خلافات حكومية على خبزٍ مسرطن , والكل يقامر في الداخل والخارج

 

السفير :

سعى أكراد سوريا، يوم أمس، إلى فرض معادلتهم على المشهد المضطرب، عسكرياً وتفاوضياً، بإعلانهم الشمال السوري (روج آفا) كياناً فدرالياً، طارحين هذا الخيار بمثابة مقدمة لـ «حل كامل» للأزمة السورية، في توقيت ملفت للانتباه، بعد يومين على بدء الانسحاب الروسي الجزئي من سوريا، وفي الوقت الذي كانت فيه مفاوضات جنيف تدخل في صلب البحث السياسي، بعد تطرق الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا بالعمق إلى المرحلة الانتقالية في أحدث اجتماعاته مع الوفد المعارض.
الخطوة الكردية قوبلت بردود أفعال تراوحت بين الفتور والتحفظ والرفض، بالنظر إلى انعكاساتها المباشرة على العملية السياسية التي ما زالت تسير بصعوبة وسط حقول الألغام المحلية والإقليمية الدولية، ولكونها استبقت نتائج جنيف السوري، وإن كان رعاة العملية التفاوضية يتحملون قسطاً من المسؤولية إزاءها، باستجابتهم للفيتو التركي على واحد من المكونات الرئيسية في سوريا، وأحد الأطراف الفاعلة في القتال ضد المجموعات التكفيرية، وهو ما تُرجم باستبعاد «حزب الاتحاد الديموقراطي» عن مفاوضات جنيف.
وفي المقابل، فإن الخطوة التي فاجأ بها أكراد سوريا الجميع، لم تراع الجهود الحثيثة التي تبذلها الأمم المتحدة لتصحيح خطأ استبعاد «حزب الاتحاد الديموقراطي» عن مفاوضات جنيف، ولا شك أنها تنطوي على قدر كبير من المغامرة، على المستويين السياسي والعسكري، لا سيما في ظل الموقف التركي الرافض بشدة لوجود كيان كردي سياسي على طول الحدود السورية - التركية، وهو ما ينذر بتكرار تجارب استقلالية سابقة قام بها الأكراد، وكان مصيرها توافقاً دولياً على إجهاضها، ولعل أقربها إلى الذاكرة تجربة جمهورية مهاباد التي تأسست في أواسط الاربعينيات في أقصى شمال غرب إيران ولم تدم أكثر من 11 شهراً، بعدما التقت المصالح الإقليمية والدولية لإسقاطها.
وأعلنت أحزاب سورية كردية، في ختام اجتماعها في رميلان في الحسكة، النظام الفدرالي في مناطق سيطرة الأكراد في شمال سوريا، في خطوة تراها مقدمة لاعتماد نظام مماثل في الأراضي السورية كافة ما بعد الحرب، وسارعت دمشق ومعارضة الرياض وواشنطن وأنقرة إلى رفضها.
ويعد هذا الإعلان رسالة واضحة إلى المجتمعين في جنيف يؤكد فيها الأكراد، الذين تم استبعادهم عن المفاوضات، أنهم عنصر أساسي سياسي وعسكري في المجتمع السوري، ولا يمكن أن تنجح عملية سياسية من دونهم.
وتم إعلان النظام الفدرالي خلال اجتماع شارك فيه أكثر من 150 شخصية من شمال سوريا، بينهم أكراد وعرب وسريان واشوريون وتركمان وأرمن، في رميلان في محافظة الحسكة.
وقال سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة في «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي السوري، «تم إقرار النظام الفدرالي في روج آفا - شمال سوريا».
وتم انتخاب رئيسين للمجلس التأسيسي للنظام الفدرالي، هما العربي منصور السلومي والكردية هدية يوسف. والمناطق المعنية بالإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاث، عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي وعفرين في ريف حلب الغربي والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها «قوات سوريا الديموقراطية» مؤخرا خصوصا في محافظتي الحسكة وحلب.
وسارعت كل من دمشق ومعارضة الرياض وأنقرة وواشنطن إلى تأكيد رفضها الخطوة الكردية.
وحذرت دمشق «أي طرف تسول له نفسه النيل من وحدة أرض» سوريا، مؤكدة أن «طرح موضوع الاتحاد أو الفدرالية سيشكل مساسا بوحدة الأراضي السورية، ولا قيمة قانونية له».
وأكد «الائتلاف» أن «لا مكان لأي مشاريع استباقية تصادر إرادة الشعب السوري». واعتبر عبد الحكيم بشار، العضو في «الائتلاف الوطني» السوري و «وفد الهيئة العليا للمفاوضات» في جنيف، أن إعلان الفدرالية «مغامرة غير محسوبة وتلحق الضرر بالقضية الكردية».
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي إن واشنطن لن تعترف بمناطق للحكم الذاتي داخل سوريا، وإنها تعمل من أجل دولة موحدة غير طائفية تحت قيادة مختلفة. وقال «لا نؤيد قيام مناطق ذات حكم ذاتي أو شبه مستقلة داخل سوريا». وأضاف «ما نريده هو سوريا موحدة بكاملها بها حكومة لا يقودها (الرئيس) بشار الأسد تستجيب (لتطلعات) الشعب السوري. سوريا كاملة موحدة غير طائفية. هذا هو الهدف»، مشيراً إلى أن دولا أخرى تؤيد أيضا هذا الهدف.
وأعلن مسؤول تركي رفيع المستوى لوكالة «رويترز» أن أنقرة تعارض أي خطوات منفردة لإقامة كيانات جديدة في سوريا على أساس عرقي. وقال «انسحاب روسيا الجزئي قد يلطف الأجواء هناك. ينبغي أن تظل سوريا واحدة من دون إضعافها، وينبغي أن يقرر الشعب السوري مستقبلها بالاتفاق وبموجب دستور. أي مبادرة منفردة ستضر بوحدة سوريا».
وحصلت «فرانس برس» على «وثيقة النظام الاتحادي الديموقراطي لروج آفا - شمال سوريا» التي اعتمدت في اجتماع رميلان. واعتبرت الوثيقة أن «الحل الواقعي في سوريا هو نموذج الديموقراطية والفدرالية الديموقراطية، وان تأسيس الاتحاد الديموقراطي لروج آفا - شمال سوريا هو ضرورة للتنسيق بين مناطق الإدارة الذاتية، وضمان لوحدة الأراضي السورية».
وأشارت الوثيقة إلى انه سيتم «إنشاء مناطق الإدارات الذاتية الديموقراطية التي تدير نفسها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والصحية والتعليمية والدفاعية والثقافية»، مضيفة «سيتم تحديد حدود هذه المناطق وصلاحياتها وفقا لقوانين» النظام الجديد، وان «النظام سيحقق مشروعيته من خلال إرادة الانتخاب الحر من الشعب والجماعات المحلية».

