخاصة الفضائيات والمواقع الالكترونية المنتشرة ، وكانت النتيجة : تهيئة بيئة مجتمعية متعاطفة مع ثقافة الكراهية .

خطورة ثقافة الكراهية ، تكمن في انها ثقافة تخاطب الجانب الغرائزي والانتماءات الأولية في الإنسان ، كالقبلية والطائفية والمذهبية والقومية الضيقة وتنمي وتغذي مشاعر الكراهية والبغضاء فيه , ولا تخاطب العقل , حيث أن العقل في ثقافة الكراهية لا دور له , وهذا ما يتناقض مع الاسلام بشكل كلي .