ان أحدا لا يستطيع أن ينكر أن حزب الله هو صنيعة إيرانية وأن ظروف نشأته وانطلاقه كانت حاجة لإيران التي كانت مشتبكة مع معظم دول العالم. إثر إنتصار الثورة الإسلامية. وخاصة الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية حول العديد من القضايا ليصل مستوى العداء الإيراني لأميركا إلى حد اطلاق الإمام الخميني التسمية المشهورة  أميركا الشيطان الأكبر وهذا الواقع لا ينكره حزب الله نفسه بدليل ان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عبر وفي أكثر من مناسبة أنه جندي في ولاية الفقيه.

فكان من الطبيعي جدا ان يتولى حزب الله تنفيذ سياسة محددة تخدم المصالح الإيرانية في المنطقة وعلى المستوى الدولي مستفيدا من واقع الإحتلال الإسرائيلي يومها لأجزاء من الجنوب اللبناني ليتخذه مبررا لأطلاق مقاومة شاملة ضد هذا الإحتلال بذريعة التحرير. حيث امتلك ترسانة عسكرية هائلة تفوق بكثير  القدرات العسكرية للدولة اللبنانية. 

إلا ان العمليات العسكرية النوعية التي كانت تقوم بها عناصر من المقاومة الإسلامية ضد بعض المواقع والمراكز الإسرائيلية المنتشرة على كامل أراضي الجنوب كان يتم توقيتها على وقع أحداث الصراع الإيراني مع الولايات المتحدة الأميركية وتبعا لوتيرته التي كانت تتصاعد أحيانا وتخفت أحيانا أخرى لتشكل بالنهاية قوة مضافة إلى الأوراق الإيرانية في هذا الصراع. 

وبمعنى أوضح فإن حزب الله بكافة أجهزته واجنحته السياسية والعسكرية والأمنية وحتى الاجتماعية العاملة في لبنان كان ورقة في خدمة المشروع الإيراني القائم على منطق تصدير الثورة إلى خارج حدود الجمهورية الإيرانية وحتى سوريا التي كانت تهيمن على البلد وتسيطر عليه تحت عنوان الوصاية فإنها كانت تحقق بعض المكاسب من سلوك حزب الله ومن العمليات العسكرية التي كانت تتولى تنفيذها المقاومة الإسلامية حتى تم إطلاق تسمية محور الممانعة على إيران وسوريا وحزب الله ومن يدور في فلكهم من التنظيمات والميليشيات التابعة لهم والمستفيدة من الكرم والخيرات والبركات الإيرانية. 

فقط لبنان كان ولا يزال الخاسر الأكبر من صراع حزب الله بشكل خاص ومحور الممانعة بشكل عام ضد إسرائيل. إذ ان الحزب وبدعم وتغطية إيرانية سورية لجأ إلى الاعتماد على سياسة إضعاف الدولة اللبنانية من خلال تعطيل عمل المؤسسات فيها وعجزها عن القيام بدورها ومسؤولياتها وخاصة المؤسسة العسكرية ليسهل بذلك مصادرة القرار السياسي للبلد وتوجيهه في المسار الذي يخدم المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة. وذلك تنفيذا لمعادلة واضحة تقوم على أساس أنه  بقدر ما تكون الدولة ضعيفة يكون حزب الله قويا والعكس صحيح . 

وقد استطاع حزب الله ان يقطع شوطا كبيرا في التحكم بمفاصل القرارات السياسية اللبنانية لدرجة الحؤول دون تمكين الحكومة والدولة بكافة أجهزتها من اتخاذ اي قرار خارج موافقته المرتبطة بالموافقة الإيرانية،  فعلى الرغم من أن حزب الله هو فريق سياسي في الائتلاف الحكومي إلا أنه يسعى إلى تقويض سياسة النأي بالنفس التي يتبناها لبنان الرسمي.

وكذلك فإن اعتراف الحزب بامتلاكه ترسانة أسلحة منفصلة عن الدولة وأنه يمتلك حصرية اتخاذ قراري الحرب والسلم مما يشكل تحديا صارخا لشرعية الدولة ولسيادة البلد وحريته واستقلاله وتهديدا خطيرا للأمن والاستقرار فيه. فإنه بذلك يفوت على الدولة الالتزام بالقرارات الدولية ويفرض عليها الخروج على الإجماع العربي خدمة للاستراتيجية الإيرانية. 

وعليه فإن كافة الحوارات في البلد وخاصة حوار حزب الله مع تيار المستقبل وكل النداءات الصادرة عن المحافل الدوليه وحتى زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى لبنان لا يمكن ان تساهم في حل اي أزمة من الأزمات اللبنانية المتفاقمة والمتراكمة وخاصة الأزمة الرئاسية، إذ ان حلول الأزمات اللبنانية موجودة في جعبة الولي الفقيه. وأن من يريد خيرا بلبنان عليه أن يتوجه إلى طهران لأخذ البركة والبحث عن حلول فهناك يكمن السر.