النهار :

وما حصل أمس أيضاً لم يسبق للبنانيين ان شهدوا مثيلاً له حتى في عصر الميليشيات أسوة بما حصل في أزمة النفايات التي تتواصل الوعود بازالتها يوماً بعد يوم. لكن السابقة الجديدة تتصل بأخطر ما يمس مباشرة بصحة الناس أي بالخبز الذي نشبت حوله معركة كلامية واتهامية بين الوزارتين المعنيتين بمراقبة سلامته ومواصفاته فاذا بهما تعممان الرعب والارباك والضياع بين مؤكد وناف لوجود القمح المسرطن في ما يضيع الحقيقة. انفجرت هذه الواقعة الجديدة على وقع معارك الديوك التي دارت رحاها أمس في جلسة مجلس الوزراء التي تحولت ساحة مبارزات وسجالات حادة ومتعاقبة حول جملة ملفات ولم يخل بعضها من "عبق" طائفي حين مس الأمر بمواقع وتعيينات انطلاقا من مشكلة المديرية العامة لأمن الدولة. ومع ان الجلسة أفضت الى تسويات لبعض الملفات المتعلقة بتعيينات ديبلوماسية وادارية، فان ذلك لم يكن كافياً لستر عري حكومة وقوى سياسية تخبط خبط عشواء بالصغيرة والكبيرة في دلالة فاضحة على التفكك الذي ضرب عراها وبقايا تماسكها. اذ ان ما اصطلح على اعتباره انهاء لأزمة النفايات مع اعطاء الضؤ الاخضر "أخيراً" للشروع من اليوم "مبدئياً" في ازالة جبال النفايات وأطنانها المتراكمة والنتشرة في الشوراع وكل الأنحاء، صاحبته موجة خلافات حادة على كل ما أثير في الجلسة بدءاً بالقضية الطارئة للقمح "المسرطن".
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء تميّزت بشكل لافت بغضب انتاب رئيس الوزراء تمّام سلام جراء تكرار سجالات عدة بين الوزراء وقال للمتساجلين: "ما دام الأمر على هذا النحو فلا داعي لإستمرار الجلسة". وقد أدى كلام سلام الى تراجع التشنج وذهاب الوزراء الى جدول الأعمال فأنجزوا بعد عودة الهدوء بنود الجدول الـ 144. وفي المعلومات أن القضيتيّن المتفجرتيّن اللتين طرحتا من خارج الجدول هما: جهاز أمن الدولة والقمح. ففي شأن القضية الاولى وبعد مداخلات سريعة من وزير السياحة ميشال فرعون ووزراء الكتائب، إرتأى الرئيس سلام تأجيل طرح الموضوع الى الجلسة المقبلة من داخل جدول الاعمال ريثما يعدّ تصوّر للحل. ودخل على خط النقاش وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي قال انه لا يريد طرح موضوع أمن الدولة بل سيركز على فقدان التوازن في عدد من الوزارات غامزاً من قناة وزير المال علي حسن خليل. وإستدعى هذا رداً من الأخير سائلاً عما يفعله باسيل في وزارة الخارجية وسفارات لبنان، متهماً وزير الخارجية بإنه يثير ما سماه "ذمية سياسية". وتدخل الرئيس سلام وأعلن الموقف الذي أدى الى التهدئة.
كما شهدت الجلسة سجالاً حاداً بين وزير الاقتصاد ألان حكيم ووزير الصحة وائل ابو فاعور. فبعدما عرض حكيم نتائج الفحوص التي أجرتها الوزارة وبيّنت أن لا مواد مسرطنة في القمح، رد ابو فاعور مفنداًأقوال زميله مما أفضى الى تأجيل بت الموضوع الى وقت آخر.
وفي أحد بنود جدول الاعمال المتصل بتجديد تراخيص الاذاعات رفض وزير الاعلام رمزي جريج التجديد لإذاعة ضبية التي لا تزال تبث بإسم "صوت لبنان" على رغم الحكم القضائي الصادر على هذا الصعيد. وإنقسم الوزراء في الاراء مما إستدعى تأجيل بت البند، خصوصاً ان هناك إذاعات عدة تبث بأسماء لا صلة لها بالتراخيص المعطاة لها.

النفايات
ومن خارج جدول الاعمال أيضا طرح الرئيس سلام موضوع النفايات، فقال إنه في ضوء مشاوراته مع حزب الطاشناق تقرر إدخال تعديلات في الصياغة اللغوية على خطة طمر النفايات على أن يشرع رسمياً اليوم في تنفيذ الخطة بعد إبلاغ شركتيّ "سوكلين" و"سوكوم" بإنجاز الخطة، علماً إن الأعمال لرفع النفايات بدأت أمس في بعض المناطق.
وقد وقّع الوزراء مرسوم تعيين القضاة والديبلوماسيين الجدد نزولاً عند إلحاح وزراء حزب الكتائب وبناء على مقايضة بعدما اشترطوا التزامن مع توقيع مرسوم تعيين المراقبين في وزارة المال الذين فازوا في مباراة بمجلس الخدمة المدنية أثارت جدلاً، إذ كانت المباراة باللغة العربية في حين أن المتقدمين إليها من المسيحيين درسوها بالفرنسية والإنكليزية فلم ينجح منهم سوى 10 في المئة. في حين أن الناجحين المعينين في وزارة الخارجية يتوزعون مناصفة، وفي السلك القضائي 60 في المئة من المسيحيين و40 في المئة من المسلمين.
لكن السجال بين وزيري الصحة والاقتصاد لم يتوقف بعد الجلسة اذ اتهم الوزير حكيم زميله ابو فاعور " بالاستخفاف بعقول الناس"، مؤكداً ان الفحوص التي اجرتها وزارة الاقتصاد على عينات من القمح بينت خلوها من أي مادة مسرطنة. وردت وزارة الصحة عليه مؤكدة بدورها ان أربع عينات اخذتها من مرفأ بيروت اثناء تفريغ كميات من القمح أجرت عليها تحاليل جاءت غير مطابقة للمواصفات وتحتوي على مادة مسرطنة. ودعا الرئيس سلام الوزراء حكيم وأبو فاعور وأكرم شهيب الى اجتماع الاثنين المقبل لبت هذه القضية.
كما لوحظ ان تبادلاً للحملات الحادة حصل مساء بين قناة ال"ان بي ان" للتلفزيون الناطقة باسم رئيس مجلس النواب نبيه بري ومحطة "او تي في" الناطقة باسم "التيار الوطني الحر". واتهمت الاولى الثانية بالتحريض الطائفي والمذهبي "وفتح الهواء بهدف تشويه الحقائق وصب الزيت على النار من خلال برنامج ساقت من خلاله "الاو تي في" ادعاءات مفادها ان الرئيس بري يعتبر ان المجلس هو له كما تضمن كلاماً طائفياً ومذهبياً يحاول النيل من وزراء لحركة امل".

