عن الإمام زين العابدين ع   أليس من البديهيات القول :   ليس العلم أو الحكمة أو المعرفة هي وليدة النصوص الدينية فحسب ? بل إنما العلم أو الحكمة أو المعرفة هي وليدة الثلاثي العظيم  1  العقل 2 التجربة الإنسانية 3  النصوص الدينية والدين ليس مصدر المعرفة بل هو مصدر من مصادر المعرفة  وتأكيدا لذلك الأمر البديهي روي عن النبي ص :  {التجارب علم مستفاد  } {  حفظ التجارب رأس العقل } {  لولا التجارب عميت المذاهب }   فالتجربة أو التجارب مصدر من أهم مصادر المعرفة أو العلم وفي شتى الحقول سواء كانت دينية أو إنسانية . وروي عن الإمام جعفر الصادق ع {  من لا عقل له لا دين له } وإن العلوم الدينية هي علوم سمعية مما لا شك فيه وعلى ضؤ ذلك قال الإمام علي ع بأن العلوم السمعية لا قيمة لها إن لم تستند إلى العلوم العقلية التي أسماها بالعلوم الطبعية  {  العلم علمان علم مسموع ،  وعلم مطبوع ، ولا ينفع المسموع إن لم يكن المطبوع }   ومما لا شك فيه أن المقصود بالعلم المطبوع هو علوم العقل .   وحينما يتعارض ظاهر النص الديني مع العقل مع واقع العلوم  ( والواقع ثمرة من ثمرات التجارب )  لا يتردد الفقيه الشيخ محمد جواد مغنية رض بانحيازه لصالح العقل لصالح الواقع .   {  إذا تعارض ظاهر النص الديني مع العقل والواقع نلجأ إلى تأويل الظاهر بما يتفق معهما على أساس المحافظة على قوانين اللغة } المصدر التفسير المبين سورة فاطر اية 1  ويقينا إن فريقاً من الفقهاء يذهبون مذهب الشيخ مغنية بخصوص هذه الفكرة العظيمة الخلاقة الصالحة لكي تكون قاعدة للمصلحين المسكونين بهاجس الخوف على الدين من المتطرفين الدينيين أولئك المتطرفون الذين يخافون على الدين أكثر من خوف الدين على نفسه يعني إنهم يزايدون على الله تعالى ???!!!!!! إن أبرز علامة تدل على المتطرفين هي أنهم يحاولون دائما أن يجعلوا الدين فوق العقل أو نقيض العقل ويفرضون علينا أن نستسلم للفكرة الدينية مهما كانت عجيبة غريبة مريبة بنظر العقل ?! إن كل فكرة تتعارض مع العقل أو تجافيه  أو لا تتناغم معه ولا تنسجم معه معنى ذلك أنها تخوض معركة باسم الدين ضد العقل وكل معركة مهزومة بنهاية المطاف إن كان عدوها أوخصمها العقل  لأن قوة العقل لا يوازيها قوة في الوجود . وفي ظل إيماننا  1 بدلالات النصوص الدينية  2 وبعلوم العقل ومبادئه 3 وبعلوم التجربة الإنسانية فمن حقنا المشروع والمباح أن نرتاب ونشك شكاً سيئاً بكل علم لا ينفع بكل معرفة لا تنفع ولو لبست قميص الدين لا تنفع في صناعة الفقه والفتاوى والدساتير والقوانين التي تُثْمِرُ عدلا  وتُنْتِجُ قسطاً وتصنع تنمية لقدرات البشر وتفتح الطريق واسعا للحراك الفكري والسياسي على قاعدة أن الحرية الفكرية والسياسية هي قدس الأقداس تلك الحرية التي تم اغتيالها في العالمين العربي والإسلامي باسم الدين وبأسماء أخرى متعددة منذ 14 قرنا وحتى يومنا هذا ?! فكما نعوذ بالله من علم لا ينفع المخلوق في معرفة خالقه سبحانه فإننا أيضاً نعوذ بالله بالحجم ذاته وبالقدر عينه نعوذ بالله من كل علم لا ينفع المخلوقين لا ينفع المجتمعات في صناعة السلطة السياسية الحافظة والصائنة والحامية لميثاق مبادئ حقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة وجعلته ميثاقا من مواثيقها . وكذلك نعوذ  بالله من كل علم لا ينفع في معالجة سلطة سياسية مصابة بسرطان الإستبداد ولو ارتدت فستان الدين وتبنت دعم قضايا الشعوب العادلة  لأننا لا نؤمن باجتماع الدين مع الإستبداد  ولا نؤمن باجتماع الإستبداد مع العدل  ولا نؤمن باجتماع الإستبداد مع دعم القضايا العادلة للشعوب المظلومة  وإن شاءت الصدفة واجتمعا في زمان ما من الأزمنة فإن اجتماعهما لا يعدو كونه مظهرا من مظاهر التكاذب والتخادع .   الشيخ حسن مشيمش