من البديهي الذي لا نقاش فيه , أن السلطة القوية أو الضعيفة تاريخيا وفي الراهن وفي المستقبل , سواء كانت السلطة مستبدة غير شرعية , أو كانت ديموقراطية شرعية , تحدّد مسارها السياسي  وعلاقتها في الداخل مع مواطنيها وفي الخارج مع المجتمع الدولي منظومة مصالح .

هذه المصالح كما تحدد مسار الدول والسلطات , أيضا تحدد مصالح المجتمعات والافراد , وعلى أساس هذه المصالح ومن أجلها قامت دول واندثرت دول , وخيضت حروب على كل المستويات  وحصل جرّاء ذلك  دمار قد وصل في بعضها إلى كل الكرة الارضية كما حصل في الحربين العالميين  , وأسست معاهدات وإتفاقيات ومواثيق دولية , كل هذا الذي حصل كان يحكمه مفهوم المصلحة , وكانت الدول الاقوى تفرض على الاضعف ما تريد وما يناسب مصالحها , وما زال هذا المعيار هو الحاكم في العالم .

وبالتالي وبناء على هذه المعايير كان لا بد للدول , من إستعمال كل الوسائل المتاحة بهدف الحفاظ على مصالحها , السياسية والاقتصادية والامنية وغيرها مما له دخالة وعلاقة في مصالحها .

ما هي المصالح الاميركية في الشرق الاوسط ؟

يشير تقرير جديد لمعهد واشنطن حول الأستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط 

يتعدّى تهديد الصراعات المتعددة والمتداخلة إطار الدول منفردة: فالهيكلية الكاملة لنظام الدولة في الشرق الأوسط معرضة للخطر. ووفقاً للتقرير المشار إليه "إذا استمر هذا الاتجاه العنفي الارهابي في دول الشرق الاوسط ,ستضطر الولايات المتحدة لا محالة إلى مواجهة المؤامرات المحاكَة ليس ضد أصدقاء واشنطن فحسب، بل ضد الوطن الأمريكي أيضاً." ويقدم التقرير الجديد للمعهد عناصر لقيام استراتيجية جديدة لمواجهة هذا التهديد العميق للمصالح الأمريكية.

وجاء في التقرير: "لا بد من قيام استراتيجية تحافظ على نظام الدولة في الشرق الأوسط،  لمواجهة الارهاب «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» ، وتُطمئن الزعماء السنّة الرئيسيين (حتى في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة حثهم على أن يصبحوا أكثر شمولية وتسامحاً في حكمهم)، وتتصدّى للإيرانيين، وهذا يحتاج إلى رؤية حول الطريقة التي تريد واشنطن من خلالها تحريك المنطقة... وببساطة، تتطلب رؤية تهدف في إطارها الولايات المتحدة إلى إضعاف الإسلاميين المتطرفين، سواءً كانوا من السنّة أو الشيعة".

في هذه الاستراتيجية الاميركية  الجديدة في المنطقة تحاول الإدارة الاميركية أولا إستعادة مصداقيتها التي فُقدت من خلال مواقفها المتناقضة مع حركات المعارضة في بعض الدول , وثانيا محاولة بناء وتشكيل معارضات جديدة أكثر قدرة وتماسكا لتتمكن من تغيير ميزان القوى , وهذا قد برز على الساحة السورية واللبنانية , حيث أعطت في سوريا لروسيا دور الواجهة في إدارة المعركة مباشرة , وبقيت متمسكة بإيقاع الضربات لإطالة أمد الحرب والحفاظ على التوازن العسكري الذي يُضعف الحركات السنية والشيعية , وهذا ما حصل وبالتالي بدأت الان مرحلة المفاوضات بعد إنهاك كل الاطراف , وبنفس الوقت ترسل الرسائل للدول الراعية لهذه الحركات المتصارعة على الساحة السورية كل ما إحتاج الامر إلى ذلك , وفي لبنان وضعت إستراتيجية لإضعاف حزب الله  وحصاره داخليا ودوليا , وأكد مسؤول كبير في الادارة الاميركية لوكالة " فرنس برس " أن الادارة الاميركية تحثّ لتكثيف الضغوط على منظمة حزب الله ,  مع الحفاظ على تماسك الدولة اللبنانية ومنع إنهيارها , فهل ستنجح أميركا بذلك , وإلى متى سيبقى لبنان متماسكا , وكيف سينهار اذا رفعت أميركا الغطاء عنه ؟.