 

مجلس الأمن
في غضون ذلك، كرر مجلس الأمن بعد اطلاعه أمس على تقرير منسقة شؤون الامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ حول تنفيذ القرار 1701 قلقه من الشغور الرئاسي المستمر منذ 21 شهراً والركود السياسي الذي تعانيه الحكومة الامر الذي يحول دون قدرة لبنان على مواجهة التحديات الامنية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية التي تواجه البلاد. ودعا الزعماء السياسيين الى التصرف بمسؤولية وانتخاب رئيس للجمهورية وناشدهم وضع أمن لبنان ومصالحه فوق الاعتبارات السياسية، كما دعا الى مواصلة الدعم الدولي للقوات المسلحة اللبنانية عبر مزيد من المساعدات لمحاربة الارهاب وحماية الحدود. وثمن المجلس أهمية النأي بالنفس الذي يعتمده لبنان حيال الازمة السورية مبديا قلقه من تأثير وجود أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان.

 

المستقبل :

في بلد مشلول عن بكرة مؤسساته منذ أدخله التعطيليون القدامى - الجدد عنوةً في غيبوبة الفراغ، يصبح البديهي حدثاً استثنائياً قائماً بحد ذاته. والحدث اللبناني الاستثنائي كان بالأمس أنّ الحكومة عادت إلى العمل! فبعد طول صراع مع الوهن والتجاذب السياسي الرئاسي، نجح مجلس الوزراء في إدارة محركاته وظهره لسياسات الالتفاف والخروج على جدول الأعمال بعدما حزم رئيس المجلس أمره وأصرّ على الالتزام بالجدول والحؤول دون إغراقه في مستنقعات المد والجزر المتمادية خطابياً وإعلامياً على حساب إنتاجية الحكومة ومصالح الناس، وعليه خلصت الجلسة إلى غلّة «مثمرة» في سلة تفعيل العمل الحكومي أسفرت عن إقرار جملة بنود حيوية لتسيير مرافق الدولة.
وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ جلسة مجلس الوزراء «انتهت مثمرة لكنها بدأت عاصفة» على خلفية ملف جهاز أمن الدولة، وأشارت إلى أنّ الوزيرين ميشال فرعون وآلان حكيم طالبا في مستهلها بإيجاد حل سريع لهذا الجهاز الأمني بشكل يحفظ موقع مديره العام الكاثوليكي. وبعد أن تم تذكير رئيس الحكومة تمام سلام بالاتصال الذي تلقاه من بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام لهذه الغاية، دخل الوزير جبران باسيل على خط إثارة الموضوع لكنّ سلام رفض الاستغراق في الأمر وطلب العودة إلى الالتزام بجدول أعمال الجلسة. غير أنّ محاولة باسيل الالتفاف على هذا الطلب والإصرار على مناقشته استثارت رئيس الحكومة ودفعته إلى الرد بشكل حازم: «هيك ما بيمشي الحال»، مشدداً على وجوب حصر النقاش بجدول الأعمال، وقال: «لا يمكن الاستمرار بتحويل مجلس الوزراء إلى منبر لترجمة الخطابات الإعلامية، صحيح أنّ البطريرك لحام هاتفني وحدّثني بالموضوع لكن أيضاً ليس من اللائق جعل هذا الاتصال وفحواه عرضة للاستثمار الإعلامي والسياسي». 
ونقلت المصادر أنّ وزيري «حزب الله» نأيا بنفسيهما عن السجال العوني مع رئيس الحكومة، بل إنّ الوزير حسين الحاج حسن بادر إلى تهدئة سلام الذي بدا عليه الانفعال الشديد وطلب له «الماء والقهوة» لتهدئته، في حين تولّى الوزير علي حسن خليل الرد مباشرةً على باسيل مطالباً بالإقلاع عن سياسة الابتزاز الطائفي والمذهبي والكف عن وضع الآخرين في خانة «الذمية السياسية»، وقال خليل متوجهاً إلى وزير الخارجية: «أنت يا معالي الوزير كيف تتعامل مع التعيينات في وزارتك.. هل لنا أن نسأل عمّن كلفتَه بمهام السفير في العراق؟» في إشارة إلى تكليف باسيل موظفاً من الفئة الثالثة بمهام السفير بخلاف الأعراف المتبعة طائفياً لهذا المنصب.
عند هذا الحد انتهى النقاش، وانتقل المجلس إلى مناقشة جدول الأعمال وإقرار بنوده، وأشارت المصادر في هذا المجال إلى أنّ سلام طلب إدخال «تعديلات طفيفة» على القرار المتعلق بمعالجة ملف النفايات توخياً «لمزيد من التوضيح» بشكل يمهد للبدء بتنفيذ الخطة المرحلية للطمر خلال الساعات المقبلة. 
الراعي
تزامناً، برز في الملف الرئاسي كلام للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس ذكّر فيه باتفاق الأقطاب الموارنة الأربعة (الرئيس أمين الجميل والنائبان ميشال عون وسليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع) في بكركي على وجوب انتخاب أحدهم رئيساً للجمهورية، وقال رداً على أسئلة أفراد الهيئة التعليمية والإدارية خلال زيارته معهد القديس يوسف: «الجميع يعرف أن الأقطاب الأربعة اعتبروا أن الرئيس يجب أن يأتي من بينهم وتوصلوا إلى اتفاق في ما بينهم وجاؤوا إلى بكركي ليعلنوا منها ترشيحهم»، وأردف مضيفاً: «وصلنا مؤخراً إلى مرشحَيْن من 8 آذار، ونحن نقول لهم دائماً تفضلوا إلى المجلس النيابي وانتخبوا رئيساً (...) الدستور ينصّ على أنّ المجلس يصبح عند حصول الفراغ هيئة انتخابية، نرفض الواقع القائم لأنه مخالف للدستور وأي شرح آخر لا نقبل به».
مجلس الأمن
وليلاً، أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه جراء استمرار الشغور في سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية والركود الحكومي الحاصل بشكل يقوّض قدرة الدولة على مواجهة التحديات التي تواجهها، ودعا المجلس إثر استعراض تقرير حول لبنان قدمته منسقة شؤون الأمم المتحدة سيغريد كاغ القادة اللبنانيين إلى التصرف بمسؤولية وانتخاب رئيس للبلاد، مناشداً إياهم وضع المصالح الوطنية فوق كل الاعتبارات السياسية.

الديار :

سجالات الوزراء مماحكات، لكن السجال بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل والذي امتد امس من جلسة مجلس الوزراء الى محطتي تلفزيونN.B.N التابعة لحركة امل وO.T.V. التابعة للتيار الوطني الحر، هو خلاف «رئاسي» بامتياز، ويخفي مدى التوتر في العلاقة بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، حيث يحاول الرجلان تجاهلها لكن يبدو ان المسألة ليست «رمانة بل قلوب مليانة».
وقد شنت محطةN.B.N. في مقدمتها الاخبارية هجوماً على محطةO.T.V. والتيار الوطني الحر، رداً على برنامج على الشاشة البرتقالية تضمن هجوماً لاذعاً على الرئىس نبيه بري واتهامه بانه «يعتبر مجلس النواب له شخصياً» بالاضافة الى هجوم على وزراء امل واتهامهم باثارة مواضيع طائفية وعرقلة مشاريع انمائية في المناطق المسيحية وتحديداً من قبل وزارة الاشغال، ووصفوا هذه الممارسات بالميليشياوية.
وردت محطةN.B.N. باعتبار هذا الكلام من باب المحاولات المكشوفة لبث السم الطائفي، فيما هم يمارسون الطائفية ويستغلونها عند كل مناسبة لاهداف معينة، وهؤلاء هم من يتحلى بالعقلية «الميليشياوية» خصوصاً أن بعضهم يدعي انه اكتشف «الحداثة الديبلوماسية» والنفط، ولكن ليس هؤلاء الا مرتزقة يطلقون البدع والفتاوى لمصالحهم والتضحية بكل شيء، بدءاً من الانتخابات الرئاسية الى الحكومة والجيش.
السجال العنيف يخفي صراعاً كبيراً بين حركة امل و«التيار الوطني الحر» وليس سجال امس الا حرباً بالواسطة وبالاعلام بين الرئيس نبيه بري والعماد عون حول الموضوع الاساسي وتحديداً رئاسة الجمهورية، حيث لم تنجح كل الاتصالات لرأب الصدع بين الفريقين.

ـ سجالات مجلس الوزراء ـ

بالاضافة الى سجال «التيار الوطني الحر» و«حركة امل» فإن جلسة مجلس الوزراء شهدت 5 ساعات من السجالات والمماحكات على ملفات تتعلق بامن المواطن دون ان يرتقي النقاش الى المستوى العلمي والمسؤول لمعالجة الملفات ولم يعرف المواطن ما اذا كان هناك «قمح مسرطن» أو لا، واذا كانت النفايات سترفع أم لا، والمستغرب انه تم تجاهل الملف الاخطر وهو ملف الانترنت والدخول الاسرائيلي على الموضوع وكشف امن البلد واتصالات كل اللبنانيين.
وقالت مصادر وزارية ان الجلسة بدأت بمداخلات لكل من وزيري الكتائب سجعان قزي والان حكيم والوزير ميشال فرعون حول موضوع جهاز امن الدولة. وحاول الرئيس سلام توقيف النقاش وانه يفضل الدخول في جدول الاعمال، لكن الوزير قزي عاد وتدخل قائلا: ان نقاش ما يحصل في جهاز امن الدولة لا يمنع الدخول في بحث جدول الاعمال بعد ذلك، لان ملف جهاز امن الدولة بدأ يتفاقم ويأخذ ابعاداً طائفية ولا نقبل بتهميش الجهات ولو كان رئيسه من غير طائفة لما كان يحصل معه ما يحصل اليوم مع اللواء قرعة.
فاحتج الرئيس تمام سلام على كلام وزراء الكتائب وميشال فرعون التهديدي بالانسحاب من جلسة مجلس الوزراء، وقال: موضوع تحديد جدول الاعمال من صلاحياتي ولا اقبل التدخل فيه، لقد كلفت الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء باعداد ملف عن مديرية امن الدولة سأضعه على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، علماً أن المشروع الموجود حالياً في امانة مجلس الوزراء يتضمن انشاء مجلس قيادي لمديرية امن الدولة من ثلاثة اشخاص، وقد وضعت الامانة العامة عليه سلسلة ملاحظات وسيعاد الى المديرية لتقديم اقتراح بان يضم مجلس القيادة 6 اشخاص كمخرج لتسوية طائفية.
وعلم ان الرئيس سلام علّق الجلسة لدقائق خلال هذا السجال وادت مداخلات الوزراء الى استئنافها.

ـ وباسيل ـ خليل ـ

ثم حصل سجال بين الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل واخذ طابعاً حاداً عندما دخل الوزير باسيل من باب تعيين مدير عام لوزارة العمل والمراقب المالي لمجلس الجنوب ليتحدث عن الغبن اللاحق بالمسيحيين في وظائف الدولة وتحديداً في بعض الوزارات وخاصة وزارة المالية، غامزاً من قناة الوزير علي حسن خليل، ما استدعى رداً عنيفاً على باسيل واتهامه باثارة مواضيع طائفية قائلا: «الناجحون في انتخابات وزارة الخارجية فيهم 56% من المسيحيين وتم تعيينهم دون ان نحتج على ذلك، واين الغبن الذي تتحدث عنه»؟ فتدخل الرئيس سلام لوقف السجال ومتابعة جلسة مجلس الوزراء.

ـ وابو فاعور ـ شهيب ـ حكيم ـ

وبعدها كان السجال الاعنف حول «القمح المسرطن» ونفى وزير الاقتصاد كلام ابو فاعور ونعته باللامسؤول واشار الى عدم تطابق التحاليل التي اجريت على القمح مع التحاليل التي اجرتها وزارة الصحة، نافياً وجود «قمح مسرطن» في الاسواق.
ودعا حكيم الوزير ابو فاعور الى عدم اثارة القلق لدى الناس، وان الفحوصات من اختصاص وزارة الزراعة، واكد حكيم ان ابو فاعور ليست لديه اي مسؤلوية اجتماعية ودائماً يثير مثل هذه المواضيع.
ورد ابو فاعور مؤكداً على وجود مواد مسرطنة في الاسواق، داعياً حكيم الى البحث عن آلية لسحب هذه الكميات بدلاً من اطلاق الاتهامات.


فيما أشار الوزير اكرم شهيب الى ان الفحوصات من مسؤولية وزارة الاقتصاد، داعياً اياها الى ممارسة دورها بعيداً عن السجالات والانفعالات.
علماً ان الوزير حكيم ارسل الى الوزراء باقات ورد من تجار الحبوب.

 

ـ وابو صعب ـ جريج ـ

ثم جرى سجال آخر بين الوزيرين الياس بو صعب ورمزي جريج، وبعد كلام الوزير بو صعب بأن «مجلس الوزراء يسير على شفير الهاوية واي نقاش جدي يأخذه البعض نحو المسارب السياسية والطائفية»، رد الوزير جريج بالقول «بو صعب هو من يسير على درب الهاوية وليس مجلس الوزراء»، فعاد بو صعب ورد على الرد بالقول: «لو كان الوزير جريج موجوداً فعلاً في مجلس الوزراء لأدرك ان مجلس الوزراء سائر نحو الهاوية».
وبعدها ناقش مجلس الوزراء موضوع النفايات وشرح سلام نتائج الاتصالات مع الطاشناق في شأن مطمر برج حمود، واعلن الوزير نهاد المشنوق ان سحب النفايات سيبدأ عصر اليوم. لكن الوزير شهيب أكد ان الامور بحاجة لبعض الوقت، خصوصاً ان النائب اغوب بقرادونيان رفع لمجلس الوزراء مطالب الطاشناق واهالي برج حمود للموافقة على المطمر بشروط هي:
ـ وضع جدول زمني لعمر المطمر لا يتجاوز الـ4 سنوات.
ـ عملية الطمر يجب ان تتم باشراف ومواكبة بلدية برج حمود.
ـ يجب ان يتم طمر 1200 طن يومياً وعدم تجاوز هذه الكمية.
ـ رفض اقامة معمل للنفايات في المنطقة ومعمل الكرنتينا موجود، بالاضافة الى مطالب اخرى.
واشار النائب آغوب بقرادونيان الى ان حزب الطاشناق لم يحصل على الرد بعد.

 

الجمهورية :

لم تسترح الحكومة بعد معركة النفايات وما خلّفته من تصدّعات هوَت بها من دون أن تسقِطها بفعل قرار بقائها. وعلى ما يبدو، فإنّ هذا القرار لن يعدوَ كونه سقفاً متّفقاً عليه بين القوى السياسية لتغطية ما تبقّى من بلد مكشوف من رأس الهرم إلى أسفله، وحتى فضائه الذي تبيّن أنّه مشرّع أمام السرقة والتجسّس. وهذا السقف لم يُحصّن مجلس الوزراء بمناعة تمكّنه من تخطّي ملفّاته الخلافية، فشهدَ مجدّداً في جلسة الأمس خلافاً مثلّث الأضلاع: أزمة جهاز أمن الدولة، معركة التعيينات المزمنة، وقنبلة «القمح المُسرطن» المستجدّة التي فجّرت معها حرب مختبرات امتدّت إلى الوزراء المعنيين. وفي غضون ذلك أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقِهم العميق «إزاء الشغور في سدّة الرئاسة منذ نحو 21 شهراً، والأزمة السياسية الحاليّة في الحكومة»، مجدّدين دعوتَهم جميعَ القادة اللبنانيين إلى»عقدِ دورة برلمانية، والشروع في انتخاب الرئيس». وناشَدوا الحكومة «تحديدَ مواعيد لإجراء الانتخابات المحلية، وإجرائها ضمن الجدول الزمني المحدّد». علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام افتتح جلسة مجلس الوزراء بكلمة دعا فيها الوزراء الى مناقشة جدول الاعمال مباشرة والبحث في البنود المتراكمة، مفسحاً المجال لمناقشة قضايا من خارج جدول الاعمال لكن بعد الانتهاء منه، وقال: «أنا شخصياً لديّ ثلاثة ملفات أريد مناقشتها».
وإذ تحدّث الوزيران آلان حكيم وميشال فرعون مطالبين بحل أزمة جهاز أمن الدولة. كرر سلام موقفه الداعي الى مناقشة جدول الاعمال وترك بقية المواضيع الى ما بعد الانتهاء منه، مبدياً امتعاضه من تصريح حكيم قبل الجلسة الذي هدّد فيه بمغادرة مجلس الوزراء قبل الدخول اليه ومناقشة الامر داخله.
فتدخّل الوزير جبران باسيل مُعقّباً على أزمة جهاز أمن الدولة ومتطرقاً الى موضوع التعيينات والوظائف في القطاع العام والغبن المسيحي الحاصل فيها.
فانفعل سلام وطلبَ من الجميع التوقّف عن الكلام، وبنبرة عالية وبأجواء متشجنة قال: «بيكفي لهون وبَس، رئاسة الحكومة ليست ممسحة، من حقّي كرئيس حكومة ومن صلاحياتي ان احدّد ما يناقَش وما لا يناقَش بحسب جدول الاعمال، وهذا الاسلوب لم يعد مقبولاً على الإطلاق، أنتم تخرجون من مجلس الوزراء وتطلقون النار على الحكومة، وفي الداخل تقولون لي إنّكم معي وإنّ الحكومة باقية.

«أنا ما رح إقدر كفّي هيك»، إما ان نحترم بعضنا وتحترموني وتحترموا صلاحياتي بإدارة الجلسة وإمّا لنَرفعها». وإذ همَّ سلام بالخروج مهدداً بترك الجلسة، تدخّل الوزراء القريبون منه ووزراء حركة «أمل» و»حزب الله» طالبين منه العودة.
وبلغَت الأجواء ذروة التشنج، وتوجّه الوزير علي حسن خليل الى باسيل قائلاً: «هذه الطريقة لإثارة ملف التعيينات ليست مقبولة، فلنأخذ الموضوع في سياقه الدستوري والقانوني». وعندما هدأت الأجواء وعد سلام بأن يستكمل اتصالاته المتعلقة بجهاز أمن الدولة وأن يدرج ملفّه في جدول أعمال الجلسة المقبلة.
وعندها باشر الوزراء مناقشة جدول الاعمال وسط أجواء هادئة، فأقرّوا معظم البنود، فيما كان عدد كبير من المراسيم يجول على الوزراء للتوقيع.
القمح المسرطن؟
إلّا أنّ الهدوء النسبي خلال مناقشة جدول الاعمال لم ينسحب على ختام الجلسة، حيث اشتعل فتيل التوتّر مجدّداً لدى إثارة قضية القمح المسرطن وحصلت مشادة كلامية حادّة بين حكيم ووزير الصحة وائل ابو فاعور على خلفية التضارب في نتائج المختبرات
وفي معلومات «الجمهورية» أنّ حكيم اتّهم ابوفاعور بالتصرّف «بطريقة شعبوية دعائية» بعيدة من المسؤولية واستعمال المواطنين لهذه الغاية. فردّ ابو فاعور الاتّهام متّهماً حكيم بـ«الطعن في الظهر»، واحتدّ السجال بينهما الى ان حسَمه رئيس الحكومة بالدعوة الى اجتماع عاجل يعقَد اليوم بين الوزراء المعنيين، حكيم وابوفاعور واكرم شهيب . وانتهت الجلسة من دون انتهاء التوتر الذي عكسته تصريحات الوزراء لدى خروجهم.
مشادة جريج ـ بوصعب
وإلى ذلك، سُجّلت مشادة إعلامية بين وزيري الاعلام والتربية رمزي جريج والياس بوصعب الذي قال إثر الجلسة إنّ «مجلس الوزراء يسير على شفير الهاوية وإنّ الساعة الأولى (من الجلسة) شهدت تشنّجاً وتوتراً، خصوصاً في موضوع التوظيفات».
فردّ جريج على بو صعب قائلاً: «هو من يَسير نحو الهاوية وليس مجلس الوزراء».
و لاحقاً ردّ بوصعب على جريج، في تغريدة على «تويتر»، قائلاً: «لو كان معالي وزير الإعلام حاضراً جلسة مجلس الوزراء اليوم لأدركَ عمقَ الأزمة والهاوية التي تحدَثتُ عنها...»
رفع النفايات
وفيما لم يناقش مجلس الوزراء موضوع شبكة الانترنت غير الشرعية أبدى ارتياحه الى مسار قرارات الحكومة المتعلقة بخطة رفع النفايات، وطلب شهيب ساعات اضافية لإستكمال اتصالاته لتذليل بعض العقبات من امام التنفيذ، في وقتٍ أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق انّ ساعة الصفر ستبدأ مساء اليوم.
ولفتَ باسيل لدى خروجه إلى أنّه «تمّ الأخذ بنتائج المباراة المتعلقة بالسلك الديبلوماسي، وعددُ المسيحيين الناجحين فيها يشكّل 56 في المئة».
حكيم
وقال حكيم لـ«الجمهورية»: «عرضتُ خلال الجلسة كلّ الموضوع المتعلق بقضية القمح، وحقيقة الأمر أنّ وزير الصحة وائل ابو فاعور اتصل بي يوم الخميس الماضي وأخبرَني عن مشكلة القمح وأنّ لديه فحوصاً من مختبر الفنار تؤكد أن القمح يتضمن مواد مسرطنة، فأرسلتُ، من موقعي كوزير مسؤول، كتاباً الى حماية المستهلك على رغم أنّه خارج صلاحياتي، وطلبتُ منه أن يأخذ عيّنات ويرسلها الى المختبر، كذلك طلبتُ من الوزير ابو فاعور ان نعقدَ اجتماعا ثلاثياً يضمّنا ووزيرَ الزراعة أكرم شهيب.
وافقَ ابو فاعور وحدّد الإثنين موعداً حتى إنني تساءلت حينها وفوجئتُ بأنّه ألغى الموعد وأرجأه الى الأربعاء، ثمّ ألغاه وفاجأنا جميعاً بإعلانه في مؤتمر صحافي بمفرده عن قضية القمح فاتّصلتُ بالوزير شهيّب سائلاً عن السبب، وطلبتُ منه ان يرسل فريقاً من وزارة الزراعة لأخذ عيّنات صباح أمس.
في هذا الوقت وصلتني النتائج التي أرسلناها الى معهد البحوث الصناعيةIRI وهو المختبر الاوّل والاكبر للدولة اللبنانية، وكانت النتائج سلبية، اي أنّ القمح لا يتضمن موادّ مسرطنة، وأنا أسأل هنا: مَن الأهمّ؟
هذا المختبرالعلمي الكبير أم مختبر هو كدكّانة صغيرة؟ كذلك أسأل: إذا سلّمنا بأنه إذا كانت هناك فعلاً موادّ مسرطنة فهل يتمّ التداول بالامر هكذا عبر إثارة الذعر والهَلع في صفوف المواطنين؟ أم بالذهاب الى إعلان حالة طوارئ وتحديد آلية باتخاذ إجراءات فورية، ونَبحث عن القمح ونسحبه من السوق ونلاحق التاجر ونَسجنه؟ ما جرى لم يكن سوى حملة دعائية للوزير ابو فاعور».
دوفريج
وقال الوزير نبيل دوفريج لـ«الجمهورية»: «على رغم المشادّات التي شهدتها الجلسة فأنا لا أرى انّ الحكومة ذاهبة في اتجاه الهاوية، وأطالب بأن تعقد جلسة استثنائية ببندٍ وحيد هو بند التوظيف في دوائر الدولة وأن نستدعي الى الجلسة مجلس الخدمة المدنية، فنضع حدّاً للخلافات القائمة على خلفية هذا الملف خصوصاً لجهة موضوع التعيين المسيحي في القطاع العام».
بوصعب لـ«الجمهورية»
وقال بوصعب لـ«الجمهورية»: «لم نتعوّد أن نكذب على الناس أو أن نخفي الامور، فمَن حضر الجلسة وسمع النقاش فيها وكيف انّ رئيس الحكومة كاد أن يرفعَها بعد نصف ساعة على انطلاقها، ومن سمعَ كلّ «الخناقات» والتوتّرات اعتبرها أكبر دليل على أنّ المجلس بات على شفير الهاوية و«يمكن أكثر»، وأنّ الامور «مِش ماشية بهالطريقة» فإمّا يجب ان يكون هناك حلّ للأزمة السياسية الموجودة بين جميع الأفرقاء وعدم الثقة والاتهامات وعدم الإقرار بالشراكة بإدارة الوطن، وإمّا لا نستطيع أن نستمر في هذا الاتجاه».

اللواء :

يتنفس اللبنانيون اليوم مشروع الهواء النظيف ببدء رفع النفايات من الشوارع إلى المطامر التي ستستقبلها في برج حمود و«الكوستا برافا» والناعمة. كما يتنفس فريق 8 آذار مشروع تجدد الرهان على عزم روسيا عدم السماح بتغيير المعادلات العسكرية والميدانية والسياسية على الأرض.
وبين هذين الرهانين تتنفس «حكومة المصلحة الوطنية» هواء عطلة الفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، فتغيب اسبوعاً عن الجلسات، ريثما يُصار إلى «تبريد النفوس» و«تدوير زوايا الخلافات» حول حصص الطوائف في الدولة التي تربط الحكومة منفردة بين مكونات البلد وممثلي الأحزاب والكتل وتحول دون الوقوع في الهاوية، التي بدأ وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب «جاذلاً» وهو يبشر وزير الإعلام رمزي جريج بوقوع الحكومة في الهاوية، الا ان الوزير الميثاقي جريج رد عليه بأنه هو الوحيد الذي سيقع في الهاوية.
خمس ساعات كانت ثقيلة على غالبية الوزراء الذين يرفضون الضغط على الحكومة ورئيسها لاعتبارات تتصل برئاسة الجمهورية، من باب القناعة المتصاعدة عند الفريق العوني، بأنه إذا لم تكن الرئاسة من نصيب النائب ميشال عون فلتهبط السماء على من فيها، ولا بأس من فرط الحكومة، ولا بأس من فرط المجلس النيابي، ولتنصرف الطوائف إلى بناء كياناتها في ضوء التفاهمات والثنائيات الحزبية والمذهبية، في زمن البحث عن خرائط لكيانات عرقية وتجمعات طائفية والرعايات الدولية لما يمكن وصفه «برعايا الدول الضعيفة والتي تعيش اضطرابات وتمزقات تجهز على وحدتها كدول، وعلى دساتيرها وانظمتها المركزية».
ولعل هذه المخاطر المتمثلة باللعب على حافة الحصص الطائفية، والتي تُهدّد بقذف البلد إلى الهاوية، هي التي دعت مجلس الأمن الدولي أمس إلى «التحذير من استمرار إعاقة قدرة لبنان على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية بسبب استمرار الشغور الرئاسي، والأزمة السياسية في الحكومة».
وعبر المجلس عن قلقه بدعوة «جميع القادة اللبنانيين إلى التمسك بالدستور اللبناني واتفاق الطائف والميثاق الوطني، واعتبار استقرار لبنان والمصالح الوطنية يتقدَّمان في سلم الأولويات على السياسات الحزبية».
وربط أعضاء مجلس الأمن الدولي في بيان صدر في ختام مناقشة حول القرار 1701 بين عجز البرلمان عن انتخاب الرئيس بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، مطالبين القيادات اللبنانية بالمرونة اللازمة لعقد جلسة برلمانية والبدء بانتخاب رئيس للبلاد.
وإذ أشاد المجلس «بعزم الحكومة اللبنانية على اجراء الانتخابات البلدية، طالب السلطات المحلية باجرائها ضمن الجدول الزمني المحدد».
الإنسحاب الروسي
في هذا الوقت, بقيت تداعيات الانسحاب العسكري الروسي في واجهة الاهتمام سواء في ما خصّ مشروع الاتحاد الفيدرالي الكردي شمال سوريا، أو المفاوضات المتعثّرة في جنيف حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية ودوره في المرحلة الانتقالية ومدتها، كانت القياداتان السياسية والعسكرية الروسية تتحدث عن أن خبرة الأشهر الستة في سوريا بيّنت «القدرة على مواجهة العدو في أي بقعة من الأرض»، وفقاً للقيادة العامة للقوات الجوية الفضائية الروسية.
وهذا الأمر، جعل المسؤولين المعنيين في 8 آذار و«حزب الله» يصفون الانسحاب العسكري الروسي «بالتكتيكي»، وأن «حزب الله» غير معني بالإقتداء بهذا الانسحاب، بصرف النظر عن مآل تبريد المنطقة في اليمن، والمبادرات الجارية لتقديم الحل السياسي على العسكري مع قرب انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما.
إلا أن مصادر أمنية لبنانية أكّدت لمراجع مسؤولة أن «حزب الله» سحب عدداً من مقاتليه في سوريا.
وأشارت هذه المصادر إلى أن القوى التي بقيت هناك أُعيد انتشارها وتموضعها، بحيث أبعدت عن النقاط الساخنة مع دخول الهدنة موضع التنفيذ.
وفيما خصّ الإجراءات العربية ضد «حزب الله» في دول الخليج، كشف النقاب في مملكة البحرين أن شرطة المنامة ألقت القبض على شخصين بتهمة بيع صور تخص «حزب الله» أحدهما بحريني وهو صاحب المحل والآخر آسيوي يعمل في نفس المحل.
كما كشفت مصادر أمنية أن الإدارة العامة لأمن الدولة الكويتي أعدت قوائم منع من دخول البلاد بحق وافدين مرتبطين بحزب الله اللبناني، كما أن العمل جارٍ على إبعاد أشخاص يوفّرون الدعم المالي والإعلام السياسي لحزب الله، انطلاقاً من أن أمن البلاد خط أحمر، وأمهل شخصان للمغادرة خلال شهر، ومنع ستة أشخاص من الدخول عبر المطار، وجرى رفض تجديد إقامة خمسة أشخاص جميعهم إعلاميون يعملون في قناة تلفزيونية وصحيفة يومية.
دولياً، وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير له حول القرار 1701، سلاح حزب الله بأنه لا يوفّر الحماية للبنان كما يدّعي الحزب، بل يقوّض حكم القانون ويشكّل تهديداً خطيراً على السيادة والاستقرار، واصفاً الوضع في المنطقة التي تسمّى «الخط الأزرق» بالهش في ضوء التطورات الجارية في سوريا، داعياً لمعالجة الأسلحة التي يملكها الحزب بالحوار فور انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
مجلس الوزراء
أما جلسة مجلس الوزراء التي تميّزت بالحدّة وبالمشادات بين الوزراء حول الملفات الساخنة، ولا سيّما ملف جهاز أمن الدولة، وصفقة القمح الروسية المسرطنة، فكادت أن تخرج رئيس الحكومة تمام سلام من هدوئه وصبره الطويل، فانفعل وخرج من الجلسة، ثم عاد إليها طالباً البدء بجدول الأعمال، واعداً بطرح موضوع أمن الدولة في الجلسة المقبلة، وأنجز المجلس على هذا الصعيد جزءاً كبيراً من البنود التي تجاوزت الـ170 بنداً، لكن الجو الحاد عاد ثانية عند البحث في موضوع تعيينات مجلس الجنوب والمدير العام لوزارة العمل جورج ايدا حيث اعترض عليه وزيرا التيار «الوطني الحر» جبران باسيل وبو صعب، لكنهما عادا ووافقا على هذه التعيينات بعد أن تبيّن أنها جرت وفق الآلية المعمول بها في هذا الإطار.
وأوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن الرئيس سلام خاطب الوزراء في بداية الجلسة إلى ضرورة إنهاء بنود جدول الأعمال، على أن ينتقل البحث بعد ذلك إلى مواضيع خارج الجدول.
ومع ذلك، أثار الوزيران آلان حكيم وميشال فرعون موضوع جهاز أمن الدولة، معتبرين أن الموضوع لا يحتمل التأجيل، فرد سلام بالقول: «دعونا نتداول بالموضوع في الأسبوع المقبل»، لكن الوزيرين هدّدا بالإنسحاب من الجلسة، فتدخّل الرئيس سلام غاضباً وقال: «ما حدا يهدّدني، يللي بدو ينسحب ينسحب». وكاد حكيم أن ينسحب لولا تدخل الوزير بو صعب وأقنعه بالبقاء، طالما أن سلام وعد بإدراج الموضوع على جدول أعمال الجلسة المقبلة.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الموضوع فتح النقاش بموضوع الخلل في التوازن الطائفي في وظائف الدولة بين المسيحيين والمسلمين والحاجة إلى تعيينات موظفي الفئة الثانية، وقد دخل الوزير باسيل على خط لفت النظر إلى هذا الخلل، الأمر الذي استفز وزير المال علي حسن خليل الذي انتقد بشدة خطاب باسيل في عشاء التيار العوني، فارتفع صوت سلام داعياً إلى النظر في الأخطار المحدقة بلبنان.
وعلّق وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج عبر «اللواء» بالقول: إذا كانت هناك من حاجة للتعيينات، فلا بدّ من وجود أرقام وإحصاءات ودراسات، داعياً إلى الابتعاد عن الدخول في سجالات طائفية.
وعلى صعيد آخر، علم ان الرئيس سلام هو من اثار موضوع القمح، والكلام عن وجود مواد مسرطنة، فطلب من الوزير حكيم تزويده بالتفاصيل، وعندما تحدث الوزير حكيم عن فحوص أظهرت ان العينات سليمة، وتدخل الوزير وائل أبو فاعور متهجماً، واتهم حكيم بأنه يدافع عن التجار في حين انه أي أبو فاعور يدافع عن الفقراء، فرد عليه حكيم قائلاً: لا اعرف من هو التاجر لكننا ندافع عن المواطن من دون وجود طبقات.
وذكر بأنه ضد التشهير والتهويل، لأن ذلك يضر بجميع القطاعات، وتدخل الوزير أبو فاعور واتهم حكيم بأنه طعنه بالظهر عندما أصدر بياناً الثلاثاء وتحدث فيه عن الموضوع، الأمر الذي نفاه حكيم.
وازاء السجال الذي استمر لفترة من الوقت، تدخل الرئيس سلام واقترح عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء الاقتصاد والتجارة والصحة والزراعة يوم الاثنين المقبل.
وفي تعليق على ما جرى، أوضح حكيم لـ«اللواء»: سأدرس موضوع حضوري الاجتماع، مؤكداً انه من الآن ولاحقاً سيسمي الأشياء باسمائها ولن يكون هناك أي دبلوماسية.
وأوضح انه كان بالحري على وزير الصحة الا ينتظر مُـدّة أسبوع للتحرك، وقال: «لو كنت مكانه لكنت تحرّكت بالنهار نفسه»، مذكراً بأن العينات التي تكشف عليها وزارة الاقتصاد ترسل إلى أهم مختبر كيميائي هو معهد البحوث الصناعية، وقال: الدكاكين الأخرى لا تهم وزير الاقتصاد.
واعرب عن اعتقاده ان إثارة ملف القمح اليوم تهدف إلى خلق هلع جديد لصرف النظر عن فساد النفايات، مذكراً بأن موضوع إجراءات القمح اثير في العام 2015 من قبل الوزير أبو فاعور في بداية أزمة النفايات التي أشار إليها حزب الكتائب.
إلى ذلك، لم يبحث المجلس موضوع الأزمة التي تشهدها الصحافة الورقية، مع العلم ان وزير الإعلام رمزي جريج طرحه داخل الجلسة، وعلق أحد الوزراء بالقول «كلهم أصبحوا خبراء بصوت لبنان». (راجع ص 2)
النفايات

الاخبار :

دوائر القرار في محور المقاومة لم تُفاجأ بما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين الماضي، عن بدء سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية المشاركة في الحرب السورية. هذه الخلاصة تؤكدها مصادر في هذا المحور. هي لا تتحدّث عن توقعات صحّت. بل تجزم بأن من بأيديهم الأمر، في دمشق وطهران وحزب الله، كانوا يعلمون مسبقاً بما أعلنه الرئيس الروسي.

يهزأون بالقائلين إن قرار بوتين صدر نتيجة امتعاضه من المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية السوري وليد المعلم، رافضاً فيه الفيدرالية، ومعلناً أن الرئيس بشار الأسد خط أحمر. وبحسب المصادر نفسها، فإن الاتصال بين بوتين والأسد، الذي تقرر فيه بدء سحب القوات الروسية، جرى قبل مؤتمر المعلم لا بعده. وفور التوصل إلى اتفاق بين بوتين والأسد، بادر الرئيس السوري إلى إبلاغ حلفائه في طهران ولبنان فحوى الاتفاق وموجباته. وهذا القرار هو نتيجة لقراءة مشتركة بين سوريا وكل حلفائها. لا ينكر من بأيديهم الأمر في دمشق وطهران وحزب الله الدور المحوري الذي لعبه الوجود الروسي في الميدان السوري. يُنقل عن مسؤول أمني سوري رفيع المستوى قوله إن ما حصل عليه الجيش السوري من أسلحة ومعدات وتجهيزات ومنظومات روسية في الأشهر الستة الأخيرة يفوق كل ما تلقّاه من موسكو في سنوات الحرب الخمسة كلها. كذلك فإن فعالية سلاح الجو الروسي «الفائقة» ظهرت في معارك الشمال السوري بصورة لم يعهدها هذا الميدان من قبل، سواء ضد «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ــ جبهة النصرة» وحلفائه، أو في مواجهة تنظيم «داعش» سعياً إلى تخفيف قدرته على نقل إمداداته من منطقة إلى أخرى، ومحاولة تجفيف مصادر تمويله النفطية. 


الوجود الروسي لا يُقاس بمساهمته الميدانية حصراً. فهو مظلة استراتيجية للدولة السورية، ودفع معنوي كبير للجيش السوري وحلفائه، وسدّ منيع أمام التدخّل الأطلسي. يُدرك محور المقاومة ذلك جيداً. مسؤولوه متيقنون من أن هذه المظلة لن تغادر سوريا. أكّد «يقينهم» هذا بوتين نفسه أمس، حين قال إن الطائرات الروسية التي غادرت وستغادر سوريا يمكنها العودة في غضون ساعات إذا تطلّب الوضع ذلك. كذلك تحدّث عن أن القوة التي سُحِبَت هي تلك التي تمثّل فائضاً بعدما توقّفت ثلاثة أرباع المعارك بفضل الهدنة. ويقول مسؤولون في محور المقاومة إن القوة الروسية التي ستعود إلى بلادها هي، بصورة أساسية، تلك التي أتت على خلفية التوتر الروسي ــ التركي، بعدما أسقطت المقاتلات التركية طائرة روسية في سماء ريف اللاذقية الشمالي. وتضيف القراءة نفسها أن هذا التوتر انخفض بفعل الضغط الأميركي على أنقرة، ونأي «حلف شمال الأطلسي» بنفسه عن مواكبة رجب طيب إردوغان في تصعيده ضد موسكو. وبناءً على ذلك، يؤكد المعنيون في محور المقاومة أن القوة الروسية التي يحتاج إليها الميدان السوري ستبقى في اللاذقية وطرطوس، مدعّمة بأحدث أنظمة الرادار والدفاع الجوي. وفي هذا الإطار، كانت لافتة أمس إشارة بوتين مجدداً إلى أنه لا يحق لأحد اختراق المجال الجوي السوري، وأن منظومات الدفاع الجوي الروسية ستستهدف أي تهديد لقواته في سوريا.